للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُبَيِّنَةٌ لِهَيْئَةِ صَاحِبِهَا بِخِلَافِ الصِّفَةِ فَإِنَّهَا مُخَصِّصَةٌ لِمَوْصُوفِهَا (، وَ) لَزِمَهُ (جَمْعُهُمَا) لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ فَلَزِمَ بِالنَّذْرِ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ كَذَا بِسُورَةِ كَذَا وَفَارَقَ مَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا، أَوْ عَكْسَهُ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ جَمْعُهُمَا بِأَنَّ الصَّوْمَ يُنَاسِبُ الِاعْتِكَافَ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْكَفِّ وَالصَّلَاةُ أَفْعَالٌ مُبَاشِرَةٌ لَا تُنَاسِبُ الِاعْتِكَافَ وَلَوْ نَذَرَ الْقِرَانَ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلَهُ تَفْرِيقُهُمَا وَهُوَ أَفْضَلُ

(فَصْلٌ)

فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ لَوْ (نَذَرَ مُدَّةً) وَلَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ (وَشَرَطَ تَتَابُعَهَا) كَلِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ شَهْرٍ، أَوْ شَهْرِ كَذَا مُتَتَابِعًا (لَزِمَهُ) تَتَابُعُهُمَا (أَدَاءً) مُطْلَقًا (وَقَضَاءً) فِي الْمُعَيَّنَةِ لِالْتِزَامِهِ إيَّاهُ لَفْظًا فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا فِي أَدَاءِ الْمُعَيَّنَةِ، وَإِنْ نَوَاهُ لَا يَلْزَمُهُ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَصْلَ الِاعْتِكَافِ بِقَلْبِهِ وَلَوْ شَرَطَ التَّفْرِيقَ خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِالتَّتَابُعِ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ (أَوْ) نَذَرَ (يَوْمًا لَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُهُ) ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ لَفْظِ الْيَوْمِ الْمُتَّصِلُ نَعَمْ لَوْ دَخَلَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ وَاسْتَمَرَّ إلَى مِثْلِهِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي فَعَنْ الْأَكْثَرِينَ الْإِجْزَاءُ وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ خِلَافُهُ قَالَ: الشَّيْخَانِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

هُوَ فِيهِ صَائِمٌ دُونَ الصَّوْمِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ يَلْزَمَانِهِ مَعًا فَفَرَّقَ الشَّارِحُ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْحَالَ قَيْدٌ فِي عَامِلِهَا أَيْ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الصِّفَةِ إلَخْ أَيْ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَلَكِنْ قَدْ يُتَأَمَّلُ قَوْلُهُ: وَمُبَيِّنَةٌ لِهَيْئَةِ صَاحِبِهَا فَإِنَّ الصِّفَةَ كَذَلِكَ مُبَيِّنَةٌ لِهَيْئَةِ مَوْصُوفِهَا كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا عَشْمَاوِيٌّ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْعِلَّةُ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ وَالْقَصْدُ مِنْهُمَا التَّخْصِيصُ قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ نَقْلًا عَنْ ابْنِ قَاسِمٍ قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَقْتَضِي لُزُومَ الصَّوْمِ حَتَّى لَا يَكْفِي صَوْمَ نَحْوِ رَمَضَانَ اهـ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُ التَّعْلِيلِ عَنْ قَوْلِهِ وَجَمَعَهُمَا كَمَا قَالَهُ الرَّشِيدِيُّ عَلَى م ر لِأَنَّهُ لَا يَنْتِجُ لُزُومَهُمَا وَإِنَّمَا يَنْتِجُ وُجُوبَ جَمْعِهِمَا فَتَأَمَّلْ لَكِنْ مَعَ ضَمِّ قَيْدٍ آخَرَ فِي الْعِلَّةِ بِأَنْ يُقَالَ مَعَ كَوْنِ الْحَالِ مُنَاسِبَةً لِعَامِلِهَا لِيُفَارِقَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ جَمْعُهُمَا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ غَيْرُ مُنَاسِبَةٍ لِلِاعْتِكَافِ لِأَنَّ شَأْنَهُ الْمُكْثُ.

(قَوْلُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَالَ قَيْدٌ) أَيْ مَعَ كَوْنِهَا مِنْ فِعْلِ الْمَأْمُورِ فَلَا يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْأَمْرِ بِالشَّيْءِ الْأَمْرُ بِقَيْدِهِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ الْمَأْمُورِ وَلَا مِنْ نَوْعِ الْمَأْمُورِ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْحِ الْخُفَّيْنِ وَمَا هُنَا مِنْ فِعْلِ الْمَأْمُورِ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الصِّفَةِ) وَالضَّابِطُ أَنَّهُ إذَا نَذَرَ عِبَادَةً وَجَعَلَ عِبَادَةً أُخْرَى وَصْفًا لَهَا فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُنَاسَبَةٌ كَالِاعْتِكَافِ وَالصَّوْمِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَفٌّ وَجَبَ جَمْعُهُمَا وَإِلَّا كَالِاعْتِكَافِ وَالصَّلَاةِ فَلَا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِعْلٌ وَالِاعْتِكَافُ كَفٌّ فَلَا يَجِبُ جَمْعُهُمَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَجَمَعَهُمَا) وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِاعْتِكَافِ لَحْظَةٍ مِنْ الْيَوْمِ فِيمَا ذُكِرَ وَنَحْوِهِ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُمْ قَدْ يُوهِمُ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَصْدُقُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَمَا قَالَهُ م ر وَبِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ) أَيْ مَعَ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَهُمَا فَلَا يَرِدُ مَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ جَمْعُهُمَا وَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ التَّعْلِيلَ لَا يَنْتِجُ لُزُومَ الْجَمْعِ. (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُهُ جَمْعُهُمَا) كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ الْحَالَ تُفِيدُ الْمُقَارَنَةَ.؟

(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَذَرَ الْقِرَانَ) ذَكَرَ هَذَا دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ وُجُوبِ الْجَمْعِ بَيْنَ الِاعْتِكَافِ وَالصَّوْمِ أَنَّهُ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إذَا نَذَرَ الْقِرَانَ بَيْنَهُمَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهَا نُسُكٌ ع ش. (قَوْلُهُ: تَفْرِيقُهُمَا) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ دَمٌ ع ش.

[فَصْلٌ فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ]

(قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ) الْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ مَا قَابَلَ الْمُبْهَمَ ح ل. (قَوْلُهُ: وَشَرَطَ تَتَابُعَهَا) أَيْ لَفْظًا وَهَذَا لَا يَحْتَاجُ لَهُ فِي الْمُعَيَّنَةِ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَضَاءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ بَعْدُ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْمُعَيَّنَةِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ فِي الْمُعَيَّنَةِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِالْمُعَيَّنَةِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا يَسْتَحِيلُ تَصَوُّرُ قَضَائِهَا وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ اشْتِرَاطَ التَّتَابُعِ فِي الْمُعَيَّنَةِ لَا فَائِدَةَ لَهُ إلَّا فِي قَضَائِهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَاهُ) أَتَى بِهِ لِقَوْلِهِ كَمَا لَوْ نَذَرَ إلَخْ ح ل وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ الْإِطْفِيحِيُّ إنَّهُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَشَرَطَ تَتَابُعَهَا أَيْ بِاللَّفْظِ

وَعِبَارَةُ حَجّ وَإِنْ نَوَاهُ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الزَّمَنِ كَأُسْبُوعٍ، أَوْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ صَادِقٌ بِالْمُتَفَرِّقِ أَيْضًا وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ التَّوَالِي فِي لَا أُكَلِّمُهُ شَهْرًا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْيَمِينِ الْهَجْرُ وَلَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ التَّتَابُعِ اهـ قَالَ شَيْخُنَا الشَّمْسُ الْحِفْنِيُّ وَفَارَقَ مَا لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ كَثَلَاثَةٍ مَثَلًا حَيْثُ تَدْخُلُ اللَّيَالِي إنْ نَوَاهَا وَكَذَا الْعَكْسُ بِأَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ ثَلَاثَ لَيَالٍ مَثَلًا حَيْثُ تَدْخُلُ الْأَيَّامُ إنْ نَوَاهَا بِأَنَّ الْمَنْوِيَّ مِنْ جِنْسِ الْمَنْذُورِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ التَّتَابُعَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمُدَّةِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي ز ي.

(قَوْلُهُ خَرَجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِالتَّتَابُعِ) ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ وَفَارَقَ مَا لَوْ نَذَرَ صَوْمًا مُتَفَرِّقًا حَيْثُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ بِالْمُتَوَالِي كَعَكْسِهِ بِأَنَّ الشَّارِعَ اعْتَبَرَ فِي الصَّوْمِ التَّفَرُّقَ مَرَّةً وَالتَّتَابُعَ أُخْرَى بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ لَمْ يُطْلَبْ فِيهِ التَّفْرِيقُ أَصْلًا م ر. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ لَفْظِ الْيَوْمِ) يُشْعِرُ بِأَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ أَطْلَقَ أَمَّا لَوْ أَرَادَ قَدْرَ الْيَوْمِ فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ قَدْرُهُ وَلَوْ مِنْ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الْيَوْمَ فِي سَاعَةٍ تُسَاوِيهِ مَجَازًا، أَوْ قَدَّرَ مُضَافًا فِي الْكَلَامِ وَكِلَاهُمَا لَا مَانِعَ مِنْهُ ع ش عَلَى م ر مُلَخَّصًا.

(قَوْلُهُ: الْإِجْزَاءُ) لِحُصُولِ التَّتَابُعِ بِالْبَيْتُوتَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَإِذَا لَمْ يَبِتْ لَمْ يَكْفِ لِانْتِفَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>