قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَا قَالُوهُ فِي ثَلْجِ السَّطْحِ مَحَلُّهُ فِي دَارٍ لَا يَنْتَفِعُ سَاكِنُهَا بِسَطْحِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ جَمَلُونَاتٍ، وَإِلَّا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَالْعَرْصَةِ؛ وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ مَا ذَكَرَ وَاجِبًا عَلَى الْمُكْرِي أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ، أَوْ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ بَلْ أَنَّهُ إنْ تَرَكَهُ ثَبَتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ كَمَا بَيَّنْتُهُ بِقَوْلِي: (فَإِنْ بَادَرَ) وَفَعَلَ مَا عَلَيْهِ فَذَاكَ (وَإِلَّا فَلِمُكْتِرٍ خِيَارٌ) إنْ نَقَصَتْ الْمَنْفَعَةُ لِتَضَرُّرِهِ بِنَقْصِهَا. نَعَمْ إنْ كَانَ الْخَلَلُ مُقَارِنًا لِلْعَقْدِ، وَعَلِمَ بِهِ، فَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَذِكْرُ الْخِيَارِ فِي غَيْرِ الْعِمَارَةِ مِنْ زِيَادَتِي، (وَعَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمُكْتَرِي (تَنْظِيفُ عَرْصَتِهَا) أَيْ: الدَّارِ (مِنْ ثَلْجٍ وَكُنَاسَةٍ) ،
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ لَا يَنْتَفِعُ سَاكِنُهَا) هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ السَّابِقَ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا، فَالنَّظَرُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ تَعْلِيلٌ لِمَا قَالُوهُ بِنَاءً عَلَى مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ، وَالْغَرَضُ مِنْ نَقْلِ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِكَلَامِهِمْ الْمُطْلَقِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَتَأَتَّى التَّعْلِيلُ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ أَوْ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا رَاجِعٌ لِلْعَيْنِ بِالنَّظَرِ لِغَيْرِ كَنْسِ الثَّلْجِ مِنْ السَّطْحِ أَيْ: إزَالَتِهِ ع ش. وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا أَيْ: انْتِفَاعًا تَامًّا فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ أَوَّلًا لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَهَذَا أَوْلَى. (قَوْلُهُ جَمَلُونَاتٍ) أَيْ: عُقَدًا وَكَمَا لَوْ كَانَ السَّطْحُ لَا مَرْقَى لَهُ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ سَاكِنُهَا بِسَطْحِهَا كَمَا لَوْ كَانَ مُسَقَّفًا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ كَالْعَرْصَةِ أَيْ: فَيَجِبُ عَلَى الْمُكْتَرِي بِالْمَعْنَى الْآتِي انْتَهَى شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) هَذَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فِي التَّرْجَمَةِ بِقَوْلِهِ بِالْمَعْنَى الْآتِي، وَمَحَلُّ عَدَمِ وُجُوبِ الْعِمَارَةِ فِي حَقِّ مَنْ يُؤَجِّرُ مَالَ نَفْسِهِ، أَمَّا الْوَقْفُ فَيَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ الْعِمَارَةُ حَيْثُ كَانَ فِيهِ رُبُعٌ، وَفِي مَعْنَاهُ الْمُتَصَرِّفُ بِالِاحْتِيَاطِ كَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يُعَمِّرَ فَسَخَ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ وَتَضَرَّرَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ الْحَرِيقَ وَالنَّهْبَ وَغَيْرَهُمَا، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ وَرَدُّ الْأُجْرَةِ إنْ تَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ وَإِذَا سَقَطَتْ الدَّارُ عَلَى مَتَاعِ الْمُسْتَأْجِرِ لَمْ يَلْزَمْ الْمُؤَجِّرَ ضَمَانُهُ وَلَا أُجْرَةُ تَخْلِيصِهِ، وَلَوْ غُصِبَتْ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَدَرَ عَلَى انْتِزَاعِهَا مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ لَزِمَهُ انْتَهَى س ل.
(قَوْلُهُ أَوْ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ) هَذَا مُسَلَّمٌ فِي إصْلَاحٍ يَحْتَاجُ لِعَيْنٍ أَمَّا إصْلَاحٌ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا كَإِقَامَةِ جِدَارٍ مَائِلٍ أَوْ إصْلَاحِ غَلْقٍ تَعَسَّرَ فَتْحُهُ، فَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَحَكَى فِيهِ الْإِمَامُ وَجْهَيْنِ اهـ سم. (قَوْلُهُ الْخِيَارُ) وَالْخِيَارُ هُنَا عَلَى التَّرَاخِي م ر. (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْخَلَلُ مُقَارِنًا إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ وَظِيفَةِ الْمُكْرِي لِتَقْصِيرِهِ بِإِقْدَامِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ كَذَا قَالَ شَيْخُنَا: وَفِيهِ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: هُوَ مَوْطِنُ نَفْسِهِ عَلَى أَنَّ الْمُؤَجِّرَ يُزِيلُ ذَلِكَ الْخَلَلَ، وَأَيْضًا الضَّرَرُ يَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْخَلَلِ الْمُقَارِنِ امْتِلَاءُ الْحَشِّ وَالْبَالُوعَةِ، فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِذَلِكَ مُطْلَقًا لِتَوَقُّفِ تَمَامِ التَّسْلِيمِ عَلَى تَفْرِيغِهِمَا م ر وَح ل، وَيَلْزَمُ أَيْضًا الْمُؤَجِّرَ انْتِزَاعُ الْعَيْنِ مِمَّنْ غَصَبَهَا حَيْثُ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا إنْ أَرَادَ دَوَامَ الْإِجَارَةِ، وَإِلَّا فَلِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ كَدَفْعِ نَحْوِ حَرِيقٍ وَنَهْبٍ عَنْهَا فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ غَيْرِ خَطَرٍ لَزِمَهُ كَالْوَدِيعِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَصَّرَ ضَمِنَ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ تَنْظِيفُ عَرْصَتِهَا) هِيَ الْبُقْعَةُ بَيْنَ بِنَاءِ الدَّارِ وَجَمْعُهَا عِرَاصٌ وَعَرَصَاتٌ، وَيُمْنَعُ مُسْتَأْجِرُ دَارٍ لِلسُّكْنَى مِنْ طَرْحِ الرَّمَادِ وَالتُّرَابِ فِي أَصْلِ حَائِطِ الدَّارِ وَمِنْ رَبْطِ الدَّابَّةِ فِيهَا إلَّا إنْ اُعْتِيدَ رَبْطُهَا فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ خ ط وَس ل. (قَوْلُهُ وَكُنَاسَةٍ) وَلَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ، فَيُجْبَرُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْخَلَاءِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْكُنَاسَةِ وَالْخَلَاءِ، بِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْكُنَاسَةَ تُزَالُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَهُوَ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِهَا فَأُجْبِرَ عَلَى إزَالَتِهَا وَلَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ بِخِلَافِ الْخَلَاءِ فَإِنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِأَنَّهُ يُزَالُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَلَا تَقْصِيرَ فِي تَرْكِهِ انْتَهَى ز ي، وَعِبَارَةُ م ر، وَعَلَيْهِ بِالْمَعْنَى الْمَارِّ تَفْرِيغُ بَالُوعَةٍ، وَحَشٌّ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا لِمَا حَصَلَ فِيهِمَا بِفِعْلِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَفَارَقَا الْكُنَاسَةَ بِأَنَّهُمَا نَشَآ عَمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ بِخِلَافِهَا، وَبِأَنَّ الْعُرْفَ فِيهَا رَفْعُهَا أَوَّلًا فَأَوَّلًا بِخِلَافِهِمَا، وَيَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ تَفْرِيغُهُمَا عِنْدَ الْعَقْدِ بِأَنْ يُسَلِّمَهُمَا فَارِغَيْنِ، وَإِلَّا ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُكْتَرِي وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِامْتِلَائِهِمَا، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ عَنْ عَدَمِ خِيَارِهِ بِالْعَيْبِ الْمُقَارِنِ بِأَنَّ اسْتِيفَاءَ مَنْفَعَةِ السُّكْنَى تَتَوَقَّفُ عَلَى تَفْرِيغِهِمَا بِخِلَافِ تَنْقِيَةِ الْكُنَاسَةِ وَنَحْوِهَا لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ مَعَ وُجُودِهَا اهـ حُرُوفُهُ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْحَشُّ هَلْ يَلْزَمُهُ تَفْرِيغُ الْجَمِيعِ أَمْ تَفْرِيغُ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ فَقَطْ؟ ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ مَا زَادَ تُشَوِّشُ رَائِحَتُهُ عَلَى السَّاكِنِ وَأَوْلَادِهِ هَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ أَمْ لَا؟ . فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إنْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَإِلَّا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ وَلَوْ اتَّسَخَ الثَّوْبُ الْمُؤَجَّرُ وَأُرِيدَ غَسْلُهُ هَلْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ؟ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: يَأْتِي فِيهِ جَمِيعُ مَا قِيلَ فِي الْكُنَاسَةِ، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا فِي الْحَشِّ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ لَا قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute