أَوْ حَضَرَ الْقَاضِي إلَى بَلَدِ الْحَاكِمِ وَشَافَهَهُ بِذَلِكَ أَوْ نَادَاهُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِي طَرَفِ عَمَلِهِ (أَمْضَاهُ) أَيْ: نَفَّذَهُ إذَا كَانَ (فِي عَمَلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالْكِتَابِ (وَهُوَ) حِينَئِذٍ (قَضَاءٌ بِعِلْمِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ شَافَهَهُ بِهِ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ وَمَا لَوْ شَافَهَهُ بِسَمَاعِ الْحُجَّةِ فَقَطْ فَلَا يَقْضِي بِذَلِكَ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الثَّانِيَةِ حَيْثُ تَيَسَّرَتْ شَهَادَةُ الْحُجَّةِ (وَالْإِنْهَاءِ) ، وَلَوْ بِلَا كِتَابٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْكِتَابِ (يَحْكُمُ بِمُضِيٍّ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِفَوْقِ مَسَافَةِ الْعَدْوَى (وَ) الْإِنْهَاءِ (بِسَمَاعِ حُجَّةٍ يُقْبَلُ فِيمَا فَوْقَ مَسَافَةِ عَدْوَى) لَا فِيمَا دُونَهُ وَفَارَقَ الْإِنْهَاءَ بِالْحُكْمِ بِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَمَّ، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الِاسْتِيفَاءُ بِخِلَافِ سَمَاعِ الْحُجَّةِ إذْ يَسْهُلُ إحْضَارُهَا مَعَ الْقُرْبِ وَالْعِبْرَةُ فِي الْمَسَافَةِ بِمَا بَيْنَ الْقَاضِيَيْنِ لَا بِمَا بَيْنَ الْقَاضِي الْمَنْهِيِّ وَالْغَرِيمِ (وَهِيَ) أَيْ: مَسَافَةُ الْعَدْوَى (مَا يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرٌ إلَى مَحَلِّهِ يَوْمَهُ) الْمُعْتَدِلِ وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ: إلَى مَحَلِّهِ لَيْلًا وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يُعْدِي أَيْ: يُعِينُ مَنْ طَلَبَ خَصْمًا مِنْهَا عَلَى إحْضَارِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ أَنَّهُ لَوْ عَسِرَ إحْضَارُ الْحُجَّةِ مَعَ الْقُرْبِ بِنَحْوِ مَرَضٍ قُبِلَ قَبْلَ الْإِنْهَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ. .
(فَصْلٌ) فِي الدَّعْوَى بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ لَوْ (ادَّعَى عَيْنًا غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ يُؤْمَنُ اشْتِبَاهُهَا) بِغَيْرِهَا (كَحَيَوَانٍ وَعَقَارٍ عُرْفًا) بِأَنْ عُرِفَ الْأَوَّلُ بِشُهْرَةٍ، وَالثَّانِي بِهَا أَوْ بِحُدُودِهِ وَسِكَّتِهِ (سَمِعَ) الْقَاضِي حُجَّتَهُ (وَحَكَمَ بِهَا وَكَتَبَ) بِذَلِكَ (إلَى قَاضِي بَلَدِ الْعَيْنِ لِيُسَلِّمَهَا لِلْمُدَّعِي) كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الدَّعْوَى عَلَى غَائِبٍ (وَيَعْتَمِدُ) الْمُدَّعِي (فِي) دَعْوَى (عَقَارٍ) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (لَمْ يَشْتَهِرْ حُدُودُهُ) لِيَتَمَيَّزَ وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِدُونِهِ (أَوْ لَا يُؤْمَنُ) اشْتِبَاهُهَا كَغَيْرِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا (بَالَغَ) الْمُدَّعِي (فِي وَصْفِ مِثْلِيٍّ) مَا أَمْكَنَهُ (وَذِكْرِ قِيمَةَ مُتَقَوِّمٍ) وُجُوبًا فِيهِمَا وَنُدِبَ أَنْ يَذْكُرَ قِيمَةَ مِثْلِيٍّ وَأَنْ يُبَالِغَ فِي وَصْفٍ مُتَقَوِّمٍ وَهَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْأَصْلِ هُنَا وَمَا ذَكَرَهُ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الدَّعَاوَى مِنْ وُجُوبِ وَصْفِ الْعَيْنِ بِصِفَةِ السَّلَمِ دُونَ قِيمَتِهَا مِثْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ مُتَقَوِّمَةً
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي إنْ كَانَتْ وِلَايَةُ كُلِّ أَحَدٍ عَلَى جَمِيعِ الْبَلَدِ لَمْ يُقْبَلْ أَوْ عَلَى نِصْفِهِ مُعَيِّنًا فَإِنْ كَتَبَ بِالْحُكْمِ قَبْلَهُ أَوْ بِسَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَلَا سم. (قَوْلُهُ: أَوْ حَضَرَ الْقَاضِي) أَيْ: قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّهَا أَيْ: الْمُشَافَهَةُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الضَّمِيرَ لِلْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: قَضَاءٌ بِعِلْمِهِ) أَيْ: فِي مَعْنَاهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَقْضِي بِذَلِكَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي الثَّانِيَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ سَمَاعَهَا نَقْلٌ لَهَا كَنَقْلِ الْفَرْعِ شَهَادَةَ الْأَصْلِ فَكَمَا لَا يَحْكُمُ الْفَرْعُ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ غَابَ الشُّهُودُ عَنْ بَلَدِ الْقَاضِي أَيْ: بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لِمَسَافَةٍ يَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ جَازَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَهَذَا الْمَأْخُوذُ مَشَى عَلَيْهِ هُنَا بِقَوْلِهِ وَظَاهِرٌ إلَخْ سم. (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَيَسَّرَتْ) وَإِلَّا بِأَنْ غَابَتْ أَوْ مَرِضَتْ فَيَقْضِي بِهَا سم. (قَوْلُهُ: مَا يَرْجِعُ إلَخْ) أَيْ: هِيَ الَّتِي لَوْ خَرَجَ مِنْهَا بُكْرَةً لِبَلَدِ الْحَاكِمِ لَرَجَعَ إلَيْهَا يَوْمَهُ بَعْدَ فَرَاغِ زَمَنِ الْمُخَاصَمَةِ الْمُعْتَدِلَةِ مِنْ دَعْوَى وَجَوَابٍ وَإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ حَاضِرَةٍ وَتَعْدِيلِهَا وَالْعِبْرَةُ بِسَيْرِ الْأَثْقَالِ؛ لِأَنَّهُ مُنْضَبِطٌ س ل (قَوْلُهُ: مُبَكِّرٌ) أَيْ: خَارِجٌ عَقِبَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ أَنَّ التَّكْبِيرَ فِيهَا يَدْخُلُ وَقْتُهُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ، وَأَنَّ الْمُرَادَ الْمُبَكِّرُ عُرْفًا وَهُوَ مَنْ يَخْرُجُ قُبَيْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَجّ س ل. (قَوْلُهُ: مِنْ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ) وَهُوَ قَوْلُهُ: إذْ يَسْهُلُ إحْضَارُهَا إلَخْ. .
[فَصْلٌ فِي الدَّعْوَى بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ]
(فَصْلٌ: فِي الدَّعْوَى بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ) أَيْ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ غَصَبَهُ غَيْرُهُ عَيْنًا إلَى آخِرِ الْفَصْلِ قَالَ م ر فِي الدَّعْوَى بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ نَاسَبَ ذِكْرُ هَذَا الْفَصْلِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ اهـ. (قَوْلُهُ: غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ) أَيْ: وَكَانَتْ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ قَالَ س ل عَنْ الْبَلَدِ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِحُدُودِهِ) أَيْ: الْأَرْبَعَةِ وَلَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَقَلَّ مِنْهَا وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا كَكَثِيرِينَ يَكْفِي ثَلَاثَةٌ مَحَلُّهُ إنْ تَمَيَّزَ بِهَا بَلْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنْ تَمَيَّزَ بِحَدٍّ يَكْفِي وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ بَلَدِهِ وَمَحَلِّهِ فِيهَا كَمَا تَقَرَّرَ ع ن قَالَ م ر وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا بَيَانُ بَلَدِهِ وَسَكَنِهِ وَمَحَلِّهِ مِنْهَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَسَكَنِهِ) الْمُرَادُ بِهَا الْحَارَةُ س ل. (قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا) أَيْ: مِنْ سَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ، وَأَمَّا الْعَقَارُ فَلَا يَكُونُ إلَّا مَأْمُونَ الِاشْتِبَاهِ إمَّا بِالشُّهْرَةِ، وَإِمَّا بِالتَّحْدِيدِ كَمَا مَرَّ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: بَالَغَ فِي وَصْفِ مِثْلِيٍّ) أَيْ: بِحَيْثُ يَزِيدُ عَلَى أَوْصَافِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الزِّيَادَةَ هُنَا تَزِيدُهُ إيضَاحًا وَفِي الْمُسْلَمِ فِيهِ تُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ وَقَوْلُهُ مَا أَمْكَنَهُ أَيْ: يُمْكِنُهُ الِاسْتِقْصَاءُ بِهِ وَاشْتُرِطَتْ الْمُبَالَغَةُ هُنَا دُونَ السَّلَمِ لِأَنَّهَا تُؤَدِّي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ الْمُنَافِيَةِ لِصِحَّتِهِ. (قَوْلُهُ وَذِكْرِ قِيمَةِ مُتَقَوِّمٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَصْفُهُ وَقَوْلُهُ وَنُدِبَ أَنْ يُبَالِغَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ وَصْفُ الْمُتَقَوِّمِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ أَصْلَ الْوَصْفِ وَاجِبٌ فَلْيُحَرَّرْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذِكْرَ الْقِيمَةِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ ذَكَرَ صِفَةً مِنْ صِفَاتِ الْمُتَقَوِّمِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ لَوْنِهِ. (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ: قَوْلُهُ: وَذِكْرِ قِيمَةِ مُتَقَوِّمٍ مَعَ قَوْلِهِ وَأَنْ يُبَالِغَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِثْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ مُتَقَوِّمَةً) أَيْ: فَخَالَفَ مَا هُنَا فِي الْمُتَقَوِّمَةِ فَلِذَا أَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute