للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُوَكِّلُ كَأَصِيلٍ، فَإِذَا غَرِمَ رَجَعَ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ (وَلَوْ تَلِفَ ثَمَنٌ قَبَضَهُ وَاسْتُحِقَّ مَبِيعٌ طَالَبَهُ مُشْتَرٍ) بِبَدَلِ الثَّمَنِ سَوَاءٌ اعْتَرَفَ الْمُشْتَرِي بِالْوَكَالَةِ أَمْ لَا (وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُوَكِّلِ) فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْوَكِيلُ بِمَا غَرِمَهُ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَبِذَلِكَ عُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَةَ الْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً، وَإِطْلَاقِي تَلَفَ الثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَهُ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ لَهُ بِكَوْنِهِ فِي يَدِهِ.

(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ وَارْتِفَاعِهَا وَغَيْرِهِمَا (الْوَكَالَةُ) وَلَوْ بِجُعْلٍ (جَائِزَةٌ) أَيْ غَيْرُ لَازِمَةٍ مِنْ جَانِبِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ (فَتَرْتَفِعُ حَالًا) أَيْ: مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى عِلْمِ الْغَائِبِ مِنْهُمَا بِسَبَبِ ارْتِفَاعِهَا (بِعَزْلِ أَحَدِهِمَا) بِأَنْ يَعْزِلَ الْوَكِيلُ نَفْسَهُ أَوْ يَعْزِلَهُ الْمُوَكِّلُ سَوَاءٌ أَكَانَ بِلَفْظِ الْعَزْلِ أَمْ لَا، كَفَسَخْتُ الْوَكَالَةَ أَوْ أَبْطَلْتُهَا أَوْ رَفَعْتُهَا (وَبِتَعَمُّدِهِ إنْكَارَهَا بِلَا غَرَضٍ) لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ إنْكَارِهِ لَهَا نِسْيَانًا أَوْ لِغَرَضٍ كَإِخْفَائِهَا مِنْ ظَالِمٍ. وَذِكْرُ إنْكَارِ الْمُوَكِّلِ مِنْ زِيَادَتِي (وَبِزَوَالِ شَرْطِهِ) السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ، فَيَنْعَزِلُ بِطُرُوِّ رِقٍّ وَحَجْرٍ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ عَمَّا لَا يَنْفُذُ مِمَّنْ اتَّصَفَ بِهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَإِذَا غَرِمَ رَجَعَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَلِفَ ثَمَنُ قَبْضِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِلَا تَقْصِيرٍ. (قَوْلُهُ: طَالَبَهُ مُشْتَرٍ إلَخْ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَنْصُوبًا مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْحَاكِمِ وَهُوَ لَا يُطَالَبُ، شَرْحُ م ر وَخَرَجَ بِالْوَكِيلِ - فِيمَا ذُكِرَ - الْوَلِيُّ فَيَضْمَنُ وَحْدَهُ الثَّمَنَ إنْ لَمْ يَذْكُرْ مُوَلِّيَهُ فِي الْعَقْدِ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ بَيْعَ الْوَلِيِّ لَازِمٌ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَمْ يَلْزَمْ الْوَلِيَّ ضَمَانُهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُوَكِّلِ) وَإِنْ كَانَ التَّلَفُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ ح ل (قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ) أَيْ بِقَوْلِهِ: وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُوَكِّلِ. (قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقِي تَلَفَ الثَّمَنِ) أَيْ: عَنْ كَوْنه فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَوْ الْمُوَكِّلِ. (قَوْلُهُ: بِكَوْنِهِ فِي يَدِهِ) أَيْ: الْوَكِيلِ وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ لَا يُطَالَبُ بِهِ الْوَكِيلُ وَلَيْسَ مُرَادًا ع ش

[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ وَارْتِفَاعِهَا وَغَيْرِهِمَا]

. (فَصْلٌ: فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ) أَيْ: مِنْ كَوْنِهَا جَائِزَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَارْتِفَاعِهَا أَيْ: مَا تَرْتَفِعُ بِهِ أَيْ: فِي بَيَانِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَهُ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى " حُكْمٍ " بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ: وَفِي بَيَانِ مَا تَرْتَفِعُ بِهِ وَقَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمَا أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهَا إلَى آخِرِ الْفَصْلِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِجُعْلٍ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ بِاللَّفْظِ لَا بِالْمَعْنَى، كَمَا جَزَمَ بِهِ الْجُوَيْنِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَفْظَ " وَكَّلْتُكَ فِي عَمَلِ كَذَا بِكَذَا " مَعْنَاهُ إجَارَةٌ وَهِيَ لَازِمَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَصِيغَةُ وَكَالَةٍ، فَلَوْ غَلَبَ الْمَعْنَى كَانَتْ لَازِمَةً لَكِنَّ الرَّاجِحَ تَغْلِيبُ اللَّفْظِ هُنَا فَهِيَ جَائِزَةٌ وَقَدْ يُغَلِّبُونَ الْمَعْنَى فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ، كَالْهِبَةِ بِثَوَابٍ فَإِنَّهَا بَيْعٌ مَعَ لَفْظِ الْهِبَةِ وَمَحَلُّ كَوْنِهَا جَائِزَةً مَا لَمْ تُعْقَدْ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَإِلَّا كَانَتْ لَازِمَةً ع ش اط ف.

(قَوْلُهُ: جَائِزَةٌ) ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ يَرَى الْمَصْلَحَةَ فِي تَرْكِ مَا وُكِّلَ فِيهِ أَوْ فِي تَوْكِيلِ آخَرَ، وَالْوَكِيلُ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ عَنْ الْعَمَلِ م ر. (قَوْلُهُ: أَيْ: غَيْرُ لَازِمَةٍ) فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ مَا قَابَلَ التَّحْرِيمَ ق ل وَع ش وَشَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ) وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ الْعَزْلِ وَيَضْمَنُ مَا تَسَلَّمَهُ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي الضَّمَانِ ح ل أَيْ وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي عَدَمِ الْحُرْمَةِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر بِخِلَافِ عَزْلِ الْمُودَعِ وَالْمُسْتَعِيرِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِهِ وَفَارَقَا الْوَكِيلَ بِأَنَّ الْقَصْدَ مَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ الضَّارِّ بِمُوَكِّلِهِ بِإِخْرَاجِ أَعْيَانِهِ عَنْ مِلْكِهِ فَأَثَّرَ فِيهِ الْعَزْلُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِخِلَافِهِمَا اهـ قَالَ ع ش: عَلَيْهِ وَفَائِدَةُ عَدَمِ عَزْلِهِ فِي الْوَدِيعِ وُجُوبُ حِفْظِهِ وَرِعَايَتِهِ قَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ حَتَّى لَوْ قَصَّرَ فِي ذَلِكَ، كَأَنْ لَمْ يَدْفَعْ مُتْلِفَاتِ الْوَدِيعَةِ عَنْهَا ضَمِنَ، وَفِي الْمُسْتَعِيرِ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ فِي اسْتَمَالَ الْعَارِيَّةُ قَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ وَأَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ اهـ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ انْعِزَالُ الْقَاضِي عَلَى الْعِلْمِ لِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ أَيْ: مِنْ شَأْنِهِ أَنْ تَتَعَلَّقَ بِهِ الْمَصَالِحُ الْكُلِّيَّةُ حَتَّى لَوْ وُلِّيَ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ لَمْ يَنْعَزِلْ قَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ، وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ لَوْ تَعَلَّقَتْ بِهِ الْمَصَالِحُ الْكُلِّيَّةُ كَأَنْ كَانَ وَكِيلًا عَنْ السُّلْطَانِ انْعَزَلَ بِمُجَرَّدِ الْعَزْلِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْخَبَرُ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ لَا تَتَعَلَّقَ بِهِ مَصَالِحُ كُلِّيَّةٌ ز ي.

(قَوْلُهُ: بِعَزْلِ أَحَدِهِمَا) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ، وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ " الْوَكِيلُ " وَالْأَحَدُ الْفَاعِلُ صَادِقٌ بِالْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ: وَبِتَعَمُّدِهِ مُضَافٌ أَيْضًا لِلْفَاعِلِ وَضَمِيرُهُ رَاجِعٌ لِلْأَحَدِ الصَّادِقِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَيْضًا، كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَعْزِلَ الْوَكِيلُ نَفْسَهُ) وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْوَصِيِّ أَنَّهُ لَوْ خِيفَ مِنْ الْعَزْلِ ضَيَاعُ الْمَالِ حَرُمَ، وَلَمْ يَنْعَزِلْ، وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا فِيمَا يَظْهَرُ ابْنُ حَجَرٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ز ي.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَعْزِلَهُ الْمُوَكِّلُ) أَيْ: وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى عَزْلِهِ لِلْوَكِيلِ اسْتِيلَاءُ ظَالِمٍ عَلَى مَالِ الْمُوَكِّلِ فَلَا يَحْرُمُ وَيَنْعَزِلُ بِذَلِكَ وَلَا يُقَالُ: فِيهِ تَضْيِيعٌ لِمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التُّرُوكِ، بَلْ لَا يَزِيدُ عَلَى مَا لَوْ اسْتَوْلَى عَلَى مَالِهِ ظَالِمٌ بِحَضْرَتِهِ وَقَدَرَ عَلَى دَفْعِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّفْعُ عَنْهُ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ لِغَرَضٍ) وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي كَوْنِهِ غَرَضًا اعْتِقَادُهُ حَتَّى لَوْ اعْتَقَدَ مَا لَيْسَ غَرَضًا غَرَضًا، كَفَى وَصُدِّقَ فِي اعْتِقَادِهِ لِذَلِكَ عِنْدَ الْإِمْكَانِ سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: وَذِكْرُ إنْكَارَ الْمُوَكِّلِ) أَيْ: الدَّاخِلَ فِي قَوْلِهِ: وَتَعَمُّدُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَبِزَوَالِ شَرْطِهِ) أَيْ: الْأَحَدِ. (قَوْلُهُ: بِطُرُوِّ رِقٍّ) بِأَنْ وَكَّلَ حَرْبِيًّا أَوْ وَكَّلَهُ حَرْبِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ فَلَسٍ) هُوَ وَاضِحٌ فِي الْمُوَكِّلِ، وَصُورَتُهُ فِي الْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>