أَيْ: وَرَثَةُ كُلِّهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ (مَالًا) عَيْنًا أَوْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً (لِمُوَرِّثِهِمْ وَأَقَامُوا شَاهِدًا وَحَلَفَ) مَعَهُ (بَعْضُهُمْ) فَقَطْ عَلَى الْجَمِيعِ لَا عَلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ (انْفَرَدَ بِنَصِيبِهِ) فَلَا يُشَارَكُ فِيهِ إذْ لَوْ شُورِكَ فِيهِ لَمَلَكَ الشَّخْصُ بِيَمِينِ غَيْرِهِ (وَبَطَلَ حَقُّ كَامِلٍ حَضَرَ) بِالْبَلَدِ (وَنَكَلَ) حَتَّى لَوْ مَاتَ لَمْ يَكُنْ لِوَارِثِهِ أَنْ يَحْلِفَ (وَغَيْرُهُ) مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ غَائِبٍ (إذَا زَالَ عُذْرُهُ حَلَفَ وَأَخَذَ نَصِيبَهُ بِلَا إعَادَةِ شَهَادَةٍ) إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُ الشَّاهِدِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ ثَبَتَتْ فِي حَقِّ الْبَعْضِ فَتَثْبُتُ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ وَإِنْ لَمْ تَصْدُرْ الدَّعْوَى مِنْهُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى لِشَخْصَيْنِ فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا مَعَ شَاهِدٍ وَالْآخَرُ غَائِبٌ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ مِلْكِ الْحَالِفِ بِخِلَافِ حُقُوقِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تَثْبُتُ أَوَّلًا لِوَاحِدٍ وَهُوَ الْمُوَرِّثُ قَالَ الشَّيْخَانِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحَاضِرُ الَّذِي لَمْ يَشْرَعْ فِي الْخُصُومَةِ أَوْ لَمْ يَشْعُرْ بِالْحَالِ كَالصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ فِي بَقَاءِ حَقِّهِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي النَّاكِلِ، أَمَّا إذَا تَغَيَّرَ حَالُ الشَّاهِدِ فَوَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْأَقْوَى مَنْعُ الْحَلِفِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْأَوَّلُ الْجَمِيعَ فَإِنْ ادَّعَى بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ جَزْمًا. .
(وَشُرِطَ لِشَهَادَةٍ بِفِعْلٍ كَزِنًا) وَغَصْبٍ وَوِلَادَةٍ (إبْصَارٌ) لَهُ مَعَ فَاعِلِهِ فَلَا يَكْفِي فِيهِ السَّمَاعُ مِنْ الْغَيْرِ وَقَدْ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِلَا إبْصَارٍ كَأَنْ يَضَعَ أَعْمَى يَدَهُ عَلَى ذَكَرِ رَجُلٍ دَاخِلَ فَرْجِ امْرَأَةٍ فَيُمْسِكَهُمَا حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهِمَا عِنْدَ قَاضٍ بِمَا عَرَفَهُ (فَيُقْبَلُ) فِي ذَلِكَ (أَصَمُّ) لِإِبْصَارِهِ وَيَجُوزُ تَعَمُّدُ النَّظَرِ لِفَرْجَيْ الزَّانِيَيْنِ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُمَا هَتَكَا حُرْمَةَ أَنْفُسِهِمَا (وَ) شُرِطَ لِشَهَادَةٍ (بِقَوْلٍ كَعَقْدٍ) وَفَسْخٍ وَإِقْرَارٍ (هُوَ) أَيْ: إبْصَارٌ (وَسَمْعٌ فَلَا يُقْبَلُ) فِيهِ (أَصَمُّ) لَا يَسْمَعُ شَيْئًا (وَ) لَا (أَعْمَى) تَحَمَّلَ شَهَادَةً فِي مُبْصِرٍ لِجَوَازِ اشْتِبَاهِ الْأَصْوَاتِ.
وَقَدْ يُحَاكِي الْإِنْسَانُ صَوْتَ غَيْرِهِ فَيَشْتَبِهَ بِهِ (إلَّا أَنْ) يُتَرْجِمَ أَوْ يَسْمَعَ كَمَا مَرَّ أَوْ يَشْهَدَ بِمَا يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَوْ (يُقِرَّ) شَخْصٌ (فِي أُذُنِهِ) بِنَحْوِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَالٍ لِرَجُلٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
خَاصَّةً، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَلَمْ يَدَّعِ مِلْكَهُ وَإِنَّمَا نَقُولُ هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ وَذَلِكَ لَا يَثْبُتُ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِمُوَرِّثِهِمْ) أَيْ: الَّذِي مَاتَ قَبْلَ نُكُولِهِ. (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ بَعْضُهُمْ) فَإِذَا حَلَفُوا كُلُّهُمْ ثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ وَصَارَ تَرِكَةً تُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ وَوَصَايَاهُ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ عَلَى الْجَمِيعِ) أَيْ: حَلَفَ أَنَّ مُوَرِّثَهُ يَسْتَحِقُّهُ. (قَوْلُهُ: انْفَرَدَ بِنَصِيبِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَقْضِي مِنْ نَصِيبِهِ قِسْطَهُ مِنْ الدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ لَا الْجَمِيعَ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ يَحْلِفُ عَلَى الْجَمِيعِ وَيَنْفَرِدُ بِنَصِيبِهِ كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ (قَوْلُهُ: حَقُّ كَامِلٍ) أَيْ: مِنْ الْيَمِينِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنْ الْبَيِّنَةِ فَلَهُ إقَامَةُ شَاهِدٍ ثَانٍ وَضَمُّهُ لِلْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ شَهَادَتِهِ كَالدَّعْوَى حَجّ وم ر. (قَوْلُهُ: وَنَكَلَ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ نَكَلَ تَوَقُّفُهُ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ النُّكُولِ حَلَفَ وَارِثُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ حَجّ س ل وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إذَا زَالَ عُذْرُهُ) بِأَنْ بَلَغَ أَوْ أَفَاقَ أَوْ حَضَرَ م ر (قَوْلُهُ: حَلَفَ) هَلْ يَحْلِفُ عَلَى الْجَمِيعِ أَوْ عَلَى نَصِيبِهِ؟ (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخَانِ) الْأَوْلَى جَعْلُهُ مَفْهُومَ قَوْلِهِ وَنَكَلَ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ نُكُولِهِ الشُّرُوعُ فِي الْخُصُومَةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَشْعُرْ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ. (قَوْلُهُ: مَنْعُ الْحَلِفِ) أَيْ: مَعَ ذَلِكَ الشَّاهِدِ وَلَهُ الْحَلِفُ مَعَ غَيْرِهِ قَالَ م ر؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَتَّصِلْ بِشَهَادَتِهِ إلَّا فِي حَقِّ الْحَالِفِ دُونَ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: مَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ: مَحَلُّ عَدَمِ الْإِعَادَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُ الشَّاهِدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ: أَمَّا إذَا تَغَيَّرَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَادَّعَى بِقَدْرِ حِصَّتِهِ إلَخْ) أَيْ: عَلَى وَجْهٍ لَا يَخُصُّهُ كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ مُوَرِّثَهُ يَسْتَحِقُّ عَلَى هَذَا عَشَرَةً وَيَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّ حَقَّ مُوَرِّثِهِ مِائَةٌ، وَالْوَرَثَةُ عَشَرَةُ أَوْلَادٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْعَشَرَةِ إلَّا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ، أَمَّا إذَا ادَّعَاهُ عَلَى وَجْهٍ يَخُصُّهُ كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَشَرَةً مِنْ جِهَةِ مُوَرِّثِهِ وَالْوَرَثَةُ مَا ذُكِرَ فَتَمْتَنِعُ الدَّعْوَى لِادِّعَائِهِ بِمَا لَا يَسْتَقِلُّ بِأَخْذِهِ مَعَ إضَافَتِهِ الِاسْتِحْقَاقَ إلَى نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَمَّا أَضَافَ اسْتِحْقَاقَ الْعَشَرَةِ إلَى مُوَرِّثِهِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَاسْتَحَقَّ مَا يَخُصُّهُ مِنْهَا سم مُلَخَّصًا مَعَ زِيَادَةٍ وَانْظُرْ هَلْ تَأْخُذُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ التِّسْعَةِ بِيَمِينٍ مِنْ كُلٍّ أَوْ لَا وَيَلْزَمُ عَلَى الثَّانِي أَخْذُ الشَّخْصِ شَيْئًا بِيَمِينِ غَيْرِهِ، وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا إذَا ادَّعَى قَدْرَ حِصَّتِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَخُصُّهُ، وَبَيْنَ ادِّعَاءِ الْجَمِيعِ وَالْحَلِفِ عَلَيْهِ حَيْثُ يَنْفَرِدُ بِنَصِيبِهِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ انْفَرَدَ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْمُدَّعِي أَيْضًا وَهُوَ الْعُشْرُ؛ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَطْلُبَ الْفَرْقَ تَأَمَّلْ. .
[شُرُوط الشَّهَادَة بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقَوْلِ]
. (قَوْلُهُ إبْصَارٌ لَهُ مَعَ فَاعِلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَصِلُ بِالْإِبْصَارِ إلَى الْحَقِّ بِيَقِينٍ قَالَ تَعَالَى {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٦] وَفِي خَبَرِ «عَلَى مِثْلِهَا أَيْ: الشَّمْسِ فَاشْهَدْ» م ر وَإِنَّمَا جَازَ لِلْأَعْمَى وَطْءُ زَوْجَتِهِ اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا لِلضَّرُورَةِ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهَا وَلَوْ حَالَ الْوَطْءِ اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا كَمَا قَالَهُ ب ر.
(قَوْلُهُ: فَرْجِ امْرَأَةٍ) أَوْ دُبُرِ صَبِيٍّ ز ي (قَوْلُهُ يَشْهَدُ عَلَيْهِمَا عِنْدَ قَاضٍ) أَيْ: مَعَ ثَلَاثَةٍ وَلَا يَكْفِي عِلْمُ الْقَاضِي فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى س ل. (قَوْلُهُ: أَيْ: إبْصَارٌ وَسَمْعٌ) أَيْ: يُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ بِهَا سَمْعُهَا وَإِبْصَارُ قَائِلِهَا حَالَ تَلَفُّظِهِ بِهَا حَتَّى لَوْ نَطَقَ بِهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَهُوَ يَتَحَقَّقُهُ لَمْ يَكْفِ قَالَهُ فِي الْإِقْنَاعِ وم ر قَالَ وَإِنْ عَلِمَ صَوْتَهُ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ إدْرَاكًا مُمْكِنًا بِإِحْدَى الْحَوَاسِّ يَمْتَنِعُ الْعَمَلُ فِيهِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُتَرْجِمَ إلَخْ) الِاسْتِثْنَاءُ بِالنَّظَرِ لِلْأَوَّلَيْنِ مُنْقَطِعٌ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي أَوَّلِ كِتَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute