لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِاخْتِلَافِ حَالِهِ، وَتَعْيِينُ مَحَلِّ الْإِرْضَاعِ مِنْ بَيْتِ الْمُكْتَرِي أَوْ بَيْتِ الْمُرْضِعَةِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ فَهُوَ بِبَيْتِهَا أَسْهَلُ عَلَيْهَا وَبِبَيْتِهِ أَشَدُّ وُثُوقًا بِهِ (فَإِنْ انْقَطَعَ اللَّبَنُ) فِي الْإِجَارَةِ لَهُمَا (انْفَسَخَ الْعَقْدُ) (فِي الْإِرْضَاعِ) دُونَ الْحَضَانَةِ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ؛ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْصُودٌ فَيَسْقُطُ قِسْطُ الْإِرْضَاعِ مِنْ الْأُجْرَةِ.
(وَالْحَضَانَةُ) الْكُبْرَى (تَرْبِيَةُ صَبِيٍّ) أَيْ: جِنْسِهِ الصَّادِقِ بِالذَّكَرِ، وَغَيْرِهِ (بِمَا يُصْلِحُهُ) كَتَعَهُّدِهِ بِغَسْلِ جَسَدِهِ، وَثِيَابِهِ، وَدَهْنِهِ وَكَحْلِهِ، وَرَبْطِهِ فِي الْمَهْدِ، وَتَحْرِيكِهِ لِيَنَامَ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَحْتَاجُهُ، وَالْإِرْضَاعِ، وَيُسَمَّى الْحَضَانَةُ الصُّغْرَى أَنْ تُلْقِمَهُ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي حِجْرِهَا مَثَلًا الثَّدْيَ، وَتَعْصِرَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَالْمُسْتَحَقُّ بِالْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ، وَاللَّبَنُ تَبَعٌ
. [دَرْسٌ] (فَصْلٌ)
فِيمَا يَجِبُ بِالْمَعْنَى الْآتِي عَلَى الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمُكْرِي (تَسْلِيمُ مِفْتَاحِ دَارٍ) مَعَهَا (لِمُكْتَرٍ وَعِمَارَتُهَا) كَبِنَاءٍ وَتَطْيِينِ سَطْحٍ وَوَضْعِ بَابٍ وَمِيزَابٍ وَإِصْلَاحِ مُنْكَسِرٍ، (وَكَنْسِ ثَلْجِ سَطْحِهَا) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا، وَسَوَاءٌ فِي وُجُوبِ تَسْلِيمِ الْمِفْتَاحِ الِابْتِدَاءُ وَالدَّوَامُ حَتَّى لَوْ ضَاعَ مِنْ الْمُكْتَرِي وَجَبَ عَلَى الْمُكْرِي تَجْدِيدُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْمِفْتَاحِ مِفْتَاحُ الْغَلْقِ الْمُثَبَّتِ، أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ بَلْ، وَلَا قَفْلُهُ كَسَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُحْتَرَمًا، وَسَوَاءٌ فِي الْإِرْضَاعِ اللِّبَأُ وَغَيْرُهُ، وَسَوَاءٌ فِي الْمُرْضِعَةِ الصَّغِيرَةُ وَلَوْ دُونَ تِسْعٍ أَوْ الْكَبِيرَةُ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَالذَّكَرُ وَالْمُسْلِمَةُ وَالْكَافِرَةُ وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ وَسَوَاءٌ وَقَعَ الِاسْتِئْجَارُ مِنْهَا أَوْ مِنْ زَوْجِهَا أَيْ: بِإِذْنِهَا أَوْ سَيِّدِهَا وَلَوْ أَرْضَعَتْهُ لَبَنَ غَيْرِهَا كَجَارِيَتِهَا أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ فَإِنْ كَانَ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ اسْتَحَقَّتْ الْأُجْرَةَ أَوْ الْعَيْنَ فَلَا وَتُكَلَّفُ الْمُرْضِعَةُ تَنَاوُلَ مَا يَزِيدُ اللَّبَنَ أَوْ يُصْلِحُهُ وَتَرْكَ مَا يَضُرُّهُ، وَلَوْ وَطْءَ حَلِيلِهَا وَإِذَا امْتَنَعَتْ أَوْ تَغَيَّرَ لَبَنُهَا أَوْ نَقَصَ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر قَالَ ع ش عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ وَتَرْكُ مَا يَضُرُّهُ كَوَطْءِ حَلِيلٍ وَهَلْ تَصِيرُ نَاشِزَةً بِذَلِكَ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي السَّفَرِ لِحَاجَتِهَا وَحْدَهَا أَوْ لِحَاجَةِ أَجْنَبِيٍّ لِغَرَضِهَا أَمْ لَا تَصِيرُ نَاشِزَةً بِذَلِكَ؟ . فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَغَايَتُهُ أَنَّ الْإِذْنَ لَهَا فِي ذَلِكَ أَسْقَطَ عَنْهَا الْإِثْمَ فَقَطْ وَإِذَا حَرُمَ عَلَيْهِ الْوَطْءُ هَلْ تَمْنَعُهُ مِنْهُ وَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْوَلَدِ الْمُؤَدِّي إلَى قَتْلِهِ فَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ حِينَئِذٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ حُرْمَةِ الْوَطْءِ هُنَا مَعَ خَوْفِ الْعَنَتِ وَجَوَازِهِ فِي الْحَيْضِ لِذَلِكَ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِي الْحَيْضِ لِحَقِّ اللَّهِ، وَهُنَا لِحَقِّ آدَمِيٍّ فَلَا يَجُوزُ تَفْوِيتُهُ عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَيَسْقُطُ قِسْطُ الْإِرْضَاعِ) وَطَرِيقُ التَّقْسِيطِ أَنْ تُعْتَبَرَ نِسْبَةُ أُجْرَةِ مِثْلِ الْإِرْضَاعِ لِمَجْمُوعِ أُجْرَتَيْ الْإِرْضَاعِ وَالْحَضَانَةِ، وَيُؤْخَذُ مِثْلُ أُجْرَةِ نِسْبَةِ الْإِرْضَاعِ لِمَجْمُوعِ الْأُجْرَتَيْنِ مِنْ الْمُسَمَّى ع ش وَلَوْ أَتَتْ بِاللَّبَنِ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ وَلَمْ يَتَضَرَّرْ الْوَلَدُ بِهِ جَازَ خ ط س ل. (قَوْلُهُ وَالْحَضَانَةُ الْكُبْرَى) ذَكَرَ هَذَا هُنَا اسْتِطْرَادًا، وَمَحَلُّهُ بَابُ الْحَضَانَةِ الْآتِي.
(قَوْلُهُ تَرْبِيَةُ صَبِيٍّ) لَيْسَ جَامِعًا لِعَدَمِ شُمُولِهِ لِلْمَجْنُونِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الصَّبِيِّ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ. (قَوْلُهُ أَيْ: جِنْسِهِ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ هُنَا أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ مُتَعَيِّنٌ لِصِدْقِهِ بِالْأُنْثَى، وَقَدَّمَ فِي بَابِ الصَّلَاةِ تَفْسِيرَ الصَّبِيِّ بِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلِهِ بِالْجِنْسِ، وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ إنَّهُ مِنْ أَسْرَارِ اللُّغَةِ. (قَوْلُهُ وَدَهْنِهِ وَكَحْلِهِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا، وَعَبَّرَ بِالْمَصَادِرِ فِي ذَلِكَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَفْعَالُ، وَأَمَّا الْأَعْيَانُ كَالدُّهْنِ وَالْكُحْلِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ فِيهِمَا فَعَلَى الْوَلِيِّ، وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِخِلَافِهِ، وَقَالَ خ ط تُعْتَبَرُ الْعَادَةُ كَمَا فِي خَبَرِ النَّاسِخِ. اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الدَّهْنِ فِي كَوْنِهِ عَلَى الْأَبِ أُجْرَةُ الْقَابِلَةِ لِفِعْلِهَا الْمُتَعَلِّقِ بِإِصْلَاحِ الْوَلَدِ كَقَطْعِ سُرَّتِهِ دُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِ الْأُمِّ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ نَحْوِ مُلَازَمَتِهَا قَبْلُ لِوِلَادَةٍ وَغَسْلِ بَدَنِهَا وَثِيَابِهَا فَإِنَّهُ عَلَيْهَا كَصَرْفِهَا مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْمَرَضِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ وَتَعْصِرَهُ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ قَالَ تَعَالَى: {وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} [يوسف: ٤٩] مُخْتَارٌ ع ش.
[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ بِالْمَعْنَى الْآتِي عَلَى الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ]
(فَصْلٌ: فِيمَا يَجِبُ بِالْمَعْنَى الْآتِي)
أَيْ: فِي قَوْلِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ مَا ذَكَرَ وَاجِبًا إلَخْ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْوُجُوبِ عَلَى الْمُكْرِي وَفِي قَوْلِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَلْزَمُ إلَخْ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْوُجُوبِ عَلَى الْمُكْتَرِي. (قَوْلُهُ أَوْ دَابَّةٍ) أَيْ: وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ لِبَيَانِ حُكْمِ الْحِبْرِ وَالْخَيْطِ ع ش. (قَوْلُهُ تَسْلِيمُ مِفْتَاحٍ) أَيْ: وَإِعَادَةُ رُخَامٍ انْقَلَعَ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْفَائِتِ مُجَرَّدَ الزِّينَةِ، وَيَكْفِي الْبَلَاطُ إلَّا إنْ شَرَطَ بَقَاءَ الرُّخَامِ فَلَهُ الْفَسْخُ بِخُلْفِ الشَّرْطِ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا فَسْخَ إذَا لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَرْغَبُ فِيهَا بِالْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ إلَّا حَيْثُ كَانَ بِهَا الرُّخَامُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا يَأْتِي مَعْنَى كَوْنِ الشَّيْءِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَتَخَيَّرُ بِفَوَاتِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ هَذَا يَقُومُ مَقَامَهُ لَمْ يُخَيَّرْ بِفَوَاتِهِ ح ل، وَقَالَ ع ش عَلَى م ر: وَلَا يَكْفِي إعَادَةُ الْبَلَاطِ بَدَلَهُ بَلْ يَنْبَغِي الْخِيَارُ لِلْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ الزِّينَةُ وَقَدْ فَاتَتْ. اهـ.
(قَوْلُهُ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا) أَيْ: بِالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ ح ل وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ ضَاعَ) أَيْ: وَلَوْ بِتَقْصِيرٍ مِنْ الْمُكْتَرِي لَكِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ حِينَئِذٍ لِلْمُؤَجِّرِ ع ش وَح ل، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ، وَهُوَ أَمَانَةٌ بِيَدِهِ فَإِذَا تَلِفَ بِتَقْصِيرٍ ضَمِنَهُ أَوْ عَدَمِهِ فَلَا، وَفِيهِمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ تَجْدِيدُهُ