للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دَفْعُهَا لِكَافِرٍ وَلَا لِهَاشِمِيٍّ وَمُطَّلِبِيٍّ، وَلَا لِمَوَالِيهِمَا وَلَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ وَلَا لِرَقِيقٍ لِأَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَاعْتُبِرَ فِيهَا صِفَاتُ الزَّكَاةِ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ لَا كَافِرًا وَلَا هَاشِمِيًّا وَمُطَّلِبِيًّا، وَمِنْ اقْتِصَارِهِ فِي كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ عَلَى الْعِيَالِ وَأَمَّا خَبَرُ «فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ» السَّابِقُ فِي الصَّوْمِ فَمُؤَوَّلٌ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَتَعْبِيرِي بِمَلَّكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ كَفَّرَ بِإِطْعَامٍ لِإِخْرَاجِ مَا لَوْ غَدَّاهُمْ أَوْ عَشَّاهُمْ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي، وَتَكْرِيرِي مُدًّا مِنْ زِيَادَتِي لِيَخْرُجَ مَا لَوْ فَاوَتَ بَيْنَهُمْ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي، أَمَّا كَفَّارَةُ الْقَتْلِ فَلَا تَمْلِيكَ فِيهَا اقْتِصَارًا عَلَى الْوَارِدِ فِيهَا مِنْ الْإِعْتَاقِ ثُمَّ الصَّوْمِ، وَالْمُطْلَقُ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الْأَوْصَافِ دُونَ الْأُصُولِ كَمَا حُمِلَ مُطْلَقُ الْيَدِ فِي التَّيَمُّمِ عَلَى تَقْيِيدِهَا بِالْمَرَافِقِ فِي الْوُضُوءِ وَلَمْ يُحْمَلْ تَرْكُ الرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ فِيهِ عَلَى ذِكْرِهِمَا فِي الْوُضُوءِ، وَتَمْلِيكُهُ مَا ذَكَرَ يَكُونُ (مِنْ جِنْسِ فُطْرَةٍ) كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ وَأَقِطٍ وَلَبَنٍ فَلَا يُجْزِئُ لَحْمٌ وَدَقِيقٌ وَسَوِيقٌ وَهَذَا مَعَ قَوْلِي مُدًّا مُدًّا مِنْ زِيَادَتِي فِي كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ.

(فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ جَمِيعِ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ (لَمْ تَسْقُطْ) أَيْ الْكَفَّارَةُ عَنْهُ بَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الْأَعْرَابِيَّ أَنْ يُكَفِّرَ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ مَعَ إخْبَارِهِ بِعَجْزِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي الذِّمَّةِ حِينَئِذٍ.

(فَإِذَا قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ) مِنْ خِصَالِهَا (فَعَلَهَا) وَلَا يَتَبَعَّضُ الْعِتْقُ وَلَا الصَّوْمُ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ حَتَّى لَوْ وَجَدَ بَعْضَ مُدٍّ أَخْرَجَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ وَبَقِيَ الْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ، وَقَوْلِي فَإِنْ عَجَزَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي فِي كَفَّارَةِ غَيْرِ الْجِمَاعِ.

(كِتَابُ اللِّعَانِ وَالْقَذْفِ) بِمُعْجَمَةٍ وَهُوَ لُغَةً الرَّمْيُ وَشَرْعًا الرَّمْيُ بِالزِّنَا فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ. وَذِكْرُهُ فِي التَّرْجَمَةِ مِنْ زِيَادَتِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَذَلِكَ فَكَأَنَّ الْمُكَفِّرَ عَمَّ جَمِيعَ الْأَنْوَاعِ بِصَدَقَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ) الصَّوَابُ حَذْفُ الْهَاءِ لِيَتَنَاوَلَ مَنْ يَجِبُ عَلَى غَيْرِ الْمُكَفِّرِ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ عَمِيرَةُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا هَاشِمِيًّا إلَخْ) لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْمُولِيَ، وَقَوْلُهُ: فَمُؤَوَّلٌ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِأَهْلِهِ الَّذِينَ لَا تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ، وَأَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ مَا قَالَهُ ق ل إنَّ الْمُكَفِّرَ هُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عِنْدِهِ وَالرَّجُلُ الْمَذْكُورُ نَائِبٌ عَنْهُ فِي التَّفْرِقَةِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ عَلَى عِيَالِهِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ مِنْهَا وَمَحَلُّ مَنْعِ دَفْعِهَا لَهُمْ إذَا كَانَتْ مِنْ عِنْدِهِ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ فَاوَتَ بَيْنَهُمْ) فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي إعْطَاءُ مَنْ حَصَلَ لَهُ دُونَ مُدٍّ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُكْمِلَ لَهُ وَلَوْ جَمَعَ السِّتِّينَ مُدًّا وَوَضَعَهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَقَالَ مَلَّكْتُكُمْ هَذَا فَقَبِلُوهُ أَجْزَأَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِالسَّوِيَّةِ وَلَهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَقْتَسِمُوهُ بِالتَّفَاوُتِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَلَكَ مُدًّا بِالْقَبُولِ، وَالتَّفَاوُتُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْقِسْمَةِ فَيَكُونُ مَنْ خَصَّهُ بَعْضُ مُدٍّ مُسَامِحًا بِالْبَاقِي لِمَنْ أَخَذَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ خُذُوهُ وَنَوَى الْكَفَّارَةَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُجْزِئُهُ إذَا أَخَذُوا بِالسَّوِيَّةِ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِ إلَّا مَنْ أَخَذَ مُدًّا دُونَ مَنْ أَخَذَ دُونَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ الْأُولَى فِيهَا الْمُمَلِّكُ الْقَبُولُ الْوَاقِعُ بِهِ التَّسَاوِي قَبْلَ الْأَخْذِ، وَالْمُمَلِّكُ فِي الثَّانِي إنَّمَا هُوَ الْأَخْذُ فَاشْتُرِطَ فِيهِ التَّسَاوِي تَأَمَّلْ ح ل. (قَوْلُهُ دُونَ الْأُصُولِ) أَيْ: الذَّوَاتِ. (قَوْلُهُ عَلَى تَقْيِيدِهَا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى غَسْلِهَا فِي الْوُضُوءِ لِلْمَرَافِقِ لِأَنَّ الْحَمْلَ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمُقَيَّدِ لَا عَلَى التَّقْيِيدِ. (قَوْلُهُ تَرْكُ الرَّأْسِ) أَيْ: تَرْكُ مَسْحِ الرَّأْسِ وَإِضَافَةُ تَرْكُ لِلْمَسْحِ الْمُقَدَّرِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ: مَسْحُ الرَّأْسِ الْمَتْرُوكِ لِأَنَّ الْمَحْمُولَ إنَّمَا هُوَ الْمَسْحُ لَا التَّرْكُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: يَكُونُ) أَيْ التَّمْلِيكُ بِمَعْنَى الْمِلْكِ إذْ الْمَصْدَرُ لَا يَكُونُ مِنْ جِنْسِ الْفِطْرَةِ لَكِنْ يُبْعِدُهُ قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّهُ الْمُمَلِّكُ وَالْأَوْلَى بَقَاءُ التَّمْلِيكِ عَلَى حَالِهِ، وَتُجْعَلُ مِنْ فِي قَوْلِهِ مِنْ جِنْسِ الْفِطْرَةِ ابْتِدَائِيَّةً لَا تَبْعِيضِيَّةً.

. (قَوْلُهُ: فِي ذِمَّتِهِ) وَحِينَئِذٍ لَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ عَلَى الْمُظَاهِرِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ تَرْكُهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَبَعَّضُ الْعِتْقُ وَلَا الصَّوْمُ) فَلَا أَثَرَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى بَعْضِ عِتْقٍ وَلَا بَعْضِ صَوْمٍ فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَعْتِقَ الْبَعْضَ وَيَصُومَ شَهْرًا لَمْ يَصِحَّ ح ل. (قَوْلُهُ: فِي ذِمَّتِهِ) يُخْرِجُهُ إذَا أَيْسَرَ فَلَوْ قَدَرَ بَعْدَ إخْرَاجِ ذَلِكَ الْبَعْضِ عَلَى غَيْرِ الْإِطْعَامِ كَالرَّقَبَةِ أَوْ الصَّوْمِ لَمْ يَجِبْ الْإِتْيَانُ بِذَلِكَ لِشُرُوعِهِ فِي الْإِطْعَامِ ح ل.

[كِتَابُ اللِّعَانِ وَالْقَذْفِ]

قَدَّمَ اللِّعَانَ فِي التَّرْجَمَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ وَلَمَّا كَانَ الْقَذْفُ وَسِيلَةً إلَيْهِ وَمُقَدَّمًا عَلَيْهِ قَدَّمَهُ فِي الْبَيَانِ، فَعَطْفُهُ عَلَيْهِ عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبِّبٍ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ لُغَةً الرَّمْيُ) سَلَكَ فِي التَّعْرِيفِ اللَّفَّ وَالنَّشْرَ الْمُشَوِّشَ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَى اللِّعَانِ. (قَوْلُهُ الرَّمْيُ بِالزِّنَا) أَيْ: النِّسْبَةُ إلَيْهِ يُقَالُ رَمَاهُ بِكَذَا أَيْ: نَسَبَهُ إلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ شَبَّهَ الزِّنَا بِسَهْمٍ يُرْمَى وَإِثْبَاتُ الرَّمْيِ تَخْيِيلٌ. (قَوْلُهُ: فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ) أَيْ: مَقَامِ إظْهَارِ الْعَارِ فَخَرَجَ الشُّهُودُ عَلَى الزِّنَا وَالشُّهُودُ بِتَجْرِيحِ الْبَيِّنَةِ بِأَنْ شَهِدَ رَجُلَانِ بِزِنَا الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ قَصْدَهُمَا إبْطَالُ شَهَادَتِهِمَا لَا التَّعْيِيرُ، فَمِنْ ثَمَّ اُكْتُفِيَ بِشَاهِدَيْنِ، وَخَرَجَ أَيْضًا نَحْوُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِبِنْتِ سَنَةٍ مَثَلًا: يَا زَانِيَةُ يَا قَحْبَةُ، قَالَ ح ل يَرُدُّ عَلَى تَعْرِيفِ الْقَذْفِ مَا لَوْ شَهِدَ عَلَى الزِّنَا دُونَ أَرْبَعٍ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا التَّعْيِيرَ خُصُوصًا إذَا كَانُوا طَامِعِينَ فِي شَهَادَةِ الرَّابِعِ فَأَعْرَضَ مَعَ أَنَّهُمْ قَذَفَةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُمْ فِي حُكْمِ الْقَذَفَةِ رَدْعًا عَنْ الْقَذْفِ بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا قَدْ لَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانُوا طَامِعِينَ فِي شَهَادَةِ الرَّابِعِ وَأَيْضًا رُبَّمَا يَكُونُ هَذَا مَانِعًا لِلشَّهَادَةِ لِاحْتِمَالِ رُجُوعِ مَنْ وَافَقَ عَلَيْهَا وَفِي الْمِصْبَاحِ الْعَارُ كُلُّ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ مِنْهُ عَيْبٌ أَوْ مَسَبَّةٌ وَعَيَّرْته بِكَذَا قَبَّحْته عَلَيْهِ وَعَيَّرْته عَلَيْهِ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَبِالْبَاءِ قَلِيلًا فَيُقَالُ عَيَّرْته بِهِ وَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>