للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ

(وَلَوْ ادَّعَى) قَتْلًا (عَمْدًا) مَثَلًا (بِلَوْثٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ حَضَرَ أَحَدُهُمْ) وَأَنْكَرَ (حَلَفَ) الْمُسْتَحِقُّ (خَمْسِينَ وَأَخَذَ) مِنْهُ (ثُلُثَ دِيَةٍ فَإِنْ حَضَرَ آخَرُ فَكَذَا) .

أَيْ فَيَحْلِفُ خَمْسِينَ كَالْأَوَّلِ وَيَأْخُذُ ثُلُثَ دِيَةٍ (إنْ لَمْ يَكُنْ ذَكَرَهُ فِي الْأَيْمَانِ وَإِلَّا اكْتَفَى بِهَا) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْقَسَامَةِ فِي غَيْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ (وَالثَّالِثُ كَالثَّانِي) فِيمَا مَرَّ فِيهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي

(وَلَا قَسَامَةَ فِيمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ) خَاصًّا؛ لِأَنَّ تَحْلِيفَ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرُ مُمْكِنٍ لَكِنْ يَنْصِبُ الْقَاضِي مَنْ يَدَّعِي عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْقَتْلُ وَيُحَلِّفُهُ.

[دَرْس] (فَصْلٌ) فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مُوجِبُ الْقَوَدِ وَمُوجِبُ الْمَالِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ مِنْ إقْرَارٍ وَشَهَادَةٍ. (إنَّمَا يَثْبُتُ قَتْلٌ بِسِحْرٍ بِإِقْرَارٍ) بِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لَا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَعْلَمُ قَصْدَ السَّاحِرِ وَلَا يُشَاهِدُ تَأْثِيرَ السِّحْرِ نَعَمْ، إنْ قَالَ قَتَلَهُ بِكَذَا فَشَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ نَادِرًا فَيَثْبُتُ مَا شَهِدَا بِهِ، وَالْإِقْرَارُ أَنْ يَقُولَ قَتَلْتُهُ بِسِحْرِي فَإِنْ قَالَ وَسِحْرِي يَقْتُلُ غَالِبًا فَإِقْرَارٌ بِالْعَمْدِ فَفِيهِ الْقَوَدُ أَوْ يَقْتُلُ نَادِرًا فَإِقْرَارٌ بِشَبَهِ الْعَمْدِ، أَوْ قَالَ أَخْطَأْتُ مِنْ اسْمِ غَيْرِهِ إلَى اسْمِهِ فَإِقْرَارٌ بِالْخَطَأِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ عَلَى السَّاحِرِ لَا الْعَاقِلَةِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقُوهُ (وَ) إنَّمَا يَثْبُتُ (مُوجِبُ قَوَدٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ مَنْ قُتِلَ بِغَيْرِ سِحْرٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ إزَالَةٍ (بِهِ) أَيْ بِإِقْرَارٍ بِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (أَوْ بِ) شَهَادَةِ (عَدْلَيْنِ) بِهِ (وَ) إنَّمَا يَثْبُتُ مُوجِبُ (مَالِ) مَنْ قُتِلَ بِغَيْرِ سِحْرٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ إزَالَةٍ (بِذَلِكَ) أَيْ بِإِقْرَارٍ بِهِ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ بِهِ (أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ) بِرَجُلٍ (وَيَمِينٍ) وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَأْتِي فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ ذُكِرَتْ هُنَا تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيَأْتِي ثَمَّ الْكَلَامُ فِي صِفَاتِ الشُّهُودِ وَالْمَشْهُودِ بِهِ مُسْتَوْفًى وَفِي بَابِ الْقَضَاءِ بَيَانُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ

(وَلَوْ عَفَا) الْمُسْتَحِقُّ (عَنْ قَوَدٍ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِنْ عِنْدِهِ دَرْءًا لِلْفِتْنَةِ اهـ. رَشِيدِيٌّ مُلَخَّصًا وَهَذَا هُوَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ خَمْسِينَ يَمِينًا (قَوْلُهُ: بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ) أَيْ هَذَا وَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ

(قَوْلُهُ: حَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ) اُنْظُرْ هَلْ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ سَابِقًا وَلَوْ أَنْكَرَ مُدَّعًى عَلَيْهِ اللَّوْثَ حَلَفَ حَيْثُ حَلَفَ هُنَا الْمُسْتَحِقُّ وَهُنَاكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَلِفِ عَلَى نَفْيِ اللَّوْثِ وَهَذَا فِي الْحَلِفِ عَلَى الْقَتْلِ

(قَوْلُهُ: وَيُحَلِّفُهُ) أَيْ يُحَلِّفُ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْقَتْلُ وَلَوْ نَكَلَ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بَلْ يُحْبَسُ لِيُقِرَّ أَيَحْلِفُ؟ شَوْبَرِيٌّ وَإِنْ طَالَ الْحَبْسُ ع ش.

[فَصْلٌ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مُوجِبُ الْقَوَدِ وَمُوجِبُ الْمَالِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ مِنْ إقْرَارٍ وَشَهَادَةٍ]

[دَرْسٌ] (فَصْلٌ: فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مُوجِبُ الْقَوْدِ إلَخْ)

(قَوْلُهُ: بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِمُوجِبِ الْمَالِ شَوْبَرِيٌّ أَيْ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْقَوْدِ لَا يَكُونُ إلَّا بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ فَهُوَ قَيْدٌ فِي مُوجِبِ الْمَالِ لِيَخْرُجَ مُوجِبُ الْمَالِ لَا بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ كَالْبَيْعِ مَثَلًا لَكِنَّهُ يُدْخِلُ الْمَالَ الْوَاجِبَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْمَالِ كَالسَّرِقَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ فَكَانَ يَنْبَغِي زِيَادَةٌ عَلَى الْبَدَنِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ إقْرَارٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَثْبُتُ شَوْبَرِيٌّ أَيْ تَعَلُّقًا مَعْنَوِيًّا؛ لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِمَا (قَوْلُهُ: بِسِحْرٍ) وَأَمَّا الْقَتْلُ بِالْحَالِ أَوْ بِالْعَيْنِ فَلَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ ح ل أَيْ وَلَا كَفَّارَةَ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ حُكْمًا) كَالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (قَوْلُهُ: تَأْثِيرَ السِّحْرِ) وَهُوَ لُغَةً صَرْفُ الشَّيْءِ عَنْ وَجْهِهِ يُقَالُ مَا سَحَرَك عَنْ كَذَا أَيْ مَا صَرَفَكَ عَنْهُ، وَاصْطِلَاحًا كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْكَشَّافِ وَغَيْرِهَا: مُزَاوَلَةُ النُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ لِأَفْعَالٍ وَأَقْوَالٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أُمُورٌ خَارِقَةٌ لِلْعَادَةِ ز ي وَلَا يَظْهَرُ إلَّا عَلَى يَدِ فَاسِقٍ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ: فَشَهِدَ عَدْلَانِ) أَيْ بِأَنْ كَانَا سَاحِرَيْنِ وَتَابَا فَلَا يُقَالُ إنَّ تَعَلُّمَهُ حَرَامٌ مُفَسِّقٌ فَكَيْفَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؟ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَثْبُتُ مُوجِبُ مَالٍ) يَرِدُ عَلَى حَصْرِهِ الْقَسَامَةَ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ فَإِنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ بِالْيَمِينِ فَقَطْ س ل وَيَرِدُ عَلَى الْحَصْرَيْنِ مَعًا عِلْمُ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ بَعْدَ قَضَائِهِ بِهِ كُلٌّ مِنْ الْقَوْدِ وَالْمَالِ؛ لِأَنَّ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ مِمَّا يَقْضِي فِيهِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى الْجَوَابِ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ وَفِي بَابِ الْقَضَاءِ إلَخْ فَهُوَ مُرَادٌ أَيْضًا لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِنَّمَا يَثْبُتُ مُوجِبُ الْقِصَاصِ بِإِقْرَارٍ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَوْ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ أَوْ بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ حَلِفِ الْمُدَّعِي كَمَا يُعْلَمَانِ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ عَلَى أَنَّ الْأَخِيرَ كَالْإِقْرَارِ وَمَا قَبْلَهُ كَالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ جَرْحٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَتْلٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ الْمَصْدَرُ وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَهُوَ الْأَثَرُ الْحَاصِلُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ إزَالَةٍ) أَيْ إزَالَةِ الْمَنَافِعِ كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ (قَوْلُهُ: وَيَمِينٍ) أَيْ خَمْسِينَ يَمِينًا؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ دَمٍ لَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ س ل وم ر فَالْمُرَادُ جِنْسُ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لِأَيِّ شَيْءٍ ذُكِرَتْ هَذِهِ الْمَسَائِلُ هُنَا مَعَ أَنَّهَا تَأْتِي

؟ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ إلَخْ) صُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ شَخْصًا ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يُثْبِتُ الْقَوْدَ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا مَعَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينٌ فَأَرَادَ أَنْ يَعْفُوَ قَبْلَ الدَّعْوَى عَلَى مَالٍ وَيَدَّعِيَ بِالْمَالِ الَّذِي يَعْفُو عَلَيْهِ لِأَجْلِ قَبُولِ مَا مَعَهُ مِنْ الْبَيِّنَةِ الَّتِي يُعْتَدُّ بِهَا فِي الْمَالِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ الْأَصْلَ الَّذِي هُوَ الْقَوْدُ ع ش بِأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ مَثَلًا وَلَمْ يَذْكُرْ قَوَدًا وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي فِي الْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقِصَاصِ عَفَوْتُ عَنْهُ عَلَى مَالٍ فَاقْبَلُوا مِنِّي رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ لَمْ يُقْبَلْ بِأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ مَالًا بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ وَيُقِيمُ مَنْ ذُكِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>