للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي أَحَدِهِمَا بِالْحِنْثِ وَوَقَعَ فِي الْأَصْلِ تَرْجِيحُ اعْتِبَارِ الْحَلِفِ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِيهِ إذْنٌ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْتِزَامِ الْكَفَّارَةِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ لِأَنَّ الْحَلِفَ مَانِعٌ مِنْ الْحِنْثِ فَلَا يَكُونُ الْإِذْنُ فِيهِ إذْنًا فِي الْتِزَامِ الْكَفَّارَةِ فَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ الصَّوْمُ فِي الْخِدْمَةِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إذْنٍ فِيهِ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الْأَمَةِ مِنْ زِيَادَتِي (وَمُبَعَّضٌ كَحُرٍّ فِي غَيْرِ إعْتَاقٍ) فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ كَفَّرَ بِتَمْلِيكِ مَا مَرَّ لَا بِإِعْتَاقٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْوَلَاءِ وَإِلَّا فَيَصُومُ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ.

(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي

لَوْ (حَلَفَ لَا يَسْكُنُ) بِهَذِهِ الدَّارِ (أَوْ لَا يُقِيمُ بِهَا) وَهُوَ فِيهَا (فَمَكَثَ) فِيهَا (بِلَا عُذْرٍ حَنِثَ وَإِنْ بَعَثَ مَتَاعَهُ) وَأَهْلَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَبْعَثْهُمَا لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى سُكْنَى نَفْسِهِ فَلَا يَحْنَثُ إنْ خَرَجَ حَالًا بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ وَإِنْ تَرَكَهُمَا وَلَا إنْ مَكَثَ بِعُذْرٍ كَجَمْعِ مَتَاعٍ وَإِخْرَاجِ أَهْلٍ وَلُبْسِ ثَوْبٍ وَإِغْلَاقِ بَابٍ وَمَنْعٍ مِنْ خُرُوجٍ وَخَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ (كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ وَهُمَا فِيهَا فَمَكَثَا لِبِنَاءٍ حَائِلٍ) بَيْنَهُمَا فَيَحْنَثُ لِوُجُودِ الْمُسَاكَنَةِ إلَى تَمَامِ الْبِنَاءِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْجُمْهُورِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَصَحَّحَ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِاشْتِغَالِهِ بِرَفْعِ الْمُسَاكَنَةِ (لَا إنْ خَرَجَ أَحَدُهُمَا حَالًا بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ أَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا وَهُوَ فِيهَا أَوْ لَا يَخْرُجُ وَهُوَ خَارِجٌ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

يُخِلُّ بِالْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَأْجَرُ لَهَا فَقَطْ فَهَلْ لَهُ الصَّوْمُ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ دُونَ إذْنِ السَّيِّدِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ هُنَا وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ كَوْنِ الْحِنْثِ وَاجِبًا، أَوْ غَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْفَوْرِ، أَوْ التَّرَاخِي، وَالرَّاجِحُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَفِيمَا لَوْ حَلَفَ فِي مِلْكِ شَخْصٍ، وَحَنِثَ فِي مِلْكِ آخَرَ أَنَّ الْأَوَّلَ إنْ أَذِنَ لَهُ فَبِهِمَا، أَوْ فِي الْحِنْثِ لَمْ يَكُنْ لِلثَّانِي مَنْعُهُ مِنْ الصَّوْمِ، وَإِنْ ضَرَّهُ، وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ إنْ ضَرَّهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ: الْحَلِفِ، وَالْحِنْثِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحُّ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَلِفَ مَانِعٌ إلَخْ) وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ أَنَّ الْإِذْنَ فِي الضَّمَانِ دُونَ الْأَدَاءِ يَقْتَضِي الرُّجُوعَ بِخِلَافِ عَكْسِهِ س ل. (قَوْلُهُ: كَفَّرَ بِتَمْلِيكِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَصُومُ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ ضَرَّهُ الصَّوْمُ، وَهُوَ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى؛ إذْنِهِ ح ل فَلْيُحَرَّرْ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَصُومُ أَيْ: فِي نَوْبَتِهِ إذَا كَانَتْ مُهَايَأَةً، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ، أَوْ كَانَ لَا مُهَايَأَةَ فَعَلَى التَّفْصِيلِ الْمَارِّ مِنْ كَوْنِ الصَّوْمِ يَضُرُّهُ وَقَدْ حَنِثَ بِلَا؛ إذْنٍ أَمْ لَا

[فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا]

(فَصْلٌ: فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى، وَالْمُسَاكَنَةِ، وَغَيْرِهِمَا) السُّكْنَى مُشْتَقَّةٌ مِنْ السُّكُونِ، وَأُرِيدَ بِهِ الْحُلُولُ لَا ضِدُّ الْحَرَكَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ بِالْمَكَانِ مُتَرَدِّدًا فِيهِ حَنِثَ ز ي قَالَ م ر: وَالْأَصْلُ فِي هَذَا، وَمَا بَعْدَهُ أَنَّ الْأَلْفَاظَ تُحْمَلُ عَلَى حَقَائِقِهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَجَازُ مُتَعَارَفًا، وَيُرِيدُ دُخُولُهُ فَيَدْخُلُ أَيْضًا كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ ثَمَرِهَا؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ مُتَعَارَفٌ فِي الشَّجَرَةِ، وَحَقِيقَةٌ فِي الْخَشَبِ فَلَا يَحْنَثُ أَمِيرٌ حَلَفَ لَا يَبْنِي دَارِهِ، وَأَطْلَقَ، إلَّا بِفِعْلِهِ وَلَا مَنْ حَلَفَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ فَحَلَقَ غَيْرُهُ لَهُ بِأَمْرِهِ. اهـ.، وَاعْتَمَدَ ع ش عَلَيْهِ الْحِنْثُ نَظَرًا لِلْعُرْفِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ فِيهَا) فَإِنْ كَانَ خَارِجَهَا حَنِثَ بِدُخُولِهِ مَعَ إقَامَةِ لَحْظَةٍ يَحْصُلُ بِهَا الِاعْتِكَافُ بِغَيْرِ عُذْرٍ س ل. (قَوْلُهُ: فَمَكَثَ) وَإِنْ قَلَّ س ل وَم ر. (قَوْلُهُ: عَلَى سُكْنَى نَفْسِهِ) هَلَّا قَالَ: وَعَلَى أَنْ يُقِيمَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ كَالسُّكْنَى، وَفِي تَوَقُّفِ عَدَمِ الْإِقَامَةِ عَلَى الْخُرُوجِ بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ نَظَرٌ بَلْ كَانَ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِمُجَرَّدِ الْخُرُوجِ وَشَيْخُنَا جَعَلَ نِيَّةَ التَّحَوُّلِ رَاجِعَةً لِلسُّكْنَى، وَالْإِقَامَةِ فَلَوْ خَرَجَ بِغَيْرِ نِيَّةِ التَّحَوُّلِ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: لَهُ حِينَئِذٍ سَاكِنٌ، وَمُقِيمٌ فِي ذَلِكَ ح ل. (قَوْلُهُ: إنْ خَرَجَ حَالًا) وَلَا يُكَلِّفُ فِي خُرُوجِهِ عَدْوًا وَلَا أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَابِهَا الْقَرِيبِ س ل. (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ) مَحَلُّ ذَلِكَ؛ حَيْثُ كَانَ مُسْتَوْطِنًا فِيهِ قَبْلَ حَلِفِهِ فَلَوْ دَخَلَ لِنَحْوِ تَفَرُّجٍ فَحَلَفَ لَا يَسْكُنُهُ لَمْ يَحْتَجْ لِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ قَطْعًا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: كَجَمْعِ مَتَاعٍ) أَيْ: وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَتَكَفَّلُ بِذَلِكَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا ح ل، وَعِبَارَةُ س ل قَوْلُهُ: كَجَمْعِ مَتَاعٍ قَالَ حَجّ: وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الِاسْتِنَابَةُ، وَإِلَّا حَنِثَ قَالَ سم: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِإِمْكَانِ الِاسْتِنَابَةِ فِي نَقْلِ أَمْتِعَةٍ يَجِبُ إخْفَاؤُهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَيَشُقُّ عَلَيْهِ اطِّلَاعُهُ عَلَيْهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَخَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ) أَوْ كَانَ مَرِيضًا، أَوْ زَمِنًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ وَلَمْ يَجِدْ وَلَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مَنْ يُخْرِجُهُ، أَوْ ضَاقَ، وَقْتُ الصَّلَاةِ بِحَيْثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْخُرُوجِ فَاتَتْهُ وَلَوْ خَرَجَ مِنْهَا، ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا لِزِيَارَةٍ، أَوْ عِيَادَةٍ لَمْ يَحْنَثْ مَا دَامَ يُسَمَّى عُرْفًا زَائِرًا، أَوْ عَائِدًا، وَإِلَّا حَنِثَ ز ي وس ل. (قَوْلُهُ: فَيَحْنَثُ) وَإِنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ، وَنَوَى وَلَوْ فِي الْبَلَدِ حَنِثَ بِمُسَاكَنَتِهِ وَلَوْ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ مَوْضِعًا حَنِثَ بِالْمُسَاكَنَةِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ، إلَّا إذَا كَانَ الْبَيْتَانِ مِنْ خَانٍ وَلَوْ صَغِيرًا فَلَا يَحْنَثُ، وَإِنْ اتَّحَدَ فِيهِ الرُّقِيُّ، وَتَلَاصَقَ الْبَيْتَانِ وَلَا إنْ كَانَ مِنْ دَارٍ كَبِيرَةٍ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ بَيْتٍ غَلْقٌ بِبَابٍ، وَمَرْقًى وَلَوْ انْفَرَدَ فِي دَارٍ كَبِيرَةٍ بِحُجْرَةٍ مُنْفَرِدَةِ الْمَرَافِقِ كَالْمَرْقَى، وَالْمَطْبَخِ، وَالْمُسْتَحَمِّ، وَبَابُهَا فِي الدَّارِ لَمْ يَحْنَثْ ز ي وَقَوْلُهُ: أَيْ: زي إلَّا إذَا كَانَ الْبَيْتَانِ مِنْ خَانٍ أَيْ:؛ لِأَنَّ الْخَانَ كَالدَّرْبِ، وَبُيُوتُهُ كَالدُّورِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ الْأَصْلُ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا، وَهُوَ فِيهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: لَا إنْ خَرَجَ إلَخْ لِمُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ عَدَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>