لِبِنَاءِ أَمْرِهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ وَالْإِرْفَاقِ، وَالْوَاجِبُ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ كَشَاةٍ وَاجِبَةٍ فِي الْإِبِلِ مَلَكَ الْمُسْتَحِقُّونَ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا مِنْ الْإِبِلِ، أَوْ مِنْ جِنْسِهِ كَشَاةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً فَهَلْ الْوَاجِبُ شَاةٌ، أَوْ جُزْءٌ مِنْ كُلِّ شَاةٍ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِي (فَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الزَّكَاةُ (أَوْ بَعْضَهُ قَبْلَ إخْرَاجِهَا بَطَلَ فِي قَدْرِهَا) وَإِنْ أَبْقَى فِي الثَّانِيَةِ قَدْرَهَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُسْتَحِقِّينَ شَائِعٌ فَأَيَّ قَدْرٍ بَاعَهُ كَانَ حَقَّهُ وَحَقَّهُمْ نَعَمْ لَوْ اسْتَثْنَى قَدْرَ الزَّكَاةِ كَبِعْتُك هَذَا إلَّا قَدْرَ الزَّكَاةِ صَحَّ الْبَيْعُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ زَكَاةِ الثِّمَارِ لَكِنْ شَرَطَ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيُّ ذِكْرَهُ أَهُوَ عُشْرٌ، أَوْ نِصْفٌ؟ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ جَهِلَهُ (لَا) إنْ بَاعَ (مَالَ تِجَارَةٍ بِلَا مُحَابَاةٍ) فَلَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّ مُتَعَلَّقَ الزَّكَاةِ الْقِيمَةُ وَهِيَ لَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ وَقَوْلِي، أَوْ بَعْضَهُ مَعَ قَوْلِي لَا مَالَ لِي آخِرَهُ مِنْ زِيَادَتِي.
{دَرْسٌ} (كِتَابُ الصَّوْمِ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا مِنْ غَيْرِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: لِبِنَاءِ أَمْرِهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ) يَعْتَذِرُ بِذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِيمَا يَحْصُلُ مِنْ الْفَوَائِدِ كَالنَّسْلِ وَالدَّرِّ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي) مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ: كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِي إلَخْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِقَدْرِهَا شَاةً لَبَطَلَ فِي الْجَمِيعِ لِإِبْهَامِ الشَّاةِ فَيَصِيرُ الْمَبِيعُ مَجْهُولًا. (قَوْلُهُ: بَطَلَ فِي قَدْرِهَا) أَيْ إنْ كَانَ مِنْ الْجِنْسِ فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ كَشَاةٍ فِي خَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ لِلْجَهْلِ بِقِيمَةِ الشَّاةِ لَا فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ع ن
وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ بَطَلَ فِي قَدْرِهَا وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ كُلِّ شَاةٍ فِي مَسْأَلَةِ الشِّيَاهِ وَهُوَ رُبُعُ عُشْرِهَا مَثَلًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْوَاجِبَ شَائِعٌ لَا مُبْهَمٌ وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الْقَمُولِيِّ قَالَ حَجّ فَيَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ اهـ قَالَ سم أَيْ بِأَنْ يَرُدَّ شَاةً فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْبَعِينَ بِدَلِيلِ سِيَاقِ كَلَامِهِ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَرُدُّ قَدْرَهَا مُتَمَيِّزًا لَا شَائِعًا إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ بَعْدَ رَدِّ الْمُشْتَرِي قَدْرَهَا مُتَمَيِّزًا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي جَمِيعِ مَا بَقِيَ بَعْدَهُ فَفِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ تَبْطُلَ الْبَيْعُ فِي جُزْءٍ مِنْ كُلِّ شَاةٍ، ثُمَّ إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي وَاحِدَةً مِنْهَا انْقَلَبَ الْبَيْعُ صَحِيحًا فِي جَمِيعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مَا عَدَا هَذِهِ الْوَاحِدَةَ وَقَدْ يُجَابُ بِالْتِزَامِ ذَلِكَ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ شَرِكَةُ الْمُسْتَحِقِّ ضَعِيفَةً غَيْرَ حَقِيقَةٍ ضَعُفَ الْحَكَمُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي كُلِّ جُزْءٍ وَجَازَ أَنْ يَرْتَفِعَ هَذَا الْحُكْمُ بِرَدِّ الْمُشْتَرِي وَاحِدَةً إلَى الْبَائِعِ، أَوْ بِأَنَّ غَايَةَ الْبُطْلَانِ بَقَاءُ مِلْكِ الْمُسْتَحَقِّ لِجُزْءٍ مِنْ كُلِّ شَاةٍ وَهُوَ يَنْقَطِعُ بِرَدِّ شَاةٍ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِبْدَالِ.
لَكِنْ قِيَاسُ أَنَّ الَّذِي يَبْطُلُ فِيهِ الْبَيْعُ جُزْءٌ مِنْ كُلِّ شَاةٍ مَثَلًا أَنَّ الَّذِي يَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي جُزْءٌ مِنْ كُلِّ شَاةٍ مَثَلًا اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ أَلْقَى فِي الثَّانِيَةِ قَدْرَهَا) أَيْ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الزَّكَاةَ وَهُوَ مُعَيَّنٌ بِأَنْ قَالَ هَذِهِ الشَّاةُ لِلزَّكَاةِ ح ل.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ اسْتَثْنَى قَدْرَ الزَّكَاةِ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ كَبِعْتُكَ هَذَا التَّمْرَ، أَوْ النَّقْدَ وَأَمَّا فِي الْمَاشِيَةِ فَلَا يَصِحُّ إذَا قَالَ ذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ ح ل أَيْ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الشَّاةِ الَّتِي هِيَ قَدْرُ الزَّكَاةِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ عَيَّنَهَا لَهَا وَأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَ مَا عَدَاهَا شَرْحُ م ر فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا بِأَنْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الشَّاةَ إلَّا قَدْرَ الزَّكَاةِ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ قَدْرَ الزَّكَاةِ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ شَاةٌ مُبْهَمَةٌ وَإِبْهَامُهَا يُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ ع ش هَذَا لَا يَظْهَرُ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ شَاةٌ مُبْهَمَةٌ وَأَمَّا عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ جُزْءٌ مِنْ كُلِّ شَاةٍ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِيمَا عَدَا قَدْرِ الزَّكَاةِ. (قَوْلُهُ: صَحَّ الْبَيْعُ) أَيْ قَطْعًا كَمَا قَالَهُ حَجّ وَهُوَ يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَا بَعْدَ الِاسْتِدْرَاكِ مَقْطُوعٌ بِهِ وَمَا قَبْلَهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَدْرِكِ وَالْمُسْتَدْرَكِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي الْحَالَيْنِ يَصِحُّ فِيمَا عَدَا قَدْرَ الزَّكَاةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَوْقِعَ لِذَلِكَ فِي كَلَامِ مَنْ لَمْ يَحْكِ الْخِلَافَ كَالشَّارِحِ وَلَعَلَّهُ تَبِعَ الْمَحَلِّيَّ تَأَمَّلْ وَالْأَحْسَنُ فِي الْجَوَابِ أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِثْنَاءِ يَكُونُ الْبَيْعُ قَدْ وَرَدَ عَلَى قَدْرِ الزَّكَاةِ أَيْضًا، ثُمَّ بَطَلَ فِيهِ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَعِنْدَ الِاسْتِثْنَاءِ لَمْ يَتَعَلَّقْ الْبَيْعُ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ أَصْلًا كَمَا فِي سم وع ش.
فَعَلَى الْأَوَّلِ الْقَدْرُ الَّذِي فَاتَ عَلَى الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ قَبَضَهُ كَمَا فِي ابْنِ حَجَرٍ وَعَلَى الثَّانِي يَسْتَقِرُّ الثَّمَنُ بِجَمِيعِهِ وَلَا يَسْقُطُ مِنْهُ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: بِلَا مُحَابَاةٍ) أَيْ مُسَامَحَةٍ وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ بِمُحَابَاةٍ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِيمَا قِيمَتُهُ قَدْرُ الزَّكَاةِ مِنْ الْمُحَابَى بِهِ وَإِنْ أَفْرَزَ قَدْرَهَا ابْنُ حَجَرٍ كَأَنْ بَاعَ مَا يُسَاوِي أَرْبَعِينَ مِثْقَالًا بِعِشْرِينَ، فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي رُبُعِ عُشْرِ الْمُحَابَى بِهِ وَهُوَ مَا يُقَابِلُ نِصْفَ مِثْقَالٍ مِنْ الْعِشْرِينَ النَّاقِصَةِ مِنْ ثَمَنِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَاعْتُرِضَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ فِيمَا ذُكِرَ مَعَ كَوْنِ الزَّكَاةِ مُتَعَلِّقَةً بِالْقِيمَةِ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الْبَيْعِ، وَوُجُوبُ زَكَاةِ الْقِيمَةِ بِتَمَامِهَا وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِينَارًا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر أَنَّهُ إذَا بَاعَ عُرُوضَ التِّجَارَةِ بِدُونِ قِيمَتِهَا زَكَّى قِيمَتَهَا فَحَرِّرْ ذَلِكَ.
[كِتَابُ الصَّوْمِ]
فُرِضَ الصَّوْمُ فِي شَعْبَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَشَهْرُهُ أَفْضَلُ الشُّهُورِ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute