وَكَذَا مِنْ الْوَطْءِ مَعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَظُنَّ زِنَاهَا أَوْ وَلَدَتْهُ لِفَوْقِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الزِّنَا وَدُونِهِ وَفَوْقِ دُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ (حَرُمَ) نَفْيُهُ؛ رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ وَلَا عِبْرَةَ بِرِيبَةٍ يَجِدُهَا فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْمُدَّةُ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الزِّنَا لَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَنَدُ اللِّعَانِ فَإِذَا وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ وَلِأَكْثَرَ مِنْ دُونِهَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَا فَيَصِيرُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ فَلَا يَجُوزُ النَّفْيُ؛ رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ، وَمَا ذَكَرْته مِنْ حُرْمَةِ النَّفْيِ مَعَ الِاسْتِبْرَاءِ الْمُقَيَّدِ بِمَا مَرَّ وَمِنْ اعْتِبَارِ الْمُدَّةِ مِنْ الْوَطْءِ وَالزِّنَا هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ رَادًّا بِالثَّانِي عَلَى مَنْ اعْتَبَرَ الْمُدَّةَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الْأَصْلُ حِلُّ النَّفْيِ وَاعْتِبَارُ الْمُدَّةِ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ (مَعَ قَذْفٍ وَلِعَانٍ) فَيَحْرُمَانِ وَإِنْ عَلِمَ زِنَاهَا وَقَالَ الْإِمَامُ الْقِيَاسُ جَوَازُهُمَا انْتِقَامًا مِنْهَا كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ وَعَارَضُوهُ بِأَنَّ الْوَلَدَ يَتَضَرَّرُ بِنِسْبَةِ أُمِّهِ إلَى الزِّنَا وَإِثْبَاتِهِ عَلَيْهَا بِاللِّعَانِ؛ لِأَنَّهُ يُعَيَّرُ بِذَلِكَ وَتُطْلَقُ فِيهِ الْأَلْسِنَةُ فَلَا يُحْتَمَلُ هَذَا الضَّرَرُ لِغَرَضِ الِانْتِقَامِ، وَالْفِرَاقُ مُمْكِنٌ بِالطَّلَاقِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ كَالزِّنَا فِي لُزُومِ النَّفْيِ وَحُرْمَتِهِ مَعَ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ (كَمَا لَوْ) وَطِئَ وَ (عَزَلَ) فَإِنَّهُ يَحْرُمُ بِهِ مَا ذُكِرَ رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ وَلِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ إلَى الرَّحِمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحِسَّ بِهِ وَفِي كَلَامِي زِيَادَاتٌ يَعْرِفُهَا النَّاظِرُ فِيهِ مَعَ كَلَامِ الْأَصْلِ.
(فَصْلٌ) . فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَشَرْطِهِ وَثَمَرَتِهِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْآيَاتُ السَّابِقَةُ، وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ: لَفْظٌ وَقَذْفٌ سَابِقٌ عَلَيْهِ وَزَوْجٌ يَصِحُّ طَلَاقُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (لِعَانُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ أَرْبَعًا) مِنْ الْمَرَّاتِ. (أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ هَذِهِ مِنْ الزِّنَا) أَيْ زَوْجَتَهُ (وَخَامِسَةً) مِنْ كَلِمَاتِ لِعَانِهِ (أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيَّ إنْ كُنْتُ مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيهِ) أَيْ فِيمَا رَمَيْت بِهِ هَذِهِ مِنْ الزِّنَا هَذَا إنْ حَضَرَتْ.
(فَإِنْ غَابَتْ مَيَّزَهَا) عَنْ غَيْرِهَا بِاسْمِهَا وَرَفَعَ نَسَبَهَا وَكُرِّرَتْ كَلِمَاتُ الشَّهَادَةِ لِتَأْكِيدِ الْأَمْرِ وَلِأَنَّهَا أُقِيمَتْ مِنْ الزَّوْجِ مَقَامَ أَرْبَعَةِ شُهُودٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَرْبَعِ سِنِينَ وَأَشَارَ لِمَفْهُومِهِمَا بِالصُّورَةِ الْأُولَى وَالرَّابِعَةِ، وَقَوْلُهُ: بَعْدَ اسْتِبْرَاءٍ قَيْدٌ آخَرُ وَفِي قَوْلِهِ وَمِنْ زِنًا قَيْدٌ مَلْحُوظٌ تَقْدِيرُهُ: عَلِمَهُ أَوْ ظَنَّهُ فَتَكُونُ الْقُيُودُ أَرْبَعًا. (قَوْلُهُ: وَكَذَا مِنْ الْوَطْءِ) فَصَلَهُ بِكَذَا لِأَنَّهُ مُحْتَرَزُ الْقَيْدِ الْمَلْحُوظِ وَقَوْلُهُ مَعَهُ أَيْ: الِاسْتِبْرَاءِ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَلَدَتْهُ لِفَوْقِ أَرْبَعِ سِنِينَ إلَخْ) لَا يُتَصَوَّرُ هَذَا إلَّا بِسَبْقِ الزِّنَا عَلَى وَطْءِ الزَّوْجِ مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الزِّنَا بَعْدَ وَطْئِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ أَوْ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْهُ وَمِنْ زِنًا إلَخْ وَلَمْ يَقُلْ وَمِنْ اسْتِبْرَاءٍ مَعَ أَنَّ مُجَرَّدَ شُرُوعِهَا فِي الْحَيْضِ يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ فَيَكُونُ الْوَلَدُ لَيْسَ مِنْهُ. وَأَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَيْ: الزِّنَا مُسْتَنَدُ اللِّعَانِ أَيْ: وَإِذَا كَانَ مُسْتَنَدَهُ حُسِبَتْ الْمُدَّةُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ) أَيْ: مِنْ أَوَّلِهِ لِأَنَّهَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِالشُّرُوعِ فِي الْحَيْضِ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ الْحَمْلِ كَمَا قَالَهُ الْمَحَلِّيُّ. (قَوْلُهُ: الْمُقَيَّدِ بِمَا مَرَّ) وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَظُنَّ زِنَاهَا، وَقَوْلُهُ: وَمِنْ اعْتِبَارِ الْمُدَّةِ إلَخْ أَيْ: فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ فَيَحْرُمَانِ) أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِنَفْيِ الْوَلَدِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِتَلْطِيخِ الْفِرَاشِ فَيَجُوزَانِ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: جَوَازُهُمَا) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ) بَيَانٌ لِلْمَقِيسِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فِي لُزُومِ النَّفْيِ) أَيْ مَعَ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ أَيْ: فِيمَا إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: وَحُرْمَتِهِ إلَخْ أَيْ: فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فَقَوْلُهُ: مَعَ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ رَاجِعٌ لِلُزُومِ النَّفْيِ وَحُرْمَتِهِ فَهُمَا عَلَى التَّوْزِيعِ كَمَا رَأَيْت شَيْخُنَا، وَقَالَ ع ش رَاجِعَانِ لِقَوْلِهِ: وَحُرْمَتِهِ وَفِيهِ قُصُورٌ وَالتَّعْبِيرُ بِالْقَذْفِ فِي جَانِبِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ فِيهِ تَجَوُّزٌ فَالْمُرَادُ بِالْقَذْفِ مُطْلَقُ الرَّمْيِ بِالْإِصَابَةِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مَعَ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ) أَيْ: مَعَ ذِكْرِ الْوَطْءِ أَيْ أَنَّ الْغَيْرَ وَطِئَهَا عَلَى فِرَاشِهِ سَوَاءٌ قَالَ بِشُبْهَةٍ أَوْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ وَفِي إطْلَاقِ الْقَذْفِ عَلَى ذَلِكَ تَجَوُّزٌ ح ل. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ وَطِئَ وَعَزَلَ) مِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا وَطِئَ وَلَمْ يُنْزِلْ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُ إلَخْ س ل قَالَ م ر فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ: وَالْعَزْلُ حَذَرًا مِنْ الْوَلَدِ مَكْرُوهٌ وَإِنْ أَذِنَتْ فِيهِ الْمَعْزُولُ عَنْهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى قَطْعِ النَّسْلِ اهـ. (قَوْلُهُ مَا ذُكِرَ) أَيْ: النَّفْيُ وَالْقَذْفُ وَاللِّعَانُ.
[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَشَرْطِهِ وَثَمَرَتِهِ]
. (فَصْلٌ: فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَشَرْطُهُ وَثَمَرَتُهُ) وَهِيَ قَوْلُهُ بَعْدُ: وَيَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهِ انْفِسَاخٌ وَحُرْمَةٌ مُؤَبَّدَةٌ إلَخْ أَيْ: وَمَا يَتْبَعُهَا مِنْ قَوْلِهِ وَسُنَّ تَغْلِيظٌ بِزَمَانٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْأَصْلُ فِيهَا أَيْ: فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ لِيَكُونَ فِي إعَادَةِ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَاتِ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهَا سَابِقًا دَلِيلًا عَلَى أَصْلِ اللِّعَانِ وَهُنَا عَلَى كَيْفِيَّتِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَفْظٌ) أَيْ: مَخْصُوصٌ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ أَوْ كِتَابَتِهِ كَمَا سَيَأْتِي ح ل. (قَوْلُهُ وَقَذْفٌ) فِي عَدِّهِ مِنْ الْأَرْكَانِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ وَأَيْضًا قَدْ يُوجَدُ اللِّعَانُ بِدُونِهِ كَمَا إذَا كَانَ لِنَفْيِ وَلَدٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ. (قَوْلُهُ: وَزَوْجٌ) يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ح ل فَقَوْلُهُ: يَصِحُّ طَلَاقُهُ مُضَافُ لِفَاعِلِهِ أَوْ مَفْعُولِهِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ لَا مَفْهُومَ لَهُ بِالنَّظَرِ لِلزَّوْجَةِ لِأَنَّ طَلَاقَ الزَّوْجِ لَهَا يَصِحُّ مُطْلَقًا فَالْأَوْلَى جَعْلُ الطَّلَاقِ مُضَافًا لِلْفَاعِلِ وَيُرَادُ طَلَاقُهَا نَفْسَهَا إذَا فَوَّضَهُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: إنِّي) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ لِوُجُودِ اللَّامِ الْمُعَلَّقَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الزِّنَا) أَيْ: إنْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا وَإِلَّا قَالَ مِنْ إصَابَةِ غَيْرِي كَمَا يَأْتِي ح ل (قَوْلُهُ: إنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ) بِكَسْرِ إنَّ؛ لِأَنَّهُ مَقُولُ الْقَوْلِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ غَابَتْ) أَيْ: عَنْ الْبَلَدِ أَوْ عَنْ الْمَجْلِسِ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ شَرْحُ م ر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute