للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ اجْتَمَعَ زَكَاةٌ وَدَيْنُ آدَمِيٍّ فِي تَرِكَةٍ) بِأَنْ مَاتَ قَبْلَ أَدَائِهَا وَضَاقَتْ التَّرِكَةُ عَنْهُمَا (قُدِّمَتْ) عَلَى الدَّيْنِ تَقْدِيمًا لِدَيْنِ اللَّهِ وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» وَكَالزَّكَاةِ سَائِرُ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَحَجٍّ وَكَفَّارَةٍ. نَعَمْ الْجِزْيَةُ وَدَيْنُ الْآدَمِيّ مُسْتَوِيَانِ مَعَ أَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى

وَخَرَجَ بِدَيْنِ الْآدَمِيِّ دَيْنُ اللَّهِ كَكَفَّارَةٍ وَحَجٍّ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ النِّصَابُ مَوْجُودًا قُدِّمَتْ الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَيَسْتَوِيَانِ وَبِالتَّرِكَةِ مَا لَوْ اجْتَمَعَا عَلَى حَيٍّ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ قُدِّمَ حَقُّ الْآدَمِيِّ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَإِلَّا قُدِّمَتْ جَزْمًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا.

(بَابُ أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ) هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِفَصْلٍ لِعَدَمِ انْدِرَاجِهِ فِي تَرْجَمَةِ الْبَابِ قَبْلَهُ (يَجِبُ) أَيْ أَدَاؤُهَا (فَوْرًا) لِأَنَّ حَاجَةَ الْمُسْتَحِقِّينَ إلَيْهَا نَاجِزَةٌ (إذَا تَمَكَّنَ) مِنْ الْأَدَاءِ كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ وَيَحْصُلُ التَّمَكُّنُ (بِحُضُورِ مَالٍ) غَائِبٍ سَائِرٍ قَارٍّ عَسِرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ أَوْ مَالٍ مَغْصُوبٍ، أَوْ مَجْحُودٍ، أَوْ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ، أَوْ حَالٍّ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ (وَ) حُضُورِ (آخِذٍ) لِلزَّكَاةِ مِنْ إمَامٍ، أَوْ سَاعٍ، أَوْ مُسْتَحِقٍّ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْأَصْنَافِ (وَبِجَفَافٍ) لِثَمَرٍ (وَتَنْقِيَةٍ) لِحَبٍّ وَتِبْرٍ وَمَعْدِنٍ (وَخُلُوِّ مَالِكٍ مِنْ مُهِمٍّ) دِينِيٍّ، أَوْ دُنْيَوِيٍّ كَصَلَاةٍ وَأَكْلٍ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مِنْ زِيَادَتِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَيْهِمْ الزَّكَاةُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ دَيْنًا فَيَتَوَقَّفُ الْإِخْرَاجُ عَلَى قَبْضِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةُ فِي الْعَيْنِ فَتَجِبُ عَلَيْهِمْ حَالًّا وَإِنْ لَمْ يَقْبِضُوا أَفَادَهُ شَيْخُنَا وَقَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ بِمَا إذَا كَانَ مَا عَيَّنَهُ لِكُلٍّ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُمْكِنُهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ أَوْ تَعْوِيضٍ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَإِنْ اعْتَرَضَهُ الْأَذْرَعِيُّ شَرْحُ حَجّ وَم ر وَشَرْحُ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اجْتَمَعَ زَكَاةٌ) سَوَاءٌ كَانَتْ زَكَاةَ مَالٍ أَوْ بَدَنٍ، حَدَثَ الدَّيْنُ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ أَوْ بَعْدَهُ. كَمَا يُشْعِرُ بِهِ إطْلَاقُهُ كَغَيْرِهِ ز ي (قَوْلُهُ: قُدِّمَتْ) وَلَوْ زَكَاةَ فِطْرٍ م ر قَوْلُهُ: عَلَى الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْعَيْنِ انْتَهَى وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: حُقُوقُ اللَّهِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ لِأَنَّهُ فِي الْحُدُودِ وَنَحْوِهَا أَوْ يُقَالُ الزَّكَاةُ فِيهَا جِهَتَانِ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الْآدَمِيِّ ع ش وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَى الْجَوَابِ الثَّانِي الْحَجُّ.

(قَوْلُهُ: كَحَجٍّ وَكَفَّارَةٍ) اُنْظُرْ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ لَا تَفِي بِأُجْرَةِ الْحَاجِّ هَلْ تُصْرَفُ إلَى الْوَرَثَةِ وَلَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهَا أَوْ يُؤَخَّرُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُوجَدَ مَنْ يَرْضَى بِهِ وَيَتَبَرَّعُ بِالْأَعْمَالِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ شَوْبَرِيٌّ وَسَكَتَ عَنْ صَرْفِهَا لِلدَّيْنِ مَعَ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِرْثِ. (قَوْلُهُ: مُسْتَوِيَانِ) لَيْسَ الْمُرَادُ التَّخْيِيرَ فِي الْبُدَاءَةِ بِأَيِّهِمَا، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي التَّقْسِيطِ فَيُوَزَّعُ الْمَوْجُودُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَتْ مُتَفَاوِتَةً لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا مَعْنَى الْأُجْرَةِ فَكَأَنَّهَا دَيْنُ آدَمِيٍّ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ النِّصَابُ) أَيْ أَوْ بَعْضُهُ قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ مُعْدِمًا وَاسْتَوَيَا فِي التَّعَلُّقِ بِالذِّمَمِ قُسِمَ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْإِمْكَانِ شَرْحُ م ر شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَسْتَوِيَانِ) أَيْ فَيُقَسَّطُ الْمَوْجُودُ عَلَيْهِمَا وَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّخْيِيرَ فَمَا يَخُصُّ الزَّكَاةَ صُرِفَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَمَا يَخُصُّ الْحَجَّ حُجَّ بِهِ إنْ رَضِيَ بِهِ إنْسَانٌ أَوْ تَبَرَّعَ بِتَتْمِيمِهِ وَإِلَّا وُقِفَ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ إلَخْ) وَيَجِبُ تَقْيِيدُ هَذَا التَّفْصِيلِ بِمَا إذَا لَمْ تَتَعَلَّقْ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ النِّصَابُ وَلَا بَعْضُهُ مَوْجُودًا وَإِلَّا بِأَنْ تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ بِأَنْ كَانَ النِّصَابُ أَوْ بَعْضُهُ مَوْجُودًا قُدِّمَتْ مُطْلَقًا أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَمْ لَا. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: قُدِّمَ حَقُّ الْآدَمِيِّ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّ النِّصَابَ تَالِفٌ فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا قُدِّمَتْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَوْ حُجِرَ بِهِ سم ع ش وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ: بِخِلَافِ مَا لَوْ اجْتَمَعَ مَعَ حَقِّ الْآدَمِيِّ جِزْيَةٌ فَإِنَّهُ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. اهـ

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُدِّمَتْ) قَالَ شَيْخُنَا وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَتَعَلَّقْ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ النِّصَابُ مَوْجُودًا قُدِّمَتْ مُطْلَقًا شَرْحُ م ر شَوْبَرِيٌّ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَمْ لَا ع ش وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ]

(بَابُ أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ) أَيْ حُكْمِ الْأَدَاءِ مِنْ كَوْنِهِ فَوْرِيًّا أَوْ لَا.

فَالْمُرَادُ بِأَدَائِهَا إخْرَاجُهَا فَهَذَا الْبَابُ فِي وُجُوبِ الْإِخْرَاجِ وَالْبَابُ الَّذِي قَبْلَهُ فِي لُزُومِهَا وَثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ وُجُوبُ الْإِخْرَاجِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِالتَّمَكُّنِ فَالْمُرَادُ بِالْأَدَاءِ الدَّفْعُ لَا الْأَدَاءُ بِالْمَعْنَى الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: هُوَ أَوْلَى) قَدْ يُقَالُ: الْغَرَضُ مِنْ بَيَانِ شُرُوطِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ بَيَانُ وُجُوبِ أَدَائِهَا فَالْبَابُ مُشْتَمِلٌ عَلَيْهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَسَقَطَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْأَصْلِ ز ي. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ انْدِرَاجِهِ) وَأَجَابَ م ر عَنْ الْأَصْلِ بِأَنَّ الْأَدَاءَ هُنَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْوُجُوبِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ فِيمَا قَبْلَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةَ. (قَوْلُهُ: سَائِرٍ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَالِكُ، أَوْ وَكِيلُهُ مُسَافِرًا مَعَهُ وَإِلَّا وَجَبَ الْإِخْرَاجُ فِي الْحَالِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ: فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ إنْ كَانَ بِبَادِيَةٍ صُرِفَ إلَى فُقَرَاءِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ. اهـ. س ل.

(قَوْلُهُ: عَسُرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ) صِفَةٌ لِلْقَارِّ بِخِلَافِ مَا إذَا سَهُلَ الْوُصُولُ إلَيْهِ بِأَنْ أَمِنَ الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاءُ زَكَاتِهِ إذَا مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ أَنْ يُحْضِرَهُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ بِالْفِعْلِ فَالْمَدَارُ عَلَى الْقُدْرَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَبِقُدْرَةٍ عَلَى غَائِبٍ إلَخْ فَهُوَ مُحْتَرَزُ هَذَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ حَالٍّ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ) بِأَنْ كَانَ عَلَى مُعْسِرٍ، أَوْ مَلِيءٍ وَلَمْ يُقِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>