للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، وَقَدَّمْت فِي بَابِ مَسْحِ الْخُفِّ أَنَّ مَنْ تَرَكَ رُخْصَةً رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ أَوْ شَكًّا فِي جَوَازِهَا كُرِهَ لَهُ تَرْكُهَا وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي قَصْرِهِ مَا لَوْ اخْتَلَفَ فِيهِ كَمَلَّاحٍ يُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ وَمَعَهُ عِيَالُهُ فِي سَفِينَةٍ، وَمَنْ يُدِيمُ السَّفَرَ مُطْلَقًا فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ لَهُ لِأَنَّهُ فِي وَطَنِهِ، وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ عَلَيْهِ كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ لَا يُجَوِّزُ لَهُ الْقَصْرَ.

(فَصْلٌ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ (يَجُوزُ جَمْعُ عَصْرَيْنِ) أَيْ: الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ (وَمَغْرِبَيْنِ) أَيْ: الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ (تَقْدِيمًا) فِي وَقْتِ الْأُولَى (وَتَأْخِيرًا) فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ (فِي سَفَرِ قَصْرٍ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ، وَالْجُمُعَةُ كَالظُّهْرِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَغَلَبَ فِي التَّثْنِيَةِ الْعَصْرُ لِشَرَفِهَا وَالْمَغْرِبُ لِلنَّهْيِ عَنْ تَسْمِيَتِهَا عِشَاءً (وَالْأَفْضَلُ لِسَائِرٍ وَقْتُ أُولَى) كَسَائِرٍ يَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ (تَأْخِيرٌ وَلِغَيْرِهِ تَقْدِيمٌ) لِلِاتِّبَاعِ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: وَقَدَّمْتُ فِي بَابِ مَسْحِ الْخُفِّ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا التَّنْبِيهُ عَلَى صُوَرٍ أُخْرَى يَكُونُ الْقَصْرُ فِيهَا أَفْضَلَ مِنْ الْإِتْمَامِ (قَوْلُهُ: رَغْبَةً) أَيْ: لَمْ تَطْمَئِنَّ نَفْسُهُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: فِي جَوَازِهَا) أَيْ: فِي دَلِيلِ جَوَازِهَا لِنَحْوِ مُعَارِضٍ (قَوْلُهُ: كَمَلَّاحٍ يُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ) أَيْ: لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالِهِ السَّفَرُ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ الْمَلَّاحِ مِمَّنْ يَغْلِبُ سَفَرُهُ فِي السَّفِينَةِ بِأَهْلِهِ (قَوْلُهُ: وَمَعَهُ عِيَالُهُ) لَيْسَ قَيْدًا (قَوْلُهُ: وَمَنْ يُدِيمُ السَّفَرَ مُطْلَقًا) أَيْ: مَعَهُ عِيَالُهُ، أَوْ لَا وَهُوَ فِي السَّفِينَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي وَطَنِهِ) أَيْ: الَّذِي هُوَ السَّفِينَةُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ فِي الْبَرِّ كَمَا قَالَهُ: شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ أَيْ: لِمَنْ يُسَافِرُ وَمَعَهُ عِيَالُهُ وَمَنْ يُدِيمُ السَّفَرَ وَقَدَّمَ عَلَى خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ الْمُوجَبَ عَلَيْهِ الْقَصْرُ حِينَئِذٍ فِيمَا إذَا بَلَغَ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ لِاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْإِتْمَامُ سم وز ي فَقَوْلُ ح ل قَوْلُهُ: فَالْإِتْمَامُ أَفْضَلُ أَيْ: فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَكُونُ الْإِتْمَامُ فِيهَا أَفْضَلَ وَذَلِكَ إنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَلَاثَ مَرَاحِلَ غَيْرُ ظَاهِرٍ.

[فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]

سَفَرًا وَحَضَرًا سَوَاءٌ كَانَتَا تَامَّتَيْنِ، أَوْ مَقْصُورَتَيْنِ، أَوْ إحْدَاهُمَا تَامَّةٌ، وَالْأُخْرَى مَقْصُورَةٌ وَأَلْ فِي الصَّلَاتَيْنِ لِلْعَهْدِ أَيْ: الْمَعْهُودَتَيْنِ شَرْعًا (قَوْلُهُ: يَجُوزُ جَمْعُ عَصْرَيْنِ) وَقَدْ يَجِبُ الْقَصْرُ، وَالْجَمْعُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا. وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالْمَزْنِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَمَعْنَاهُ مُطْلَقًا إلَّا فِي عَرَفَاتٍ، وَمُزْدَلِفَةَ فَجَوَّزَاهُ لِلْمُقِيمِ، وَالْمُسَافِرِ لِلنُّسُكِ لَا لِلسَّفَرِ. اهـ. سم وَبِرْمَاوِيٌّ وع ش (قَوْلُهُ: تَقْدِيمًا) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ: جَمْعَ تَقْدِيمٍ وَقَوْلُهُ: فِي وَقْتِ الْأُولَى ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِمَا بِتَمَامِهِمَا فِي الْوَقْتِ فَلَا يَكْفِي إدْرَاكُ رَكْعَةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ فِيهِ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف لَكِنْ نَقَلَ سم عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّهُ يَكْفِي إدْرَاكُ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ، وَعِبَارَتُهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ إنْ بَقِيَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ مَا يَسَعُ الْمَغْرِبَ وَدُونَ رَكْعَةٍ مِنْ الْعِشَاءِ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ يَمْتَدُّ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ عِنْدَ الْعُذْرِ فَلَمَّا اكْتَفَى بِعَقْدِ الثَّانِيَةِ فِي السَّفَرِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَدَوَامُ سَفَرِهِ إلَى عَقْدِ ثَانِيَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِذَلِكَ فِي الْوَقْتِ. اهـ (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرًا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ) شَمِلَ الْمُتَحَيِّرَةَ وَفَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ، وَنَحْوَهُمَا مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَعَلَيْهِ فَالْفَرْق بَيْنَ الْجَمْعَيْنِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَمْعِ التَّقْدِيمِ ظَنُّ صِحَّةِ الْأُولَى، وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ بِخِلَافِ التَّأْخِيرِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ بِحَالٍ وَإِنْ أَمْكَنَ وُقُوعُ الْأُولَى مَعَ التَّأْخِيرِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ تَقَعَ فِي الطُّهْرِ لَوْ فَعَلَتْهَا فِي وَقْتِهَا الْأَصْلِيِّ. اهـ. ع ش اهـ إطْفِيحِيٌّ.

(قَوْلُهُ: هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ طُولِهِ جَوَازُ الْقَصْرِ فِيهِ لِعِصْيَانٍ، أَوْ غَيْرِهِ. اهـ إطْفِيحِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْجُمُعَةُ كَالظُّهْرِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ) أَيْ: كَأَنْ دَخَلَ الْمُسَافِرُ قَرْيَةً بِطَرِيقِهِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَالْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِ الظُّهْرُ لَكِنْ لَوْ صَلَّى الْجُمُعَةَ مَعَهُمْ فَيَجُوزُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَجْمَعَ الْعَصْرَ مَعَهَا تَقْدِيمًا. اهـ إطْفِيحِيٌّ وَقَوْلُهُ: فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ أَيْ: وَيَمْتَنِعُ جَمْعُهَا تَأْخِيرًا لِأَنَّهَا لَا يَتَأَتَّى تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتهَا كَمَا فِي م ر (قَوْلُهُ: وَغُلِّبَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، أَوْ الْفَاعِلِ وَيَكُونُ قَدْ جَرَّدَ مِنْ نَفْسِهِ شَخْصًا (قَوْلُهُ: لِشَرَفِهَا) أَيْ: لِأَنَّهَا الصَّلَاةُ الْوُسْطَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ ع ش (قَوْلُهُ: لِلنَّهْيِ عَنْ تَسْمِيَتِهَا عِشَاءً) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الْعِشَاءَيْنِ تَغْلِيبًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ بِالتَّبَعِيَّةِ لَا بِالِاسْتِقْلَالِ. اهـ. ح ل، فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ لِخِفَّتِهَا بَدَلَ قَوْلِهِ لِلنَّهْيِ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ لِسَائِرٍ وَقْتَ أُولَى) نَازِلٍ وَقْتَ الثَّانِيَةِ أَوْ سَائِرٍ وَقْتَ الثَّانِيَةِ أَيْضًا إنْ قَطَعَ النَّظَرَ عَنْ الْمِثَالِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: كَسَائِرٍ إلَخْ الْمُفِيدُ أَنَّهُ نَازِلٌ وَقْتَ الثَّانِيَةِ. اهـ. ح ل وَهَذَا أَيْ: قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ إلَخْ لَا يُنَافِي قَوْلَهُ بَعْدُ وَتَرْكُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ لِأَنَّ هَذَا تَفْصِيلٌ فِي مَرَاتِبِ الْمَفْضُولِ. اهـ. ع ش كَمَا تَقُولُ: زَيْدٌ أَفْضَلُ الْعُلَمَاءِ مَعَ كَوْنِ بَعْضِهِمْ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ، وَعِبَارَةُ ز ي وَالْأَفْضَلُ لِسَائِرٍ وَقْتُ أُولَى أَيْ: إنْ لَمْ يَخْشَ فَوَاتًا (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِهِ تَقْدِيمٌ) بِأَنْ كَانَ نَازِلًا وَقْتَ الْأُولَى سَائِرًا وَقْتَ الثَّانِيَةِ، أَوْ نَازِلًا فِيهِمَا، أَوْ سَائِرًا فِيهِمَا هَكَذَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ النَّازِلَ فِيهِمَا، وَالسَّائِرَ فِيهِمَا جَمْعُهُ تَأْخِيرًا أَفْضَلُ لِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلْأُولَى فِي الْعُذْرِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>