فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِ الْأَصْلِ عَلَى الْمَوْتِ وَالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ (وَ) بِزَوَالِ (مِلْكِ مُوَكِّلٍ) عَنْ مَحَلِّ التَّصَرُّفِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ كَبَيْعٍ وَوَقْفٍ لِزَوَالِ الْوِلَايَةِ وَإِيجَارٍ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ وَمِثْلُهُ تَزْوِيجُهُ وَرَهْنُهُ مَعَ قَبْضٍ لِإِشْعَارِهَا بِالنَّدَمِ عَلَى التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ، وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِخُرُوجِ مَحَلِّ التَّصَرُّفِ عَنْ مِلْكِ الْمُوَكِّلِ.
(وَلَوْ اخْتَلَفَ فِيهَا) أَيْ فِي أَصْلِهَا كَأَنْ قَالَ: وَكَّلْتَنِي فِي كَذَا فَأَنْكَرَهُ، أَوْ صِفَتِهَا كَأَنْ قَالَ: وَكَّلْتَنِي فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً أَوْ بِالشِّرَاءِ بِعِشْرِينَ فَقَالَ: بَلْ نَقْدًا أَوْ بِعَشْرَةٍ (أَوْ قَالَ) الْوَكِيلُ (قَبْلَ تَسْلِيمِهِ الْمَبِيعَ أَوْ بَعْدَهُ بِحَقٍّ:) وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي كَأَنْ سَلَّمَهُ، وَقَدْ أَذِنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ فِي تَسْلِيمِهِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ (قَبَضْت الثَّمَنَ وَتَلِفَ أَوْ قَالَ: أَتَيْت بِالتَّصَرُّفِ) الْمَأْذُونِ فِيهِ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ غَيْرِهِ (فَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ) الْقَبْضَ أَوْ الْإِتْيَانَ بِالتَّصَرُّفِ (حَلَفَ) أَيْ: الْمُوَكِّلُ فَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِيمَا قَالَهُ الْوَكِيلُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْوَكِيلِ، ثُمَّ قَبْلَ الشِّرَاءِ حُجِرَ عَلَيْهِ بِالْفَلْسِ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: فَيَنْعَزِلُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إمَّا قَرْضٌ أَوْ هِبَةٌ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُمَا، أَمَّا لَوْ وُكِّلَ فِي التَّصَرُّفِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَعْيَانِ مَالِ الْمُوَكِّلِ فَلَا يَنْعَزِلُ عَنْهُ بِطُرُوِّ حَجْرِ الْمُفْلِسِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ غُرَمَاءَهُ وَلِهَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: عَمَّا لَا يَنْفُذُ أَيْ: عَنْ تَصَرُّفٍ لَا يَنْفُذُ مِمَّنْ اتَّصَفَ بِهَا وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: فَيَنْعَزِلُ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ تَوْكِيلِ السَّفِيهِ فِي الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ. (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِ الْأَصْلِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الشَّرْطِ أَعَمُّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إذْ يَشْمَلُ طُرُوُّ حَجْرِ السَّفَهِ وَالْفَلَسِ وَالرِّقِّ، لَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ كَطُرُوِّ رِقٍّ إلَخْ فَإِنَّ عِبَارَتَهُ الْمَذْكُورَةَ تُوهِمُ حَصْرَ زَوَالِ الشَّرْطِ فِيمَا ذُكِرَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَوْتِ) قَالَ م ر: وَخَالَفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ: الصَّوَابُ أَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِعَزْلٍ وَإِنَّمَا تَنْتَهِي بِهِ الْوَكَالَةُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفَائِدَةُ عَزْلِ الْوَكِيلِ بِمَوْتِهِ انْعِزَالُ مَنْ وَكَّلَهُ عَنْ نَفْسِهِ إنْ جَعَلْنَاهُ وَكِيلًا عَنْهُ انْتَهَى، وَقِيلَ: لَا فَائِدَةَ لِذَلِكَ فِي غَيْرِ التَّعْلِيقِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: وَالْإِغْمَاءِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طُولِ زَمَنِ الْإِغْمَاءِ وَقِصَرِهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ لَكِنْ فِي سم مَا نَصُّهُ " فَرْعٌ: دَخَلَ فِي كَلَامِهِ الْإِغْمَاءُ فَيَنْعَزِلُ بِهِ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ قَدْرًا لَا يُسْقِطُ الصَّلَاةَ فَلَا انْعِزَالَ بِهِ " وَاعْتَمَدَهُ م ر وَكَذَا لَا يَنْعَزِلُ وَكِيلُ رَمْيِ الْجِمَار بِإِغْمَاءِ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي عَجْزِهِ الْمُشْتَرَطِ لِصِحَّةِ الْإِنَابَةِ شَرْحُ م ر. وَمِنْ الْإِغْمَاءِ التَّقْرِيفُ الْوَاقِعُ فِي الْحَمَّامِ، فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ، فَإِنَّهُ تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، كَمَا فِي ق ل وَلَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِتَوْكِيلِ وَكِيلٍ آخَرَ، بَلْ يَجْتَمِعَانِ عَلَى التَّصَرُّفِ كَمَا ذَكَرَهُ ع ش، (قَوْلُهُ: وَبِزَوَالِ مِلْكِ مُوَكِّلِهِ) أَيْ: وَإِنْ عَادَ إلَى مِلْكِهِ لَمْ تَعُدْ الْوَكَالَةُ م ر اط ف. (قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ) أَيْ: بَتٍّ أَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ ح ل. (قَوْلُهُ: وَإِيجَارُ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ) هَذَا مِثَالٌ لِزَوَالِ الْمَنْفَعَةِ وَهَلْ هَذَا قَيْدٌ أَمْ لَا فَيَشْمَلُ مَا وُكِّلَ فِي عِتْقِهِ أَوْ رَهْنِهِ أَوْ تَزْوِيجِهِ أَوْ وَقْفِهِ أَوْ هِبَتِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي ع ش. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ تَزْوِيجُهُ) عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً ز ي.
(قَوْلُهُ: وَرَهْنُهُ مَعَ قَبْضٍ) وَهِبَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ. اهـ. ز ي قَالَ م ر: أَوْ وَصَّى أَوْ دَبَّرَ أَوْ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِصِفَةٍ أُخْرَى، كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ أَوْ كَاتَبَ، انْعَزَلَ؛ لِأَنَّ مُرِيدَ الْبَيْعِ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ غَالِبًا. (قَوْلُهُ: لِإِشْعَارِهَا بِالنَّدَمِ عَلَى التَّصَرُّفِ) أَيْ: نَدَمِ الْمُوَكِّلِ عَلَى التَّصَرُّفِ الَّذِي كَانَ يَحْصُلُ مِنْ الْوَكِيلِ لَوْ فُرِضَ وُقُوعُهُ مِنْهُ وَفِيهِ أَنَّ النَّدَمَ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ أَمْرٍ وَقَعَ وَهَذَا لَمْ يَقَعْ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِإِشْعَارِهَا بِالرُّجُوعِ عَنْ التَّصَرُّفِ أَيْ: عَنْ الْإِذْنِ فِيهِ، فَتَأَمَّلْ. وَعَلَّلَ م ر بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ مُرِيدَ الْبَيْعِ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ غَالِبًا. وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ الِانْعِزَالُ بِمَا يُبْطِلُ الِاسْمَ كَطَحْنِ الْحِنْطَةِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَلَوْ وَكَّلَ قِنًّا بِإِذْنٍ، ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ نَعَمْ يَعْصِي بِتَصَرُّفِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مُشْتَرِيهِ لِصَيْرُورَةِ مَنَافِعِهِ مُسْتَحَقَّةً لَهُ اهـ بِحُرُوفِهِ.
(قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ) أَيْ بِقَوْلِهِ: " وَلِزَوَالِ مِلْكِ مُوَكِّلٍ " أَعَمُّ لِشُمُولِهِ الْإِيجَارَ وَالتَّزْوِيجَ وَالرَّهْنَ.
. (قَوْلُهُ: أَوْ صِفَتِهَا) أَيْ: الْوَكَالَةِ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْمُوَكِّلِ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ اخْتِلَافٌ فِي صِفَةِ الْمُوَكِّلِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: بِحَقٍّ) حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي " بَعْدَهُ "، أَيْ: التَّسْلِيمِ، وَالْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ، وَالْمُرَادُ كَوْنُهُ بِحَقٍّ بِاعْتِرَافِ الْمُوَكِّلِ بِأَنْ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي التَّسْلِيمِ قَبْلَ الْقَبْضِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ: أَتَيْتُ بِالتَّصَرُّفِ) بِأَنْ طَلَبَ مِنْهُ الْعَبْدَ الَّذِي وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ فَقَالَ: بِعْهُ وَخُذْ ثَمَنَهُ. فَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ الْبَيْعَ؛ لِأَجْلِ أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدُ قَالَ م ر: فَلَا يَسْتَحِقُّ الْوَكِيلُ مَا شُرِطَ لَهُ مِنْ الْجُعْلِ عَلَى التَّصَرُّفِ. (قَوْلُهُ: حَلَفَ الْمُوَكِّلُ فَيُصَدَّقُ) وَبَعْدَ تَصْدِيقِهِ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ صُوَرِ الْأُولَى، وَهُوَ قَوْلُهُ: أَوْ بِالشِّرَاءِ بِعِشْرِينَ. فَقَالَ: بَلْ بِعَشْرَةٍ يَكُونُ الْحُكْمُ هُوَ التَّفْصِيلَ الْآتِيَ فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ اشْتَرَاهَا بِعَيْنِ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَسَمَّاهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: فَيُصَدَّقُ، وَحِينَئِذٍ فَيُطَالِبُ الْمُوَكِّلُ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ فِي الثَّانِيَةِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ لِاعْتِرَافِهِ أَيْ: الْوَكِيلِ بِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِمَا أَخَذَهُ الْمُوَكِّلُ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ لِلْوَكِيلِ وَأَنْكَرَ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِذَلِكَ فَذَاكَ، وَإِلَّا حَلَفَ الْوَكِيلُ. اهـ. ح ل وَهَذَا لَا يَظْهَرُ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ: لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ الْوَكِيلُ لَكَانَ أَوْلَى. وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute