(بِلَا صَلَاةٍ) لِعَدَمِ وُرُودِهَا فِيهِ.
(بَابٌ) فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ
(مَنْ أَخْرَجَ) مِنْ الْمُكَلَّفِينَ (مَكْتُوبَةً كَسَلًا وَلَوْ جُمُعَةً) وَإِنْ قَالَ أُصَلِّيهَا ظُهْرًا (عَنْ أَوْقَاتِهَا) كُلِّهَا (قُتِلَ حَدًّا) لَا كُفْرًا لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ» الْحَدِيثَ وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ فَلَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ» وَالْجَنَّةُ لَا يَدْخُلُهَا كَافِرٌ فَلَا يُقْتَلُ بِالظُّهْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَلَا بِالْمَغْرِبِ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ، وَيُقْتَلُ فِي الصُّبْحِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَفِي الْعَصْرِ بِغُرُوبِهَا وَفِي الْعِشَاءِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَلَى أُكُمٍ بِضَمَّتَيْنِ يَكُونُ مَدْلُولُهُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ أَكَمَةً وَإِذَا جُمِعَ أَكَمٌ عَلَى آكَامٍ بِالْمَدِّ يَكُونُ مَدْلُولُ آكَامٍ بِالْمَدِّ إحْدَى وَثَمَانِينَ أَكَمَةً لِأَنَّ مَدْلُولَ مُفْرَدِهِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ أَكَمَةً وَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فِي ثَلَاثٍ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: بِلَا صَلَاةٍ) أَيْ جَمَاعَةً شَوْبَرِيٌّ، وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: بِلَا صَلَاةٍ أَيْ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ السَّابِقَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُصَلِّيهَا رَكْعَتَيْنِ مُنْفَرِدًا لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ النَّوَازِلِ فَيَنْوِي بِهَا رَفْعَ الْمَطَرِ انْتَهَى
[بَابٌ فِي حُكْمِ تَارِكِ الصَّلَاةِ]
اُنْظُرْ حِكْمَةَ ذِكْرِ هَذَا الْبَابِ هُنَا وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ أَنْوَاعَ الصَّلَاةِ فَرْضًا وَنَفْلًا شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى حُكْمِ تَارِكِهَا لِأَجْلِ الْحَثِّ عَلَى فِعْلِهَا قَالَ م ر: وَتَقْدِيمُهُ هُنَا عَلَى الْجَنَائِزِ تَبَعًا لِلْجُمْهُورِ أَلْيَقُ اهـ أَيْ: مِنْ تَأْخِيرِهِ عَنْهَا، وَمَنْ ذِكْرِهِ فِي الْحُدُودِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مُتَعَلِّقٌ بِالصَّلَاةِ الْعَيْنِيَّةِ فَنَاسَبَ ذِكْرُهُ خَاتِمَةً لَهَا ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْمُكَلَّفِينَ) فِيهِ تَغْلِيبُ الذُّكُورِ عَلَى الْإِنَاثِ وَإِلَّا فَالنِّسَاءُ كَالرِّجَالِ فِي هَذَا الْحُكْمِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِنَّ ع ش. (قَوْلُهُ: مَكْتُوبَةً) أَخْرَجَ الْمَنْذُورَةَ فَلَا يُقْتَلُ بِتَرْكِهَا عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ وَجْهَيْنِ وَإِنْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِزَمَانٍ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: كَسَلًا) أَيْ: تَهَاوُنًا مَعَ اعْتِقَادِهِ وُجُوبَهَا م ر إطْفِيحِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ جُمُعَةً) فِي حَقِّ أَهْلِ الْأَمْصَارِ لَا أَهْلِ الْقُرَى؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَرَى أَنْ لَا وُجُوبَ عَلَيْهِمْ شَوْبَرِيٌّ. قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ اهـ لَكِنْ رَاجَعْتُ شُرُوحَ الْمِنْهَاجِ فَلَمْ أَجِدْ مَنْ تَعَرَّضَ لِلْخِلَافِ فِي خُصُوصِ الْجُمُعَةِ وَإِنَّمَا رَأَيْتُ الْخِلَافَ فِي الْغَايَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ: أُصَلِّيهَا ظُهْرًا. وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: تَارِكُ الْجُمُعَةِ يُقْتَلُ فَإِنْ قَالَ: أُصَلِّيهَا ظُهْرًا فَقَالَ الْغَزَالِيُّ: لَا يُقْتَلُ وَأَقَرَّهُ الرَّافِعِيُّ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَزَادَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّاشِيِّ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَهُوَ الْقَوِيُّ اهـ قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْجُمُعَةُ وَتَرَكَ فِعْلَهَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالسَّابِقَةِ فَهَلْ يُقْتَلُ لِتَرْكِهِ لَهَا مَعَ الْقُدْرَةِ أَمْ لَا لِعُذْرِهِ بِالشَّكِّ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ) أَيْ: مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إجْمَاعًا بِأَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ، وَقَوْلُهُ: عَنْ أَوْقَاتِهَا أَيْ: حَتَّى وَقْتِ الْعُذْرِ فِيمَا لَهُ وَقْتُ عُذْرٍ وَهُوَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ ح ل وَشَامِلٌ لِوَقْتِ الضَّرُورَةِ. (قَوْلُهُ: قُتِلَ حَدًّا) أَيْ: بِالسَّيْفِ وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ بِغَيْرِهِ اهـ إطْفِيحِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا كُفْرًا) أَتَى بِهِ لِلرَّدِّ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ) فِيهِ أَنَّ الْخَبَرَ وَارِدٌ فِي الْكُفَّارِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ الدَّلَالَةِ قَوْلُهُ: فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: إلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَمِنْ حَقِّهِ أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ يُقْتَلُ فَهَذَا دَلِيلٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: قُتِلَ، وَالْحَدِيثُ الثَّانِي دَلِيلٌ لِكَوْنِ الْقَتْلِ حَدًّا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْجَنَّةُ لَا يَدْخُلُهَا كَافِرٌ. (قَوْلُهُ: أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ شَرَطَ فِي الْكَفِّ عَنْ الْقَتْلِ وَالْمُقَاتَلَةِ الْإِسْلَامَ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ لَكِنَّ الزَّكَاةَ يُمْكِنُ لِلْإِمَامِ أَخْذُهَا وَلَوْ بِالْمُقَاتَلَةِ مِمَّنْ امْتَنَعُوا مِنْهَا وَقَاتَلُونَا فَكَانَتْ أَيْ: الْمُقَاتَلَةُ فِيهَا عَلَى حَقِيقَتِهَا بِخِلَافِهَا فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِعْلُهَا بِالْمُقَاتَلَةِ فَكَانَتْ فِيهَا بِمَعْنَى الْقَتْلِ فَعُلِمَ وُضُوحُ الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ. وَكَذَا الصَّوْمُ فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُحْبَسُ طُولَ النَّهَارِ نَوَاهُ فَأَفَادَ فِيهِ الْحَبْسُ، وَلَا كَذَلِكَ الصَّلَاةُ فَتَعَيَّنَ الْقَتْلُ فِي حَدِّهَا بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: الْحَدِيثَ) تَتِمَّتُهُ: «وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى» بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا) هَذَا النَّفْيُ مُتَوَجِّهٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمُقَيَّدِ وَهُوَ يُضَيِّعْ وَالْقَيْدِ وَهُوَ الِاسْتِخْفَافُ وَهَذَا عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ مِنْ رُجُوعِهِ إلَى الْقَيْدِ فَقَطْ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: اسْتِخْفَافًا) أَيْ: عَلَى صُورَةِ الِاسْتِخْفَافِ ح ل. (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ) أَيْ: وَعْدٌ لَا يُخْلَفُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَالْجَنَّةُ لَا يَدْخُلُهَا كَافِرٌ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ كُفْرٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي الْعِشَاءِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ) وَفِي الْجُمُعَةِ بِضِيقِ الْوَقْتِ عَنْ أَقَلِّ مُجْزِئٍ مِنْ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ لِأَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ لَيْسَ وَقْتًا لَهَا فِي حَالَّةٍ، وَلَا عِبْرَةَ بِسَلَامِ الْإِمَامِ مِنْهَا لِاحْتِمَالِ تَبَيُّنِ فَسَادِ صَلَاتِهِ وَإِعَادَتِهَا فَيُدْرِكُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَأْسِ مِنْهَا بِكُلِّ تَقْدِيرٍ ح ل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute