للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي الْعَصْرَيْنِ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ فِي الْمَغْرِبَيْنِ، فَلَا جَمْعَ بِغَيْرِ مَا يَأْتِي فِي غَيْرِ سَفَرِ قَصْرٍ كَحَضَرٍ، وَسَفَرٍ قَصِيرٍ، وَسَفَرِ مَعْصِيَةٍ، وَلَا تُجْمَعُ الصُّبْحُ مَعَ غَيْرِهَا وَلَا الْعَصْرُ مَعَ الْمَغْرِبِ وَتَرْكُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ التَّعْبِيرُ بِيَجُوزُ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْحَاجُّ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمَنْ إذَا جَمَعَ صَلَّى جَمَاعَةً أَوْ خَلَا عَنْ حَدَثِهِ الدَّائِمِ أَوْ كَشْفِ عَوْرَتِهِ فَالْجَمْعُ أَفْضَلُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ جَمْعِ التَّقْدِيمِ الْمُتَحَيِّرَةُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِهَا.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَقْتِ الْأُولَى لَا يَكُونُ وَقْتًا لِلثَّانِيَةِ إلَّا فِي الْعُذْرِ وَعِنْدَ حَجّ أَنَّ الْأَوْلَى التَّقْدِيمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَسْهِيلًا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ قَالَ: حَجّ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُنَا أَيْ: بِالْمِثَالِ أَعْنِي قَوْلَ الشَّارِحِ كَسَائِرٍ يَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ. اهـ. ح ل فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالْأَفْضَلُ لِنَازِلٍ وَقْتَ الْأُولَى سَائِرٍ وَقْتَ الثَّانِيَةِ تَقْدِيمٌ، وَلِغَيْرِهِ تَأْخِيرٌ لَوَافَقَ الْمُعْتَمَدَ (قَوْلُهُ: رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي الْعَصْرَيْنِ إلَخْ) أَيْ: رَوَيَا الْجَمْعَ بَيْنَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ، وَأَنَّهُ إذَا كَانَ سَائِرًا وَقْتَ الْأُولَى أَخَّرَ وَإِذَا كَانَ نَازِلًا وَقْتَهَا قَدَّمَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُدَّعَى إذْ مِنْهُ إذَا كَانَ سَائِرًا وَقْتَهُمَا، أَوْ نَازِلًا وَقْتَهُمَا. اهـ. ح ل وَجَعَلَ م ر.

قَوْلَهُ: لِلِاتِّبَاعِ دَلِيلًا لِأَفْضَلِيَّةِ التَّقْدِيمِ فِي صُورَةٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ نَازِلًا فِي الْأُولَى سَائِرًا فِي الثَّانِيَةِ، وَلِأَفْضَلِيَّةِ التَّأْخِيرِ فِي عَكْسِ هَذِهِ، وَزَادَ فِي تَعْلِيلِهِمَا قَوْلَهُ لِأَنَّهُ أَرْفَقُ لِلْمُسَافِرِ ثُمَّ عَلَّلَ أَفْضَلِيَّةَ التَّأْخِيرِ فِيمَا إذَا كَانَ سَائِرًا فِيهِمَا، أَوْ نَازِلًا فِيهِمَا بِقَوْلِهِ وَلِانْتِفَاءِ سُهُولَةِ جَمْعِ التَّقْدِيمِ مَعَ الْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ؛ وَلِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلْأُولَى حَقِيقَةً بِخِلَافِ الْعَكْسِ. اهـ وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلْأُولَى حَقِيقَةً يَعْنِي أَنَّهُ يَصِحُّ فِعْلُ الْأُولَى فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الْوَقْتِ الْحَقِيقِيِّ، وَإِلَّا فَوَقْتُ الْأُولَى الْحَقِيقِيُّ يَخْرُجُ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَلَا جَمْعَ بِغَيْرِ مَا يَأْتِي) أَيْ: مِنْ الْجَمْعِ بِالْمَطَرِ. اهـ. ع ش فَالْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَالْأَفْضَلُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَحَضَرٍ) بَقِيَ لِلْكَافِ صُوَرٌ: مِنْهَا سَفَرُ الْجُنْدِيِّ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ مَقْصِدَ مَتْبُوعِهِ، وَمِنْهَا سَفَرُ الْهَائِمِ، وَمِنْهَا السَّفَرُ لِمُجَرَّدِ التَّنَزُّهِ فِي الْبِلَادِ، وَمِنْهَا غَيْرُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُجْمَعُ الصُّبْحُ مَعَ غَيْرِهَا) ، وَكَذَا لَا جَمْعَ عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ تَرَدُّدٍ فِي الْخَادِمِ فِيمَا لَوْ نَذَرَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَقْتَ الظُّهْرِ، وَأَرْبَعًا وَقْتَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمٍ وَاحِدٍ ثُمَّ سَافَرَ فِيهِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِمَا، وَالنَّذْرُ إنَّمَا يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكُ الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ فِي الْعَزَائِمِ دُونَ الرُّخَصِ وَإِلَّا لَجَازَ الْقَصْرُ. اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَتَرْكُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ) أَيْ: خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَلِأَنَّ فِيهِ إخْلَاءَ أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ عَنْ فَرْضِهِ فَيَكُونُ الْجَمْعُ خِلَافَ الْأَوْلَى ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: كَمَا أَشْعَرَ بِهِ التَّعْبِيرُ بِيَجُوزُ) فِيهِ تَأَمُّلٌ فَإِنَّ التَّعْبِيرَ بِالْجَوَازِ لَا إشْعَارَ فِيهِ بِأَفْضَلِيَّةِ تَرْكِ الْجَمْعِ عَلَيْهِ كَذَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ وَأَجَابَ الشَّمْسُ ح ف بِأَنَّ هَذَا يُفْهَمُ مِنْ عُرْفِ التَّخَاطُبِ لَا مِنْ جَوْهَرِ اللَّفْظِ لِأَنَّهُ إذَا قِيلَ: يَجُوزُ لَك كَذَا يُفْهَمُ مِنْهُ فِي الْعُرْفِ أَنَّ تَرْكَهُ أَوْلَى. اهـ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ) أَيْ: مِنْ كَوْنِ تَرْكِ الْجَمْعِ أَفْضَلَ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ تَقْدِيمًا، أَوْ تَأْخِيرًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: الْحَاجُّ بِعَرَفَةَ) أَيْ: فَإِنَّهُ يَجْمَعُ تَقْدِيمًا كَمَا يُسْتَثْنَى مِنْ النَّازِلِ وَقْتَ الْأُولَى الْحَاجُّ بِمُزْدَلِفَةَ فَإِنَّهُ يَجْمَعُ تَأْخِيرًا فِيهَا فَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ: لَنَا نَازِلٌ وَقْتَ الْأُولَى، وَالتَّأْخِيرُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ أَيْ: وَذَلِكَ إذَا أَرَادَ الذَّهَابَ لِمُزْدَلِفَةَ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى هَذَيْنِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: أَوْ خَلَا عَنْ حَدَثِهِ الدَّائِمِ) كَأَنْ كَانَ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ يَأْتِي لَهُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الظُّهْرِ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ يَنْقَطِعُ فَيَجْمَعُ الظُّهْرَ مَعَ الْعَصْرِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ، أَوْ يَأْتِي لَهُ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ يَنْقَطِعُ فَيَجْمَعُ الْعَصْرَ مَعَ الظُّهْرِ تَقْدِيمًا.

وَقَوْلُهُ: وَكَشَفَ عَوْرَتَهُ بِأَنْ كَانَ فَاقِدًا لِلسَّاتِرِ وَقْتَ الظُّهْرِ، وَيَعْلَمُ أَنَّهُ يَجِدُهُ وَقْتَ الْعَصْرِ، أَوْ كَانَ وَاجِدًا لِلسَّاتِرِ وَقْتَ الظُّهْرِ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ يَفْقِدُ مِنْهُ وَقْتَ الْعَصْرِ كَأَنْ كَانَ مُسْتَعِيرًا لَهُ، أَوْ مُسْتَأْجِرًا فَالْأَفْضَلُ لَهُ الْجَمْعُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَجِدُهُ فِيهِ، أَوْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَجِدُهُ فِيهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا، وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ كَمَالٍ اقْتَرَنَ بِهِ أَحَدُ الْجَمْعَيْنِ، وَخَلَا عَنْهُ الْآخَرُ كَانَ الْمُقْتَرِنُ بِهِ أَفْضَلَ بِخِلَافِ الْقَصْرِ فِي نَظِيرِ مَا ذُكِرَ كَأَنْ كَانَ يَنْقَطِعُ عَنْهُ الْبَوْلُ أَوَّلَ الْوَقْتِ مَثَلًا قَدْرَ رَكْعَتَيْنِ، أَوْ اسْتَعَارَ ثَوْبًا يُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَجِبُ لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ جَمْعِ التَّقْدِيمِ الْمُتَحَيِّرَةُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مِثْلُهَا فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ، وَكُلُّ مَنْ يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ. اهـ وَاعْتَمَدَهُ م ر قَالَ: لِأَنَّ صَلَاتَهُ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ، وَلَا تُجْزِئُهُ فَفِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ تَقْدِيمٌ لَهَا عَلَى وَقْتِهَا بِلَا ضَرُورَةٍ، وَفِي التَّأْخِيرِ تَوَقُّعُ زَوَالِ الْمَانِعِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم وَخَرَجَ بِجَمْعِ التَّقْدِيمِ جَمْعُ التَّأْخِيرِ فَإِنَّ الْمُتَحَيِّرَةَ لَهَا أَنْ تَجْمَعَ تَأْخِيرًا، وَمِثْلُهَا فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ، وَالْمُتَيَمِّمُ الَّذِي تَلْزَمُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>