للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا ذُكِرَ عُمْرَةُ الْفَرْضِ وَأَدَاءُ الزَّكَاةِ وَالدَّيْنِ وَقَوْلِي وَلِغَيْرِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ وَقَوْلِي فَرْضًا مِنْ زِيَادَتِي

(وَيُؤَدِّي وَارِثٌ عَنْهُ) مِنْ التَّرِكَةِ وُجُوبًا وَمِنْ مَالِهِ جَوَازًا وَإِنْ كَانَ ثَمَّ تَرِكَةٌ (كَفَّارَةً مَالِيَّةً) مُرَتَّبَةً وَمُخَيَّرَةً بِإِعْتَاقٍ وَبِغَيْرِهِ وَإِنْ سَهُلَ التَّكْفِيرُ بِغَيْرِ الْإِعْتَاقِ فِي الْمُخَيَّرَةِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ شَرْعًا (وَكَذَا) يُؤَدِّيهَا (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْوَارِثِ (مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إعْتَاقٍ) مِنْ طَعَامٍ وَكِسْوَةٍ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ لِاجْتِمَاعِ بُعْدِ الْعِبَادَةِ عَنْ النِّيَابَةِ وَبُعْدِ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْأَيْمَانِ مِنْ تَصْحِيحِ الْوُقُوعِ عَنْهُ فِي الْمُرَتَّبَةِ لِأَنَّهُمَا بَنَيَاهُ عَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ فِي الْمُخَيَّرَةِ بِسُهُولَةِ التَّكْفِيرِ بِغَيْرِ إعْتَاقٍ

(وَيَنْفَعُهُ) أَيْ الْمَيِّتَ مِنْ وَارِثٍ وَغَيْرِهِ (صَدَقَةٌ وَدُعَاءٌ) بِالْإِجْمَاعِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩] فَعَامٌّ مَخْصُوصٌ بِذَلِكَ وَقِيلَ مَنْسُوخٌ وَكَمَا يَنْتَفِعُ الْمَيِّتُ بِذَلِكَ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُتَصَدِّقُ وَالدَّاعِي أَمَّا الْقِرَاءَةُ فَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِلُ ثَوَابُهَا إلَى الْمَيِّتِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَصِلُ وَذَهَبَ جَمَاعَاتٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّهُ يَصِلُ إلَيْهِ ثَوَابُ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَقِرَاءَةٍ وَغَيْرِهَا وَمَا قَالَهُ مِنْ مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَرَأَ لَا بِحَضْرَةِ الْمَيِّتِ وَلَمْ يَنْوِ ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لَهُ، أَوْ نَوَاهُ وَلَمْ يَدْعُ بَلْ قَالَ: السُّبْكِيُّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ بِالِاسْتِنْبَاطِ أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ إذَا قَصَدَ بِهِ نَفْعَ الْمَيِّتِ نَفَعَهُ وَبَيَّنَ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ

(فَصْلٌ) فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ (لَهُ) أَيْ لِلْمُوصِي (رُجُوعٌ) عَنْ وَصِيَّتِهِ وَعَنْ بَعْضِهَا (بِنَحْوِ نَقَضْت) هَا كَأَبْطَلْتُهَا وَرَجَعْت فِيهَا وَرَفَعْتهَا وَرَدَدْتهَا (وَ) بِنَحْوِ قَوْلِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ ح ل، أَيْ فَلَيْسَ تَكْرَارًا (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) ، أَيْ فِي كَوْنِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَصِحَّةُ فِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ لَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ ع ش (قَوْلُهُ: وَالدَّيْنِ) مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ: كَقَضَاءِ الدَّيْنِ ح ل وَأَيْضًا جَعْلُهُ أَوَّلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ وَثَانِيًا مَقِيسًا وَبَيْنَهُمَا تَنَافٍ.

(قَوْلُهُ: كَفَّارَةً مَالِيَّةً) وَكَذَا بِدَيْنِهِ إذَا كَانَتْ صَوْمًا اهـ ح ل وَفِيهِ أَنَّ الْكَفَّارَةَ الْبَدَنِيَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا صَوْمًا وَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِالصَّوْمِ سَرَى لَهُ مِنْ عِبَارَةِ شَيْخِهِ الْمَحَلِّيِّ وَنَصُّهَا وَيُؤَدِّي الْوَارِثُ عَنْهُ الْوَاجِبَ الْمَالِيَّ فَعَبَّرَ بِالْوَاجِبِ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: بِإِعْتَاقٍ) وَالْوَلَاءُ لِلْمَيِّتِ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ التَّرِكَةِ أَمْ مِنْ مَالِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: الْآتِي وَبَعْدَ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ وَعِبَارَةُ م ر: وَيَكُونُ الْوَلَاءُ فِي الْعِتْقِ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَائِبُهُ شَرْعًا) ، أَيْ فَإِعْتَاقُهُ كَإِعْتَاقِهِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَوْجُودٌ فِي إعْتَاقِ الْوَارِثِ فِيمَا إذَا أُعْتِقَ مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ التَّرِكَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ نَائِبَهُ شَرْعًا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: مِنْ تَصْحِيحِ الْوُقُوعِ عَنْهُ) ، أَيْ وُقُوعِ إعْتَاقِ غَيْرِ الْوَارِثِ عَنْ الْمَيِّتِ فِي الْمَرْتَبَةِ ح ل (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا بَنَيَاهُ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ تَعْلِيلٌ ضَعِيفٌ لِوُجُودِ ذَلِكَ فِي إعْتَاقِ الْوَارِثِ فِي الْمُخَيَّرَةِ مَعَ أَنَّهُ صَحِيحٌ ح ل وَقَوْلُهُ: فِي الْمُخَيَّرَةِ أَمَّا فِي الْمُرَتَّبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَسْهُلُ التَّكْفِيرُ بِغَيْرِ إعْتَاقٍ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ أَوَّلًا شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: وَيَنْفَعُهُ صَدَقَةٌ) وَمِنْهَا وَقْفُ مُصْحَفٍ وَنَحْوِهِ وَحَفْرُ بِئْرٍ وَغَرْسُ شَجَرٍ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ م ر وس ل وَمَعْنَى نَفْعِهِ بِالصَّدَقَةِ تَنْزِيلُهُ مَنْزِلَةَ الْمُتَصَدِّقِ قَالَ: الشَّافِعِيُّ وَوَاسِعُ فَضْلِهِ تَعَالَى أَنْ يُثِيبَ الْمُتَصَدِّقَ أَيْضًا وَمَعْنَى نَفْعِهِ بِالدُّعَاءِ حُصُولُ الْمَدْعُوِّ بِهِ لَهُ إذَا اُسْتُجِيبَ أَمَّا نَفْسُ الدُّعَاءِ وَثَوَابُهُ فَلِلدَّاعِي؛ لِأَنَّهُ شَفَاعَةٌ أَجْرُهَا لِلشَّافِعِ وَمَقْصُودُهَا لِلْمَشْفُوعِ لَهُ شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ وَغَيْرِهِ) عِبَارَةُ م ر إجْمَاعًا وَقَدْ صَحَّ خَبَرُ «إنَّ اللَّهَ لَيَرْفَعُ دَرَجَةَ الْعَبْدِ فِي الْجَنَّةِ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِهِ لَهُ» وَهُوَ أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الْإِجْمَاعِ وَالْخَبَرُ مُخَصِّصٌ وَقِيلَ نَاسِخٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩] إنْ أُرِيدَ ظَاهِرُهُ وَإِلَّا فَقَدْ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِهِ وَمِنْهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَافِرِ، أَوْ أَنَّ مَعْنَاهُ لَا حَقَّ لَهُ إلَّا فِيمَا سَعَى وَأَمَّا مَا فُعِلَ عَنْهُ فَهُوَ مَحْضُ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ

(قَوْلُهُ: فَعَامٌّ إلَخْ) الْعُمُومُ فِي مَفْهُومِهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي غَيْرِ سَعْيِهِ فَيُخَصُّ بِغَيْرِ الصَّدَقَةِ وَالدُّعَاءِ وَقَوْلُهُ: مَخْصُوصٌ بِذَلِكَ أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْإِجْمَاعِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْقِرَاءَةُ) قَالَ: م ر يَصِلُ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ لِلْمَيِّتِ إذَا وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ الْقِرَاءَةُ عِنْدَ قَبْرِهِ وَالدُّعَاءُ لَهُ عَقِبَهَا وَنِيَّتُهُ حُصُولُ الثَّوَابِ لَهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ مَا اسْتَنْبَطَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ الْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ هُنَا خِلَافَهُ فِي الْأَخِيرِ، أَيْ حَيْثُ قَالَ: أَوْ نَوَاهُ وَلَمْ يَدْعُ لَهُ سم ع ش فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالدُّعَاءِ وَلَوْ سَقَطَ ثَوَابُ الْقَارِئِ لِمُسْقِطٍ كَأَنْ غَلَبَ الْبَاعِثُ الدُّنْيَوِيُّ كَقِرَاءَتِهِ بِأُجْرَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْقُطَ مِثْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَيِّتِ وَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْقِرَاءَةِ لِلْمَيِّتِ وَلَمْ يَنْوِهِ بِهَا وَلَا دَعَا لَهُ بَعْدَهَا وَلَا قَرَأَ عِنْدَ قَبْرِهِ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ وَاجِبِ الْإِجَارَةِ وَهَلْ يَكْفِي نِيَّةُ الْقِرَاءَةِ فِي أَوَّلِهَا وَإِنْ تَخَلَّلَ فِيهَا سُكُوتٌ يَنْبَغِي نَعَمْ إذْ مَا بَعْدَ الْأَوَّلِ مِنْ تَوَابِعِهِ سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَصِلُ ثَوَابُهَا) ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَصِلُ مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ: إلَى أَنْ يَصِلَ ثَوَابُ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ كَأَنْ صَلَّى إنْسَانٌ، أَوْ صَامَ وَقَالَ اللَّهُمَّ أَوْصِلْ ثَوَابَ هَذَا لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَصِلُ إلَيْهِ ثَوَابُ مَا فَعَلَهُ مِنْ الصَّلَاةِ، أَوْ الصَّوْمِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ ضَعِيفٌ

[فَصْلٌ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ]

وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَصِيَّةِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>