للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَأَنْ زَادَ الشُّهُودُ عَلَى اثْنَيْنِ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِمَا.

(فَلَوْ طُلِبَ مِنْ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) مِنْ (اثْنَيْنِ) مِنْهُمْ (أَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا هُمَا أَوْ) إلَّا (وَاحِدٌ وَالْحَقُّ يَثْبُتُ بِهِ وَبِيَمِينٍ) عِنْدَ الْحَاكِمِ الْمَطْلُوبِ إلَيْهِ (فَفَرْضُ عَيْنٍ) وَإِلَّا لَأَفْضَى إلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ وَقَالَ تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: ٢٨٢] سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَقُّ فِي الثَّالِثَةِ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَمْ لَا فَلَوْ أَدَّى وَاحِدٌ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ وَقَالَ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ مَعَهُ عَصَى لِأَنَّ مَقَاصِدَ الْإِشْهَادِ التَّوَرُّعُ عَنْ الْيَمِينِ (وَإِنَّمَا يَجِبُ) الْأَدَاءُ (إنْ دُعِيَ) الْمُتَحَمِّلُ (مِنْ مَسَافَةِ عَدْوَى) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ إلَى الْقَاضِي لِلْأَدَاءِ مِنْهَا (وَلَمْ يُجْمَعْ عَلَى فِسْقِهِ) بِأَنْ أُجْمِعَ عَلَى عَدَمِهِ أَوْ اُخْتُلِفَ فِيهِ كَشَارِبِ نَبِيذٍ فَيَلْزَمُ شَارِبَهُ الْأَدَاءُ وَإِنْ عُهِدَ مِنْ الْقَاضِي رَدُّ الشَّهَادَةِ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ، أَمَّا إذَا أُجْمِعَ عَلَى فِسْقِهِ كَشَارِبِ الْخَمْرِ فَلَا يَجِبُ الْأَدَاءُ عَلَيْهِ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ فِسْقًا ظَاهِرًا أَمْ خَفِيًّا بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ (وَلَا عُذْرَ لَهُ مِنْ نَحْوِ مَرَضٍ) كَتَخْدِيرِ الْمَرْأَةِ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَسْقُطُ بِهِ الْجُمُعَةُ (وَالْمَعْذُورُ يُشْهِدُ عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ يَبْعَثُ الْقَاضِي) إلَيْهِ (مَنْ يَسْمَعُهَا) وَإِذَا اجْتَمَعَتْ الشُّرُوطُ وَكَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ عَلَى طَعَامٍ فَلَهُ التَّأْخِيرُ إلَى أَنْ يَفْرُغَ. .

(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا.

(تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى شَهَادَةِ مَقْبُولٍ) شَهَادَتُهُ (فِي غَيْرِ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ) تَعَالَى (وَإِحْصَانٍ) مَالًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَعَقْدٍ وَفَسْخٍ وَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] وَلِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ قَدْ يَتَعَذَّرُ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ حَقٌّ لَازِمُ الْأَدَاءِ فَيُشْهَدَ عَلَيْهَا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ بِخِلَافِ عُقُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْإِحْصَانِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَالَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَلَعَلَّ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ: وَكَذَا لِيَرْجِعَ الْقَيْدُ لِلْجَمِيعِ إلَّا أَنْ يَقُولَ شَأْنُ الْمُتَحَمِّلِ الْكَثْرَةُ فَاسْتَغْنَى عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْجَمْعِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ كَأَنْ زَادَ الشُّهُودُ عَلَى اثْنَيْنِ) فَإِنْ شَهِدَ مِنْهُمْ اثْنَانِ فَذَاكَ وَإِلَّا أَثِمُوا سَوَاءٌ دَعَاهُمْ مُجْتَمِعِينَ أَمْ مُتَفَرِّقِينَ وَالْمُمْتَنِعُ أَوَّلًا أَكْثَرُ إثْمًا؛ لِأَنَّهُ مَتْبُوعٌ كَمَا أَنَّ الْمُجِيبَ أَوَّلًا أَكْثَرُ أَجْرًا لِذَلِكَ س ل. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بِخِلَافِ التَّحَمُّلِ إذَا طُلِبَ مِنْ اثْنَيْنِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُمَا طُلِبَا لِأَمَانَةٍ يَتَحَمَّلَانِهَا عَمِيرَةُ، وَعِبَارَةُ ع ب وَلَوْ طَلَبَ اثْنَانِ مِنْ جَمْعٍ لِيَتَحَمَّلَا لَمْ يَتَعَيَّنَا، ثُمَّ إنْ ظَنَّ امْتِنَاعَ غَيْرِهِمَا اُتُّجِهَ لِوُجُوبٍ فَهَلَّا أُجْرِيَ هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْأَدَاءِ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا هُمَا) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ خُرُوجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ وَهُوَ قَوْلُهُ: إنْ كَانُوا جَمْعًا لِكَوْنِ الْحُكْمِ فِي الْجَمِيعِ وَاحِدًا (قَوْلُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ إلَخْ) يُعْلَمُ مِنْهُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ الْحَاكِمُ يَرَى ذَلِكَ سم. (قَوْلُهُ إذَا مَا دُعُوا) أَيْ: لِلْأَدَاءِ ع ن (قَوْلُهُ فِي الثَّالِثَةِ) وَيَظْهَرُ أَنَّ الثَّانِيَةَ كَذَلِكَ فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالثَّالِثَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: عَصَى) وَكَانَتْ كَبِيرَةً شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: ٢٨٣] أَيْ: مَمْسُوخٌ، وَعِبَارَةُ ح ل عَصَى وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِكَوْنِهِ كَبِيرَةً (قَوْلُهُ: إنْ دُعِيَ) فَإِنْ لَمْ يُدْعَ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا فِي شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ فَيَلْزَمُهُ فَوْرًا؛ إزَالَةً لِلْمُنْكَرِ س ل. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي تَحْرِيمِ الْأَدَاءِ مَعَ الْفِسْقِ الْخَفِيِّ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ بِحَقٍّ وَإِعَانَةٌ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَا إثْمَ عَلَى الْقَاضِي إذَا لَمْ يُقَصِّرْ بَلْ يُتَّجَهُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي الْأَدَاءِ إنْقَاذَ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ بُضْعٍ قَالَ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ [فَرْعٌ] . .

قَالَ الشَّاهِدُ لَسْت بِشَاهِدٍ فِي هَذَا الشَّيْءِ، ثُمَّ جَاءَ فَشَهِدَ نَظَرَ إنْ قَالَهُ حِينَ تَصَدَّى لِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ قَالَهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِشَهْرٍ أَوْ يَوْمٍ قُبِلَتْ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ م ر ز ي، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ قَالَ لَا شَهَادَةَ لِي عَلَى فُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ كُنْت نَسِيتُ اُتُّجِهَ قَبُولُهَا حَيْثُ اشْتَهَرَتْ دِيَانَتُهُ اهـ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ) مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقًا لِخَلَاصِ الْحَقِّ وَلَمْ يَكُنْ فِسْقُهُ ظَاهِرًا ع ش (قَوْلُهُ: وَإِذَا اجْتَمَعَتْ الشُّرُوطُ) أَيْ: الثَّلَاثَةُ، وَعِبَارَةُ م ر وَمَتَى وَجَبَ الْأَدَاءُ كَانَ فَوْرِيًّا نَعَمْ لَهُ التَّأْخِيرُ؛ لِفَرَاغِ حَمَّامٍ وَأَكْلٍ وَنَحْوِهِمَا اهـ وَلَا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ الشَّاهِدُ بِلَفْظِ: أَشْهَدُ عِنْدَ الْأَدَاءِ فَلَوْ قَالَ أَعْلَمُ أَوْ أَتَحَقَّقُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَكْفِ عَلَى الصَّحِيحِ عَبْدُ الْبَرِّ وَلَوْ قَالَ اشْهَدُوا وَاكْتُبُوا أَنَّ لَهُ عَلَيَّ كَذَا لَمْ يَشْهَدُوا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إقْرَارٌ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ أَمْرٍ. اهـ. حَجّ. .

[فَصْلٌ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا]

(فَصْلٌ: فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا) (قَوْلُهُ: عَلَى شَهَادَةِ مَقْبُولٍ شَهَادَتُهُ) هُوَ شَامِلٌ بِعُمُومِهِ لِشَهَادَةِ الْفَرْعِ عَلَى شَهَادَةِ الْفَرْعِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَمِيرَةُ سم (قَوْلُهُ مَالًا كَانَ) أَيْ: غَيْرَ الْعُقُوبَةِ لِلَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ: لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا} [الطلاق: ٢] أَيْ: وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الشَّهَادَةِ عَلَى أَصْلِ الْحَقِّ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ ع ن. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عُقُوبَةِ اللَّهِ) أَيْ: بِالنَّظَرِ إلَى إثْبَاتِهَا لَا بِالنَّظَرِ إلَى دَرْئِهَا فَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا حُدَّ قُبِلَتْ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ حَقُّ آدَمِيٍّ عَمِيرَةُ، وَعِبَارَةُ ز ي وَالْمُرَادُ بِمَنْعِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي عُقُوبَةٍ لِلَّهِ مَنْعُ إثْبَاتِهَا فَلَوْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ آخَرَيْنِ أَنَّ الْحَاكِمَ حَدَّ فُلَانًا قُبِلَتْ. (قَوْلُهُ: وَالْإِحْصَانِ) أَيْ: الَّذِي يُرْجَمُ بِهِ ع ش أَيْ: إحْصَانُ مَنْ ثَبَتَ زِنَاهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ م ر بِأَنْ أَنْكَرَ كَوْنَهُ مُحْصَنًا فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِإِحْصَانِهِ لِأَجْلِ رَجْمِهِ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَةِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَالَى) عِلَّةٌ لِكُلٍّ مِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ وَالْإِحْصَانِ؛ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ لَمَّا كَانَ شَرْطًا فِي حَقِّ اللَّهِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ وَمُتَعَلِّقًا بِهِ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فَكَأَنَّهُ قَالَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ وَالْإِحْصَانِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>