للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَظَنَّ صِدْقَهُمْ وَإِنَّمَا يَصِحَّ صَوْمُهُ عَنْ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَوْنُهُ مِنْهُ نَعَمْ مَنْ اعْتَقَدَ صِدْقَ مَنْ قَالَ إنَّهُ رَآهُ مِمَّنْ ذُكِرَ يَصِحُّ مِنْهُ صَوْمُهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ.

وَتَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى النِّيَّةِ صِحَّةُ نِيَّةِ ظَانِّ ذَلِكَ وَوُقُوعُ الصَّوْمِ عَنْ رَمَضَانَ إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْهُ وَاعْتَبَرُوا هُنَا الْعَدَدَ فِيمَنْ رَأَى بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ فِيهِمَا أَمَّا إذَا لَمْ يَتَحَدَّثْ النَّاسُ بِرُؤْيَتِهِ، وَلَمْ يَشْهَدْ بِهَا أَحَدٌ، أَوْ شَهِدَ بِهَا وَاحِدٌ مِمَّنْ ذُكِرَ فَلَيْسَ الْيَوْمُ يَوْمَ شَكٍّ بَلْ هُوَ مِنْ شَعْبَانَ وَإِنْ أَطْبَقَ الْغَيْمُ لِخَبَرِ «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ» .

(فَرْعٌ)

إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ بِلَا سَبَبٍ إنْ لَمْ يَصِلْهُ بِمَا قَبْلَهُ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ

(وَسُنَّ تَسَحُّرٌ وَتَأْخِيرهُ وَتَعْجِيلُ فِطْرٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً، وَلَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» زَادَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «وَأَخَّرُوا السُّحُورَ» (إنْ تَيَقَّنَ بَقَاءَ اللَّيْلِ) فِي الْأُولَيَيْنِ وَدُخُولَهُ فِي الثَّالِثَةِ وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ تَرْكُ ذَلِكَ بَلْ يَحْرُمُ التَّعْجِيلُ إنْ لَمْ يَتَحَرَّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَجَعْلُ التَّسَحُّرِ سُنَّةً مُسْتَقِلَّةً مَعَ تَقْيِيدِهِ بِالتَّيَقُّنِ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) سُنَّ (فِطْرٌ بِتَمْرٍ فَمَاءٍ) لِخَبَرِ «إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلْيُفْطِرْ عَلَى التَّمْرِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ التَّمْرَ فَعَلَى الْمَاءِ فَإِنَّهُ طَهُورٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: وَظَنَّ صِدْقَهُمْ) أَيْ احْتَمَلَ صِدْقَهُمْ أَيْ لَمْ يَقْطَعْ بِبُطْلَانِ خَبَرِهِمْ بِأَنْ احْتَمَلَ خَبَرُهُمْ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ عَلَى السَّوَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَقْطُوعًا بِكَذِبِهِ، أَوْ مَظْنُونَ الصِّدْقِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ يَوْمَ شَكٍّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ فَتَأَمَّلْ وَكَتَبَ أَيْضًا فِيهِ أَنَّهُ حَيْثُ ظَنَّ صِدْقَهُمْ لَيْسَ بِشَاكٍّ حَالَ النِّيَّةِ بَلْ نِيَّتُهُ صَحِيحَةٌ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى ظَنٍّ ح ل فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ وَظَنَّ إلَخْ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَوْنَهُ مِنْهُ أَيْ حَالَ النِّيَّةِ أَيْ وَصِحَّةِ النِّيَّةِ وَإِجْزَاؤُهُ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ صِحَّةَ صَوْمِ مَنْ ظَنَّ صِدْقَ مَنْ أَخْبَرَهُ يُجْزِئُهُ إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافَهُ أَيْ لَا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَبَيَّنَ كَوْنَهُ مِنْهُ ح ل وَحَاصِلُهُ أَنَّكُمْ أَوْجَبْتُمْ الصَّوْمَ تَارَةً كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَيَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ مَوْثُوقٌ بِهِ إلَخْ وَقُلْتُمْ بِجَوَازِهِ وَوُقُوعِهِ عَنْ رَمَضَانَ تَارَةً وَذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إلَّا إنْ ظَنَّ أَنَّهُ مِنْهُ بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ وَقُلْتُمْ بِحُرْمَتِهِ وَعَدَمِ إجْزَائِهِ تَارَةً وَهُوَ فِيمَا أَشَارَ إلَيْهِ هُنَا بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ إلَخْ فَهَذِهِ مَحَالُّ ثَلَاثَةٌ بَيْنَهُمَا تَنَافٍ أَيْ الْوُجُوبُ وَالْجَوَازُ مَعَ الْإِجْزَاءِ وَالْحُرْمَةُ مَعَ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى دَفْعِ التَّنَافِي بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوُجُوبَ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَ الْمُخْبَرِ وَالْجَوَازَ وَالْإِجْزَاءَ إذَا ظَنَّ صِدْقَ الْمُخْبَرِ وَتَبَيَّنَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ وَالْحُرْمَةُ وَعَدَمُ الْإِجْزَاءِ إذَا لَمْ يَظُنَّ حَالَ النِّيَّةِ كَوْنَهُ مِنْ رَمَضَانَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ) أَيْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَيَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى مَنْ أَخْبَرَهُ مَوْثُوقٌ بِهِ بِالرُّؤْيَةِ إذَا اعْتَقَدَ صِدْقَهُ ح ل. (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إلَّا إنْ ظَنَّ أَنَّهُ مِنْهُ بِقَوْلِهِ: مَنْ يَثِقُ بِهِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِي ثُبُوتِ الصَّوْمِ بِعَدْلِ شَهَادَةٍ وَقَوْلُهُ: احْتِيَاطًا اُنْظُرْ وَجْهَ الِاحْتِيَاطِ هُنَا فَإِنَّ هُنَا احْتِيَاطًا لِلتَّحْرِيمِ لَا لِلْعِبَادَةِ

وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ وَتَحْرِيمُهَا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمَعْنَى احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ فِعْلًا، أَوْ تَرْكًا فَأَوْجَبُوا بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ وَحَرَّمُوا بِإِخْبَارِ عَدَدٍ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَطْبَقَ الْغَيْمُ) هِيَ لِلرَّدِّ

[فَرْعٌ إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ بِلَا سَبَبٍ]

. (قَوْلُهُ وَسُنَّ تَسَحُّرٌ) وَقْتُهُ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ وَمَحَلُّ اسْتِحْبَابِهِ إذَا رَجَا بِهِ مَنْفَعَةً وَلَمْ يَخْشَ بِهِ ضَرَرًا وَلِهَذَا قَالَ الْحَلِيمِيُّ إذَا كَانَ شَبْعَانَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَسَحَّرَ لِأَنَّهُ فَوْقَ الشِّبَعِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر قَالَ ق ل وَيُسَنُّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْفِطْرِ مِنْ تَمْرٍ وَغَيْرِهِ اهـ فَإِنْ قُلْت حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّوْمِ خُلُوُّ الْجَوْفِ لِإِذْلَالِ النَّفْسِ وَكَفِّهَا عَنْ شَهَوَاتِهَا وَالسُّحُورُ يُنَافِي ذَلِكَ.

قُلْت لَا يُنَافِيه بَلْ فِيهِ إقَامَةُ الْبِنْيَةِ بِنَحْوِ قَلِيلِ مَأْكُولٍ، أَوْ مَشْرُوبٍ وَالْمُنَافِي إنَّمَا هُوَ مَا يَفْعَلُهُ الْمُتَرَفِّهُونَ مِنْ أَنْوَاعِ ذَلِكَ وَتَحْسِينِهِ وَالِامْتِلَاءِ مِنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلْقَمِيُّ. (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُهُ) مَا لَمْ يُعَارِضْهُ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ. (قَوْلُهُ: وَتَعْجِيلُ فِطْرٍ) اُنْظُرْ هَلْ يَحْصُلُ بِمَا يَزُولُ بِهِ الْوِصَالُ مِنْ كُلِّ مُفْطِرٍ وَلَوْ جِمَاعًا، أَوْ نَبْشِ أُذُنٍ وَيَكُونُ الْمَعْنَى بِتَعْجِيلِ قَطْعِ آثَارِ الصَّوْمِ فِي غَيْرِ زَمَنِهِ، أَوْ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِمَا يَحْصُلُ بِهِ التَّقْوَى أَيْ مَا مِنْ شَأْنِهِ؟ وَلَعَلَّ الْأَوَّلُ أَوْلَى فَلْيُحَرَّرْ كَاتِبُهُ وَانْظُرْ حِكْمَتَهُ أَيْ التَّعْجِيلِ وَلَعَلَّهُ التَّبَاعُدُ عَنْ التَّلَبُّسِ بِالصَّوْمِ فِي غَيْرِ زَمَنِهِ شَوْبَرِيٌّ

وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: وَتَعْجِيلُ فِطْرٍ أَيْ بِغَيْرِ جِمَاعٍ وَلَوْ عَلَى الْمَاءِ وَإِنْ رَجَا غَيْرَهُ وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ وَإِنْ اعْتَقَدَهُ فَضِيلَةً كَمَا فِي الْأُمِّ اهـ.

قَوْلُهُ: «فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةٌ» قِيلَ الْمُرَادُ بِهَا الْأَجْرُ وَالثَّوَابُ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُقْرَأُ السُّحُورُ بِالضَّمِّ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّسَحُّرِ وَقِيلَ الْبَرَكَةُ فِيهِ مَا يُقَوِّي عَلَى الصَّوْمِ وَيَنْشَطُ لَهُ وَقِيلَ مَا يَتَضَمَّنُهُ مِنْ الِاسْتِيقَاظِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَرْمَانِيٌّ عَلَى الْبُخَارِيِّ شَوْبَرِيٌّ وَفِي خَبَرٍ سَنَدُهُ حَسَنٌ «أَحَبُّ عِبَادِي إلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا» حَجّ وَالسُّحُورُ بِالضَّمِّ الْفِعْلُ وَبِالْفَتْحِ اسْمٌ لِلْمَأْكُولِ. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ فِطْرٌ بِتَمْرٍ) مَا لَمْ يُعَارِضْهُ سَنُّ التَّعْجِيلِ بِأَنْ كَانَ يَلْزَمُ مِنْ الْفِطْرِ بِالتَّمْرِ التَّأْخِيرُ وَإِلَّا رُوعِيَ التَّعْجِيلُ ح ف وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهُ وِتْرًا وَكَوْنُهُ بِثَلَاثٍ فَأَكْثَرَ وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ الرُّطَبُ فَالْبُسْرُ فَالْعَجْوَةُ وَبَعْدَهُ مَاءُ زَمْزَمَ، ثُمَّ غَيْرُهُ، ثُمَّ الْحُلْوُ، ثُمَّ الْحَلْوَاءُ بِالْمَدِّ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَيُقَدَّمُ اللَّبَنُ عَلَى الْعَسَلِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ وَوَرَدَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُفْطِرُ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>