وَزَعَمَ أَنَّهُ الْمُسْتَثْنَى صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ الَّذِي أَرَادَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ لِاحْتِمَالِ مَا ادَّعَاهُ.
(فَصْلٌ) فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ لَوْ (أَقَرَّ) مَنْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ (بِنَسَبٍ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِنَفْسِهِ) كَأَنْ قَالَ: هَذَا ابْنِي (شُرِطَ) فِيهِ (إمْكَانٌ) بِأَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الْحِسُّ وَالشَّرْعُ، بِأَنْ يَكُونَ دُونَهُ فِي السِّنِّ بِزَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ كَوْنُهُ ابْنَهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ بِغَيْرِهِ. (وَتَصْدِيقٌ مُسْتَلْحَقٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ (أَهْلٌ لَهُ) أَيْ لِلتَّصْدِيقِ بِأَنْ يَكُونَ حَيًّا غَيْرَ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي نَسَبِهِ فَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ بِأَنْ كَذَّبَهُ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ أَوْ سَكَتَ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ حَلَّفَهُ فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَوْ تَصَادَقَا ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَسْقُطْ النَّسَبُ، كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَصَحَّحَهُ جَمْعٌ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَسْقُطُ، وَشُرِطَ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَلْحَقُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ وَيَخْلُفُهُ وَارِثُهُ فِيهِ لَوْ مَاتَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَزَعَمَ) أَيْ: ذَكَرَ.
[فَصْلٌ فِي الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ]
أَيْ: وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ وَإِرْثِ الْمُسْتَلْحَقِ وَهُوَ مَعَ الصِّدْقِ وَاجِبٌ وَمَعَ الْكَذِبِ فِي ثُبُوتِهِ وَنَفْيِهِ حَرَامٌ مِنْ الْكَبَائِرِ، بَلْ صَحَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ كُفْرٌ لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ أَوْ عَلَى كُفْرَانِ النِّعْمَةِ فَإِنَّ حُصُولَ الْوَلَدِ نِعْمَةٌ مِنْ اللَّهِ فَإِنْكَارُهَا جَحْدٌ لِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا نَظَرَ لِمَا قَدْ يَعْرِضُ لِلْوَلَدِ مِنْ عُقُوقٍ وَنَحْوِهِ ز ي مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لَوْ أَقَرَّ مَنْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ) أَيْ: ذَكَرٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ غَيْرُ مَسْمُوحٍ مُخْتَارٌ، وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ كَافِرًا ق ل. (قَوْلُهُ: هَذَا ابْنِي) وَمِثْلُهُ: أَنَا أَبُوهُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِلْإِضَافَةِ إلَى الْمُقِرِّ لَا هَذَا أَبِي خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِلْحَاقِ بِالْغَيْرِ وَهُوَ الْجَدُّ وَعِبَارَةُ ز ي كَأَنْ قَالَ: هَذَا ابْنِي، مِثْلُهُ أَنْ يَقُولَ: هَذَا أَبِي وَيُصَدِّقُهُ وَقَوْلُهُ: أَنْتَ أَبِي أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَا ابْنُك وَقَوْلُ الْأَبِ: أَنْتَ ابْنِي أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَا أَبُوكَ؛ إذْ الْإِضَافَةُ فِيهِ لِلْمُقِرِّ شَيْخُنَا وَق ل وَعِبَارَةُ م ر: كَهَذَا ابْنِي أَوْ أَبِي لَا أُمِّي لِسُهُولَةِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِوِلَادَتِهَا عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ. انْتَهَى. قَالَ ع ش: عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَالْأَصَحّ خِلَافُهُ أَيْ: فَيَصِحُّ إلْحَاقُ نَسَبِ الْأُمِّ بِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَتَصْدِيقُ مُسْتَلْحَقٍ) اقْتِصَارُهُ هُنَا عَلَى هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ مَعَ اشْتِرَاطِهِ فِي الْإِلْحَاقِ بِالْغَيْرِ فِيمَا يَأْتِي كَوْنُ الْمُلْحَقِ بِهِ رَجُلًا يَقْتَضِي أَنَّ اسْتِلْحَاقَ الْمَرْأَةِ يَصِحُّ مَعَ أَنَّهُ يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ: بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِلْحَاقَهَا لَا يُقْبَلُ فَحِينَئِذٍ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْرِطَ هُنَا كَوْنَ الْمُسْتَلْحَقِ رَجُلًا، كَمَا عَلِمْتَ مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ ق ل.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ حَيًّا غَيْرَ صَبِيٍّ) أَخْصَرُ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ: حَيًّا مُكَلَّفًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ لِدُخُولِ السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي فَإِنَّهُ أَهْلٌ لِلتَّصْدِيقِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَمُؤَاخَذَتُهُ إنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ انْتَهَى بَابِلِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي نَسَبِهِ) أَيْ: وَلِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ سَكَتَ) إلَّا إذَا مَاتَ عَقِبَ الِاسْتِلْحَاقِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ التَّصْدِيقِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ النَّسَبُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَعَلَيْهَا يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ بِرْمَاوِيٌّ وَشَرْحُ م ر وز ي.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ فِي هَذِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ اثْنَانِ فَصَدَّقَهُمَا أَوْ لَمْ يُصَدِّقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِأَنْ عَرَضَهُ عَلَى الْقَائِفِ، ثَمَّ لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ بَيْنَ الْمُسْتَلْحَقَيْنِ، وَهُنَا لَا مُنَازَعَةَ بَيْنَ الْمُسْتَلْحَقِ وَالْمَجْهُولِ وَالْحَقُّ فِي النَّسَبِ لَهُ فَلَمْ يُنْظَرْ لِلْقَائِفِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ مَا يُوَافِقُهُ حَيْثُ قَالَ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْقَائِفَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ وَنَحْوِهَا ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: حَلَّفَهُ) أَيْ: حَلَّفَ الْمُسْتَلْحِقُ - بِكَسْرِ الْحَاءِ - الْمُسْتَلْحَقَ - بِفَتْحِهَا - وَقَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَفَ أَيْ: الْمُسْتَلْحَقُ - بِفَتْحِ الْحَاءِ - وَقَوْلُهُ: سَقَطَتْ دَعْوَاهُ أَيْ: الْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَصَادَقَا) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ: وَتَصْدِيقُ مُسْتَلْحَقٍ عَلَى سَبِيلِ التَّعْمِيمِ فِيهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَمَتَى صَدَّقَهُ ثَبَتَ النَّسَبُ سَوَاءٌ كَذَّبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا فَلَا يَضُرُّ التَّكْذِيبُ بَعْدَ التَّصْدِيقِ. (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ: وَخَرَجَ بِالْأَهْلِ غَيْرُهُ، فَيُتَمَّمُ شَرْحُ الْمَتْنِ أَوَّلًا، ثُمَّ بِذِكْرِ مَا زَادَ عَلَيْهِ مِنْ الشُّرُوطِ وَصَنِيعُهُ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِمْكَانِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمَتْنِ وَصَنِيعُ م ر يَقْتَضِي أَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْهُ وَعِبَارَتُهُ اُشْتُرِطَ أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الْحِسُّ، وَلَا الشَّرْعُ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ كَذَّبَهُ أَيْ: الشَّرْعُ بِأَنْ يَكُونَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَمْ يَصِحَّ اسْتِلْحَاقُهُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُسْتَلْحِقُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ صِحَّةِ اسْتِلْحَاقِ مَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ النَّافِي إذْ لَهُ اسْتِلْحَاقُهُ وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ قَائِفٌ وَلَا انْتِسَابٌ يُخَالِفُ حُكْمَ الْفِرَاشِ بَلْ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِاللِّعَانِ رُخْصَةً أَثْبَتَهَا الشَّارِعُ لِدَفْعِ الْأَنْسَابِ الْبَاطِلَةِ فَإِنْ وُلِدَ عَلَى فِرَاش وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ جَازَ لِلْغَيْرِ اسْتِلْحَاقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ قَبْلَ النَّفْيِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَيَمْتَنِعُ اسْتِلْحَاقُ وَلَدِ الزِّنَا مُطْلَقًا انْتَهَتْ وَمِنْهَا يُعْلَمُ مَفْهُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ عَنْ فِرَاشِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: بِلِعَانٍ، فَلَا مَفْهُومَ لَهُ وَعِبَارَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute