للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) أَنْ (يَقُولَ عَقِبَ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ فِطْرِهِ «اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت» لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ (وَ) أَنْ (يُكْثِرَ فِي رَمَضَانَ صَدَقَةً وَتِلَاوَةً) لِقُرْآنٍ (وَاعْتِكَافًا لَا سِيَّمَا) فِي (الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْهُ) لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ»

(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ. (شَرْطُ وُجُوبِهِ إسْلَامٌ) وَلَوْ فِيمَا مَضَى وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (وَتَكْلِيفٌ) كَمَا فِي الصَّلَاةِ فِيهِمَا (وَإِطَاقَةٌ) لَهُ وَصِحَّةٌ وَإِقَامَةٌ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فَلَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانَ وَلَا عَلَى مَنْ لَا يُطِيقُهُ حِسًّا، أَوْ شَرْعًا لِكِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، أَوْ حَيْضٍ، أَوْ نَحْوِهِ وَلَا عَلَى مَرِيضٍ وَمُسَافِرٍ بِقَيْدٍ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي.

ــ

[حاشية البجيرمي]

لَا يُفْطِرُ لِعُذْرِهِ فَلْيُحْمَلْ هَذَا عَلَى مُبَالَغَةٍ مَنْهِيٍّ عَنْهَا، أَوْ نَحْوِهَا. (قَوْلُهُ: عَقِبَ فِطْرِهِ) أَيْ عَقِبَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْفِطْرُ وَإِنْ لَمْ يُنْدَبْ كَجِمَاعٍ، أَوْ إدْخَالِ نَحْوِ عُودٍ فِي أُذُنِهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا بَلْ نَقَلَ أَنَّهُ يَكْفِي دُخُولُ وَقْتِ الْإِفْطَارِ لَكِنْ رُبَّمَا يُنَافِيه لَفْظُ وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت فَتَأَمَّلْهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ) لِأَنَّهَا تَصْدُقُ بِالْقَبْلِيَّةِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَقُولَ ذَلِكَ) وَوَرَدَ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ» وَلَكِنَّ هَذَا رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي خُصُوصِ مَنْ أَفْطَرَ عَلَى الْمَاءِ فَرَاجِعْهُ ق ل.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُكْثِرَ فِي رَمَضَانَ) صَرَّحَ بِهِ هُنَا لِطَلَبِ هَذِهِ الْأُمُورِ لَيْلًا وَنَهَارًا فِيهِ وَإِلَّا فَهِيَ مَطْلُوبَةٌ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ: صَدَقَةً؛ لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ فِيهِ يَضْعُفُونَ عَنْ الْكَسْبِ وَلِيَحْصُلَ أَجْرُ فِطْرِ الصَّائِمِ وَلِأَنَّ الْحَسَنَاتِ فِيهِ تُضَاعَفُ اهـ عَمِيرَةُ، وَمِنْهَا التَّوْسِعَةُ عَلَى عِيَالِهِ وَالْإِحْسَانُ إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَإِفْطَارُ الصَّائِمِينَ بِعَشَاءٍ، أَوْ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ كَمَا فِي ق ل.

(قَوْلُهُ: وَتِلَاوَةً لِقُرْآنٍ) وَلَوْ فِي حَمَّامٍ، أَوْ طَرِيقٍ لَا نَحْوِ حُشٍّ وَهِيَ فِي الْمُصْحَفِ وَإِلَى الْقِبْلَةِ وَجَهْرًا أَفْضَلُ إلَّا لِخَوْفِ رِيَاءٍ، أَوْ تَشْوِيشٍ وَلَوْ عَلَى نَائِمٍ ق ل. (قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا) بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِمَّا قَبْلَهَا وَلَا يُسْتَثْنَى بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَالسِّيُّ بِالْكَسْرِ فَتَشْدِيدٍ الْيَاءِ الْمِثْلُ وَمَا مَوْصُولَةٌ، أَوْ زَائِدَةٌ وَيَجُوزُ رَفْعُ مَا بَعْدَهَا عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ وَنَصْبُهُ عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْمَفْعُولِ بِهِ وَجَرُّهُ عَلَى الْإِضَافَةِ وَهُوَ أَرْجَحُ وَزِيَادَةُ مَا اهـ إمْدَادٌ شَوْبَرِيٌّ، وَهَذِهِ الِاحْتِمَالَاتُ فِي غَيْرِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ نَحْوُ لَا سِيَّمَا زَيْدٌ وَأَمَّا فِيهَا فَيَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ مَا مَوْصُولَةً وَفِي الْعَشْرِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ صِلَتُهَا وَسِيَّ اسْمُ لَا مَنْصُوبٌ لِإِضَافَتِهِ إلَى مَا وَخَبَرُهَا مَخْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ لَا مِثْلَ الصَّدَقَةِ وَالتِّلَاوَةِ وَالِاعْتِكَافِ اللَّاتِي هِيَ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مَوْجُودٌ.

[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ]

. (فَصْلٌ: فِي وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ)

أَيْ وَمَا يَتَّبِعُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوبِ الْإِمْسَاكِ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ ع ش.

(قَوْلُهُ وَلَوْ فِيمَا مَضَى) أَيْ فَدَخَلَ الْمُرْتَدُّ وَفِيهِ أَنَّ إطْلَاقَ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ مَجَازٌ يَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْقَرِينَةُ قَوْلُهُ: فِيمَا بَعْدُ لَا بِكُفْرٍ أَصْلِيٍّ فَيَكُونُ لَفْظُ إسْلَامٍ فِي كَلَامِهِ مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَكَأَنَّهُ انْتَقَلَ نَظَرُهُ مِنْ عِبَارَتِهِ فِي الصَّلَاةِ إلَى مَا هُنَا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ هُنَاكَ عَبَّرَ بِالْمُشْتَقِّ وَهُنَا بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْأَزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ وَقَرِينَةُ التَّعْمِيمِ وَلَا يَقُولُ وَقَرِينَةُ الْمَجَازِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَصِحَّةٌ) قَدْ يُقَالُ تُغْنِي الْإِطَاقَةُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْإِطَاقَةُ حِسًّا، أَوْ شَرْعًا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا إذَا لَمْ تَلْحَقْهُ مَشَقَّةٌ تُبِيحُ التَّيَمُّمَ، ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشٍ قَوْلَهُ: وَإِطَاقَةٌ أَيْ وَلَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَدَخَلَ الْمَرِيضُ الَّذِي يُرْجَى بُرْؤُهُ لِأَنَّهُ مُطِيقٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَأَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ وَصِحَّةٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي الْمُحْتَرَزَاتِ الْآتِيَةِ اهـ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ إطَاقَةٌ وَلَوْ بِمَشَقَّةٍ فَيَدْخُلُ الْمَرِيضُ إذَا صَامَ وَتَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ فَأَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ وَصِحَّةٌ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَإِقَامَةٌ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ الْعَاصِي بِالسَّفَرِ وَالْمُسَافِرَ سَفَرًا قَصِيرًا فَإِنَّهُمَا فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ وَقَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَيْ حَالَ كَوْنِ الصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ مَأْخُوذَيْنِ مِمَّا يَأْتِي أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَيُبَاحُ تَرْكُهُ لِمَرَضٍ إلَخْ وَإِنَّمَا ارْتَكَبَ الْمَتْنُ ذَلِكَ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ لِلِاحْتِيَاجِ إلَى التَّفْصِيلِ فِي مَفْهُومِهِمَا فَلَمْ يُغْنِ ذِكْرُ الصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ عَنْ ذِكْرِ مَفْهُومِهِمَا بِخِلَافِ ذِكْرِ الْمَفْهُومِ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ فَيُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْمَنْطُوقِ.

(قَوْلُهُ: وَمَجْنُونٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُتَعَدِّيًا ثُمَّ رَأَيْت عَنْ شَيْخِ مَشَايِخِنَا تَقْيِيدَهُ بِغَيْرِ الْمُتَعَدِّي شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَسَكْرَانَ) سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مُتَعَدِّيًا أَمْ لَا إذْ الْكَلَامُ فِي نَفْيِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ وَهُوَ لَا يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مُطْلَقًا وَأَمَّا وُجُوبُ الْقَضَاءِ فَسَيَأْتِي فَتَقْيِيدُ الشَّوْبَرِيِّ بِغَيْرِ الْمُتَعَدِّي لَا يُنَاسِبُ إذْ التَّقْيِيدُ إنَّمَا هُوَ فِي نَفْيِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِكِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ) رَاجِعَانِ لِلْحِسِّيِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَيْضٍ، أَوْ نَحْوِهِ) رَاجِعَانِ لِلشَّرْعِيِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مَرِيضٍ) يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) وَهُوَ أَنَّ الْمَرِيضَ لَا بُدَّ أَنْ يُخَافَ مَحْذُورٍ تَيَمَّمَ وَالْمُسَافِرُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ سَفَرَ قَصْرٍ ح ل

<<  <  ج: ص:  >  >>