فَهُمَا حَمْلَانِ يَصِحُّ نَفْيُ أَحَدِهِمَا وَمَا وَقَعَ فِي الْوَسِيطِ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَتَوْأَمَانِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْعُلُوقَ لَا يُقَارِنُ أَوَّلَ الْمُدَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا قَدَّمْته فِي الْوَصِيَّةِ.
(وَلَوْ هُنِّئَ بِوَلَدٍ) كَأَنْ قِيلَ لَهُ مُتِّعْت بِوَلَدِك أَوْ جَعَلَهُ اللَّهُ لَك وَلَدًا صَالِحًا (فَأَجَابَ بِمَا يَتَضَمَّنُ إقْرَارًا كَآمِينَ أَوْ نَعَمْ لَمْ يَنْفِ) بِخِلَافِ مَا إذَا أَجَابَ بِمَا لَا يَتَضَمَّنُ إقْرَارًا كَقَوْلِهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا أَوْ بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْك؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ قَصَدَ مُكَافَأَةَ الدُّعَاءِ بِالدُّعَاءِ.
(وَلَوْ بَانَتْ مِنْهُ ثُمَّ قَذَفَهَا) فَإِنْ قَذَفَهَا (بِزِنًا مُطْلَقٍ أَوْ مُضَافٍ لِبَعْدَ النِّكَاحِ لَاعَنَ لِنَفْيِ وَلَدٍ) يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ كَمَا فِي صُلْبِ النِّكَاحِ وَتَسْقُطُ عُقُوبَةُ الْقَذْفِ عَنْهُ بِلِعَانِهِ، وَيَجِبُ بِهِ عَلَى الْبَائِنِ عُقُوبَةُ الزِّنَا الْمُضَافِ إلَى بَعْدِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْمُطْلَقِ وَيَسْقُطُ بِلِعَانِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ فَلَا لِعَانَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى الْقَذْفِ حِينَئِذٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَذَفَهَا بِزِنًا مُضَافٍ إلَى مَا قَبْلَ نِكَاحِهِ وَهُوَ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ، أَوْ إلَى مَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ (فَلَا لِعَانَ) سَوَاءٌ أَكَانَ ثَمَّ وَلَدٌ لِتَقْصِيرِهِ إذْ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يُطْلِقَ الْقَذْفَ أَوْ يُضِيفَهُ إلَى بَعْدَ النِّكَاحِ أَمْ لَا إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى الْقَذْفِ (وَ) لَكِنْ (لَهُ إنْشَاؤُهُ) أَيْ الْقَذْفِ الْمُطْلَقِ أَوْ الْمُضَافِ إلَى بَعْدَ النِّكَاحِ (وَيُلَاعِنُ لِنَفْيِهِ) أَيْ الْوَلَدِ بَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ إنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَتَسْقُطُ عُقُوبَةٌ الْقَذْفِ عَنْهُ بِلِعَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْسَ عُوقِبَ [دَرْسٌ] .
(كِتَابُ الْعِدَدِ) جَمْعٌ، وَالْعِدَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعَدَدِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ غَالِبًا، وَهِيَ مُدَّةٌ تَتَرَبَّصُ فِيهَا الْمَرْأَةُ لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا أَوْ لِلتَّعَبُّدِ، أَوْ لِتَفَجُّعِهَا عَلَى زَوْجٍ كَمَا سَيَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْآيَاتُ الْآتِيَةُ وَشُرِعَتْ صِيَانَةً لِلْأَنْسَابِ وَتَحْصِينًا لَهَا مِنْ الِاخْتِلَاطِ (تَجِبُ عِدَّةٌ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ بِفُرْقَةِ زَوْجٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: فَهُمَا حَمْلَانِ) أَيْ فَالثَّانِي مِنْ مَاءِ رَجُلٍ آخَرَ بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُجْرِ الْعَادَةَ إلَخْ وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ سم اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ) قَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَا يُقَارَنُ أَوَّلَ الْمُدَّةِ) أَيْ: بَلْ يَتَأَخَّرُ عَنْ لَحْظَةِ الْوَطْءِ وَهَذَا الْغَالِبُ فِيمَا إذَا كَانَ الْعُلُوقُ بِسَبَبِ الْجِمَاعِ فَيَتَأَخَّرُ نُزُولُ الْمَنِيِّ عَنْ إدْخَالِ الذَّكَرِ فَإِذَا أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةٍ فَقَطْ كَانَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ نَاقِصَةً لَحْظَةَ الْوَطْءِ مَعَ أَنَّ أَقَلَّهَا سِتَّةٌ وَلَحْظَتَانِ، وَغَيْرُ الْغَالِبِ أَنْ يَكُونَ الْعُلُوقُ بِاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ فَيَكُونُ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا اهـ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا أَجَابَ إلَخْ) أَيْ: فَلَهُ النَّفْيُ قَالَ ح ل أَيْ: وَهُوَ مَعْذُورٌ بِالتَّأْخِيرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ النَّفْيَ عَلَى الْفَوْرِ. (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا) وَلَا يُقَالُ قَدْ زَالَتْ فَوْرِيَّةُ النَّفْيِ بِهَذَا. لِأَنَّا نَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا قَالَهُ فِي تَوَجُّهِهِ لِلْقَاضِي أَوْ فِي حَالَةٍ يُعْذَرُ فِيهَا بِالتَّأْخِيرِ لِنَحْوِ لَيْلٍ س ل.
. (قَوْلُهُ: لِبَعْدَ النِّكَاحِ) أَيْ: لِمَا بَعْدَهُ فَحَذَفَ مَا بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ فَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَحَرْفُ الْجَرِّ جَارٌّ لِمَا مَحْذُوفَةٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَوْ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ النِّكَاحِ أَيْ: زَمَنٍ بَعْدَ النِّكَاحِ اهـ (قَوْلُهُ: لِنَفْيِ وَلَدٍ) أَيْ: أَوْ حَمْلٍ (قَوْلُهُ: إلَى بَعْدِ النِّكَاحِ) أَيْ: بَعْدَ حُصُولِهِ وَقَبْلَ الْبَيْنُونَةِ ح ل وَفِي الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: إلَى بَعْدَ النِّكَاحِ لَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْهُ لَفْظُ مَا بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ وَأَيْضًا فِيهِ أَيْ: فِي تَقْدِيرِ مَا السَّلَامَةُ مِنْ جَرِّ بَعْدَ بِإِلَى وَهِيَ إنَّمَا تُجَرُّ كَقَبْلُ بِمِنْ اهـ. (قَوْلُهُ: إلَى مَا قَبْلَ نِكَاحِهِ) مِثْلُ هَذَا مَا لَوْ صَدَرَ مِنْهُ الْقَذْفُ حَالَ الزَّوْجِيَّةِ وَأَضَافَهُ إلَى قَبْلِ النِّكَاحِ بُرُلُّسِيٌّ سم (قَوْلُهُ: أَيْ: الْقَذْفُ الْمُطْلَقُ) هَذَا بَعِيدٌ مِنْ سِيَاقِهِ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْقَذْفِ الَّذِي قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ فَلَعَلَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْقَذْفِ مِنْ حَيْثُ هُوَ ثُمَّ قُيِّدَ بِالْمُطْلَقِ أَوْ الَّذِي بَعْدَ النِّكَاحِ. .
[كِتَابُ الْعِدَدِ]
. (كِتَابُ الْعِدَدِ) أُخِّرَتْ إلَى هُنَا؛ لِتَرَتُّبِهَا غَالِبًا عَلَى الطَّلَاقِ وَاللِّعَانِ وَأُلْحِقَ الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُمَا كَانَا طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلِلطَّلَاقِ تَعَلُّقٌ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ فِي الْإِيلَاءِ وَلَمْ يَطَأْ طُولِبَ بِالْوَطْءِ أَوْ الطَّلَاقِ وَإِذَا ظَاهَرَ ثُمَّ طَلَّقَ فَوْرًا لَمْ يَكُنْ عَائِدًا وَلَا كَفَّارَةَ وَكُرِّرَتْ الْأَقْرَاءُ الْمُلْحَقُ بِهَا الْأَشْهُرُ مَعَ حُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِوَاحِدٍ اسْتِظْهَارًا أَيْ: طَلَبًا لِظُهُورِ مَا شُرِعَتْ لِأَجَلِهِ وَهُوَ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ وَاكْتُفِيَ بِهَا مَعَ أَنَّهَا لَا تُفِيدُ تَيَقُّنَ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ قَدْ تَحِيضُ لِكَوْنِهِ نَادِرًا م ر وَع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْعِدَدِ مِنْ الْأَشْهُرِ أَوْ الْأَقْرَاءِ ح ل لَا يُقَالُ: الْعِدَّةُ نَفْسُ الْعَدَدِ كَثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ اشْتِمَالُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّ الْعِدَّةَ هِيَ الْمُدَّةُ الَّتِي تَتَرَبَّصُ فِيهَا الْمَرْأَةُ وَمُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْعَدَدِ فَالْمُدَّةُ مَعْدُودٌ لَا عَدَدٌ. (قَوْلُهُ تَتَرَبَّصُ) أَيْ: تَنْتَظِرُ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ رَحِمَهَا) الْمُرَادُ بِالْمَعْرِفَةِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ إذْ مَا عَدَا وَضْعِ الْحَمْلِ يَدُلُّ عَلَيْهَا ظَنًّا. (قَوْلُهُ: أَوْ لِلتَّعَبُّدِ) أَوْ حَقِيقِيَّةٌ بِالنَّظَرِ لِمَا قَبْلَهَا وَمَانِعَةُ خُلُوٍّ بِالنَّظَرِ لِمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ لِتَفَجُّعِهَا) أَيْ: تَحَزُّنِهَا وَتَوَجُّعِهَا وَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجْتَمِعُ التَّفَجُّعُ وَالتَّعَبُّدُ كَمَا فِي الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهُمَا وَقَدْ يَجْتَمِعُ التَّفَجُّعُ أَيْضًا مَعَ مَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ كَالْحَائِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا. (قَوْلُهُ: وَتَحْصِينًا إلَخْ) لَا يَشْمَلُ نَحْوَ الصَّغِيرَةِ وَغَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ ح ل. وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا حِكْمَةٌ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهَا شُرِعَتْ فِي الْأَصْلِ لِمَا ذُكِرَ وَهُوَ عَطْفُ مَلْزُومٍ عَلَى لَازِمٍ وَالِاخْتِلَاطُ الِاشْتِبَاهُ. (قَوْلُهُ بِوَطْءِ شُبْهَةِ) قَدَّمَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute