وَكَخَصْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ خِصَالِ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا فَرْقَ فِي صِحَّةِ نَذْرِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ فِي الْمَتْنِ بَيْنَ كَوْنِهَا فِي فَرْضٍ أَمْ لَا فَالْقَوْلُ بِأَنَّ صِحَّتَهَا مُقَيَّدَةٌ بِكَوْنِهَا فِي الْفَرْضِ أَخْذًا مِنْ تَقْيِيدِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِذَلِكَ وَهْمٌ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا قُيِّدَا بِذَلِكَ لِلْخِلَافِ فِيهِ (فَلَوْ نَذَرَ غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ الْقُرْبَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ وَاجِبٍ عَيْنِيٍّ كَصَلَاةِ الظُّهْرِ أَوْ مُخَيَّرٍ كَأَحَدِ خِصَالِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مُبْهَمًا أَوْ مَعْصِيَةٍ كَشُرْبِ خَمْرٍ وَصَلَاةٍ بِحَدَثٍ أَوْ مَكْرُوهٍ كَصَوْمِ الدَّهْرِ لِمَنْ خَافَ بِهِ ضَرَرًا أَوْ فَوْتَ حَقٍّ أَوْ مُبَاحٍ كَقِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ سَوَاءٌ أَنَذَرَ فِعْلَهُ أَوْ تَرَكَهُ (لَمْ يَصِحَّ) نَذْرُهُ أَمَّا الْوَاجِبُ الْمَذْكُورُ فَلِأَنَّهُ لَزِمَ عَيْنًا بِإِلْزَامِ الشَّرْعِ قَبْلَ النَّذْرِ فَلَا مَعْنَى لِالْتِزَامِهِ، وَأَمَّا الْمَعْصِيَةُ فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ابْنُ آدَمَ» وَأَمَّا الْمَكْرُوهُ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي وَالْمُبَاحُ فَلِأَنَّهُمَا لَا يُتَقَرَّبُ بِهِمَا وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «لَا نَذْرَ إلَّا فِيمَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى» (وَلَمْ تَلْزَمْهُ) بِمُخَالَفَتِهِ (كَفَّارَةٌ) حَتَّى فِي الْمُبَاحِ لِعَدَمِ انْعِقَادِ نَذْرِهِ وَأَمَّا خَبَرُ «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ اللَّهِ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» فَضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ عَلَى عَدَمِ لُزُومِهَا فِي الْمُبَاحِ هُوَ مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَخَالَفَ الْأَصْلَ فَرَجَّحَ لُزُومَهَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ نَذْرٌ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا يَقْتَضِيهِ فِي مَوْضِعٍ
(وَالنَّذْرُ ضَرْبَانِ) أَحَدُهُمَا (نَذْرُ لَجَاجٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَهُوَ التَّمَادِي فِي الْخُصُومَةِ وَيُسَمَّى نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ وَيَمِينَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ وَنَذْرَ الْغَلَقِ وَيَمِينَ الْغَلَقِ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ (بِأَنْ يَمْنَعَ) نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ شَيْءٍ (أَوْ يَحُثَّ) عَلَيْهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: وَكَخَصْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ) أَيْ: إذَا كَانَتْ عَلَى س ل، وَعِبَارَةُ ز ي، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ أَعْلَاهَا صَحَّ نَذْرُهُ، أَوْ أَدْنَاهَا فَلَا هَذَا مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا م ر - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَأَعْلَاهَا الْعِتْقُ، وَإِنَّمَا أَعَادَ الشَّارِحُ الْكَافَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ مَدْخُولِهَا فِي الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَفَقُّهِهِ شَوْبَرِيٌّ.
، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: فِي فَرْضٍ أَمْ لَا) لَكِنْ يَنْبَغِي فِي مَسْأَلَةِ الْجَمَاعَةِ تَقْيِيدُ النَّفْلِ بِمَا تُشْرَعُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ سم. (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَذَرَ غَيْرَهَا لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: بِالنِّسْبَةِ لِنَذْرِ الْمَعْصِيَةِ مَحَلُّ عَدَمِ لُزُومِ الْكَفَّارَةِ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَنْوِ الْيَمِينَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ آخِرًا، فَإِنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي نَذْرِ غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ كَالْمُبَاحَاتِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (فَائِدَةٌ)
قَدْ اخْتَلَفَ مَنْ أَدْرَكْنَاهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي نَذْر مَنْ اقْتَرَضَ شَيْئًا لِمُقْرِضِهِ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا مَا دَامَ دَيْنُهُ، أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ بِذِمَّتِهِ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْخَاصِّ غَيْرُ قُرْبَةٍ بَلْ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى رِبَا النَّسِيئَةِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ إلَى صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةِ رِبْحِ الْمُقْرِضِ، أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةِ الْمُطَالَبَةِ إنْ احْتَاجَ لِبَقَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِارْتِفَاقٍ، وَنَحْوِهِ، وَلِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُقْتَرِضِ رَدٌّ زِيَادَةً عَمَّا اقْتَرَضَهُ فَإِذَا الْتَزَمَهَا ابْتِدَاءً بِالنَّذْرِ لَزِمَتْهُ فَهُوَ مُكَافَأَةُ إحْسَانٍ لَا وَصْلَةٌ لِلرِّبَا؛ إذْ هُوَ لَا يَكُونُ، إلَّا فِي عَقْدٍ كَبَيْعٍ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ النَّذْرَ فِي عَقْدِ الْقَرْضِ كَانَ رِبًا، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ مَالِ الْيَتِيمِ، وَغَيْرِهِ وَلَا وَجْهَ لَهُ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ مَا دَامَ مَبْلَغُ الْقَرْضِ بِذِمَّتِهِ، ثُمَّ دَفَعَ مِنْهُ شَيْئًا بَطَلَ حُكْمُ النَّذْرِ لِانْتِفَاءِ الدَّيْمُومَةِ شَرْحُ م ر قَالَ ع ش: وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ حَيْثُ نَذَرَ لِمَنْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ لَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ لِأَحَدِ بَنِي هَاشِمٍ، وَالْمُطَّلِبِ فَلَا يَنْعَقِدُ لِحُرْمَةِ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ كَالزَّكَاةِ، وَالنَّذْرِ، وَالْكَفَّارَةِ عَلَيْهِمْ، وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ شَيْئًا لِمُبْتَدِعٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ جَازَ صَرْفُهُ لِمُسْلِمٍ، أَوْ سُنِّيٍّ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اقْتَرَضَ مِنْ ذِمِّيٍّ، وَنَذَرَ لَهُ شَيْئًا مَا دَامَ دَيْنُهُ فِي ذِمَّتِهِ انْعَقَدَ نَذْرُهُ لَكِنْ يَجُوزُ دَفْعُهُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَتَفَطَّنْ لَهُ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ. اهـ.، وَقَالَ س ل: لَوْ دَفَعَ النَّاذِرُ مُدَّةً ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الَّذِي دَفَعَهُ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ الْمُقْرَضِ صَاقَ بِيَمِينِهِ، وَبَقِيَ النَّذْرُ فِي ذِمَّتِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُبَاحٍ) الْمُبَاحُ مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَرْغِيبٌ وَلَا تَرْهِيبٌ، وَاسْتَوَى فِعْلُهُ، وَتَرْكُهُ شَرْعًا ز ي (قَوْلُهُ: حَتَّى فِي الْمُبَاحِ) أَيْ: إنْ خَلَا عَنْ الْحَثِّ، وَالْمَنْعِ، وَتَحْقِيقِ الْخَبَرِ أَيْ: وَعَنْ الْإِضَافَةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِلَّا لَزِمَهُ بِهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَهُوَ مَعْنَى انْعِقَادِ نَذْرِهِ فِي عِبَارَةِ ز ي أَيْ: إنَّهُ فِي حُكْمِهِ، وَإِلَّا فَتَعْرِيفُ النَّذْرِ لَا يَشْمَلُهُ؛ إذْ لَا قُرْبَةَ فِي الْتِزَامِهِ. (قَوْلُهُ: لَا نَذْرَ) أَيْ: مُنْعَقِدٌ فِي مَعْصِيَةٍ. (قَوْلُهُ: فَضَعِيفٌ) ؛ لِأَنَّ آخِرَهُ يُنَافِي أَوَّلَهُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى عَدَمِ انْعِقَادِ نَذْرِهِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَخَالَفَ الْأَصْلَ إلَخْ) ضَعِيفٌ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ مَحْمُولٌ عَلَى نَذْرِ اللَّجَاجِ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ، أَوْ عَلَى نَذْرِ التَّبَرُّرِ إذَا أُضِيفَ لِلَّهِ، وَنَوَى بِهِ الْيَمِينَ كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَكْلُ كَذَا، وَمَا هُنَا عَلَى نَذْرِ التَّبَرُّرِ إذَا خَلَا عَنْ الْإِضَافَةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَعَنْ نِيَّةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ صِيغَةُ يَمِينٍ وَلَا حَقِيقَتُهُ سم وَقَدْ يُقَالُ: فِي كَوْنِهِ نَذْرَ لَجَاجٍ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ قُرْبَةٍ، إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ فِي حُكْمِهِ، وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ؛ حَيْثُ كَانَ حَقِيقِيًّا، وَهَذَا فِي حُكْمِهِ؛ لِأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَقُولَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ قِيَامٌ مَثَلًا، وَهَذَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ
[وَالنَّذْرُ ضَرْبَانِ]
[الْأَوَّلُ نَذْرُ اللَّجَاجِ]
. (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى نَذْرَ اللَّجَاجِ، وَالْغَضَبِ) أَيْ: مُرَكَّبٌ مِنْ هَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ ح ل وَإِلَّا فَالَفَرْضُ أَنَّهُ نَذْرُ لَجَاجٍ. (قَوْلُهُ: وَنَذْرُ الْغَلَقِ، وَيَمِينُ الْغَلَقِ) أَيْ: فَكُلُّهَا أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ، وَفِي الْمُخْتَارِ الْغَلَقُ بِفَتْحَتَيْنِ مَا يُغْلَقُ بِهِ الْبَابُ. اهـ. فَكَأَنَّ النَّاذِرَ نَذْرَ اللَّجَاجِ أَغْلَقَ الْبَابَ، وَسَدَّهُ عَلَى خَصْمِهِ، أَوْ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ م ر: وَحَاصِلُ الْفَرْقِ بَيْنَ نَذْرِ اللَّجَاجِ، وَالتَّبَرُّرِ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ تَعْلِيقٌ بِمَرْغُوبٍ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْمَنْعِ فَقَطْ، وَالثَّانِي بِمَرْغُوبٍ فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ ضُبِطَ بِأَنْ يُعَلَّقَ بِمَا يُقْصَدُ حُصُولُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَحُثَّ عَلَيْهِ) مِنْ بَابِ رَدَّ مُخْتَارٌ أَيْ: يَحُثُّ نَفْسَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute