للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا إذَا أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَدِيعَةً بِنَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنَّ حَلِفَهُ يُفِيدُ الْبَرَاءَةَ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهَا لَمْ تُؤَثِّرْ فَإِنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ نَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ

(وَلَوْ قَالَ الْخَصْمُ) قَدْ (حَلَّفَنِي) عَلَى مَا ادَّعَاهُ عِنْدَ قَاضٍ (فَلْيَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْنِي) عَلَيْهِ (مُكِّنَ) مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ وَلَا يَرُدُّ أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ حَلَّفَهُ عَلَى أَنَّهُ مَا حَلَّفَهُ وَهَكَذَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ لِئَلَّا يَتَسَلْسَلَ الْأَمْرُ.

(فَصْلٌ) فِي النُّكُولِ، وَالتَّرْجَمَةُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِي. لَوْ (نَكَلَ) الْخَصْمُ عَنْ الْيَمِينِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُ (كَأَنْ قَالَ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَالنُّكُولُ أَنْ يَقُولَ (بَعْدَ قَوْلِ الْقَاضِي) لَهُ (احْلِفْ لَا أَوْ أَنَا نَاكِلٌ) أَوْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ قُلْ وَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ (أَوْ) كَأَنْ (سَكَتَ) لَا لِدَهْشَةٍ أَوْ غَبَاوَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ لَهُ مَا ذُكِرَ (فَحَكَمَ) الْقَاضِي (بِنُكُولِهِ أَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ حَلَفَ الْمُدَّعِي) لِتَحَوُّلِ الْحَلِفِ إلَيْهِ (وَقَضَى لَهُ) بِذَلِكَ (لَا بِنُكُولِهِ) أَيْ الْخَصْمِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَقَوْلُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي احْلِفْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُكْمًا بِنُكُولِهِ حَقِيقَةً لَكِنَّهُ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْحُكْمِ بِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَبِالْجُمْلَةِ فَلِلْخَصْمِ بَعْدَ نُكُولِهِ الْعَوْدُ إلَى الْحَلِفِ مَا لَمْ يُحْكَمْ بِنُكُولِهِ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي وَيُبَيِّنُ الْقَاضِي حُكْمَ النُّكُولِ لِلْجَاهِلِ بِهِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ إنْ نَكَلْت عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَ مِنْك الْحَقَّ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَحَكَمَ بِنُكُولِهِ نَفَذَ حُكْمُهُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْ حُكْمِ النُّكُولِ

(وَيَمِينُ الرَّدِّ) وَهِيَ يَمِينُ الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِ خَصْمِهِ (كَإِقْرَارِ الْخَصْمِ كَالْبَيِّنَةِ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلِهِ لَا الْحَقَّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا لَا تُخَالِفُ) ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ لَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا لِتَلَفِ الْوَدِيعَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ أَوْ لِرَدِّهَا لَهُ. اهـ. م ر

(قَوْلُهُ: وَلَا يُرَدُّ إلَخْ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ مُكِّنَ وَعِبَارَةُ م ر وَلَا يُجَابُ الْمُدَّعِي لَوْ قَالَ قَدْ حَلَّفَنِي إنِّي لَا أُحَلِّفُهُ فَلْيَحْلِفْ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ أَيْ الْمُدَّعِي مَا حَلَّفَهُ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَتَسَلْسَلَ الْأَمْرُ) فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينَ الرَّدِّ وَانْدَفَعَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ هَذَا إذَا قَالَ قَدْ حَلَّفَنِي عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ فَإِنْ قَالَ عِنْدَك أَيُّهَا الْقَاضِي فَإِنْ حَفِظَ الْقَاضِي ذَلِكَ لَمْ يُحَلِّفْهُ وَمُنِعَ الْمُدَّعِي مِمَّا طَلَبَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهُ حَلَّفَهُ وَلَا تَنْفَعُهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَتَى تَذَكَّرَ حُكْمَهُ أَمْضَاهُ وَإِلَّا فَلَا يَعْتَمِدُ الْبَيِّنَةَ.

[فَصْلٌ فِي النُّكُولِ]

(فَصْلٌ: فِي النُّكُولِ) أَيْ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْحَلِفِ بِمَا طَلَبَهُ الْقَاضِي أَيْ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَيَمِينُ الرَّدِّ كَإِقْرَارِ الْخَصْمِ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ.

وَالْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُ هَذَا الْفَصْلِ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَالرَّحْمَنِ) مَقُولُ قَالَ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ كَوْنِهِ نُكُولًا بِإِصْرَارِهِ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوُجُوبِ امْتِثَالِ أَمْرِ الْحَاكِمِ شَرْحُ م ر وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ فَلَوْ قَالَ قُلْ وَاَللَّهِ فَقَالَ وَالرَّحْمَنِ أَوْ قَالَ قُلْ وَاَللَّهِ الْعَظِيمِ فَقَالَ وَاَللَّهِ وَسَكَتَ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ تَغْلِيظِ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ فَنَاكِلٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ إذْ لَيْسَ لَهُ مُخَالَفَةُ اجْتِهَادِ الْقَاضِي سم قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَلَوْ قَالَ: لَهُ قُلْ بِاَللَّهِ فَقَالَ وَاَللَّهِ أَوْ تَاللَّهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا أَنَّهُ غَيْرُ نَاكِلٍ كَعَكْسِهِ لِوُجُودِ الِاسْمِ.

وَالتَّفَاوُتُ إنَّمَا هُوَ فِي مُجَرَّدِ الْحَرْفِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَبَاوَةٍ) أَيْ قِلَّةِ فِطْنَةٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهَا كَالْجَهْلِ وَالْخَرَسِ (قَوْلُهُ: فَحَكَمَ الْقَاضِي) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ سَكَتَ فَقَطْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ فِيمَا قَبْلَهُ لِلْحُكْمِ بِالنُّكُولِ ولِ وَقَالَ حَجّ: إنَّ كُلًّا مِنْ قَوْلِهِ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ أَوْ قَالَ إلَخْ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ النُّكُولِ الصَّرِيحِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ لَا أَوْ أَنَا نَاكِلٌ وَمِنْ النُّكُولِ الضِّمْنِيِّ وَهُوَ السُّكُوتُ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ أَوْ سَكَتَ. اهـ. وَاَلَّذِي انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر أَنَّ الْحُكْمَ الْحَقِيقِيَّ بِالنُّكُولِ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي النُّكُولِ الصَّرِيحِ وَأَنَّ الْحُكْمَ التَّنْزِيلِيَّ وَهُوَ قَوْلُهُ: لِلْمُدَّعِي احْلِفْ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي كُلٍّ مِنْ النُّكُولِ الصَّرِيحِ وَالضِّمْنِيِّ فَتَأَمَّلْ مَّلْ. اهـ. (قَوْلُهُ: حَلَفَ الْمُدَّعِي) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ ح ل وَهُوَ جَوَابُ لَوْ فِي قَوْلِهِ لَوْ نَكَلَ (قَوْلُهُ: وَقَضَى لَهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِحَلِفِهِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: وَقَضَى لَهُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حَقُّ الْمُدَّعِي بِحَلِفِهِ بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي لَكِنَّ الْأَرْجَحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَدَمُ التَّوَقُّفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ فَإِنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِهَا مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ فِي الْأَصَحِّ. .

وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمٍ أَيْضًا ز ي وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَقَضَى لَهُ بِذَلِكَ أَيْ ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ وَمِثْلُهُ ح ل شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَا بِنُكُولِهِ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ فَقَدْ رُدَّ قَوْلُهُمَا بِنَقْلِ مَالِكٍ فِي مَوْطَئِهِ الْإِجْمَاعَ عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِمَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: رُدَّ الْيَمِينُ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ) أَيْ وَقَضَى لَهُ بِهِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَكْتَفِ بِالنُّكُولِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْقَاضِي) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ النُّكُولِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ نَازِلٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِالْجُمْلَةِ) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا حَقِيقَةً أَوْ نَازِلًا مَنْزِلَتَهُ ز ي وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ تَفْصِيلٌ فِي عَوْدِ الْخَصْمِ لِلْحَلِفِ حَتَّى يَقُولَ وَبِالْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَحْكُمْ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ سُكُوتِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ تَنْزِيلًا أَيْ فِيمَا إذَا قَالَ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي احْلِفْ بَعْدَ سُكُوتِ خَصْمِهِ عَنْ الْحَلِفِ.

(قَوْلُهُ: وَيُبَيِّنُ الْقَاضِي) أَيْ وُجُوبًا م ر وع ش (قَوْلُهُ: نَفَذَ حُكْمُهُ) وَإِنْ أَثِمَ بَعْدَ تَعْلِيمِهِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: لَا كَالْبَيِّنَةِ) أَيْمِنْ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ حُكْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>