للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُؤَقَّتٍ تَمَتُّعٌ حَرُمَ بِحَيْضٍ) فَيَحْرُمُ التَّمَتُّعُ بِوَطْءٍ وَغَيْرِهِ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ مَعْنًى لَا يَحِلُّ بِالْمِلْكِ كَالْحَيْضِ؛ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ التَّكْفِيرَ فِي الْآيَةِ قَبْلَ التَّمَاسِّ حَيْثُ قَالَ فِي الْإِعْتَاقِ وَالصَّوْمِ {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٤] وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ فِي الْإِطْعَامِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ وَوَاقَعَهَا: لَا تَقْرَبْهَا حَتَّى تُكَفِّرَ» .

وَكَالتَّكْفِيرِ مُضِيُّ مُدَّةِ الْمُؤَقَّتِ لِانْتِهَائِهِ بِهَا كَمَا تَقَرَّرَ وَحُمِلَ التَّمَاسُّ هُنَا؛ لِشِبْهِ الظِّهَارِ بِالْحَيْضِ عَلَى التَّمَتُّعِ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْوَطْءِ أَلْحَقَ بِهِ التَّمَتُّعَ بِغَيْرِهِ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ بِخِلَافِهِ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَيَجُوزُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْأَصْلِ تَبَعًا لِلْأَكْثَرَيْنِ تَصْحِيحَ جَوَازِ التَّمَتُّعِ وَالْمُلْحَقُ الْمَذْكُورُ مَعَ قَوْلِي أَوْ مُضِيِّ مُؤَقَّتٍ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعٍ بِكَلِمَةٍ) كَأَنْتُنَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَمُظَاهِرٌ مِنْهُنَّ لِوُجُودِ لَفْظِهِ الصَّرِيحِ (فَإِنْ أَمْسَكَهُنَّ فَأَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ) لِوُجُودِ سَبَبِهَا (أَوْ) ظَاهَرَ مِنْهُنَّ (بِأَرْبَعٍ) مِنْ كَلِمَاتٍ وَلَوْ مُتَوَالِيَةً (فَعَائِدٌ مِنْ غَيْرِ أَخِيرَةٍ) ، أَمَّا فِي الْمُتَوَالِيَةِ فَلِإِمْسَاكِ كُلٍّ مِنْهُنَّ زَمَنَ ظِهَارِ مَنْ وَلِيَتْهَا فِيهِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَظَاهِرٌ، فَإِنْ أَمْسَكَ الرَّابِعَةَ فَأَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ وَإِلَّا فَثَلَاثٌ.

(أَوْ كَرَّرَ) لَفْظَ الظِّهَارِ (فِي امْرَأَةٍ) تَكْرَارًا (مُتَّصِلًا تَعَدَّدَ) الظِّهَارُ (إنْ قَصَدَ اسْتِئْنَافًا) فَيَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُسْتَأْنَفِ، أَمَّا إذَا قَصَدَ تَأْكِيدًا أَوْ أَطْلَقَ فَلَا يَتَعَدَّدُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ فِي الطَّلَاقِ لِقُوَّتِهِ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ، وَمَسْأَلَةُ الْإِطْلَاقِ مِنْ زِيَادَتِي، فَلَوْ قَصَدَ بِالْبَعْضِ تَأْكِيدًا وَبِالْبَعْضِ اسْتِئْنَافًا أُعْطِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُكْمَهُ وَخَرَجَ بِالْمُتَّصِلِ الْمُنْفَصِلُ فَإِنَّهُ يَتَعَدَّدُ الظِّهَارُ فِيهِ مُطْلَقًا (وَهُوَ) أَيْ الْمُظَاهِرُ (بِهِ) أَيْ بِالِاسْتِئْنَافِ (عَائِدٌ) بِكُلِّ مَرَّةٍ اسْتَأْنَفَهَا لِلْإِمْسَاكِ زَمَنَهَا.

(كِتَابُ الْكَفَّارَةِ) . مِنْ الْكَفْرِ وَهُوَ السَّتْرُ لِأَنَّهَا تَسْتُرُ الذَّنْبَ وَمِنْهُ الْكَافِرِ لِأَنَّهُ يَسْتُرُ الْحَقَّ.

(تَجِبُ نِيَّتُهَا) بِأَنْ يَنْوِيَ الْإِعْتَاقَ أَوْ الصَّوْمَ أَوْ الْإِطْعَامَ أَوْ الْكُسْوَةَ عَنْ الْكَفَّارَةِ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهَا كَنَذْرٍ فَلَا يَكْفِي الْإِعْتَاقُ أَوْ الصَّوْمُ أَوْ الْكُسْوَةُ أَوْ الْإِطْعَامُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُهَا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ اقْتِرَانُهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَلْ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ بَلْ صَوَّبَهُ وَقَالَ: إنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ لَكِنَّهُ صَحَّحَ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ هُنَا أَنَّهُ يَجِبُ اقْتِرَانُهَا بِهِ فِي غَيْرِ الصَّوْمِ وَإِذَا قَدَّمَهَا وَجَبَ اقْتِرَانُهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: تَمَتُّعٌ حَرُمَ بِحَيْضٍ) اُنْظُرْ لَوْ اُضْطُرَّ لِلْوَطْءِ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَقَدْ يُتَّجَهُ الْجَوَازُ حَيْثُ تَعَيَّنَ لِدَفْعِ الزِّنَا وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: حَرُمَ بِحَيْضٍ لِأَنَّ الْوَطْءَ حِينَئِذٍ أَيْ: حِينَ تَعَيُّنِهِ لِدَفْعِ الزِّنَا لَا يَحْرُمُ فِي الْحَيْضِ شَوْبَرِيٌّ قَالَ ع ش عَلَى م ر لَكِنْ يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يَدْفَعُ بِهِ خَوْفَ الْعَنَتِ. (قَوْلُهُ وَغَيْرِهِ) أَيْ: بِمُبَاشَرَةٍ بِخِلَافِ النَّظَرِ بِشَهْوَةٍ ح ل. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ مَعْنًى لَا يُخِلُّ بِالْمِلْكِ) أَيْ: مِلْكِ الِانْتِفَاعِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ عِلَّةً لِلْحُرْمَةِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ عِلَّةً لِحِلِّ التَّمَتُّعِ بِغَيْرِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ عِلَّةً بَلْ بَيَانٌ لِلْجَامِعِ بَيْنَ الظِّهَارِ وَالْحَيْضِ فَيَكُونُ التَّعْلِيلُ فِي الْحَقِيقَةِ الْقِيَاسَ عَلَى الْحَيْضِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُلْحَقُ الْمَذْكُورُ) وَهُوَ قَوْلُهُ: أَلْحَقَ بِهِ التَّمَتُّعَ بِغَيْرِهِ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ: وَيَحْرُمُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَطْءٌ.

. (قَوْله فَإِنْ أَمْسَكَهُنَّ) هَلْ يَتَعَيَّنُ فِي دَفْعِ الْإِمْسَاكِ طَلَاقُهُنَّ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ يَحْصُلُ بِالشُّرُوعِ فِي طَلَاقِهِنَّ وَلَوْ مَعَ التَّرْتِيبِ وَلَا يَكُونُ بِطَلَاقِ كُلٍّ مُمْسِكًا لِغَيْرِهَا حَرِّرْ شَوْبَرِيٌّ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ لِوُجُودِ سَبَبِهَا) عِبَارَةُ حَجّ لِوُجُودِ الظِّهَارِ وَالْعَوْدِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُنَّ. (قَوْلُهُ: مِنْ كَلِمَاتٍ) أَتَى بِمِنْ مُحَافَظَةً عَلَى تَنْوِينِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْسَكَ الرَّابِعَةَ) أَيْ: فِي الصُّورَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ: فَيَتَعَدَّدُ بِعَدَدِ الْمُسْتَأْنَفِ) وَتَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ: لِقُوَّتِهِ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ) وَلِأَنَّ لَهُ عَدَدًا مَحْصُورًا وَالزَّوْجَ مَالِكٌ لَهُ فَإِذَا كَرَّرَهُ فَالظَّاهِرُ انْصِرَافُهُ إلَى مَا يَمْلِكُهُ وَلِأَنَّ مُوجَبَ اللَّفْظِ الثَّانِي فِي الطَّلَاقِ غَيْرُ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الظِّهَارِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّحْرِيمِ شَوْبَرِيٌّ. .

[كِتَابُ الْكَفَّارَةِ]

[دَرْسٌ] . (كِتَابُ الْكَفَّارَةِ)

ذَكَرَهَا عَقِبَ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ لِأَنَّهُمَا يُوجِبَانِهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَسْتُرُ الذَّنْبَ) أَيْ: تَمْحُوهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا جَابِرَةٌ كَسُجُودِ السَّهْوِ يَجْبُرُ الْخَلَلَ الْوَاقِعَ فِي الصَّلَاةِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَوْ تُخَفِّفُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا زَاجِرَةٌ كَالْحُدُودِ؛ لِأَنَّ بِسَبَبِهَا يَنْزَجِرُ عَنْ ارْتِكَابِ الْمُوجِبِ لَهَا ح ل وَفِيهِ أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا فِيهِ ذَنَبٌ، وَأَمَّا كَفَّارَةُ الْخَطَأِ فَأَيْنَ الذَّنَبُ الَّذِي تَسْتُرُهُ؟ إلَّا أَنْ يُقَالَ شَأْنُهَا ذَلِكَ أَوْ الْغَالِبُ فِيهَا ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: تَجِبُ نِيَّتُهَا) أَيْ: الْكَفَّارَةِ وَأَضْمَرَ لِأَنَّ حُكْمَهَا مُسْتَفَادٌ مِنْ بَقِيَّةِ الْبَابِ فَلَا يُقَالُ: الْحُكْمُ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ تَصَوُّرِهِ وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يُبَيِّنْهَا اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ وَبِذَلِكَ عُلِمَ) أَيْ: بِالِاقْتِصَارِ فِي تَصْوِيرِ النِّيَّةِ عَلَى قَوْلِهِ بِأَنْ يَنْوِيَ الْإِعْتَاقَ إلَخْ وَلَمْ يَقُلْ بِأَنْ يَنْوِيَ الْإِعْتَاقَ مَثَلًا عِنْدَ الْإِخْرَاجِ ح ل. (قَوْلُهُ: اقْتِرَانُهَا) أَيْ النِّيَّةِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَيْ: مِنْ الْإِعْتَاقِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بَلْ لَهُ أَنْ يَقْصِدَ عِتْقَ هَذَا الْعَبْدِ عَنْ الْكَفَّارَةِ ثُمَّ يُعْتِقَهُ بَعْدَ سَنَةٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهَا وَإِنْ لَمْ يُلَاحَظْ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ أَنَّهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ. (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الصَّوْمِ) أَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>