للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دَرْس] (كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ) عَلَى الْخَيْلِ وَالسِّهَامِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي فَالْمُسَابَقَةُ تَعُمُّ الْمُنَاضَلَةَ وَالرِّهَانَ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْلِ تَغَايُرَ الْمُسَابَقَة وَالْمُنَاضَلَةِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ النِّضَالُ فِي الرَّمْيِ وَالرِّهَانُ فِي الْخَيْلِ وَالسِّبَاقُ فِيهِمَا

(هِيَ) لِلرِّجَالِ الْمُسْلِمِينَ بِقَصْدِ الْجِهَادِ (سُنَّةٌ) لِلْإِجْمَاعِ وَلِآيَةٍ {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: ٦٠] «وَفَسَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُوَّةَ فِيهَا بِالرَّمْيِ» كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِخَبَرٍ «لَا سَبْقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالسَّبْقُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْعِوَضُ وَيُرْوَى بِالسُّكُونِ مَصْدَرًا (وَلَوْ بِعِوَضٍ) لِأَنَّ فِيهِ حَثًّا عَلَى الِاسْتِعْدَادِ لِلْجِهَادِ (وَلَازِمَةٌ فِي حَقِّ مُلْتَزَمِهِ) أَيْ الْعِوَضُ وَلَوْ غَيْرُ الْمُتَسَابِقَيْنِ كَالْإِجَارَةِ (فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا وَلَا تَرْكُ عَمَلٍ) قَبْلَ الشُّرُوعِ وَلَا بَعْدَهُ إنْ كَانَ مَسْبُوقًا أَوْ سَابِقًا وَأَمْكَنَ أَنْ يُدْرِكَهُ الْآخَرُ وَيَسْبِقَهُ وَإِلَّا فَلَهُ تَرْكُهُ لِأَنَّهُ تَرَكَ حَقَّ نَفْسِهِ (وَلَا زِيَادَةَ وَ) لَا (نَقْصَ فِيهِ) أَيْ فِي الْعَمَلِ (وَلَا فِي عِوَضٍ) وَتَعْبِيرِي بِالْعِوَضِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَالِ وَقَوْلِي فِي حَقِّ مُلْتَزَمِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِهِ غَيْرُهُ فَهِيَ جَائِزَةٌ فِي حَقِّهِ

(وَشَرْطُهَا) أَيْ الْمُسَابَقَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَثَلًا (كَوْنُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عِدَّةُ قِتَالٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا التَّأَهُّبُ لَهُ وَلِهَذَا قَالَ الصَّيْمَرِيُّ لَا تَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ مِنْ النِّسَاءِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

[كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ]

دَرْسٌ] (كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ)

لَمْ يَسْبِقْ أَحَدٌ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي تَصْنِيفِ هَذَا الْكِتَابِ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهُ قَبْلَ الْجِهَادِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَسِيلَةِ لَهُ لِنَفْعِهِ فِيهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَخَّرَهُ لِلْإِشَارَةِ إلَى عَدَمِ تَوَقُّفِ الْجِهَادِ عَلَيْهِ، وَذَكَرَهُ عَقِبَ الْأَطْعِمَةِ لِوُجُودِ الِاكْتِسَابِ فِيهِ لِلْعِوَضِ، وَقَدَّمَهُ عَلَى الْأَيْمَانِ؛ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا فِيهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ بِاخْتِصَارٍ، وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ السَّبْقِ بِالسُّكُونِ، وَهُوَ التَّقَدُّمُ شَوْبَرِيٌّ. لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ مَعْنَاهَا وَلَا أَرْكَانَهَا فَانْظُرْ وَجْهَ ذَلِكَ، وَفِي شَرْحِ م ر أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ إيجَابٍ، وَقَبُولٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْخَيْلِ، وَالسِّهَامِ) كَلِمَةُ عَلَى الدَّاخِلَةُ عَلَى الْخَيْلِ عَلَى بَابِهَا، وَالدَّاخِلَةُ عَلَى السِّهَامِ بِمَعْنَى الْبَاءِ. (قَوْلُهُ: وَالرِّهَانُ) أَيْ: عَلَى نَحْوِ الْخَيْلِ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْلِ) أَيْ: حَيْثُ قَالَ: كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ، وَالْمُنَاضَلَةِ. اهـ. وَيُجَابُ عَنْ الْأَصْلِ بِأَنَّ عَطْفَ الْمُنَاضَلَةِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَزْهَرِيُّ إلَخْ) دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ تَعُمُّ الْمُنَاضَلَةَ، وَالرِّهَانَ يُقَالُ: نَاضَلْته مُنَاضَلَةً أَيْ: غَالَبْته مُغَالَبَةً. (قَوْلُهُ: هِيَ) أَيْ: بِنَوْعَيْهَا الْمُنَاضَلَةِ، وَالرِّهَانِ، وَمَحَلُّ جَوَازِ الرَّمْيِ إذَا كَانَ لِغَيْرِ جِهَةِ الرَّامِي، أَمَّا لَوْ رَمَى كُلٌّ إلَى صَاحِبِهِ فَحَرَامٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ يُؤْذِي كَثِيرًا، وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي زَمَانِنَا مِنْ الرَّمْيِ بِالْجَرِيدِ لِلْخَيَّالَةِ فَيَحْرُمُ، نَعَمْ لَوْ كَانَ عِنْدَهُمَا حِذْقٌ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِمَا سَلَامَتُهُمَا مِنْهُ لَمْ يَحْرُمْ؛ حَيْثُ لَا مَالَ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: لِلرِّجَالِ) أَيْ: غَيْرِ ذَوِي الْأَعْذَارِ ع ن. (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ الْجِهَادِ) فَإِنْ قَصَدَ غَيْرَهُ فَهِيَ مُبَاحَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنْ قَصَدَ مُحَرَّمًا كَقَطْعِ الطَّرِيقِ حَرُمَتْ س ل. (قَوْلُهُ: سُنَّةٌ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ السِّبَاقُ فَرْضَ كِفَايَةٍ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِلْجِهَادِ، وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ. وَيُجَابُ عَنْ بَحْثِهِ بِأَنَّ الْجِهَادَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ سم.

(قَوْلُهُ: بِالرَّمْيِ) أَيْ: بِتَعَلُّمِهِ وَلَوْ بِأَحْجَارٍ ع ش فَأَطْلَقَ السَّبَبَ عَلَى الْمُسَبَّبِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلِخَبَرِ إلَخْ) اُنْظُرْ وَجْهَ دَلَالَتِهِ عَلَى السُّنِّيَّةِ سم. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي خُفٍّ) أَيْ: ذِي خُفٍّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ) أَيْ: فِي الْعِوَضِ أَيْ: فِي دَفْعِهِ ع ن. (قَوْلُهُ: وَلَازِمَةٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى سُنَّةٌ، وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْح م ر. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ عَقْدَهَا الْمُشْتَمِلَ عَلَى إيجَابٍ، وَقَبُولٍ بِعِوَضٍ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا لَازِمٌ كَالْإِجَارَةِ لَكِنْ مِنْ جِهَةِ بَاذِلِ الْعِوَضِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: كَالْإِجَارَةِ) أَيْ: بِجَامِعِ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. وَوَجْهُ إلْحَاقِهَا بِالْجَعَالَةِ النَّظَرُ إلَى أَنَّ الْعِوَضَ مَبْذُولٌ فِي مُقَابَلَةِ مَا لَا يُوثَقُ بِهِ فَكَانَ كَرَدِّ الْآبِقِ ز ي وَقَدْ تُخَالِفُ الْإِجَارَةَ فِي الِانْفِسَاخِ بِمَوْتِ الْعَاقِدِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ، وَفِي الْبُدَاءَةِ بِالْعَمَلِ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْعِوَضِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ لِخَطَرِ الْعَمَلِ هُنَا عَمِيرَةُ سم. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ) أَيْ: لِمُلْتَزِمِهِ فَسْخُهَا لَكِنْ إنْ بَانَ بِالْعِوَضِ الْمُعَيَّنِ عَيْبٌ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ ع ن.

(قَوْلُهُ: وَلَا تَرْكُ عَمَلٍ) فَلَوْ امْتَنَعَ الْمَنْضُولُ مِنْ إتْمَامِ الْعَمَلِ حُبِسَ عَلَى ذَلِكَ، وَعُزِّرَ، وَكَذَا النَّاضِلُ إنْ تَوَقَّعَ صَاحِبُهُ الْإِدْرَاكَ ع ن. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَالِ) أَيْ: لِصِدْقِ الْمَالِ غَيْرِ الْمُتَمَوَّلِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ جَعْلُهُ عِوَضًا ح ل وَقَدْ يُقَالُ: وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَيْضًا أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمَالِ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ عَلَى غَيْرِهِ، وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قِصَاصٌ فَعَاقِدُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ إنْ سَبَقَ سَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ، وَإِنْ سُبِقَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ لَمْ يَمْتَنِعْ ذَلِكَ ع ش. (قَوْلُهُ: غَيْرُهُ) يَدْخُلُ فِيهِ الْمُتَسَابِقَانِ إذَا كَانَ الْمُلْتَزِمُ غَيْرَهُمَا ع ن وسم

[شُرُوطُ الْمُسَابَقَةِ]

(قَوْلُهُ: أَيْ: الْمُسَابَقَةِ) بِنَوْعَيْهَا الْمُنَاضَلَةِ، وَالرِّهَانِ فَهَذِهِ الشُّرُوطُ مُشْتَرَكَةٌ، وَجُمْلَتُهَا عَشَرَةٌ، وَسَيَأْتِي لِلْمُنَاضَلَةِ شُرُوطٌ خَاصَّةٌ بِهَا، وَجُمْلَتُهَا خَمْسَةٌ. (قَوْلُهُ: لَا تَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ مِنْ النِّسَاءِ) أَيْ: بِعِوَضٍ ع ش أَيْ: لَا مُطْلَقًا فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّ عَائِشَةَ سَابَقَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ع ن وَقَوْلُ ع ش لَا تَجُوزُ لِلنِّسَاءِ إلَخْ أَيْ: فَهِيَ حَرَامٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِوَضٌ فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ، وَمُسَابَقَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - إنَّمَا هِيَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>