للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ تَعَدَّدَ أَهْلُ الْبَيْتِ وَإِلَّا فَسُنَّةُ عَيْنٍ لِخَبَرٍ صَحِيحٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَفِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ وَوَاجِبَةٌ فِي حَقِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَتَجِبُ بِنَحْوِ نَذْرٍ) كَجَعَلْتُ هَذِهِ الشَّاةَ أُضْحِيَّةً كَسَائِرِ الْقُرَبِ

(وَكُرِهَ لِمُرِيدِهَا) غَيْرُ مُحْرِمٍ (إزَالَةُ نَحْوِ شَعْرٍ) كَظُفُرٍ وَجِلْدَةٍ لَا تَضُرُّ إزَالَتُهَا وَلَا حَاجَةَ لَهُ فِيهَا (فِي عَشْرِ) ذِي (الْحِجَّةِ وَ) أَيَّامِ (تَشْرِيقٍ حَتَّى يُضَحِّيَ) لِلنَّهْيِ عَنْهَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَالْمَعْنَى فِيهِ شُمُولُ الْعِتْقِ مِنْ النَّارِ جَمِيعَ ذَلِكَ وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ وَالتَّشْرِيقِ مِنْ زِيَادَتِي وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ شَعْرٍ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ

(وَسُنَّ أَنْ يَذْبَحَ) الْأُضْحِيَّةَ (رَجُلٌ بِنَفْسِهِ) إنْ أَحْسَنَ الذَّبْحَ (وَأَنْ يَشْهَدَ) هَا (مَنْ وُكِّلَ) بِهِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحَّى بِنَفْسِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «وَقَالَ لِفَاطِمَةَ قُومِي إلَى أُضْحِيَّتِك فَاشْهَدِيهَا فَإِنَّهُ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا يُغْفَرُ لَك مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِك» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي رَجُلٌ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى فَالْأَفْضَلُ لَهُمَا التَّوْكِيلُ

(وَشَرْطُهَا) أَيْ التَّضْحِيَةِ (نَعَمٌ) إبِلٌ وَبَقَرٌ وَغَنَمٌ إنَاثًا كَانَتْ أَوْ خَنَاثَى أَوْ ذُكُورًا وَلَوْ خُصْيَانًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: ٣٤] وَلِأَنَّ التَّضْحِيَةَ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْحَيَوَانِ فَاخْتَصَّتْ بِالنَّعَمِ كَالزَّكَاةِ (وَ) شَرْطُهَا (بُلُوغُ ضَأْنٍ سَنَةً أَوْ إجْذَاعِهِ وَ) بُلُوغُ (بَقَرٍ وَمَعْزٍ سَنَتَيْنِ وَإِبِلٍ خَمْسًا) لِخَبَرِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ «ضَحُّوا بِالْجَذَعِ مِنْ الضَّأْنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً إلَّا أَنْ تَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَاذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ» قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُسِنَّةُ هِيَ الثَّنِيَّةُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَمَا فَوْقَهَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ جَذَعَةَ الضَّأْنِ لَا تُجْزِئُ إلَّا إذَا عَجَزَ عَنْ الْمُسِنَّةِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ وَحَمَلُوا الْخَبَرَ عَلَى النَّدْبِ وَتَقْدِيرُهُ يُسَنُّ لَكُمْ أَنْ لَا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً فَإِنْ عَجَزْتُمْ فَجَذَعَةُ ضَأْنٍ وَقَوْلِي أَوْ إجْذَاعه مِنْ زِيَادَتِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

زَائِدًا عَمَّا يَحْتَاجُهُ يَوْمَ الْعِيدِ، وَلَيْلَتَهُ، وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْأُضْحِيَّةُ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ، وَقَالَ فَاضِلًا عَنْ يَوْمِهِ، وَلَيْلَتِهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا أَيْضًا م ر ع ن، وَقَوْلُ م ر: زَائِدًا حَالٌ مِنْ مَا مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: إنْ تَعَدَّدَ أَهْلُ الْبَيْتِ) فَإِذَا فَعَلَهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَلَوْ غَيْرُ مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ كَفَى عَنْهُمْ، وَإِنْ سُنَّتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ فَإِذَا تَرَكُوهَا كُلُّهُمْ كُرِهَ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الثَّوَابَ لِلْمُضَحِّي خَاصَّةً كَالْقَائِمِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ. وَالْمُرَادُ بِأَهْلِ الْبَيْتِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ شَرْعًا ز ي، وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر: وَقَوْلُهُ: إنْ تَعَدَّدَ أَهْلُ الْبَيْتِ أَيْ: بِأَنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُمْ لَازِمَةً لِشَخْصٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْبُيُوتُ اهـ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ، وَمَعْنَى كَوْنِهَا سُنَّةَ كِفَايَةٍ مَعَ كَوْنِهَا تُسَنُّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ سُقُوطُ الطَّلَبِ بِفِعْلِ الْغَيْرِ لَا حُصُولُ الثَّوَابِ لِمَنْ لَمْ يَفْعَلْ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، نَعَمْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَوْ أَشْرَكَ غَيْرَهُ فِي ثَوَابِهَا جَازَ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَجَعَلْت هَذِهِ أُضْحِيَّةً) وَحِينَئِذٍ فَمَا يَقَعُ فِي أَلْسِنَةِ الْعَوَامّ كَثِيرًا مِنْ شِرَائِهِمْ مَا يُرِيدُونَ التَّضْحِيَةَ بِهِ مِنْ أَوَائِلِ السَّنَةِ، وَكُلُّ مَنْ سَأَلَهُمْ عَنْهَا يَقُولُونَ لَهُ: تِلْكَ أُضْحِيَّةٌ مَعَ جَهْلِهِمْ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ تَصِيرُ بِهِ أُضْحِيَّةً وَاجِبَةً يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ مِنْهَا، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: أَرَدْت أَنِّي أَتَطَوَّعُ بِهَا خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ شَرْحُ م ر، وَقَالَ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ يُغْتَفَرُ قَوْلُهُمْ عِنْدَ الذَّبْحِ: اللَّهُمَّ إنَّ هَذَا أُضْحِيَّتِي أَيْ: فَلَا تَجِبُ بِهِ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُمْ التَّبَرُّكُ.

(قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْقُرَبِ) أَيْ: فِي كَوْنِهَا تَجِبُ بِالنَّذْرِ

. (قَوْلُهُ: نَحْوِ شَعْرٍ) ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ شَيْئًا مِنْ النَّعَمِ إلَى الْبَيْتِ سُنَّ لَهُ مَا يُسَنُّ لِمُرِيدِ التَّضْحِيَةِ سم. (قَوْلُهُ: وَجِلْدَةٍ) اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَتْ إزَالَتُهُ وَاجِبَةً كَخِتَانِ الْبَالِغِ، وَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ، أَوْ مُسْتَحَبَّةً كَخِتَانِ الصَّبِيِّ سم. (قَوْلُهُ: فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ) ، وَلَوْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: حَتَّى يُضَحِّيَ) ، وَلَوْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ بِعَدَدٍ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ بِأَوَّلِهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ شَعْرُ الرَّأْسِ، وَاللِّحْيَةِ، وَالْإِبْطِ، وَالْعَانَةِ، وَالشَّارِبِ، وَغَيْرِهِمَا، وَتَسْتَمِرُّ الْكَرَاهَةُ لِمُرِيدِهَا إلَى انْقِضَاءِ زَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ إنْ لَمْ يُضَحِّ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى فِيهِ شُمُولُ الْعِتْقِ إلَخْ) اُنْظُرْ أَيُّ فَائِدَةٍ لِشُمُولِ الْعِتْقِ لَهَا مَعَ أَنَّهَا لَا تَعُودُ حِينَ الْبَعْثِ. وَأَجَابَ الْأُجْهُورِيُّ بِأَنَّهَا لَا تَعُودُ مُتَّصِلَةً بَلْ تَعُودُ مُنْفَصِلَةً تُطَالِبُ بِحَقِّهَا كَعَدَمِ غَسْلِهَا مِنْ الْجَنَابَةِ تَوْبِيخًا لَهُ؛ حَيْثُ أَزَالَهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَقِيَاسُهُ هُنَا عَوْدُهَا لِتَوْبِيخِهِ بِعَدَمِ شُمُولِ الْعِتْقِ لَهَا

. (قَوْلُهُ: إنْ أَحْسَنَ الذَّبْحَ) أَيْ: عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ فَخَرَجَ الْأَعَمُّ، فَالسُّنَّةُ فِي حَقِّهِ التَّوْكِيلُ كَمَا قَالَهُ ع ش قَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحْضِرَ عِظَمِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا سَخَّرَ لَهُ مِنْ الْأَنْعَامِ، وَيُجَدِّدَ الشُّكْرَ عَلَى ذَلِكَ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحَّى بِنَفْسِهِ) فَقَدْ ضَحَّى بِمِائَةِ بَدَنَةٍ نَحَرَ مِنْهَا بِيَدِهِ ثَلَاثًا، وَسِتِّينَ بَدَنَةً، وَأَمَرَ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَنَحَرَ تَمَامَ الْمِائَةِ، وَفِي ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى مُدَّةِ حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: الْأُنْثَى، وَالْخُنْثَى) مِثْلُهُمَا مَنْ ضَعُفَ مِنْ الرِّجَالِ عَنْ الذَّبْحِ، وَالْأَعْمَى إذْ تُكْرَهُ ذَبِيحَتُهُ س ل

[شُرُوطُ التَّضْحِيَةِ]

. (قَوْلُهُ:، وَشَرْطُهَا نَعَمٌ) أَيْ: كَوْنُهَا نَعَمًا. (قَوْلُهُ:، أَوْ إجْذَاعُهُ) أَيْ: سُقُوطَ سِنِّهِ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فِي سِنِّهِ الْمُعْتَادِ، وَهُوَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ، وَبُلُوغُهُ السَّنَةَ بِمَنْزِلَةِ الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: وَمَعْزٍ سَنَتَيْنِ) ، وَكَذَا الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ ضَأْنٍ، وَمَعْزٍ إذْ الْمُتَوَلِّدُ يُجْزِئُ هُنَا فِي الْعَقِيقَةِ، وَالْهَدْيِ، وَجَزَاءِ الصَّيْدِ س ل، وَيُعْتَبَرُ بِأَعْلَاهُمَا سِنًّا. (قَوْلُهُ: هِيَ الثَّنِيَّةُ مِنْ الْإِبِلِ) ، وَهِيَ مَا بَلَغَتْ خَمْسَ سِنِينَ، وَالثَّنِيَّةُ مِنْ الْبَقَرِ، وَالْمَعْزِ هِيَ الَّتِي بَلَغَتْ سَنَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزْتُمْ إلَخْ) يُتَأَمَّلْ هَذَا التَّأْوِيلُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الثَّنِيَّةَ مِنْ الْمَعْزِ تُقَدَّمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>