للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتَبْقَوْا فِيهِمَا لَفْظَ الثُّلُثِ مُحَافَظَةً عَلَى الْأَدَبِ فِي مُوَافَقَةِ قَوْله تَعَالَى {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: ١١] وَإِلَّا فَمَا تَأْخُذُهُ الْأُمُّ فِي الْأُولَى سُدُسٌ وَفِي الثَّانِيَةِ رُبُعٌ وَالْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ وَالثَّانِيَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَتُلَقَّبَانِ بِالْغَرَّاوَيْنِ لِشُهْرَتِهِمَا تَشْبِيهًا لَهُمَا بِالْكَوْكَبِ الْأَغَرِّ وَبِالْعُمْرِيَّتَيْنِ لِقَضَاءِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيهِمَا بِمَا ذُكِرَ وَبِالْغَرِيبَتَيْنِ لِغَرَابَتِهِمَا

(وَجَدٌّ لِأَبٍ كَأَبٍ) فِي أَحْكَامِهِ (إلَّا أَنَّهُ لَا يَرُدُّ الْأُمَّ لِثُلُثٍ بَاقٍ) فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَاوِيهَا فِي الدَّرَجَةِ بِخِلَافِ الْأَبِ (وَلَا يُسْقِطُ وَلَدُ غَيْرِ أُمٍّ) أَيْ وَلَدَ أَبَوَيْنِ، أَوْ أَبٍ بَلْ يُقَاسِمُهُ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ الْأَبِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُهُ كَمَا مَرَّ (وَلَا) يُسْقِطُ (أُمَّ أَبٍ) ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُدْلِ بِهِ بِخِلَافِهَا فِي الْأَبِ وَإِنْ تَسَاوَيَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُسْقِطُ أُمَّ نَفْسِهِ

(فَصْلٌ) فِي إرْثِ الْحَوَاشِي (وَلَدُ أَبَوَيْنِ) ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى يَرِثُ (كَوَلَدٍ) فَلِلذَّكَرِ الْوَاحِدِ فَأَكْثَرَ جَمِيعُ التَّرِكَةِ وَلِلْأُنْثَى النِّصْفُ وَلِلْأُنْثَيَيْنِ فَأَكْثَرَ الثُّلُثَانِ وَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ (وَوَلَدُ أَبٍ كَوَلَدِ أَبَوَيْنِ) فِي أَحْكَامِهِ قَالَ: تَعَالَى فِيهِمَا {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ} [النساء: ١٧٦] الْآيَةَ (إلَّا فِي الْمُشَرَّكَةِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَقَدْ تُكْسَرُ وَتُسَمَّى الْحِمَارِيَّةَ وَالْحَجَرِيَّةَ وَالْيَمِّيَّةَ وَالْمِنْبَرِيَّةَ (وَهِيَ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَوَلَدَا أُمٍّ وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ فَيُشَارِكُ الْأَخُ) لِأَبَوَيْنِ وَلَوْ مَعَ مَنْ يُسَاوِيهِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ (وَلَدَيْ الْأُمِّ) فِي فَرْضِهِمَا لِاشْتِرَاكِهِ مَعَهُمَا فِي وِلَادَةِ الْأُمِّ لَهُمْ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ سِتَّةٌ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الْأَخِ مِنْ يُسَاوِيهِ فَثُلُثُهَا مُنْكَسِرٌ عَلَيْهِمْ وَلَا وَفْقَ فَيُضْرَبُ عَدَدُهُمْ فِي السِّتَّةِ فَتُصْبِحُ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَالْجَدَّةُ فِيهَا كَالْأُمِّ حُكْمًا (وَلَوْ كَانَ) الْأَخُ أَخًا (لِأَبٍ سَقَطَ) لِعَدَمِ وِلَادَتِهِ مِنْ الْأُمِّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْمُشَارَكَةِ وَأَسْقَطَ مِنْ مَعَهُ مِنْ أَخَوَاتِهِ الْمُسَاوِيَاتِ لَهُ وَيُسَمَّى الْأَخَ الْمَشْئُومَ وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الْأَخِ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، أَوْ لِأَبٍ فُرِضَ لَهَا النِّصْفُ، أَوْ أَكْثَرُ فَالثُّلُثَانِ وَأُعِيلَتْ الْمَسْأَلَةُ وَلَوْ كَانَ بَدَلَهُ خُنْثَى صَحَّتْ الْمَسْأَلَةُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِثْلُهَا كَابْنٍ وَأَبَوَيْنِ. وَقَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ لَهَا الثُّلُثُ كَامِلًا لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ بَعْدَ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ وَخَرْقُ الْإِجْمَاعِ إنَّمَا يَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا عِنْدَهُ.

وَأَجَابَ الْآخَرُونَ بِتَخْصِيصِهِ بِغَيْرِ هَذَيْنِ الْحَالَيْنِ شَرْحُ م ر فَجَعَلُوا لَهَا فِي هَذَيْنِ الْحَالَيْنِ ثُلُثَ الْبَاقِي قِيَاسًا عَلَى اجْتِمَاعِ الْبِنْتِ مَعَ الِابْنِ الْوَارِدِ فِيهِمَا قَوْله تَعَالَى {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١] (قَوْلُهُ: فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ) وَالْآيَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عُمُومُهَا يَشْمَلُهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى مِنْ سِتَّةٍ) ؛ لِأَنَّ فِيهَا نِصْفًا وَثُلُثَ مَا بَقِيَ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْنِ لِلزَّوْجِ وَاحِدٌ وَيَبْقَى وَاحِدٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ لَا يَصِحُّ وَلَا يُوَافِقُ تُضْرَبُ ثَلَاثَةٌ فِي اثْنَيْنِ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَبِ اثْنَانِ وَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ ثُلُثُ مَا بَقِيَ فَيَكُونُ عَلَى هَذَا كَوْنُهَا مِنْ سِتَّةٍ تَصْحِيحًا وَعَلَى الْأَوَّلِ تَأْصِيلًا وَنُقِلَ عَنْ م ر أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِغَرَابَتِهِمَا) لِخُرُوجِهِمَا عَنْ نَظَائِرِهِمَا وَهُوَ فَرْضُ الثُّلُثِ كَامِلًا لِلْأُمِّ عِنْدَ عَدَمِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ وَعَدَمِ عَدَدٍ مِنْ الْإِخْوَةِ

(قَوْلُهُ: فِي أَحْكَامِهِ) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يَأْخُذُ فِي هَذِهِ إلَّا بِالتَّعْصِيبِ وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ مِمَّا يَبْقَى بَعْدَ الْفَرْضِ أَوْ بِمِثْلِ فَرْضِ بَعْضِ وَرَثَتِهِ أَوْ بِمِثْلِ أَقَلِّهِمْ نَصِيبًا فَإِذَا أَوْصَى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَا يَبْقَى بَعْدَ الْفَرْضِ وَمَاتَ عَنْ بِنْتٍ وَجَدٍّ فَعَلَى الْأَوَّلِ هِيَ وَصِيَّةٌ لِزَيْدٍ بِثُلُثِ الثُّلُثِ وَعَلَى الثَّانِي بِثُلُثِ النِّصْفِ شَرْحُ م ر وَقَوْلُ الْمُحَشِّي فِي هَذِهِ أَيْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ لَا يَرُدُّ إلَخْ) وَلَا يَرُدُّ عَلَى حَصْرِهِ إنْ وُجِدَ الْمُعْتِقُ بِحَجْبِهِ، أَخُو الْمُعْتَقِ وَابْنُ أَخِيهِ وَأَبُو الْمُعْتَقِ يَحْجُبُهُمَا؛ لِأَنَّهُ سَيُذْكَرُ ذَلِكَ فِي فَصْلِ الْوَلَاءِ بِقَوْلِهِ لَكِنْ يُقَدَّمُ أَخُو الْمُعْتَقِ إلَخْ وَأَنَّ الْأَبَ لَا يَرِثُ مَعَهُ سِوَى جَدَّةٍ وَاحِدَةٍ وَالْجَدُّ يَرِثُ مَعَهُ جَدَّتَانِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَسْقُطُ أُمُّ أَبٍ إلَخْ مِنْ شَرْحِ م ر بِبَعْضِ تَصَرُّفٍ.

[فَصْلٌ فِي إرْثِ الْحَوَاشِي]

وَهْم مَا عَدَا الْأُصُولَ، وَالْفُرُوعَ وَأَمَّا الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ فَهُمْ عَمُودُ النَّسَبِ فَالْحَوَاشِي الْإِخْوَةُ وَالْأَعْمَامُ، فَشَبَّهَ الْأَقَارِبَ وَالنَّسَبَ بِثَوْبٍ لَهُ حَوَاشٍ وَقَلْبٍ أَيْ وَسَطٍ فَجَعَلَ الْإِخْوَةَ وَالْأَعْمَامَ كَالْحَوَاشِي وَالْأُصُولَ وَالْفُرُوعَ كَالْقَلْبِ أَيْ مَا فِي وَسَطِهِ لِقُوَّتِهِمْ لِأَنَّهُمْ عَمُودُ النَّسَبِ عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الْأَخِ مَنْ يُسَاوِيه) أَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَنْ يُسَاوِيه كَشَقِيقَةٍ فَالثُّلُثُ عَلَى أَرْبَعَةٍ لَا يَنْقَسِمُ وَيُوَافَقُ بِالنِّصْفِ فَيُضْرَبُ اثْنَانِ فِي السِّتَّةِ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَلِلْإِخْوَةِ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ تَنْقَسِمُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ عَلَى مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ عَدَمِ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَيْ الشَّقِيقَيْنِ بِجَعْلِهِمَا إخْوَةً لِأُمٍّ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ يُحْتَمَلُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا فِيمَا يَخُصُّهُمَا وَهُوَ نِصْفُ الثُّلُثِ هُنَا كَمَا نَقَلَهُ ز ي عَنْهُ (قَوْلُهُ: حُكْمًا) أَيْ لَا اسْمًا أَيْ لَا تُسَمَّى مُشْتَرَكَةً (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى الْأَخُ الْمَشْئُومُ) قَالَ: الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ كَانَ الشُّؤْمُ إلَخْ مَا نَصُّهُ قَالَ: الطِّيبِيُّ وَاوُهُ هَمْزَةٌ خُفِّفَتْ فَصَارَتْ وَاوًا، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهَا التَّخْفِيفُ فَلَمْ يَنْطِقْ بِهَا مَهْمُوزَةً اهـ وَيُصَرَّحُ بِأَنَّ وَاوَه هَمْزَةٌ إلَخْ قَوْلُ الْمُخْتَارِ فِي مَادَّةِ شَأَمَ بَعْدَ كَلَامٍ وَالشُّؤْمُ ضِدُّ الْيُمْنِ يُقَالُ رَجُلٌ مَشْئُومٌ وَمَشُومٌ وَيُقَالُ: مَا أَشْأَمَ فُلَانًا وَالْعَامَّةُ تَقُولُ مَا أَشْيَمَهُ وَقَدْ تَشَاءَمَ بِهِ بِالْمَدِّ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الطِّيبِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَاوُهُ هَمْزَةٌ إذْ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ أَصْلُهُ مَشْئُومٌ كَمَفْعُولٍ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ إلَى الشِّينِ ثُمَّ حُذِفَتْ الْهَمْزَةُ فَوَزْنُهُ قَبْلَ النَّقْلِ مَفْعُولٌ وَبَعْدَهُ مَفْعُولٌ فَهَمْزَتُهُ لَمْ تَصِرْ وَاوًا ع ش عَلَى م ر

<<  <  ج: ص:  >  >>