للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ) فِي الِاسْتِثْنَاءِ (يَصِحُّ اسْتِثْنَاءٌ) فِي الطَّلَاقِ كَغَيْرِهِ (بِشَرْطِهِ السَّابِقِ) فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَهُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَأَنْ لَا يَفْصِلَ بِفَوْقٍ نَحْوَ سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ، وَأَنَّ لَا يَسْتَغْرِقَ، وَأَنْ لَا يَجْمَعَ الْمُفَرَّقَ فِي الِاسْتِغْرَاقِ (فَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ، وَوَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ) تَقَعُ لَا ثَلَاثٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ الْمُفَرَّقَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَلَا فِي الْمُسْتَثْنَى وَلَا فِيهِمَا كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ، فَيَلْغُو قَوْلُهُ: وَوَاحِدَةٌ لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهَا

(أَوْ) قَالَ: أَنْت طَالِقٌ (ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ) لَا ثِنْتَانِ بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ، فَتَكُونُ الْوَاحِدَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْوَاحِدَةِ، فَيَلْغُو الِاسْتِثْنَاءُ، وَتَقَدَّمَ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَعَكْسُهُ، (وَ) لِهَذَا (لَوْ قَالَ:) أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا، وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِصِفَةٍ لِإِحْدَى زَوْجَاتِهِ وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَاهُنَّ، أَوْ أَبَانَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ ذَلِكَ فِي الْمَيِّتَةِ، أَوْ الْمُبَانَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَتْ أَوْ أَبَانَهَا قَبْلَ وُجُودِ الثِّقَةِ فَلَهُ تَعْيِينُ ذَلِكَ فِيهَا، وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ ثُمَّ عَيَّنَهُ فِي وَاحِدَةٍ صَحَّ التَّعْيِينُ حَتَّى لَوْ مَاتَ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ لَغَا التَّعْلِيقُ ح ل

[فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ]

. (فَصْلٌ: فِي الِاسْتِثْنَاءِ) وَهُوَ الْإِخْرَاجُ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا أَوْ أُخْرِجُ أَوْ أَحُطُّ ح ل أَيْ: تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا كَالِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الثَّنْيِ، وَهُوَ الصَّرْفُ لِصَرْفِ الْمُسْتَثْنَى عَنْ حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ

(قَوْلُهُ: يَصِحُّ اسْتِثْنَاءٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِعْيَارُ الْعُمُومِ، وَلَا عُمُومَ فِي نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: كَغَيْرِهِ) أَيْ: قِيَاسًا عَلَى صِحَّتِهِ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ نَصٌّ فَقِيسَ عَلَى مَا وَرَدَ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ فَمَا قِيلَ: إنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلْقِيَاسِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْقُرْآنِ، وَغَيْرِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ النَّصَّ الْمَوْجُودَ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ، تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) أَيْ: فَيَكْتَفِي بِاقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِأَيِّ جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَذَا إنْ أَخَّرَهُ فَإِنْ قَدَّمَهُ كَأَنْتِ إلَّا وَاحِدَةً طَالِقٌ ثَلَاثًا نَوَاهُ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِهِ، أَوْ يَقْصِدُ حَالَ الْإِتْيَانِ بِهِ إخْرَاجَهُ مِمَّا بَعْدَهُ لِيَرْتَبِطَ بِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُسْمِعَ بِهِ نَفْسَهُ إنْ اعْتَدَلَ سَمْعُهُ وَلَا عَارِضَ وَأَنْ يَعْرِفَ مَعْنَاهُ وَلَوْ بِوَجْهٍ ح ل، فَالشُّرُوطُ سِتَّةٌ وَتَزِيدُ الْمَشِيئَةُ بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ وَمَا بَعْدَهُ لَا يَجْرِيَانِ فِي الْمَشِيئَةِ.

(قَوْلُهُ: بِفَوْقِ نَحْوِ سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا يَضُرُّ فِي الِاتِّصَالِ سَكْتَةُ تَنَفُّسٍ وَعِيٍّ، وَنَحْوِهِمَا كَعُرُوضِ عُطَاسٍ، أَوْ سُعَالٍ خَفِيفٍ عُرْفًا، وَالسُّكُوتِ لِلتَّذَكُّرِ كَمَا قَالَاهُ فِي الْأَيْمَانِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا ذَكَرَ يَسِيرٌ لَا يُعَدُّ فَاصِلًا عُرْفًا بِخِلَافِ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ قَلَّ، وَقَدْ أُخِذَ مِنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ أَنَّ الْكَلَامَ الْيَسِيرَ الْمُتَعَلِّقَ بِالزَّوْجَيْنِ لَا يَضُرُّ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِنَّ يَا طَالِقُ فَاصِلٌ وَلَا يَضُرُّ لِتَعَلُّقِهِ بِالزَّوْجَيْنِ وَلَا يَضُرُّ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ كَمَا فِي الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَضُرُّ الِاسْتِغْفَارُ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ يَحْتَمِلُ الْكَذِبَ وَهَذَا إنْشَاءٌ لَا يَحْتَمِلُهُ وَهُوَ وَجِيهٌ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَجْمَعَ الْمُفَرَّقَ فِي الِاسْتِغْرَاقِ) أَيْ: لِتَحْصِيلِ الِاسْتِغْرَاقِ أَوْ لِدَفْعِهِ وَقَدْ مَثَّلَ لَهُمَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ قَالَ إلَى قَوْلِهِ: فَثَلَاثٌ، قَالَ ع ش: قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَجْمَعَ هَذَا مِنْ أَحْكَامِهِ لَا مِنْ شُرُوطِهِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ قَدْ يَئُولُ لِلشَّرْطِ. (قَوْلُهُ: وَلَا فِيهِمَا) كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ، وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً، وَوَاحِدَةً فَيَقَعُ ثَلَاثٌ لِاسْتِغْرَاقِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْوَاحِدَةِ فَلَوْ جَمَعَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَقَعَتْ وَاحِدَةً ق ل عَلَى الْجَلَالِ

. (قَوْلُهُ: فَتَكُونُ الْوَاحِدَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْوَاحِدَةِ) قَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ قَاعِدَةِ رُجُوعِ الْمُسْتَثْنَى لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَهُ مِنْ الْمُتَعَاطِفَاتِ كَوْنُ الْوَاحِدَةِ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الثِّنْتَيْنِ أَيْضًا، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَاقِعَ ثِنْتَانِ لَا ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَهَا مِنْ الثِّنْتَيْنِ صَحِيحٌ مُخْرِجٌ لِوَاحِدَةٍ، فَتَبْقَى وَاحِدَةٌ تُضَمُّ إلَى الْوَاحِدَةِ الَّتِي أُلْغِيَ الِاسْتِثْنَاءُ بِالنِّسْبَةِ لَهَا لِلِاسْتِغْرَاقِ وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ. اهـ سم، وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ فِي الْحَاشِيَةِ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ، وَقَدْ يُقَالُ: مَنَعَ مِنْ رُجُوعِهِ إلَى الثِّنْتَيْنِ الْفَصْلُ حِينَئِذٍ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِأَجْنَبِيٍّ عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ، وَهُوَ الْوَاحِدَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا كَانَتْ كَالْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَجَعَ لِلْجَمِيعِ مِنْ الصِّحَّةِ مِنْ كُلٍّ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ إلَخْ) تَمْهِيدٌ لِمَا بَعْدَهُ، وَإِشَارَةٌ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُفَرَّعٌ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَكَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهَا هُنَا لِيَظْهَرَ التَّفْرِيعُ. اهـ ح ل وَح ف. (قَوْلُهُ: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ) أَيْ: الْمُسْتَثْنَى، وَقَوْلُهُ: مِنْ إثْبَاتٍ أَيْ: مُثْبِتٍ أَوْ ذِي إثْبَاتٍ، وَقَوْلُهُ: نَفْيٌ أَيْ: مَنْفِيٌّ أَوْ ذُو نَفْيٍ. اهـ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ سُئِلْتُ عَمَّنْ طُلِبَ مِنْهُ الْمَبِيتُ عِنْدَ شَخْصٍ فَحَلَفَ لَا يَبِيتُ سِوَى اللَّيْلَةَ الْفُلَانِيَّةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ هَلْ يَحْنَثُ بِتَرْكِ مَبِيتِهَا؟ ، فَأَجَبْت بِأَنَّ مُقْتَضَى قَاعِدَةِ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ الْحِنْثُ، لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ بِحُضُورِي فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْكُو غَرِيمَهُ إلَّا مِنْ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ هَلْ يَحْنَثُ بِتَرْكِ الشَّكْوَى مُطْلَقًا؟ ، فَأَجَابَ بِعَدَمِهِ، وَيُوَافِقُهُ تَصْحِيحُ النَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضَةِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ

<<  <  ج: ص:  >  >>