(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ (سُنَّ تَغْلِيظُ يَمِينٍ) مِنْ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فِي غَيْرِ نَجِسٍ وَمَالٍ كَدَمٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَرَجْعَةٍ وَإِيلَاءٍ وَعِتْقٍ وَوَلَاءٍ وَوِصَايَةٍ وَوَكَالَةٍ وَفِي مَالٍ اُدُّعِيَ بِهِ أَوْ بِحَقِّهِ وَبَلَغَ نِصَابَ زَكَاةِ نَقْدٍ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ وَرَأَى الْحَاكِمُ التَّغْلِيظَ فِيهِ لِجَرَاءَةٍ فِي الْحَالِفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ خَصْمٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ (لَا فِي نَجِسٍ أَوْ مَالٍ) اُدُّعِيَ بِهِ أَوْ بِحَقِّهِ كَخِيَارٍ وَأَجَلٍ (لَمْ يَبْلُغْ) أَيْ الْمَالُ (نِصَابَ زَكَاةِ نَقْدٍ وَلَمْ يَرَهُ) أَيْ التَّغْلِيظَ فِيهِ (قَاضٍ) وَالتَّغْلِيظُ يَكُونُ (بِمَا) مَرَّ (فِي اللِّعَانِ مِنْ زَمَانٍ وَمَكَانٍ) لَا جَمْعٍ وَتَكْرِيرِ أَلْفَاظٍ (وَبِزِيَادَةِ أَسْمَاءٍ وَصِفَاتٍ) كَأَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وَالْعَلَانِيَةَ وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ يَهُودِيًّا حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَنَجَّاهُ مِنْ الْغَرَقِ أَوْ نَصْرَانِيًّا حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى أَوْ مَجُوسِيًّا أَوْ وَثَنِيًّا حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَاَللَّهِ كَفَى.
وَلَا يَجُوزُ لِقَاضٍ أَنْ يُحَلِّفَ أَحَدًا بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَذْرٍ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَتَى بَلَغَ الْإِمَامَ قَاضِيًا يَسْتَحْلِفُ النَّاسَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ عَزَلَهُ، وَذِكْرُ سَنِّ التَّغْلِيظِ مَعَ عَدَمِهِ فِي النَّجِسِ وَمَعَ قَوْلِي نَقْدِ وَلَمْ يَرَهُ قَاضٍ وَمَعَ قَوْلِي وَبِزِيَادَةِ أَسْمَاءٍ وَصِفَاتٍ مِنْ زِيَادَتِي، وَتَقْيِيدِي مَا مَرَّ فِي اللِّعَانِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ أَوْلَى مِنْ إطْلَاقِهِ لَهُ
(وَيَحْلِفُ) الشَّخْصُ (عَلَى الْبَتِّ) أَيْ الْقَطْعِ فِي فِعْلِهِ وَفِعْلِ مَمْلُوكِهِ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ حَالَ نَفْسِهِ، وَحَالُ مَمْلُوكِهِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ فَهُوَ كَحَالِهِ بَلْ ضَمَانُ جِنَايَةِ بَهِيمَتِهِ بِتَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهَا لَا بِفِعْلِهَا وَفِي فِعْلِ غَيْرِهِمَا إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا مَحْصُورًا لِتَيَسُّرِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ (لَا فِي نَفْيٍ مُطْلَقٍ لِفِعْلٍ لَا يُنْسَبُ لَهُ) كَقَوْلِ غَيْرِهِ لَهُ فِي جَوَابِ دَعْوَاهُ دَيْنًا لِمُوَرِّثِهِ أَبْرَأَنِي مُوَرِّثُك (فَ) حَلَفَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَتِّ (أَوْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) لِتَعَسُّرِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ.
وَالتَّقْيِيدُ بِمُطْلَقٍ مَعَ قَوْلِي عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِي.
ــ
[حاشية البجيرمي]
[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ]
(فَصْلٌ: فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ) (قَوْلُهُ: سُنَّ تَغْلِيظُ يَمِينٍ) أَيْ يُسَنُّ لِلْقَاضِي أَنْ يُغَلِّظَ الْيَمِينَ وَهَذَا لَيْسَ مِنْ التَّرْجَمَةِ ح ل أَيْ بَلْ هُوَ تَوْطِئَةٌ لِلْمُتَرْجَمِ لَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ التَّرْجَمَةِ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ وَبِزِيَادَةِ أَسْمَاءٍ وَصِفَاتٍ وَيَكُونُ الْمُرَادُ الْكَيْفِيَّةُ الْوَاجِبَةُ أَوْ الْمَنْدُوبَةُ (قَوْلُهُ: مِنْ مُدَّعٍ) أَيْ إذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ ز ي (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ نَجَسٍ) أَخَذَهُ مِمَّا بَعْدَهُ وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا فِي نَجَسٍ مَعْطُوفٍ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ لِلْعِلْمِ مِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَمَالٍ) أَيْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابَ زَكَاةٍ نَقْدٍ وَلَمْ يَرَهُ قَاضٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ: كَدَمٍ) أَيْ قَتْلٍ (قَوْلُهُ: وَبَلَغَ نِصَابَ زَكَاةٍ نَقْدًا) وَهُوَ عِشْرُونَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ مَا قِيمَتُهُ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَيَّ نِصَابٍ كَانَ حَتَّى مِنْ الْإِبِلِ مَثَلًا بِرْمَاوِيٌّ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ نِصَابَ غَيْرِ النَّقْدِ إنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابَ النَّقْدِ سُنَّ التَّغْلِيظِ وَإِلَّا افَلَا (قَوْلُهُ: لَا فِي نَجَسٍ أَوْ مَالٍ) هَذَا التَّقْيِيدُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّغْلِيظِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ أَمَّا: بِالنِّسْبَةِ لِزِيَادَةِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ فَلَهُ التَّغْلِيظُ بِهَا مُطْلَقًا شَرْحُ م ر أَيْ فِي الْمَالِ وَغَيْرِهِ بَلَغَ نِصَابًا أَمْ لَا.
وَشَمِلَ ذَلِكَ الِاخْتِصَاصُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لَا جَمْعَ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر نَعَمْ التَّغْلِيظُ بِحُضُورِ جَمْعٍ أَقَلُّهُمْ أَرْبَعَةٌ وَبِتَكْرِيرِ اللَّفْظِ لَا أَثَرَ لَهُ هُنَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَبِزِيَادَةِ أَسْمَاءٍ وَصِفَاتٍ) وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: ٧٧] وَأَنْ يُوضَعَ الْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ شَرْحُ م ر وَلَا يُحَلِّفُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَخْوِيفُهُ بِحَلِفِهِ بِحَضْرَةِ الْمُصْحَفِ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ اقْتَصَرَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَبِزِيَادَةِ أَسْمَاءٍ وَصِفَاتٍ ع ن (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لِقَاضٍ) خَرَجَ الْخَصْمُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ بِذَلِكَ وَمِثْلُ الْقَاضِي غَيْرُهُ مِنْ الْمُحَكَّمِ وَنَحْوِهِ فَلَيْسَ لَهُ التَّحْلِيفُ بِذَلِكَ ع ش (قَوْلُهُ: عَزَلَهُ) أَيْ وُجُوبًا إنْ كَانَ شَافِعِيًّا وَأَمَّا: الْقَاضِي الْحَنَفِيُّ فَلَا يَعْزِلُهُ الْإِمَامُ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ يَرَى ذَلِكَ فِي اعْتِقَادِ مُقَلَّدِهِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَذِكْرُ سُنَّ إلَخْ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ طَلَاقِهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَدْخُلُ تَكْرِيرَ الْأَيْمَانِ وَحُضُورُ رَ الْجَمْعِ مَعَ أَنَّهُمَا لَيْسَا مَطْلُوبَيْنِ هُنَا
(قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ إلَخْ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ. وَحَاصِلُ الصُّوَرِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إمَّا: فِعْلُهُ أَوْ فِعْلُ مَمْلُوكِهِ أَوْ فِعْلُ غَيْرِهِمَا، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا.
فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي إحْدَى عَشْرَةَ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ فِي فِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ مَمْلُوكِهِ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْلِفُ إمَّا: عَلَى الْإِثْبَاتِ أَوْ النَّفْيِ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا: أَنْ يَكُونَا مُطْلَقَيْنِ أَوْ مُقَيَّدَيْنِ وَقَوْلُهُ: وَفِي فِعْلِ غَيْرِهِمَا إثْبَاتًا فِيهِ صُورَتَانِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا: مُطْلَقٌ أَوْ مُقَيَّدٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ نَفْيًا مَحْصُورًا صُورَةً وَيَتَخَيَّرُ فِي وَاحِدَةٍ أَشَارَ إلَيْهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا فِي نَفْيِ مُطْلَقِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ حَالَ نَفْسِهِ) أَيْ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ صَدَرَ مِنْهُ حَالَ جُنُونِهِ مَثَلًا كَمَا أَطْلَقُوهُ شَرْحُ حَجّ (قَوْلُهُ: بِتَقْصِيرِهِ) أَيْ فَهُوَ مِنْ فِعْلِهِ ع ش (قَوْلُهُ: غَيْرِهِمَا) أَيْ مِمَّا لَهُ بِهِ تَعَلُّقٌ كَمُوَرَّثِهِ لَا أَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: إثْبَاتًا) كَبَيْعٍ وَإِتْلَافٍ وَغَصْبٍ م ر (قَوْلُهُ: مَحْصُورًا) صِفَةٌ لَنَفْيًا أَيْ نَفْيًا مُقَيَّدًا بِوَقْتٍ مَثَلًا كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ مَا أَبْرَأَكَ مُوَرِّثِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ: أَبْرَأَنِي مُوَرِّثُك) أَيْ وَأَنْتَ تَعْلَمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّ كُلَّ مَا يَحْلِفُ فِيهِ الْمُنْكِرُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى عَلَيْهِ التَّعَرُّضُ لِلْعِلْمِ فَيَقُولُ مُوَرِّثُك غَصَبَ مِنِّي كَذَا وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ غَصَبَهُ ز ي