للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ النَّذْرِ) بِمُعْجَمَةٍ هُوَ لُغَةً الْوَعْدُ بِشَرْطٍ أَوْ الْتِزَامُ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ أَوْ الْوَعْدُ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ وَشَرْعًا الْتِزَامُ قُرْبَةٍ لَمْ تَتَعَيَّنْ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. وَالْأَصْلُ فِيهِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج: ٢٩] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» (أَرْكَانُهُ) ثَلَاثَةٌ (صِيغَةٌ وَمَنْذُورٌ وَنَاذِرٌ وَشُرِطَ فِيهِ) أَيْ فِي النَّاذِرِ (إسْلَامٌ وَاخْتِيَارٌ وَنُفُوذُ تَصَرُّفٍ فِيمَا يَنْذُرُهُ) بِكَسْرِ الذَّالِ وَضَمِّهَا فَيَصِحُّ النَّذْرُ مِنْ السَّكْرَانِ وَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْقُرْبَةِ وَلَا مِنْ مُكْرَهٍ لِخَبَرِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ» وَلَا مِمَّنْ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيمَا يَنْذُرُهُ كَمَحْجُورٍ سُفِّهَ أَوْ فَلَسٍ فِي الْقُرَبِ الْمَالِيَّةِ الْعَيْنِيَّةِ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ

(وَ) شُرِطَ (فِي الصِّيغَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالْتِزَامٍ) وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِي (كَ لِلَّهِ عَلَيَّ) كَذَا (أَوْ عَلَيَّ كَذَا) كَعِتْقٍ وَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ فَلَا يَصِحُّ بِالنِّيَّةِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَنْذُورِ كَوْنُهُ قُرْبَةً لَمْ تَتَعَيَّنْ) نَفْلًا كَانَتْ أَوْ فَرْضَ كِفَايَةٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَالثَّانِي مِنْ زِيَادَتِي (كَعِتْقٍ وَعِيَادَةٍ) وَسَلَامٍ وَتَشْيِيعِ جِنَازَةٍ (وَقِرَاءَةِ سُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَطُولِ قِرَاءَةِ صَلَاةٍ وَصَلَاةِ جَمَاعَةٍ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

[كِتَابُ النَّذْرِ] [أَرْكَانُ النَّذْرِ]

ِ) عَقَّبَ الْأَيْمَانَ بِهِ؛ لِأَنَّ وَاجِبَ أَحَدِ قِسْمَيْهِ، وَهُوَ نَذْرُ اللَّجَاجِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى مَذْهَبِ الرَّافِعِيِّ، أَوْ التَّخْيِيرُ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ عَلَى مَذْهَبِ النَّوَوِيِّ الَّذِي هُوَ الرَّاجِحُ. اهـ. شَرْحُ م ر بِزِيَادَةٍ. وَالْأَصَحُّ أَنَّ نَذْرَ اللَّجَاجِ مَكْرُوهٌ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُ «إنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ» . وَنَذْرُ التَّبَرُّرِ مَنْدُوبٌ س ل؛ إذْ هُوَ وَسِيلَةٌ لِلطَّاعَةِ، وَالْوَسَائِلُ تُعْطَى حُكْمَ الْمَقَاصِدِ انْتَهَى (قَوْلُهُ: الْوَعْدُ) أَيْ: الْأَعَمُّ مِنْ الِالْتِزَامِ ح ل. (قَوْلُهُ: بِشَرْطٍ) أَيْ: الْمُعَلَّقُ عَلَى شَرْطٍ ح ل كَإِنْ جَاءَ زَيْدٌ أَكْرَمْتُك، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْتِزَامُ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ كَأَنْ قَالَ: عَلَيَّ إكْرَامُك. (قَوْلُهُ: أَوْ الْوَعْدُ بِخَيْرٍ، أَوْ شَرٍّ) أَيْ: مُعَلَّقٍ، أَوْ مُنَجَّزٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَمَنْ نَذَرَ إلَخْ) تَسْمِيَتُهُ نَذْرًا مِنْ بَابِ الْمُشَاكَلَةِ؛ لِأَنَّ نَذْرَ الْمَعْصِيَةِ لَيْسَ بِنَذْرٍ شَرْعًا، وَفِيهِ أَنَّ الْحَقَائِقَ الشَّرْعِيَّةَ تَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ فَنَذْرُ الْمَعْصِيَةِ يُسَمَّى نَذْرًا، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا. (قَوْلُهُ: وَنُفُوذُ تَصَرُّفٍ) وَشُرِطَ أَيْضًا إمْكَانُ فِعْلِهِ لِلْمَنْذُورِ فَلَا يَصِحُّ نَذْرُ الشَّخْصِ صَوْمًا لَا يُطِيقُهُ وَلَا نَذْرُ مَنْ هُوَ بَعِيدٌ عَنْ مَكَّةَ لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ حَجًّا فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مَعْرِفَةُ مَا يَنْذُرُهُ فَلَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِأَلْفٍ صَحَّ، وَيُعِينُ أَلْفًا مِمَّا يُرِيدُ. اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الذَّالِ، وَضَمِّهَا) أَيْ: مَعَ فَتْحِ الْيَاءِ فِيهِمَا فَبَابُهُ ضَرَبَ، وَنَصَرَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ) أَيْ: نَذْرُ التَّبَرُّرِ دُونَ نَذْرِ اللَّجَاجِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مِنْهُ وَكَانَ قِيَاسُهُ صِحَّةَ التَّبَرُّرِ مِنْهُ أَيْضًا، إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِيهِ مُنَاجَاةٌ لِلَّهِ تَعَالَى أَشْبَهَ الْعِبَادَةَ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ بِخِلَافِ نَذْرِ اللَّجَاجِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ؛ حَيْثُ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي عَدَمِ الْإِبْطَالِ كَمَا تَقَدَّمَ ح ل.

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْقُرْبَةِ) يَرِدُ عَلَيْهِ صِحَّةُ عِتْقِهِ، وَصَدَقَتِهِ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا أَشَارَ لَهُ ح ل بِقَوْلِهِ: لَمَّا كَانَ إلَخْ فَلَا يُنَافِي صِحَّةَ نَحْوِ عِتْقِهِ مِنْ كُلِّ مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: فِي الْقُرَبِ الْمَالِيَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِلَا يَصِحُّ الْمُقَدَّرُ. (قَوْلُهُ: الْعَيْنِيَّةِ) خَرَجَ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ فَيَصِحُّ نَذْرُ الْمَحْجُورِ فِيهَا كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر وَسَمِّ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَجْرِ الْفَلَسِ، وَالسَّفَهِ ثُمَّ اُنْظُرْ بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْ أَيْنَ يُؤَدِّي السَّفِيهُ؟ هَلْ هُوَ بَعْدَ رُشْدِهِ، أَوْ يُؤَدِّي الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ مَا الْتَزَمَهُ؟ ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ السَّفِيهَ يُؤَدِّي بَعْدَ رُشْدِهِ فَلَوْ مَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّ أُخْرِجَ مِنْ تَرِكَتِهِ قِيَاسًا عَلَى تَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ ع ش عَلَى م ر لَكِنْ قَالَ ز ي: خَرَجَ بِالْمَالِيَّةِ الْبَدَنِيَّةُ، وَبِالْعَيْنِيَّةِ الْمُتَعَلَّقَةُ بِالذِّمَّةِ أَيْ: فَفِيهَا تَفْصِيلٌ فَيَصِحُّ مِنْ الْمُفْلِسِ دُونَ السَّفِيهِ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ لَا ذِمَّةَ لَهُ ح ل وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ نَذْرَ الْعَبْدِ مَالًا فِي ذِمَّتِهِ كَضَمَانِهِ، وَسَبَقَ فِي كِتَابِ الضَّمَانِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ، وَمِثْلُهُ شَرْحِ م ر قَالَ ع ش عَلَيْهِ: وَيَصِحُّ بِإِذْنِهِ، وَيُؤَدِّيهِ مِنْ كَسْبِهِ الْحَاصِلِ بَعْدَ النَّذْرِ اهـ

. (قَوْلُهُ: يُشْعِرُ بِالْتِزَامٍ) فَنَحْوُ مَالِي صَدَقَةٌ لَيْسَ بِنَذْرٍ لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ وَكَذَا نَذَرْتُ لِلَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا لَكِنْ لَوْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ كَانَ يَمِينًا، وَنَذَرْتُ لِزَيْدٍ كَذَا كَذَلِكَ لَكِنْ لَوْ نَوَى الْإِقْرَارَ لَزِمَ بِهِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَمَا قَبْلَهُ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ أَرْكَانُهُ ح ل. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ بِالنِّيَّةِ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ أَيْ: حَتَّى يَلْزَمَ الْوَفَاءَ بِهِ، وَإِلَّا فَيَتَأَكَّدُ فِي حَقِّهِ الْإِتْيَانُ بِمَا نَوَاهُ، وَمِثْلُ النَّذْرِ غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ الْقُرَبِ فَتَتَأَكَّدُ بِنِيَّتِهَا ع ش عَلَى م ر

. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) أَيْ: فَرْضُ الْكِفَايَةِ مِنْ زِيَادَتِي أَيْ: ضِمْنًا. (قَوْلُهُ: مُعَيَّنَةٍ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا نَذَرَ قِرَاءَةَ سُورَةٍ مُبْهَمَةٍ، وَيُعَيِّنُ مَا شَاءَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر؛ إذْ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَنْذُورِ، وَيُؤْخَذُ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قُرْبَةٍ، وَالتَّعْيِينُ إلَيْهِ أَيْ: مُفَوَّضٌ إلَيْهِ فَانْدَفَعَ تَوَقُّفُ بَعْضِهِمْ بِقَوْلِهِ: اُنْظُرْ لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ سُورَةً هَلْ يَصِحُّ النَّذْرُ، وَيُعَيِّنُ مَا شَاءَ، أَوْ يُبْطِلُ؟ . (قَوْلُهُ: وَطُولِ قِرَاءَةِ صَلَاةٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يُنْدَبَ فِيهَا تَرْكُ التَّطْوِيلِ. اهـ. بُرُلُّسِيٌّ سم بِأَنْ كَانَ مُفْرَدًا، أَوْ إمَامَ مَحْصُورِينَ رَاضِينَ بِالتَّطْوِيلِ قَالَ س ل: وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ التَّطْوِيلِ الْمُلْتَزَمِ هُنَا بِأَدْنَى زِيَادَةٍ عَلَى مَا يُنْدَبُ لِإِمَامِ غَيْرِ مَحْصُورِينَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَصَلَاةِ جَمَاعَةٍ) وَيَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ ذَلِكَ بِالِاقْتِدَاءِ فِي جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ عِنْدَ إحْرَامِهِ، وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ لِانْسِحَابِ حُكْمِ الْجَمَاعَةِ عَلَى جَمِيعِهَا ع ش عَلَى م ر فِي آخِرِ الْفَصْلِ الْآتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>