للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمَلًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.

(وَتُلَفَّقُ إفَاقَةُ جُنُونٍ) أَيْ: أَزْمِنَتُهَا إنْ (كَثُرَ) الْجُنُونُ وَأَمْكَنَ تَلْفِيقُهَا فَإِنْ بَلَغَتْ سَنَةً وَجَبَتْ الْجِزْيَةُ اعْتِبَارًا لِلْأَزْمِنَةِ الْمُتَفَرِّقَةِ بِالْمُجْتَمِعَةِ، وَخَرَجَ بِكَثُرَ مَا لَوْ قَلَّ زَمَنُ الْجُنُونِ كَسَاعَةٍ مِنْ شَهْرٍ، فَلَا أَثَرَ لَهُ.

(وَلَوْ كَمُلَ) بِبُلُوغٍ أَوْ إفَاقَةٍ أَوْ عِتْقٍ (عُقِدَ لَهُ إنْ الْتَزَمَ جِزْيَةً) فَلَا يُكْتَفَى بِعَقْدِ مَتْبُوعِهِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْهَا (بَلَغَ الْمَأْمَنَ) ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَمَانِ مَتْبُوعِهِ وَتَعْبِيرِي " بِكَمُلَ " أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِبَلَغَ.

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَكَانِ قَبُولُهُ) لِلتَّقْرِيرِ (فَيُمْنَعُ كَافِرٌ) وَلَوْ ذِمِّيًّا (إقَامَةً بِالْحِجَازِ وَهُوَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَطُرُقُهَا) أَيْ: الثَّلَاثَةِ (وَقُرَاهَا) كَالطَّائِفِ لِمَكَّةَ وَخَيْبَرَ لِلْمَدِينَةِ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ «آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنْ الْحِجَازِ» وَرَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ «أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» وَمُسْلِمٌ خَبَرَ «لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» وَالْقَصْدُ مِنْهَا الْحِجَازُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَيْهِ، وَتَعْبِيرِي بِالْإِقَامَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالِاسْتِيطَانِ.

(فَلَوْ دَخَلَهُ بِلَا إذْنِ إمَامٍ أَخْرَجَهُ) مِنْهُ؛ لِعَدَمِ إذْنِهِ لَهُ (وَعُزِّرَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ) لِدُخُولِهِ لِجَرَاءَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا جَهِلَهُ (، وَلَا يُؤْذَنُ لَهُ) فِي دُخُولِهِ الْحِجَازَ غَيْرَ حَرَمِ مَكَّةَ (إلَّا لِمَصْلَحَةٍ لَنَا كَرِسَالَةٍ وَتِجَارَةٍ فِيهَا كَبِيرُ حَاجَةٍ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا كَبِيرُ حَاجَةٍ (فَلَا يُؤْذَنُ لَهُ إلَّا بِشَرْطِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ مَتَاعِهَا كَالْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ بِحَسَبِ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، وَلَا يُؤْخَذُ فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَالْجِزْيَةِ (وَلَا يُقِيمُ) فِيهِ بَعْدَ الْإِذْنِ لَهُ فِي دُخُولِهِ (إلَّا ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَيَّامِ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ؛ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ مِنْهَا مُدَّةُ الْإِقَامَةِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهَا، ثُمَّ وَالْمُرَادُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَلَوْ أَقَامَ فِي مَوْضِعٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى آخَرَ أَيْ: وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَهَكَذَا فَلَا مَنْعَ.

(فَإِنْ مَرِضَ فِيهِ وَشَقَّ نَقْلُهُ) مِنْهُ (أَوْ خِيفَ مِنْهُ) مَوْتُهُ أَوْ زِيَادَةُ مَرَضِهِ وَذِكْرُ الْخَوْفِ مِنْ زِيَادَتِي (تُرِكَ) مُرَاعَاةً لِأَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ وَإِلَّا نُقِلَ رِعَايَةً لِحُرْمَةِ الدَّارِ، وَتَقْيِيدِي التَّرْكَ فِي الْمَرِيضِ بِمَشَقَّةِ نَقْلِهِ تَبِعْت فِيهِ الْأَصْلَ وَالْحَاوِي وَغَيْرَهُمَا، وَهُوَ فِقْهٌ حَسَنٌ وَإِنْ خَالَفَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَاَلَّذِي فِيهِمَا عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يُنْقَلُ عَظُمَتْ الْمَشَقَّةُ أَوْ لَا، وَعَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يُنْقَلُ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ مُخْتَصَرُو الرَّوْضَةِ (فَإِنْ مَاتَ) فِيهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

سَنَةٍ س ل قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَهَلْ يُطَالَبُ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَدْفَعُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ أَوْ مَحَلُّ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَدْفَعْ؟ الَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ وَمَا يَدْفَعُهُ يَقَعُ جِزْيَةً هَكَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ز ي الْأَوَّلُ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ ز ي، قَالَ: لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يُعْطِي هِبَةً لَا عَنْ الدَّيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ تَلْفِيقُهَا) لَمْ يَأْخُذْ مَفْهُومَهُ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ انْسَحَبَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْجُنُونِ فَلَا جِزْيَةَ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ قَلَّ زَمَنُ الْجُنُونِ) بِأَنْ تَكُونَ أَوْقَاتُ الْجُنُونِ فِي السَّنَةِ لَوْ لُفِّقَتْ لَمْ تُقَابَلْ بِأُجْرَةٍ غَالِبًا س ل وَشَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: لَمْ تُقَابَلْ بِأُجْرَةٍ لَعَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَجْمُوعِ الْمُدَّةِ، لَوْ اسْتَأْجَرَ لَهَا إذْ يُتَسَامَحُ فِي نَحْوِ الْيَوْمِ بِالنَّظَرِ لِمَجْمُوعِ الْمُدَّةِ، وَإِلَّا فَالْيَوْمُ وَنَحْوُهُ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فِي حَدِّ ذَاتِهِ رَشِيدِيٌّ.

. (قَوْلُهُ: عُقِدَ لَهُ) أَيْ: إذَا كَانَ قَدْ عُقِدَ عَلَى الْأَشْخَاصِ فَلَوْ كَانَ عَلَى الْأَوْصَافِ دَخَلُوا. (قَوْلُهُ:، وَإِلَّا بَلَغَ الْمَأْمَنَ) وَإِذَا مَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ فِي دِيَارِنَا بِلَا عَقْدٍ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ مَنْ أَسْكَنَّاهُ بِدَارِنَا إذْ الْمُغَلَّبُ فِيهَا مَعْنَى الْأُجْرَةِ، وَيَظْهَرُ أَنَّهَا هُنَا أَقَلُّ الْجِزْيَةِ شَرْحُ م ر وَقَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِمَا مَرَّ فِي حَرْبِيٍّ دَخَلَ دَارَنَا، وَلَمْ نَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ حَيْثُ قِيلَ بِعَدَمِ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا الْقَبُولُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا لَمَّا كَانَ فِي الْأَصْلِ تَابِعًا لِأَمَانِ أَبِيهِ نُزِّلَ بَعْدَ بُلُوغِهِ مَنْزِلَةَ مَنْ مَكَثَ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ مِنْ الْإِمَامِ ع ش عَلَى م ر.

[شُرُوط الْمَكَانِ فِي عَقْدِ الْجِزْيَةَ]

(قَوْلُهُ: إقَامَةً بِالْحِجَازِ) وَلَوْ بِلَا اسْتِيطَانٍ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَجْزٌ بَيْنَ نَجْدٍ وَتِهَامَةَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ:، وَالْيَمَامَةُ) وَهِيَ مَدِينَةٌ بِقُرْبِ الْيَمَنِ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ وَمَرْحَلَتَيْنِ مِنْ الطَّائِفِ ز ي. (قَوْلُهُ: كَالطَّائِفِ) أَيْ: وَجُدَّةَ، وَالْيَنْبُعِ م ر وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِقُرَى الثَّلَاثَةِ، لَكِنْ أُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْيَمَامَةَ لَيْسَ لَهَا قُرًى. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ قُرَى الْمَجْمُوعِ. اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: آخِرُ مَا تَكَلَّمَ) أَيْ: فِي شَأْنِ الْيَهُودِ، وَإِلَّا فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ «كَانَ يَقُولُ عِنْدَ مَوْتِهِ: اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى» أَيْ: أُرِيدُ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى قَالَ حَجّ: قِيلَ: هُوَ أَعْلَى الْمَنَازِلِ، فَمَعْنَاهُ أَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ أَنْ تُسْكِنَنِي أَعْلَى مَرَاتِبِ الْجَنَّةِ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أُرِيدُ لِقَاءَك يَا اللَّهُ، وَالرَّفِيقُ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ:، وَالْقَصْدُ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر وَلَيْسَ الْمُرَادُ جَمِيعَهَا بَلْ الْحِجَازُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ عُمَرَ أَخْرَجَهُمْ مِنْهُ وَأَقَرَّهُمْ بِالْيَمَنِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهَا إذْ هِيَ أَيْ: جَزِيرَةُ الْعَرَبِ طُولًا مِنْ عَدَنَ إلَى رِيفِ الْعِرَاقِ وَعَرْضًا مِنْ جُدَّةَ وَمَا وَالَاهَا مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ إلَى الشَّامِ وَدِجْلَةَ، وَالْفُرَاتِ وَسُمِّيَتْ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ لِإِحَاطَةِ بَحْرِ الْحَبَشَةِ وَبَحْرِ فَارِسَ وَدِجْلَةَ، وَالْفُرَاتِ بِهَا (قَوْلُهُ: الْمُشْتَمِلَةُ) أَيْ: جَزِيرَةُ الْعَرَبِ فَكَانَ عَلَيْهِ إبْرَازُ الضَّمِيرِ.

(قَوْلُهُ: لِدُخُولِهِ) بِالتَّحْرِيمِ، وَاللَّامُ لِلتَّقْوِيَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ مَتَاعِهَا) أَيْ: أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ م ر (قَوْلُهُ: إلَّا مَرَّةً) أَيْ: مِنْ كُلِّ نَوْعٍ دَخَلَ بِهِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ حَتَّى لَوْ دَخَلَ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعٍ أُخِذَ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ أَوْ الْأَنْوَاعِ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَلَوْ بَاعَ مَا دَخَلَ بِهِ وَرَجَعَ بِثَمَنِهِ فَاشْتَرَى بِهَا شَيْئًا آخَرَ وَلَوْ مِنْ نَوْعِ الْأَوَّلِ وَدَخَلَ بِذَلِكَ مَرَّةً أُخْرَى أُخِذَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَبِعْ مَا دَخَلَ بِهِ وَأُخِذَ مِنْهُ، ثُمَّ رَجَعَ بِهِ، ثُمَّ عَادَ بِهِ وَدَخَلَ مَرَّةً أُخْرَى بِعَيْنِهِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا طب وَصَمَّمَ عَلَيْهِ. اهـ. سم وَع ش.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَكْثَرَ مِنْهَا) وَهُوَ أَرْبَعَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>