للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَعَمْ إنْ كَانَ السَّارِقُ فِي صُورَةٍ غَلْقِ الْبَابَيْنِ أَحَدَ السُّكَّانِ الْمُنْفَرِدِ كُلٌّ مِنْهُمْ بِبَيْتٍ قُطِعَ؛ لِأَنَّ مَا فِي الصَّحْنِ لَيْسَ مُحْرَزًا عَنْهُ وَمَا ذُكِرَ فِي نَحْوِ الْخَانِ هُوَ مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ وَالشَّرْحُ الصَّغِيرُ وَحَكَاهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ قَطْعِ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمَا.

وَالْقَطْعُ مُطْلَقًا عَنْ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الصَّحْنَ لَيْسَ حِرْزًا لِصَاحِبِ الْبَيْتِ بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ كَسِكَّةٍ مُنْسَدَّةٍ وَحَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَتْبَاعِهِ وَحَكَاهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَبَعْضِ الْخُرَاسَانِيِّينَ قَالَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ كَنَحْوِ الْخَانِ فِي الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ (وَنَحْوُ) مِنْ زِيَادَتِي

. (فَصْلٌ) فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ وَمَا يُقْطَعُ بِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا (تَثْبُتُ السَّرِقَةُ بِيَمِينٍ رُدَّ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهَا كَالْبَيِّنَةِ أَوْ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُقْطَعُ بِهَا وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا لَكِنَّهُمَا جَزَمَا فِي الدَّعَاوَى مِنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِهَا وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَاحْتَجَّ لَهُ بِنَصٍّ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَبَعْضُ الْخُرَاسَانِيِّينَ (وَبِرَجُلَيْنِ) كَسَائِرِ الْعُقُوبَاتِ غَيْرِ الزِّنَا (وَبِإِقْرَارٍ) مِنْ سَارِقٍ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ (بِتَفْصِيلٍ فِيهِمَا) أَيْ فِي الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ بِأَنْ يُبَيِّنَ السَّرِقَةَ وَالْمَسْرُوقَ مِنْهُ وَقَدْرَ الْمَسْرُوقِ وَالْحِرْزَ بِتَعْيِينِهِ أَوْ وَصْفِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ غَيْرَ السَّرِقَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ سَرِقَةً مُوجِبَةً لَهُ.

وَذِكْرُ التَّفْصِيلِ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ زِيَادَتِي (وَقُبِلَ رُجُوعُ مُقِرٍّ) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (لِقَطْعٍ) كَالزِّنَا بِخِلَافِ الْمَالِ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ (وَمَنْ أَقَرَّ بِ) مُوجِبِ (عُقُوبَةٍ لِلَّهِ) تَعَالَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْكَلَامَ فِي مَالٍ يَكُونُ صَحْنُ الدَّارِ حِرْزًا لَهُ وَإِلَّا قُطِعَ بِلَا خِلَافٍ اهـ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ السَّارِقُ) أَيْ النَّاقِلُ (قَوْلُهُ: لَيْسَ مُحْرَزًا عَنْهُ) فَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ تَمَامِ حِرْزِهِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَمَا ذُكِرَ إلَخْ) أَيْ مِنْ التَّفْصِيلِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا أَوْ مُغْلَقًا فَتَحَهُ هُوَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لِصَاحِبِ الْبَيْتِ) أَيْ لِمَالِهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الدَّارَ إلَخْ) يُمْكِنُ دُخُولُهَا فِي نَحْوِ الْخَانِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّصْرِيحِ بِهَا.

[فَصْلٌ فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ وَمَا يُقْطَعُ بِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا]

[دَرْسٌ] (فَصْلٌ: فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ إلَخْ)

(قَوْلُهُ: وَمَا يُقْطَعُ) أَيْ وَالْعُضْوُ الَّذِي يُقْطَعُ بِهَا (قَوْلُهُ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا فَاَلَّذِي يُذْكَرُ مَعَ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ: وَقَبْلَ رُجُوعِ مُقِرٍّ إلَى قَوْلِهِ وَعَلَى السَّارِقِ رَدُّ مَا سَرَقَ وَاَلَّذِي يُذْكَرُ مَعَ الثَّانِي قَوْلُهُ: وَسُنَّ غَمْسُ مَحَلِّ قَطْعِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِيَمِينِ رُدَّ) نَصَّ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ دُخُولُهَا فِي الْإِقْرَارِ بِأَنْ يُرَادَ بِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِلِاخْتِلَافِ فِيهَا فَغَرَضُهُ الرَّدُّ عَلَى الْمُخَالِفِ صَرِيحًا (قَوْلُهُ: كَالْبَيِّنَةِ) أَيْ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ مُسْقِطًا لِلْحَقِّ وَقَوْلُهُ: أَوْ كَإِقْرَارٍ أَيْ فَلَا تُقْبَلُ الدَّعْوَى بِالْمُسْقِطِ (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُثْبِتُ السَّرِقَةَ) أَيْ مَالًا وَقَطْعًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ الْمَالُ فَقَطْ فَيَكُونُ جَارِيًا عَلَى ضَعِيفٍ فِي يَمِينِ الرَّدِّ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْمَذْهَبُ) اعْتَمَدَهُ م ر قَالَ طب؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ وَإِنْ كَانَتْ كَالْإِقْرَارِ إلَّا أَنَّ اسْتِمْرَارَهُ عَلَى الْإِنْكَارِ بِمَنْزِلَةِ رُجُوعِهِ عَنْ الْإِقْرَارِ، وَرُجُوعُهُ مَقْبُولٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ وَهُوَ حَسَنٌ وَهَذَا الِاحْتِجَاجُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ سم وَعَلَيْهِ لَا تَكُونُ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ هُنَا كَالْبَيِّنَةِ وَلَا كَالْإِقْرَارِ هـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَبِرَجُلَيْنِ) فَلَوْ شَهِدَا حِسْبَةً ثَبَتَ الْقَطْعُ بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ الْمَالَ وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ الْمَالُ إلَّا بَعْدَ دَعْوَى وَإِقَامَةِ الشُّهُودِ ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ لَا تَكْفِي فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ كَمَا فِي ز ي (قَوْلُهُ: غَيْرِ الزِّنَا) أَيْ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِنْ اللِّوَاطِ وَإِتْيَانِ الْبَهَائِمِ س ل (قَوْلُهُ: وَبِإِقْرَارٍ) وَلَا يُقْطَعُ إلَّا إنْ كَانَ إقْرَارُهُ بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ مَالَهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي وَصَرَّحَ بِهِ م ر وز ي وَعِبَارَتُهُمَا قَوْلُهُ: وَبِإِقْرَارٍ أَيْ بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ أَمَّا الْإِقْرَارُ قَبْلَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فَلَا يُقْطَعُ بِهِ حَتَّى يَدَّعِيَ الْمَالِكُ وَيُثْبِتَ الْمَالَ اهـ. وَقَوْلُهُمَا وَيُثْبِتُ الْمَالَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَلَا يُقْطَعُ وَصَرَّحَا بِذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مِنْ نَفْيِ الْقَطْعِ عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَالِ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى يَدَّعِي وَيَكُونُ يُثْبِتُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْبَاءِ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِالْإِقْرَارِ فَلَا مَعْنَى لِإِثْبَاتِهِ (قَوْلُهُ: بِتَفْصِيلٍ) وَلَوْ مِنْ فَقِيهٍ مُوَافِقٍ س ل؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ مَسَائِلِ الشُّبْهَةِ وَالْحِرْزِ وَقَعَ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ.

وَمَحَلُّ وُجُوبِ التَّفْصِيلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ (قَوْلُهُ: يُبَيِّنُ السَّرِقَةَ) أَيْ الْأَخْذَ خُفْيَةً (قَوْلُهُ: وَالْمَسْرُوقَ مِنْهُ) أَيْ هَلْ هُوَ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو؟ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْحِرْزَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ بَعْدُ ز ي (قَوْلُهُ: وَقَدْرَ الْمَسْرُوقِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ نِصَابٌ ز ي؛ لِأَنَّ النَّظَرَ فِيهِ وَفِي قِيمَتِهِ لِلْحَاكِمِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَقُبِلَ رُجُوعُ) أَيْ وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الْقَطْعِ س ل (قَوْلُهُ: لِقَطْعِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِقَطْعٍ كَمَا ذَكَرَهُ حَجّ فَهُوَ مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: لِلَّهِ تَعَالَى) أَمَّا حَقُّ الْآدَمِيِّ فَلَا يَحِلُّ التَّعْرِيضُ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُفِدْ الرُّجُوعُ فِيهِ شَيْئًا وَوَجْهُهُ أَنَّ فِيهِ حَمْلًا عَلَى مُحَرَّمٍ فَهُوَ كَتَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ شَرْحُ م ر وَعِبَارَةُ ق ل وَمَنْ أَقَرَّ بِعُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى إلَخْ.

خَرَجَ بِالْإِقْرَارِ الْبَيِّنَةُ وَبِالْعُقُوبَةِ الْمَالُ وَبِقَوْلِهِ لِلَّهِ الْآدَمِيُّ فَلَا يَحِلُّ التَّعْرِيضُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا انْتَهَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>