الْمَشْرُوطَ فِيهِ الْإِحْصَانُ فِي الْجُمْلَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ وَحَقَّ الْآدَمِيِّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ، وَذِكْرُ الْإِحْصَانِ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِمَقْبُولِ الشَّهَادَةِ غَيْرُهُ فَلَا يَصِحُّ تَحَمُّلُ شَهَادَةِ مَرْدُودِهَا كَفَاسِقٍ وَرَقِيقٍ وَعَدُوٍّ وَكَذَا لَا يَصِحُّ تَحَمُّلُ النِّسَاءِ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي وِلَادَةٍ أَوْ رَضَاعٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ فَصْلِ لَا يَكْفِي لِغَيْرِ هِلَالِ رَمَضَانَ شَاهِدٌ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْفَرْعِ تُثْبِتُ شَهَادَةَ الْأَصْلِ لَا مَا يَشْهَدُ بِهِ الْأَصْلُ (وَتَحَمُّلُهَا بِأَنْ يَسْتَرْعِيَهُ) الْأَصْلُ أَيْ: يَلْتَمِسَ مِنْهُ رِعَايَةَ الشَّهَادَةِ وَضَبْطَهَا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ نِيَابَةٌ فَاعْتُبِرَ فِيهَا الْإِذْنُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا يَأْتِي (فَيَقُولَ أَنَا شَاهِدٌ بِكَذَا وَأُشْهِدُك) أَوْ أَشْهَدْتُك (أَوْ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي) بِهِ وَكُلُّ مَنْ سَمِعَ الْمُسْتَرْعَى لَهُ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا عَطَفْتُهُ عَلَى يَسْتَرْعِيَهُ بِقَوْلِي (أَوْ) بِأَنْ (يَسْمَعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ حَاكِمٍ) ، وَلَوْ مُحَكَّمًا أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَشْهَدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْوُجُوبِ (أَوْ) بِأَنْ يَسْمَعَهُ (يُبَيِّنُ سَبَبَهَا) أَيْ: الشَّهَادَةِ (كَأَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفًا قَرْضًا) فَلِسَامِعِهِ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ، وَلَمْ يَشْهَدْ عِنْدَ حَاكِمٍ لِانْتِفَاءِ احْتِمَالِ الْوَعْدِ وَالتَّسَاهُلِ مَعَ الْإِسْنَادِ إلَى السَّبَبِ فَلَا يَكْفِي مَا لَوْ سَمِعَهُ يَقُولُ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا أَوْ أَشْهَدُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا أَوْ عِنْدِي شَهَادَةٌ بِكَذَا أَوْ أُعْلِمُك أَوْ أُخْبِرُك بِكَذَا أَوْ أَنَا عَالِمٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَأْتِ فِي بَعْضِ ذَلِكَ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ قَدْ يُرِيدُ عِدَةً كَأَنْ قَدْ وَعَدَهَا أَوْ يُشِيرُ بِكَلِمَةِ عَلَى إلَى أَنَّ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ وَقَدْ يَتَسَاهَلُ بِإِطْلَاقِهِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ فَإِذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الشَّهَادَةِ أَحْجَمَ. .
(وَلْيُبَيِّنْ) وُجُوبًا (الْفَرْعُ عِنْدَ الْأَدَاءِ جِهَةَ التَّحَمُّلِ) فَإِنْ اسْتَرْعَاهُ الْأَصْلُ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا شَهِدَ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ بَيَّنَ أَنَّهُ شَهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ أَنَّهُ أَسْنَدَ الْمَشْهُودَ بِهِ إلَى سَبَبِهِ (إلَّا أَنْ يَثِقَ الْحَاكِمُ بِعِلْمِهِ) فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ كَقَوْلِهِ: أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ فُلَانٍ بِكَذَا لِحُصُولِ الْغَرَضِ (وَلَوْ حَدَثَ بِالْأَصْلِ عَدَاوَةٌ أَوْ فِسْقٌ) بِرِدَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا (لَمْ يَشْهَدْ فَرْعٌ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَهْجُمُ غَالِبًا دَفْعَةً فَتُورِثُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى وَلَيْسَ لِمُدَّتِهَا الْمَاضِيَةِ ضَبْطٌ،
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَلِذَلِكَ احْتَاجَ لِإِدْخَالِ هَذَا الْوَصْفِ فِي الْعِلَّةِ (قَوْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ: فِي بَعْضِ صُوَرِهِ وَهُوَ رَجْمُ الزَّانِي قَالَ ع ش وَخَرَجَ حَدُّ زِنَا الْبِكْرِ. (قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ) أَيْ: فَلَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ فِيهِ مُطْلَقًا أَيْ: شُرِطَ فِيهِ الْإِحْصَانُ أَمْ لَا شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ تَحَمُّلٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ فَلَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ عَلَى شَهَادَةِ مَرْدُودٍ الشَّهَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يَصِحُّ) فَصْلُهُ بِكَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مِمَّا هُنَا فَلِذَلِكَ قَالَ كَمَا عُلِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَحَمُّلُ النِّسَاءِ) لَا عَنْ الرِّجَالِ وَلَا عَنْ النِّسَاءِ. (قَوْلُهُ: لَا مَا يَشْهَدُ بِهِ الْأَصْلُ) وَشَهَادَةُ الْأَصْلِ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا وَمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا لَا تُقْبَلُ فِيهِ النِّسَاءُ ز ي (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَسْتَرْعِيَهُ) مِنْ الِاسْتِرْعَاءِ وَهُوَ التَّحَفُّظُ ز ي وَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلطَّلَبِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ وَضَبْطَهَا) تَفْسِيرٌ. (قَوْلُهُ: كَمَا يُؤْخَذُ إلَخْ) فِي وَجْهِ الْأَخْذِ نَظَرٌ سم لِأَنَّ الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ فِيهَا سَمَاعُ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالثَّالِثَةُ فِيهَا بَيَانُ السَّبَبِ وَالْأُولَى خَالِيَةٌ عَنْ ذَلِكَ فَهُمَا أَقْوَى مِنْهَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الشَّهَادَةِ فِي السَّمَاعِ فِيهِمَا جَوَازُ الشَّهَادَةِ بِالسَّمَاعِ فِي الْأُولَى اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْأُولَى فِيهَا قُوَّةٌ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ فِيهَا: وَأُشْهِدُك عَلَى شَهَادَتِي مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى جَزْمِهِ بِالشَّهَادَةِ كَسَمَاعِهِ يَشْهَدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ يُبَيِّنُ السَّبَبَ. (قَوْلُهُ عِنْدَ حَاكِمٍ) أَوْ نَحْوِ أَمِيرٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَيْ: تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عِنْدَهُ م ر.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ تَحَقُّقِ الْوُجُوبِ) أَيْ: فَأَغْنَاهُ ذَلِكَ عَنْ إذْنِ الْأَصْلِ لَهُ فِيهِ م ر. (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ احْتِمَالِ الْوَعْدِ) أَيْ: مِنْ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ لِرَبِّ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ مَعَ الْإِسْنَادِ إلَى السَّبَبِ) أَيْ:؛ لِأَنَّ إسْنَادَهُ لِلسَّبَبِ يَمْنَعُ احْتِمَالَ التَّسَاهُلِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنِهِ أَيْضًا ع ن. (قَوْلُهُ: أَوْ عِنْدِي شَهَادَةٌ بِكَذَا) وَإِنْ قَالَ: شَهَادَةٌ جَازِمَةٌ لَا أَتَرَدَّدُ فِيهَا س ل. (قَوْلُهُ: أَوْ يُشِيرُ إلَخْ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ: حَيْثُ أَرَادَ الشَّاهِدُ الْعِدَّةَ الَّتِي وَعَدَهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ فَلِمَ أَتَى فِي شَهَادَتِهِ بِلَفْظِ عَلَى الدَّالِّ عَلَى الْوُجُوبِ؟ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَسَاهَلُ) أَيْ: الشَّاهِدُ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ وَقَوْلُهُ بِإِطْلَاقِهِ أَيْ: إطْلَاقِهِ الشَّهَادَةَ بِأَنْ لَمْ يَسْنُدْ لِلسَّبَبِ وَهُوَ الْغَرَضُ الَّذِي أَرَادَهُ وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ أَرَادَ الْوَعْدَ فَلِمَ تَرَكَهُ فِي شَهَادَتِهِ (قَوْلُهُ صَحِيحٍ) كَحَمْلِهِ عَلَى الْإِعْطَاءِ أَوْ أَنَّهُ عَلَيْهِ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ أَوْ فَاسِدٍ كَأَنْ كَانَ غَرَضُهُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ عَلَى قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: أَحْجَمَ) بِتَقْدِيمِ الْحَاءِ عَلَى الْجِيمِ وَبِالْعَكْسِ أَيْ: امْتَنَعَ مِنْ الشَّهَادَةِ عِ ش أَيْ: وَادَّعَى أَنَّهُ وَعْدٌ لَا شَهَادَةٌ ح ف. .
. (قَوْلُهُ: بِعِلْمِهِ) أَيْ: الْفَرْعِ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَدَثَ إلَخْ) أَيْ: قَبْلَ الْحُكْمِ، أَمَّا حُدُوثُ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَغَيْرُ مُؤَثِّرٍ نَعَمْ لَوْ كَانَ عُقُوبَةً لَمْ تَسْتَوْفِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الرُّجُوعِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ س ل فَلَوْ حَدَثَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْقَضَاءِ امْتَنَعَ الْحُكْمُ وَيُلْغَزُ فَيُقَالُ: عَدْلٌ أَدَّى شَهَادَةً وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ امْتَنَعَ الْحُكْمُ لِأَجْلِ فِسْقِ شَخْصٍ آخَرَ دَمِيرِيٌّ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ مِنْ حِينِ التَّحَمُّلِ إلَى الْأَدَاءِ وَالْحُكْمِ ح ل. (قَوْلُهُ عَدَاوَةٌ) أَيْ: بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ: إحْدَى الْخَصْلَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَهُمَا الْعَدَاوَةُ وَالْفِسْقُ. (قَوْلُهُ: لَا تَهْجُمُ) فِي الْمِصْبَاحِ هَجَمْتُ عَلَيْهِ هُجُومًا مِنْ بَابِ قَعَدَ دَخَلْتُ بَغْتَةً عَلَى غَفْلَةٍ مِنْهُ وَهَجَمْتُهُ عَلَى الْقَوْمِ جَعَلْتُهُ يَهْجُمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute