فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ (وَلَوْ ادَّعَى تَلَفًا) لَهُ أَوْ لِبَعْضِهِ (فَكَوَدِيعٍ) فَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهُ مُطْلَقًا أَوْ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ كَسَرِقَةٍ أَوْ ظَاهِرٍ كَبَرْدٍ وَنَهْبٍ عُرِفَ دُونَ عُمُومِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَوْ عُرِفَ مَعَ عُمُومِهِ فَكَذَلِكَ إنْ اُتُّهِمَ وَإِلَّا صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الظَّاهِرُ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ بِهِ لِإِمْكَانِهَا ثُمَّ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي التَّلَفِ بِهِ وَلَوْ ادَّعَى تَلَفَهُ بِحَرِيقٍ فِي الْجَرِينِ مَثَلًا وَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي الْجَرِينِ حَرِيقٌ لَمْ يُبَالِ بِكَلَامِهِ.
(لَكِنَّ الْيَمِينَ) هُنَا (سُنَّةٌ) بِخِلَافِهَا فِي الْوَدِيعِ فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ وَهَذَا مَعَ حُكْمِ الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ بِالِاتِّهَامِ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) ادَّعَى (حَيْفَ خَارِصٍ) فِيمَا خَرَصَهُ (أَوْ غَلَّطَهُ) فِيهِ (بِمَا يَبْعُدُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) كَمَا لَوْ ادَّعَى حَيْفَ حَاكِمٍ أَوْ كَذِبَ شَاهِدٍ (وَيَحُطُّ فِي الثَّانِيَة) الْقَدْرَ (الْمُحْتَمَلَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ لِاحْتِمَالِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) ادَّعَى غَلَطَهُ (بِهِ) أَيْ بِالْمُحْتَمَلِ (بَعْدَ تَلَفٍ) لِلْمَخْرُوصِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) نَدْبًا (إنْ اُتُّهِمَ) وَإِلَّا صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ فَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ أُعِيدَ كَيْلُهُ وَعُمِلَ بِهِ وَلَوْ ادَّعَى غَلَطَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ قَدْرًا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، وَقَوْلِي بَعْدَ تَلَفٍ مَعَ قَوْلِي بِيَمِينِهِ إنْ اُتُّهِمَ مِنْ زِيَادَتِي
بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ [دَرْسٌ]
وَلَوْ غَيْرَ مَضْرُوبٍ. وَالْأَصْلُ فِيهَا مَعَ مَا يَأْتِي آيَةُ {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: ٣٤] فُسِّرَتْ بِذَلِكَ (يَجِبُ فِي عِشْرِينَ مِثْقَالًا ذَهَبًا وَ) فِي (مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِضَّةً فَأَكْثَرَ) مِنْ ذَلِكَ (بِوَزْنِ مَكَّةَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَخْذُهُ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَةِ نَفْسِهِ الَّذِي يُتَّجَهُ تَرْجِيحُهُ هُوَ الثَّانِي خِلَافًا لِمَنْ مَالَ إلَى الْأَوَّلِ اهـ. ع ش عَلَى م ر فَإِذَا بَاعَ قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْهُ بَطَلَ فِي قَدْرِ حَقِّ الْمُسْتَحَقِّينَ مِنْهُ شَائِعًا وَصَحَّ فِي الْبَاقِي شَائِعًا بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ) ، لِأَنَّ الْأَكْلَ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى مُعَيَّنٍ بِخِلَافِ نَحْوِ الْبَيْعِ يَقَعُ شَائِعًا.
(قَوْلُهُ: إنْ اُتُّهِمَ) بِأَنْ احْتَمَلَ سَلَامَتَهُ مِنْ ذَلِكَ السَّبَبِ وَكَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ أَوْ عُرِفَ مَعَ عُمُومِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُمْكِنُ أَنَّهُ نَقَلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ز ي مَعَ أَنَّ الْيَمِينَ مُسْتَحَبَّةٌ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: لَمْ يُبَالِ بِكَلَامِهِ) لِأَنَّ الْحِسَّ يُكَذِّبُهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَلْ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً لَمْ تُسْمَعْ ح ف (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْيَمِينَ هُنَا) أَيْ فِي بَابِ الزَّكَاةِ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: مَعَ حُكْمِ الْإِطْلَاقِ) أَيْ الْمَأْخُوذِ مِنْ التَّشْبِيهِ وَقَوْلُهُ: بِالِاتِّهَامِ أَيْ الْمَأْخُوذِ مِنْ التَّشْبِيهِ أَيْضًا بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ غَلَّطَهُ بِمَا يَبْعُدُ) وَهُوَ الَّذِي تُحِيلُ الْعَادَةُ وُقُوعَ الْغَلَطِ فِيهِ ح ف كَأَنْ قَالَ الْخَارِصُ: التَّمْرُ عِشْرُونَ وَسْقًا فَادَّعَى الْمَالِكُ غَلَطَهُ بِخَمْسَةٍ فَالْخَمْسَةُ يَبْعُدُ غَلَطُهُ فِيهَا. وَقَوْلُهُ: بِمَا يَبْعُدُ رَاجِعٌ لِلِاثْنَيْنِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَيَحُطُّ فِي الثَّانِيَةِ الْقَدْرَ الْمُحْتَمَلَ) أَيْ لَا يَحْسِبُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِيهِ وَالْقَدْرُ الْمُحْتَمَلُ هُوَ الَّذِي لَوْ اُقْتُصِرَ عَلَيْهِ فِي دَعْوَى الْغَلَطِ قُبِلَ كَوَسْقٍ مِنْ عِشْرِينَ كَمَا مَثَّلَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ غَلِطَ فِيهِ فَيُلْغَى هَذَا الْوَاحِدُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ: وَيَحُطُّ فِي الثَّانِيَةِ الْقَدْرَ الْمُحْتَمَلَ أَيْ يُسْقِطُ مِنْ الْأَوْسُقِ الْقَدْرَ الَّذِي يَحْتَمِلُ أَنَّ الْخَارِصَ غَلِطَ فِيهِ كَوَاحِدٍ فِي مِائَةٍ وَكَسُدْسٍ أَوْ عُشْرٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَاسْتَبْعَدَ فِي السُّدُسِ وَقَدْ نَصَّ لَهُ الرَّافِعِيُّ بِنِصْفِ الْعُشْرِ. اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى غَلَطَهُ بِهِ) أَيْ وَبَيَّنَ قَدْرًا أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ تَلَفٍ لِلْمَخْرُوصِ) أَيْ بِأَكْلٍ أَوْ بَيْعٍ وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْقَيْدَ فِيمَا سَبَقَ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَامِلٌ لِلتَّلَفِ وَلِغَيْرِهِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ بَاقِيًا يُعَادُ كَيْلُهُ كَمَا هُنَا وَلَا حَاجَةَ لِحَطِّ الْقَدْرِ الْمُحْتَمَلِ حِينَئِذٍ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ إمْكَانِ كَيْلِهِ حَرِّرْ. ثُمَّ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْعَزِيزِيِّ أَنَّهُ قَيَّدَ مَا سَبَقَ بِالتَّلَفِ أَيْضًا فَسَوَّى بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: أُعِيدَ كَيْلُهُ) يَقْتَضِي أَنَّهُ كِيلَ أَوَّلًا مَعَ أَنَّهُ خَرْصٌ فَقَطْ وَلَمْ يُكَلْ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ كِيلَ أَوَّلًا تَقْدِيرًا بِالْخَرْصِ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ كِيلَ أَوَّلًا بَعْدَ الْجَذَاذِ وَادَّعَى بَعْدَهُ وَالْمُرَادُ أُعِيدَ كَيْلُهُ وُجُوبًا
[بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ]
هُوَ مَصْدَرٌ مَعْنَاهُ لُغَةً الْإِعْطَاءُ حَالًّا ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَنْقُودِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا قَابَلَ الْعَرْضَ وَالدَّيْنَ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْمَضْرُوبِ وَحْدَهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِزَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَكَانَ أَعَمَّ لِيَشْمَلَ النَّقْدَ وَالسَّبَائِكَ وَالْقِرَاضَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ: مَعْنَاهُ الْإِعْطَاءُ يُقَالُ نَقَدَهُ الدَّرَاهِمَ أَيْ أَعْطَاهُ إيَّاهَا حَالًّا كَمَا فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ: فُسِّرَتْ بِذَلِكَ) أَيْ فُسِّرَ الْكَنْزُ فِيهَا بِالْمَالِ الَّذِي لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ وَهَذَا الْمَرْجِعُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ {وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٣٤] لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ {يَكْنِزُونَ} [التوبة: ٣٤] وَفِيهِ أَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا بِاللَّازِمِ، لِأَنَّ الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ عَلَى عَدَمِ أَدَائِهَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: بِذَلِكَ أَيْ بِمَا لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ وَهُوَ تَفْسِيرٌ مُرَادٌ وَإِلَّا فَالْكَنْزُ لُغَةً الْمَالُ الْمَكْنُوزُ فَكَأَنَّهُ شَبَّهَ الْمَالَ الَّذِي لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ بِالْمَالِ الْمَدْفُونِ الَّذِي لَا يَنْتَفِعُ بِهِ حَالَ دَفْنِهِ بِجَامِعِ عَدَمِ الِانْتِفَاعِ.
(قَوْلُهُ: يَجِبُ فِي عِشْرِينَ مِثْقَالًا) وَالْمِثْقَالُ لَمْ يَتَغَيَّرْ جَاهِلِيَّةً وَلَا إسْلَامًا (قَوْلُهُ: مِثْقَالًا) تَمْيِيزٌ لِعِشْرِينَ وَذَهَبًا تَمْيِيزٌ لِلتَّمْيِيزِ وَدِرْهَمًا تَمْيِيزٌ لِلْمِائَتَيْنِ وَفِضَّةً تَمْيِيزٌ لِذَلِكَ التَّمْيِيزِ، وَقَوْلُهُ: فَأَكْثَرَ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ عِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا وَقَصَ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: فَأَكْثَرَ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا وَقَصَ فِيهَا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْعِشْرِينَ وَالْمِائَتَيْنِ وَقَوْلُهُ: بِوَزْنِ مَكَّةَ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَيْضًا وَالْمُرَادُ عِشْرِينَ يَقِينًا خَالِصَةً وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمِائَتَيْنِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي لَهُ فِي الْمُحْتَرَزَاتِ وَسُمِّيَ الذَّهَبُ ذَهَبًا، لِأَنَّهُ يَذْهَبُ وَلَا يَبْقَى وَقَدَّمَ الذَّهَبَ عَلَى الْفِضَّةِ نَظَرًا لِنَظْمِ الْآيَةِ أَوْ لِشَرَفِهِ عَلَيْهَا وَتَقْدِيمُ الْأَصْلِ الْفِضَّةَ نَظَرًا لِكَوْنِهَا الْغَالِبَ فِي التَّعَامُلِ بِهَا كَمَا فِي اط ف وَسُمِّيَتْ الْفِضَّةُ بِذَلِكَ، لِأَنَّهَا تَنْفَضُّ وَلَا تَبْقَى وَسُمِّيَ