(وَبِمَا هُوَ فِيهِ تَعَالَى) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (أَغْلَبُ كَالرَّحِيمِ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَالرَّبِّ مَا لَمْ يُرِدْ) بِهَا (غَيْرَهُ) تَعَالَى بِأَنْ أَرَادَهُ تَعَالَى أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ بِهَا غَيْرَهُ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ مُقَيَّدًا كَرَحِيمِ الْقَلْبِ وَخَالِقِ الْإِفْكِ وَرَازِقِ الْجَيْشِ وَرَبِّ الْإِبِلِ (أَوْ) بِمَا هُوَ (فِيهِ) تَعَالَى (وَفِي غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَالْمَوْجُودِ وَالْعَالِمِ وَالْحَيِّ إنْ أَرَادَهُ) تَعَالَى بِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ بِهَا غَيْرَهُ أَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّهَا لَمَّا أُطْلِقَتْ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ أَشْبَهَتْ الْكِنَايَاتِ (وَبِصِفَتِهِ) الذَّاتِيَّةِ (كَعَظَمَتِهِ وَعِزَّتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَكَلَامِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَحَقِّهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْحَقِّ الْعِبَادَاتِ وَبِاَللَّذَيْنِ قَبْلَهُ الْمَعْلُومَ وَالْمَقْدُورَ وَبِالْبَقِيَّةِ ظُهُورَ آثَارِهَا) فَلَيْسَتْ يَمِينًا لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهَا وَقَوْلِي وَبِالْبَقِيَّةِ إلَخْ مِنْ زِيَادَتِي وَقَوْلِهِ وَكِتَابِ اللَّهِ يَمِينٌ وَكَذَا وَالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْقُرْآنِ الْخُطْبَةَ وَالصَّلَاةَ وَالْمُصْحَفِ الْوَرَقَ وَالْجِلْدَ
(وَحُرُوفِ الْقَسَمِ) الْمَشْهُورَةِ (بَاءٌ) مُوَحَّدَةٌ (وَوَاوٌ وَتَاءٌ) فَوْقِيَّةٌ كَبِاللَّهِ وَوَاللَّهِ وَتَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا (وَيَخْتَصُّ اللَّهُ) أَيْ لَفْظُهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: وَبِمَا هُوَ فِيهِ تَعَالَى عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَغْلَبُ) هَذَا التَّرْكِيبُ يُفِيدُ أَنَّ مَا سَيَأْتِي مِنْ الْأَمْثِلَةِ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ اللَّهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَيْ: عَدَمِ التَّقْيِيدِ بِإِضَافَةٍ، وَقَوْلُهُ الْآتِي: لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ مُقَيَّدًا إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهَا لَا تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ، إلَّا بِقَيْدِ الْإِضَافَةِ فَحَصَلَ التَّنَافِي فِي كَلَامِهِ تَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ مُقَيَّدًا لَيْسَ هَذَا مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ: أَغْلَبُ، وَلْيَنْظُرْ مَا الَّذِي احْتَرَزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: أَغْلَبُ وَلَعَلَّهُ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ: أَوْ فِيهِ، وَفِي غَيْرِهِ سَوَاءٌ إلَخْ، وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ. اهـ. أَيْ: لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ أَنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَزًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ: إنْ أَرَادَهُ، وَكَانَ الْأَوَّلُ شَامِلًا لِلْإِطْلَاقِ صَحَّ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَزًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالرَّبِّ) أَيْ: مُعَرَّفًا، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ، إلَّا فِي اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ مِنْ الْمُخْتَصِّ لَا مِمَّا هُوَ أَغْلَبُ.، وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَصْلَ مَعْنَاهُ، وَهُوَ غَيْرُ الْمُعَرَّفِ بِأَلْ اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِهِ تَعَالَى فَصَحَّ قَصْدُ الْغَيْرِ بِهِ مَعَ أَلْ؛ لِأَنَّ أَلْ قَرِينَةٌ ضَعِيفَةٌ كَذَا قِيلَ ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا هُوَ فِيهِ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ لِيُنَاسِبَ مَا قَبْلَهُ، وَمَا بَعْدَهُ، وَعَبَّرَ فِي الْمِنْهَاجِ بِالْوَاوِ. (قَوْلُهُ: وَبِصِفَتِهِ الذَّاتِيَّةِ) بِخِلَافِ الْفِعْلِيَّةِ كَخَلْقِهِ، وَرِزْقِهِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِيَمِينٍ، وَظَاهِرُهُ لَا صَرِيحٌ وَلَا كِنَايَةٌ رَاجِعٌ شَرْحُ الرَّوْضِ ح ل. وَخَرَجَ السَّلْبِيَّةُ كَكَوْنِهِ تَعَالَى لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا جَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ لَكِنْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ الِانْعِقَادَ بِهَذِهِ؛ لِأَنَّهَا قَدِيمَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ تَعَالَى رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ الذَّاتِيَّةِ السَّلْبِيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَعَظَمَتِهِ) هِيَ صِفَةٌ مُخْتَصَّةٌ بِهِ تَعَالَى بِحَسَبِ الْوَضْعِ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَالَ س ل: وَمَا جَزَمَ بِهِ مِنْ أَنَّ عَظَمَةَ اللَّهِ صِفَةٌ هُوَ الْمَعْرُوفُ، وَبَنَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ مَنْعَ قَوْلِهِمْ: سُبْحَانَ مَنْ تَوَاضَعَ كُلُّ شَيْءٍ لِعَظَمَتِهِ قَالَ: لِأَنَّ التَّوَاضُعَ لِلصِّفَةِ عِبَادَةٌ لَهَا وَلَا يُعْبَدُ، إلَّا لِلذَّاتِ، وَمَنَعَ الْقَرَافِيُّ ذَلِكَ، وَقَالَ: الصَّحِيحُ أَنَّ عَظَمَةَ اللَّهِ الْمَجْمُوعُ مِنْ الذَّاتِ، وَالصِّفَاتِ فَالْمَعْبُودُ مَجْمُوعُهُمَا. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ فَاسِدٌ؛ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ إضَافَتُهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْكُلَّ لَا يُضَافُ لِجُزْئِهِ لِوُجُوبِ تَغَايُرِ الْمُضَافِ، وَالْمُضَافِ إلَيْهِ، وَأَيْضًا الْمَعْبُودُ الذَّاتُ الْمُتَّصِفَةُ بِالصِّفَاتِ لَا الذَّاتُ مَعَ الصِّفَاتِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ لَكِنْ قَالَ م ر: فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ هَذَا فَصَحِيحٌ أَوْ مُجَرَّدُ الصِّفَةِ فَمُمْتَنِعٌ وَلَمْ يُبَيِّنُوا حُكْمَ الْإِطْلَاقِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا مَنْعَ مِنْهُ. اهـ. ق ل ع ش وَيَنْبَغِي لِلْحَالِفِ أَنْ لَا يَتَسَاهَلَ فِي الْحَلِفِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُوجِبٍ لِلْكَفَّارَةِ سِيَّمَا إذَا حَلَفَ عَلَى نِيَّةِ أَنْ لَا يَفْعَلَ فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ يَجُرُّ إلَى الْكُفْرِ لِعَدَمِ تَعْظِيمِ رَسُولِهِ، وَالِاسْتِخْفَافِ بِهِ (فَرْعٌ)
نُقِلَ عَنْ م ر بِالدَّرْسِ انْعِقَادُ الْيَمِينِ بِقَوْلِ الْعَوَامّ وَالِاسْمِ الْأَعْظَمِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَحَقُّهُ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: مَعْنَاهُ حَقِيقَةُ الْإِلَهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ مَا لَا يُمْكِنُ جُحُودُهُ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَالَ غَيْرُهُ: حَقُّ اللَّهِ هُوَ الْقُرْآنُ قَالَ تَعَالَى {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} [الحاقة: ٥١] هَذَا إنْ جَرَّ الْحَقَّ، فَإِنْ رَفَعَهُ، أَوْ نَصَبَهُ فَكِنَايَةٌ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ اسْتِحْقَاقِ الطَّاعَةِ، وَالْحَقِيقَةِ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا، إلَّا بِالنِّيَّةِ س ل. (قَوْلُهُ: وَبِاَللَّذَيْنِ قَبْلَهُ) اُنْظُرْ وَجْهَ قَطْعِهِمَا عَنْ الْآثَارِ، وَهَلَّا جَعَلَهُمَا مِنْهَا شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَبِالْبَقِيَّةِ ظُهُورُ آثَارِهَا) فَأَثَرُ الْعَظَمَةِ، وَالْكِبْرِيَاءِ كَهَلَاكِ الْجَبَابِرَةِ، وَأَثَرُ الْعِزَّةِ كَالْعَجْزِ عَنْ إيصَالِ مَكْرُوهٍ لَهُ تَعَالَى، وَأَثَرُ الْكَلَامِ كَالْحُرُوفِ، وَالْأَصْوَاتِ، وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: ظُهُورُ آثَارِهَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: عَايَنْت عَظَمَةَ اللَّهِ، وَيُرَادُ الَّذِي صَنَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَذَا عَايَنْت كِبْرِيَاءَهُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَكِتَابِ اللَّهِ) ، أَوْ التَّوْرَاةِ، أَوْ الْإِنْجِيلِ، أَوْ آيَةٍ مَنْسُوخَةِ التِّلَاوَةِ دُونَ الْحُكْمِ كَالشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ ح ل. (قَوْلُهُ: الْخُطْبَةَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الأعراف: ٢٠٤] وَقَوْلُهُ: وَالصَّلَاةَ لِقَوْلِهِ {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} [الإسراء: ٧٨] ع ن أَيْ: صَلَاتَهُ، وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: وَالصَّلَاةَ بِمَعْنَى، أَوْ. اهـ. (قَوْلُهُ: الْوَرَقَ، وَالْجِلْدَ) أَيْ: وَبِالْكَلَامِ الْحُرُوفَ، وَالْأَصْوَاتِ شَرْحُ الْبَهْجَةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ انْعِقَادِ الْيَمِينِ بِالْقُرْآنِ إذَا أَرَادَ بِهِ الْأَلْفَاظَ، أَوْ النُّقُوشَ، وَبِهِ صَرَّحَ م ر فِي الشَّرْحِ
[حُرُوف الْقَسَمِ الْمَشْهُورَةِ]
(قَوْلُهُ: الْمَشْهُورَةُ) وَغَيْرُ الْمَشْهُورَةِ كَالْأَلْفِ الْمَمْدُودَةِ، وَهَا التَّنْبِيهِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِاَللَّهِ، وَوَاللَّهِ) فَلَوْ قَالَ: بِلَّهِ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ، وَحَذْفِ الْأَلْفِ كَانَ يَمِينًا إنْ نَوَاهَا عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِجَمْعٍ ذَهَبُوا إلَى أَنَّهَا لَغْوٌ. اهـ. شَرْحُ م ر، وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ بِحَذْفِ الْأَلْفِ بَعْدَ اللَّامِ فَهَلْ يَتَوَقَّفُ الِانْعِقَادُ عَلَى نِيَّتِهَا، أَوْ لَا؟ وَيَظْهَرُ الثَّانِي؛ لِعَدَمِ الِاشْتِرَاكِ فِي هَذَا اللَّفْظِ بَيْنَ الِاسْمِ الْكَرِيمِ، وَغَيْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute