للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوُجُوبُهُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى السَّكْرَانِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَالْحَائِضِ، وَنَحْوِهَا عِنْدَ مَنْ عَبَّرَ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِمْ وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ كَمَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي الْأُصُولِ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ كَمَا سَيَأْتِي وَمَنْ أَلْحَقَ بِهِمْ الْمُرْتَدَّ فِي ذَلِكَ فَقَدْ سَهَا فَإِنَّ وُجُوبَهُ عَلَيْهِ وُجُوبُ تَكْلِيفٍ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (وَيُبَاحُ تَرْكُهُ) بِنِيَّةِ التَّرَخُّصِ (لِمَرَضٍ يَضُرُّ مَعَهُ صَوْمٌ) ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَإِنْ طَرَأَ عَلَى الصَّوْمِ لِآيَةِ {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا} [البقرة: ١٨٥] ثُمَّ الْمَرَضُ إنْ كَانَ مُطْبِقًا فَلَهُ تَرْكُ النِّيَّةِ، أَوْ مُتَقَطِّعًا فَإِنْ كَانَ يُوجَدُ وَقْتَ الشُّرُوعِ فَلَهُ تَرْكُهَا وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ عَادُوا وَاحْتَاجَ إلَى الْإِفْطَارِ أَفْطَرَ (وَسَفَرُ قَصْرٍ) فَإِنْ تَضَرَّرَ لَهُ فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ وَإِلَّا فَالصَّوْمُ أَفْضَلُ كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ.

(لَا إنْ طَرَأَ) السَّفَرُ عَلَى الصَّوْمِ (أَوْ زَالَا) أَيْ الْمَرَضُ وَالسَّفَرُ مَنْ صَائِمٍ فَلَا يُبَاحُ تَرْكُهُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْحَضَرِ فِي الْأُولَى وَزَوَالِ الْعُذْرِ فِي غَيْرِهَا (وَيَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ وَلَوْ بِعُذْرٍ) كَمَرَضٍ وَسَفَرٍ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ إذْ تَقْدِيرُهَا فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَكَحَيْضٍ وَنَحْوِهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ وَرِدَّةٍ وَسُكْرٍ وَإِغْمَاءٌ وَتَرْكُ نِيَّةٍ وَلَوْ نِسْيَانًا بِخِلَافِ مَا فَاتَ مِنْ الصَّلَاةِ بِالْإِغْمَاءِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا لِمَشَقَّةِ تَكَرُّرِهَا وَبِخِلَافِ الْأَكْلِ نَاسِيًا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ مِنْ بَابِ الْمَأْمُورَاتِ وَالْأَكْلُ مِنْ بَابِ الْمَنْهِيَّاتِ وَالنِّسْيَانُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الثَّانِي وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ لَا بِكُفْرٍ أَصْلِيٍّ أَيْ لَا يَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ تَرْغِيبًا فِيهِ (وَ) لَا (صِبًا، وَ) لَا (جُنُونٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ وَوُجُوبُهُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى السَّكْرَانِ) قَيَّدَهُ حَجّ بِالْمُتَعَدِّي شَوْبَرِيٌّ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مُطْلَقًا بِتَعَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ مَرَضٌ وَهُوَ يُوجِبُ الْقَضَاءَ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وُجُوبَ انْعِقَادِ سَبَبٍ) وَهُوَ دُخُولُ الْوَقْتِ وَالْمُرَادُ بِانْعِقَادِهِ وُجُودُهُ وَإِضَافَةُ وُجُوبٍ مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ، أَوْ بَيَانِيَّةٍ هَذَا عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ لَا بِأَمْرٍ جَدِيدٍ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَلْحَقَ بِهِمْ الْمُرْتَدَّ) إشَارَةً إلَى رَدِّ مَا فِي الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ قَالَ ق ل عَلَيْهِ وَإِلْحَاقُهُ بِهِمْ فِي كَوْنِهِ انْعِقَادُ سَبَبٍ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ مُخَاطَبًا خِطَابَ تَكْلِيفٍ فَلَا سَهْوَ اهـ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ تَرْكُهُ) أَيْ يَجِبُ لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ امْتِنَاعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ ابْنُ حَجَرٍ وَتَبِعَهُ الزِّيَادِيُّ فَقَالَ الْمَرَضُ الَّذِي يُبِيحُ التَّيَمُّمَ يُوجِبُ الْفِطْرَ وَمَا دُونَهُ حَيْثُ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً يُجَوِّزُهُ اهـ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَرَضَ الَّذِي يُبِيحُ التَّيَمُّمَ يُجَوِّزَ الْفِطْرِ وَلَا يُوجِبُهُ عِنْدَ م ر وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ح ف وَنَقَلَهُ ق ل عَلَى الْخَطِيبِ وَعَزَاهُ لِشَيْخِهِ م ر نَعَمْ إنْ خَافَ الْهَلَاكَ أَوْ فَوَاتَ مَنْفَعَةِ عُضْوٍ وَجَبَ الْفِطْرُ كَمَا فِي م ر.

(قَوْلُهُ بِنِيَّةِ التَّرْخِيصِ) أَيْ بِأَنْ يَنْوِيَ أَنَّ الشَّارِعَ رَخَّصَ لَهُ فِي الْفِطْرِ أَيْ أَبَاحَهُ لَهُ ح ف. (قَوْلُهُ: مُطْبِقًا) أَيْ مُسْتَمِرًّا لَيْلًا وَنَهَارًا وَمِنْهُ أُخِذَ أَنَّ نَحْوَ الْحَصَّادِينَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَإِذَا حَصَلَ لَهُمْ مِنْ الصَّوْمِ مَشَقَّةٌ تُبِيحُ التَّيَمُّمَ أَفْطَرُوا ح ل وَسَوَاءٌ كَانَ يَحْصُدُ لِنَفْسِهِ، أَوْ بِأُجْرَةٍ، أَوْ تَبَرُّعًا وَإِنْ لَمْ يَنْحَصِرْ الْأَمْرُ فِيهِ كَمَا فِي ع ش. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ يُوجَدُ وَقْتُ الشُّرُوعِ) أَيْ وَقْتُ صِحَّةِ النِّيَّةِ ق ل

وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قُبَيْلَ الْفَجْرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) وَإِنْ عَلِمَ مِنْ عَادَتِهِ عَوْدَ الْمَرَضِ أَثْنَاءَ النَّهَارِ م ر.

(قَوْلُهُ وَسَفَرِ قَصْرٍ) وَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا مَرَّ فِي الْقَصْرِ فَحَيْثُ جَازَ جَازَ الْفِطْرُ وَحَيْثُ لَا فَلَا نَعَمْ سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ شَرْطَ الْفِطْرِ فِي أَوَّلِ أَيَّامِ سَفَرِهِ أَنْ يُفَارِقَ مَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ لِلْقَصْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ يَقِينًا فَلَوْ نَوَى لَيْلًا ثُمَّ سَافَرَ وَشَكَّ أَسَافَرَ قَبْلَ الْفَجْرِ، أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يُفْطِرْ ذَلِكَ الْيَوْمَ لِلشَّكِّ فِي مُبِيحِهِ ابْنُ حَجَرٍ وز ي، وَمَحَلُّ جَوَازِ فِطْرِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُدِيمَ السَّفَرِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ الْفِطْرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْجُ زَمَنًا يَقْضِي فِيهِ م ر وَز ي. (قَوْلُهُ: لَا إنْ طَرَأَ السَّفَرُ) وَلِكَوْنِهِ بِاخْتِيَارِهِ فَارَقَ الْمَرَضُ. (قَوْلُهُ: كَمَرَضٍ) أَيْ يُرْجَى بُرْؤُهُ إذْ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ مُوجِبٌ لِلْفِدْيَةِ فَقَطْ م ر. (قَوْلُهُ: وَسُكْرٍ وَإِغْمَاءٍ) وَلَوْ بِغَيْرِ تَعَدٍّ فِيهِمَا وَالْمَجْنُونُ إذَا تَعَدَّى يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي ع ش فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ بِأَنْ يَقُولَ: وَجُنُونٍ بِتَعَدٍّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّكْرَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إلَّا إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ وَشَيْخُنَا وَنَازَعَهُ سم فِي التَّقْيِيدِ بِالْمُتَعَدِّي، ثُمَّ قَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ بِتَعَدٍّ، أَوْ دُونِهِ إنْ اسْتَغْرَقَ النَّهَارَ وَجَبَ الْقَضَاءُ وَإِلَّا وَقَدْ نَوَى لَيْلًا أَجْزَأَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: وَإِغْمَاءٍ) لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْمَرَضِ فَانْدَرَجَ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} [البقرة: ١٨٤] شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نِسْيَانًا) فَهُوَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ قَضَاءَ تَارِكِ النِّيَّةِ وَلَوْ عَمْدًا عَلَى التَّرَاخِي بِلَا خِلَافٍ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ فِي الْعَمْدِ وَفِي غَيْرِهِ عَلَى التَّرَاخِي وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى أَنَّ تَرْكَ النِّيَّةِ يُشْعِرُ بِتَرْكِ الِاهْتِمَامِ بِالْعِبَادَةِ ح ل.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا فَاتَ مِنْ الصَّلَاةِ بِالْإِغْمَاءِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَعَدَّ ح ل. (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ الْأَكْلِ نَاسِيًا) اُنْظُرْ أَيَّ مَوْقِعٍ لِهَذَا هُنَا مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَضَاءِ وَهَذَا لَا يُفْطِرُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَتَى بِهِ لِأَجْلِ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِسْيَانِ النِّيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الثَّانِي) أَيْ يُصَيِّرُهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَيْ كَأَنَّ الْأَكْلَ مَثَلًا نَاسِيًا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ أَكْلٌ أَيْ يُؤَثِّرُ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ) وَلَا يُسَنُّ وَلَا يَنْعَقِدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا ح ل أَيْ لَا يَجِبُ وَلَا يُسَنُّ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ سَنِّ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ فِي زَمَنِ الصِّبَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الصَّوْمَ مِنْ شَأْنِهِ الْمَشَقَّةُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ وَمَحَلُّ عَدَمِ قَضَاءِ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ أَمَّا هُوَ فَيُسَنُّ قَضَاؤُهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَا صِبًا)

<<  <  ج: ص:  >  >>