بِأُجْرَةِ مِثْلٍ فَضَلَتْ عَمَّا مَرَّ) فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ (غَيْرَ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ سَفَرًا) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُفَارِقْهُمْ يُمْكِنُهُ تَحْصِيلُ مُؤْنَتِهِمْ فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِنَابَةِ وَالِاسْتِئْجَارِ لَمْ يَجْبُرْهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَلَا يُنِيبُ وَلَا يَسْتَأْجِرُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ مَبْنَى النُّسُكِ عَلَى التَّرَاخِي؛ وَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهِ لِلْغَيْرِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَخَرَجَ بِسَفَرٍ مُؤْنَةُ يَوْمِ الِاسْتِئْجَارِ فَيُعْتَبَرُ كَوْنُهَا فَاضِلَةً عَمَّا مَرَّ.
وَقَوْلِي: بِأُجْرَةِ مِثْلٍ أَيْ: وَلَوْ أُجْرَةَ مَاشٍ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِقُدْرَتِهِ عَلَيْهَا إذْ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي مَشْيِ الْأَجِيرِ بِخِلَافِ مَشْيِ نَفْسِهِ (أَوْ) بِوُجُودِ (مُطِيعٍ بِنُسُكٍ) بَعْضًا كَانَ مِنْ أَصْلٍ، أَوْ فَرْعٍ، أَوْ أَجْنَبِيًّا بَدَأَهُ بِذَلِكَ أَمْ لَا فَيَجِبُ سُؤَالُهُ إذَا تَوَسَّمَ فِيهِ الطَّاعَةَ (بِشَرْطِهِ) مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ مَعْضُوبٍ مَوْثُوقًا بِهِ أَدَّى فَرْضَهُ وَكَوْنِ بَعْضِهِ غَيْرَ مَاشٍ وَلَا مُعَوِّلًا عَلَى الْكَسْبِ، أَوْ السُّؤَالِ إلَّا أَنْ يَكْتَسِبَ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ وَسَفَرُهُ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ (لَا) بِوُجُودِ (مُطِيعٍ بِمَالٍ) لِلْأُجْرَةِ فَلَا تَجِبُ الْإِنَابَةُ بِهِ لِعِظَمِ الْمِنَّةِ بِخِلَافِ الْمِنَّةِ فِي بَذْلِ الطَّاعَةِ بِنُسُكٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَسْتَنْكِفُ عَنْ الِاسْتِعَانَةِ بِمَالِ غَيْرِهِ وَلَا يَسْتَنْكِفُ عَنْ الِاسْتِطَاعَةِ بِبَدَنِهِ فِي الْأَشْغَالِ وَقَوْلِي: بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ مَعَ قَوْلِي: بِشَرْطِهِ مِنْ. زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ
[دَرْس] (بَابُ الْمَوَاقِيتِ) لِلنُّسُكِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: بِأُجْرَةِ مِثْلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِإِنَابَةٍ الرَّاجِعَةِ لِلْمَيِّتِ وَالْمَعْضُوبِ لَكِنَّ قَوْلَهُ فُضِّلَتْ عَمَّا مَرَّ إنَّمَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْضُوبِ قَالَ ق ل: وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْعَاقِدَيْنِ أَعْمَالَ الْحَجِّ فَرْضًا وَنَفْلًا حَتَّى لَوْ تَرَكَ مَنْدُوبًا سَقَطَ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يُقَابِلُهُ وَلَوْ أَفْسَدَ الْأَجِيرُ الْحَجَّ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَحَجُّهُ بَعْدَهُ قَضَاءٌ عَنْ الْفَاسِدِ لَهُ وَيَلْزَمُهُ رَدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَهُ، أَوْ يَبْقَى عَلَيْهِ الْحَجُّ إنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ: عَمَّا مَرَّ) كَالْمَسْكَنِ وَالْمَلْبَسِ وَالْخَادِمِ وَخَيْلِ الْجُنْدِيِّ وَسِلَاحِهِ وَكُتُبِ الْفَقِيهِ فَيُشْتَرَطُ هُنَا فَضْلُ الْأُجْرَةِ عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ. (قَوْلُهُ: غَيْرَ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ) أَيْ وَغَيْرَ مُؤْنَتِهِ هُوَ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ فَحَجَّ عَنْهُ، ثُمَّ شُفِيَ لَمْ يَجْزِهِ وَلَمْ يَقَعْ عَنْهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجِيرُ أُجْرَةً كَمَا رَجَّحَاهُ هُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ شَرْحُ م ر. أَيْ: وَيَقَعُ نَفْلًا لِلْأَجِيرِ وَلَوْ حَضَرَ مَكَّةَ، أَوْ عَرَفَةَ فِي سَنَةِ حَجِّ الْأَجِيرِ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ لِتَعَيُّنِ مُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ وَيَلْزَمُهُ لِلْأَجِيرِ الْأُجْرَةُ،، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا إذَا شُفِيَ بَعْدَ حَجِّ الْأَجِيرِ بِأَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ فِي حَقِّ الْأَجِيرِ فِي الْبُرْءِ وَالشِّفَاءِ بِخِلَافِ الْحُضُورِ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ وَرَّطَ الْأَجِيرَ مُقَصِّرٌ بِهِ أَيْ: بِالْحُضُورِ فِي حَقِّهِ فَيَلْزَمُهُ أُجْرَتُهُ سم عَلَى حَجّ نَقْلًا عَنْ الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ.
وَقَوْلُهُ: وَلَوْ حَضَرَ مَكَّةَ، أَوْ عَرَفَةَ فِي سَنَةِ الْأَجِيرِ إلَخْ أَيْ تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ وَحَضَرَ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يُشْفَ أَخْذًا مِنْ الْفَرْقِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِنَابَةِ) أَيْ: الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ، أَوْ مُطِيعٍ بِنُسُكٍ ح ل وَقَوْلُهُ: أَوْ الِاسْتِئْجَارُ أَيْ: الْمَذْكُورُ هُنَا بِقَوْلِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ إذَا عَلِمْت هَذَا عَلِمْت أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَأْخِيرَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ عَنْ قَوْلِهِ، أَوْ بِمُطِيعٍ بِنُسُكٍ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ صَنِيعُ حَجّ وَالْأَوْلَى أَيْضًا أَنْ يَقُولَ فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِنَابَةِ بِقِسْمَيْهَا وَهُمَا قَوْلُهُ: إمَّا بِأُجْرَةٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ لَيْسَ إنَابَةً مَعَ أَنَّهُ إنَابَةٌ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ الْإِنَابَةُ بِغَيْرِ اسْتِئْجَارٍ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَجْبُرْهُ الْحَاكِمُ هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمَعْضُوبِ وَأَمَّا وَارِثُ الْمَيِّتِ فَيَجْبُرُهُ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فَوْرِيًّا لِتَبَيُّنِ عِصْيَانِ الْمَيِّتِ مِنْ آخِرِ سَنِيِّ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِ الْمَعْضُوبِ فَإِنَّهُ فِي حَقِّهِ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: مُؤْنَةُ يَوْمِ الِاسْتِئْجَارِ) أَيْ: مُؤْنَةُ عِيَالِهِ يَوْمَ الِاسْتِئْجَارِ وَكَذَا مُؤْنَتُهُ هُوَ أَيْضًا يَوْمُهُ فَيُعْتَبَرُ فَضْلُ الْأُجْرَةِ عَنْهَا أَيْضًا كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ م ر. (قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ كَوْنُهَا) أَيْ: مُؤْنَةِ يَوْمِ الِاسْتِئْجَارِ فَاضِلَةً عَمَّا مَرَّ أَيْ: عَنْ أُجْرَةِ الْأَجِيرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِبَارَةَ مَقْلُوبَةٌ وَحَقُّهَا هَكَذَا: فَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْأُجْرَةِ فَاضِلَةً عَنْهَا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر نَعَمْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْأُجْرَةِ فَاضِلَةً عَنْ مُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَتِهِمْ يَوْمَ الِاسْتِئْجَارِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِوُجُودِ مُطِيعٍ) أَيْ مُتَطَوِّعٍ. (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ سُؤَالُهُ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ: إذَا تَوَسَّمَ أَيْ: تَرَجَّى، أَوْ ظَنَّ قَالَ ح ل: وَفِي هَذَا تَحْصِيلُ سَبَبِ الْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلنَّائِبِ مُطْلَقًا الْمَفْهُومِ مِنْ إنَابَةٍ لَكِنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ عَامَّةٌ فِي الْأَجِيرِ وَالْمُطِيعِ إذْ يُشْتَرَطُ فِي الْأَجِيرِ أَنْ يَكُونَ أَدَّى فَرْضَهُ وَلَوْ فَقِيرًا فَلَوْ نَوَاهُ الَّذِي لَمْ يُؤَدِّ فَرْضَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ لِبُطْلَانِ الْإِجَارَةِ كَمَا فِي التَّحْرِيرِ وَالْقَلْيُوبِيِّ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الشَّرْطَانِ الْأَخِيرَانِ فَخَاصَّانِ بِالْمُطِيعِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: مَوْثُوقًا بِهِ) أَيْ عَدْلًا. (قَوْلُهُ: أَيْ: فَرْضَهُ) وَلَوْ نَذْرًا (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ بَعْضِهِ) شَرْطٌ لِوُجُوبِ إنَابَتِهِ مَجَّانًا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَتَى كَانَ الْأَصْلُ وَإِنْ عَلَا وَالْفَرْعُ وَإِنْ سَفَلَ مَاشِيًا، أَوْ مُعَوَّلًا عَلَى الْكَسْبِ، أَوْ السُّؤَالِ وَلَوْ رَاكِبًا لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ فِي ذَلِكَ لِمَشَقَّةِ مَشْيِ مَنْ ذُكِرَ بِخِلَافِ مَشْيِ الْأَجْنَبِيِّ. وَالْكَسْبُ قَدْ يَنْقَطِعُ وَالسَّائِلُ قَدْ يُمْنَعُ انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكْتَسِبَ فِي يَوْمٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَا مُعَوَّلًا عَلَى الْكَسْبِ فَكَانَ عَلَيْهِ ذِكْرُهُ عَقِبَهُ كَمَا صَنَعَ حَجّ. (قَوْلُهُ: لَا مُطِيعٍ بِمَالٍ) وَلَوْ وَلَدًا، أَوْ وَالِدًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: يَسْتَنْكِفُ) أَيْ يَمْتَنِعُ.
[بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا]
. (بَابُ الْمَوَاقِيتِ) .
جَمْعُ مِيقَاتٍ مَأْخُوذٌ مِنْ الْوَقْتِ وَهُوَ الزَّمَانُ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَكَانِ تَوَسُّعًا وَهَذَا بِالنَّظَرِ لِأَصْلِ اللُّغَةِ وَإِلَّا فَقَدْ