إلَّا النِّسَاءَ» وَرُوِيَ «إذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ» وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ» فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَحَلَّ بِهِ اللُّبْسُ وَالْحَلْقُ وَالْقَلْمُ وَكَذَا الصَّيْدُ (وَ) حَلَّ (بِالثَّالِثِ الْبَاقِي) مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ وَمَنْ فَاتَهُ الرَّمْيُ وَلَزِمَهُ بَدَلُهُ مِنْ دَمٍ، أَوْ صَوْمٍ تَوَقَّفَ التَّحَلُّلُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِبَدَلِهِ هَذَا فِي تَحَلُّلِ الْحَجِّ وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَلَهَا تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّ يَطُولُ زَمَنُهُ وَتَكْثُرُ أَفْعَالُهُ بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ فَأُبِيحَ بَعْضُ مُحَرَّمَاتِهِ فِي وَقْتٍ وَبَعْضُهَا فِي آخَرَ.
(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ الَّتِي عَقِبَ يَوْمِ الْعِيدِ وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُ (يَجِبُ مَبِيتٌ بِمِنًى لَيَالِي) أَيَّامِ (التَّشْرِيقِ) لِلِاتِّبَاعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (مُعْظَمَ لَيْلٍ) كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ بِمَكَانٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِمَبِيتِ مُعْظَمِ اللَّيْلِ وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِلَحْظَةٍ فِي نِصْفِهِ الثَّانِي بِمُزْدَلِفَةَ كَمَا مَرَّ لِمَا تَقَدَّمَ ثَمَّ وَالتَّصْرِيحُ بِالْوُجُوبِ مَعَ قَوْلِي: مُعْظَمَ لَيْلٍ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) يَجِبُ (رَمْيٌ كُلَّ يَوْمٍ) مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (بَعْدَ زَوَالٍ إلَى الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ) وَإِنْ كَانَ الرَّامِي فِيهَا وَالْأُولَى مِنْهَا تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ وَهِيَ الْكُبْرَى وَالثَّانِيَةُ الْوُسْطَى وَالثَّالِثَةُ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ وَلَيْسَتْ مِنْ مِنًى بَلْ مِنًى تَنْتَهِي إلَيْهَا
(فَإِنْ نَفَرَ) وَلَوْ انْفَصَلَ مِنْ مِنًى بَعْدَ الْغُرُوبِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
اللَّيْلِ تَأَمَّلْ وَقَالَ ح ف: أَيْ: غَيْرُ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّحَلُّلُ وَهُوَ ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ وَغَيْرُهُ حَلْقُ مَا زَادَ اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا النِّسَاءَ) أَيْ: أَمْرَهُنَّ عَقْدًا وَتَمَتُّعًا سم. (قَوْلُهُ: وَحَلَّ بِالثَّالِثِ الْبَاقِي) وَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِمَا بَقِيَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَهُوَ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْرِمٍ كَمَا يَخْرُجُ الْمُصَلِّي بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى وَتُطْلَبُ مِنْهُ الثَّانِيَةُ وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ هُنَا وَاجِبًا وَثَمَّ مَنْدُوبًا وَيُسَنُّ لَهُ تَأْخِيرُ الْوَطْءِ عَنْ بَاقِي أَيَّامِ الرَّمْيِ لِيَزُولَ عَنْهُ أَثَرُ الْإِحْرَامِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ بَدَلُهُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَحِلُّ بِاثْنَيْنِ غَيْرُ وَطْءٍ فَحِينَئِذٍ الْحَجُّ مِثْلُ الْحَيْضِ وَالْعُمْرَةُ مِثْلُ الْجَنَابَةِ فَلِلْحَيْضِ تَحَلُّلَانِ الْأَوَّلُ الِانْقِطَاعُ وَيَحِلُّ بِهِ الصَّوْمُ وَالطَّلَاقُ وَالطُّهْرُ وَالثَّانِي الْغُسْلُ وَلِلْجَنَابَةِ تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْغُسْلُ (قَوْلُهُ: فَلَهَا تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ) وَهُوَ جَمِيعُ أَعْمَالِهَا مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ اهـ عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَأُبِيحَ بَعْضُ مُحَرَّمَاتِهِ) أَيْ: تَخْفِيفًا لِلْمَشَقَّةِ حَجّ.
[فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ]
(فَصْلٌ: فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى) .
(قَوْلُهُ: أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِشْرَاقِ نَهَارِهَا بِنُورِ الشَّمْسِ وَلَيْلِهَا بِنُورِ الْقَمَرِ وَحِكْمَةُ التَّسْمِيَةِ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا حَجّ أَيْ: فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْحِكْمَةَ مَوْجُودَةٌ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، أَوْ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُشْرِقُونَ فِيهَا لُحُومَ الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا أَيْ: يَنْشُرُونَهَا فِي الشَّمْسِ وَيُقَدِّدُونَهَا اهـ إيضَاحٌ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ: وَهِيَ الْمَعْدُودَاتُ فِي قَوْله تَعَالَى {أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: ٢٠٣] وَالْمَعْلُومَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: ٢٨] هِيَ الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. (قَوْلُهُ: وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُ) مِنْ لُزُومِ الدَّمِ فِيمَا يَأْتِي، وَمِنْ حُكْمِ طَوَافِ الْوَدَاعِ، وَمِنْ سَنِّ زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (قَوْلُهُ: لَيَالِي أَيَّامِ) فِي تَقْدِيرِ الْأَيَّامِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ اللَّيَالِيَ لَا تُسَمَّى لَيَالِي تَشْرِيقٍ إلَّا تَوَسُّعًا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا فِي الْمِصْبَاحِ مِنْ أَنَّ وَجْهَ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ تَقْدِيدُ اللَّحْمِ فِيهَا بِالشَّرْقَةِ أَيْ: الشَّمْسِ إذْ ذَاكَ خَاصٌّ بِالنَّهَارِ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مُعْظَمَ لَيْلٍ) بَدَلٌ مِنْ لَيَالِي بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ وَهَذَا يَتَحَقَّقُ بِمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يُسَمَّى مُعَظَّمًا فِي الْعُرْفِ فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ ع ش. (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَدَّمَ) مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهَا أَمْرٌ بِالْمَبِيتِ أَيْ: بِلَفْظِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَرَدَ بِلَفْظِهِ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِمَبِيتِ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ إلَخْ) أَيْ: مَعَ الْوُجُوبِ مَعَ مُعْظَمِ، وَفِي نُسْخَةٍ وَالتَّصْرِيحُ بِالْوُجُوبِ مَعَ إلَخْ وَالْأُولَى أَوْلَى لِخُلُوِّ هَذِهِ عَنْ التَّنْبِيهِ عَلَى زِيَادَةِ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ ع ش وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِمَبِيتِ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَبِيتَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَنْفِرْ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَجَبَ مَبِيتُهَا وَمِنْ ثَمَّ سَقَطَ هَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: وَرَمَى كُلَّ يَوْمٍ بَعْدَ زَوَالٍ إلَى الْجَمَرَاتِ) حَقِيقَةُ الْجَمْرَةِ مَجْمَعُ الْحَصَى الْمُقَدَّرِ بِثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ إلَّا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهَا إلَّا جَانِبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ: أَسْفَلُ الْوَادِي فَرَمْيُ كَثِيرٍ مِنْ أَعْلَاهَا بَاطِلٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْأُجْهُورِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ، وَمِثْلُهُ حَجّ.
لَكِنَّ كَلَامَ م ر فِي شَرْحِهِ صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ الرَّمْيِ مِنْ الْأَعْلَى وَعِبَارَتُهُ وَيُسَنُّ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي أَيْ: أَسْفَلِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَفَرَ) أَيْ: سَارَ بَعْدَ التَّحْمِيلِ فَصَحَّ قَوْلُهُ: وَلَوْ انْفَصَلَ مِنْ مِنًى بَعْدَ الْغُرُوبِ وَلَوْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَهُوَ فِي شُغْلِ الرَّحِيلِ أَيْ: قَبْلَ النَّفْرِ أَيْ: السَّيْرِ امْتَنَعَ النَّفْرُ ح ل وَشَرْحُ م ر وَعِبَارَةُ حَجّ فَإِنْ نَفَرَ أَيْ: تَحَرَّكَ لِلذَّهَابِ إذْ حَقِيقَةُ النَّفْرِ الِانْزِعَاجُ فَيَشْمَلُ مَنْ أَخَذَ فِي شُغْلِ الِارْتِحَالِ وَيُوَافِقُ الْأَصَحَّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ غُرُوبَهَا وَهُوَ فِي شُغْلِ الِارْتِحَالِ لَا يَلْزَمُهُ الْمَبِيتُ وَإِنْ اعْتَرَضَهُ كَثِيرُونَ اهـ.، وَفِي شَرْحِ م ر امْتِنَاعُ النَّفْرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَاعْتَمَدَهُ ع ش وَزي وَعِبَارَةُ م ر وَلَوْ نَفَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ، ثُمَّ عَادَ إلَى مِنًى لِحَاجَةٍ كَزِيَادَةٍ فَغَرَبَتْ، أَوْ غَرَبَتْ فَعَادَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى فَلَهُ النَّفْرُ وَسَقَطَ عَنْهُ الْمَبِيتُ وَالرَّمْيُ بَلْ لَوْ بَاتَ هَذَا مُتَبَرِّعًا سَقَطَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute