وَرِثَ (ذَوُو أَرْحَامٍ) وَهُمْ بَقِيَّةُ الْأَقَارِبِ (وَهُمْ) أَحَدَ عَشَرَ صِنْفًا (جَدٌّ وَجَدَّةٌ سَاقِطَانِ) كَأَبِي أُمٍّ وَأُمِّ أَبِي أُمٍّ وَإِنْ عَلَيَا وَهَذَانِ صِنْفٌ (وَأَوْلَادُ بَنَاتٍ) لِصُلْبٍ أَوْ لِابْنٍ مِنْ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ (وَبَنَاتُ إخْوَةٍ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ (وَأَوْلَادُ أَخَوَاتٍ) كَذَلِكَ (وَبَنُو إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَعَمٌّ لِأُمٍّ) أَيْ أَخُو الْأَبِ لِأُمِّهِ (وَبَنَاتُ أَعْمَامٍ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ (وَعَمَّاتٌ) بِالرَّفْعِ (وَأَخْوَالٌ وَخَالَاتٌ وَمُدْلَوْنَ بِهِمْ) أَيْ بِمَا عَدَا الْأَوَّلَ إذْ لَمْ يَبْقَ فِي الْأَوَّلِ مَنْ يُدْلَى بِهِ وَمَنْ انْفَرَدَ مِنْهُمْ حَازَ جَمِيعَ الْمَالِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَفِي كَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِهِمْ مَذْهَبَانِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ مَذْهَبُ أَهْلِ التَّنْزِيلِ وَهُوَ أَنْ يُنَزَّلَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَنْزِلَةَ مَنْ يُدْلِي بِهِ وَالثَّانِي مَذْهَبُ أَهْلِ الْقَرَابَةِ وَهُوَ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ مِنْهُمْ إلَى الْمَيِّتِ، فَفِي بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتِ بِنْتِ ابْنٍ الْمَالُ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا وَعَلَى الثَّانِي لِبِنْتِ الْبِنْتِ لِقُرْبِهَا إلَى الْمَيِّتِ، وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا وُجِدَ أَحَدٌ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَإِلَّا فَحُكْمُهُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أَنَّهُ إذَا جَارَتْ الْمُلُوكُ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ وَظَفِرَ بِهِ أَحَدٌ يَعْرِفُ الْمَصَارِفَ أَخَذَهُ وَصَرَفَهُ فِيهَا كَمَا يَصْرِفُهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَهُوَ مَأْجُورٌ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ: وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ.
(فَصْلٌ)
فِي بَيَانِ الْفُرُوضِ وَذَوِيهَا (الْفُرُوضُ) بِمَعْنَى الْأَنْصِبَاءِ الْمُقَدَّرَةِ (فِي كِتَابِ اللَّهِ) تَعَالَى لِلْوَرَثَةِ
سِتَّةٌ بِعَوْلٍ وَبِدُونِهِ وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِعِبَارَاتٍ أَخْصَرُهَا الرُّبُعُ وَالثُّلُثُ وَضِعْفُ كُلٍّ وَنِصْفُهُ فَأَحَدُ الْفُرُوضِ (نِصْفٌ) وَبَدَأْت بِهِ كَالْجُمْهُورِ؛ لِأَنَّهُ أَكْبَرُ كَسْرٍ مُفْرَدٍ وَهُوَ لِخَمْسَةٍ. (لِزَوْجٍ لَيْسَ لِزَوْجَتِهِ فَرْعٌ وَارِثٌ) بِالْقَرَابَةِ الْخَاصَّةِ قَالَ تَعَالَى {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} [النساء: ١٢] وَوَلَدُ الِابْنِ وَإِنْ نَزَلَ كَالْوَلَدِ إجْمَاعًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَا مَعَهُ فَيُؤْخَذُ مِنْ الزَّوْجَةِ أَرْبَعَةٌ وَهِيَ ثُلُثُ الِاثْنَيْ عَشَرَ، وَمِنْ الْبِنْتِ إحْدَى وَعِشْرُونَ وَهِيَ ثُلُثُ الثَّلَاثَةِ وَالسِّتِّينَ، وَمِنْ الْأُمِّ سَبْعَةٌ وَهِيَ ثُلُثُ الْإِحْدَى وَالْعِشْرِينَ، وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ وَلِذَلِكَ قَالَ: وَتَرْجِعُ. . . إلَخْ ح ل.
(قَوْلُهُ: ذَوُو أَرْحَامٍ) أَيْ عُصُوبَةٍ فَيَأْخُذُ جَمِيعَهُ مَنْ انْفَرَدَ مِنْهُمْ وَلَوْ أُنْثَى وَغَنِيًّا لِخَبَرِ «الْخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ» وَإِنَّمَا قُدِّمَ الرَّدُّ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ الْمُفِيدَةَ لِاسْتِحْقَاقِ الْفُرُوضِ أَقْوَى شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَأُمِّ أَبِي أُمٍّ) لَمْ يَقُلْ وَأُمِّهِ لِلْإِيضَاحِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَيَا) الْأَنْسَبُ وَإِنْ عَلَوْا؛ لِأَنَّ عَلَا وَاوِيٌّ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْهَمْزِيَّةِ حَجّ أَنَّ الْيَاءَ لُغَةٌ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا كَمَا يُشِيرُ لَهُ تَعْبِيرُهُ بِالْأَوْلَادِ ز ي (قَوْلُهُ: وَبَنُو إخْوَةٍ لِأُمٍّ) أَيْ وَبَنَاتُهُمْ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَعَمَّاتٌ بِالرَّفْعِ) أَيْ لَا بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى أَعْمَامٍ الْمُقْتَضِي لِإِرَادَةِ بَنَاتِهِنَّ؛ لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ مَعَ مَا بَعْدَهُ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ السُّكُوتُ عَنْهُنَّ (قَوْلُهُ: وَمُدْلُونَ بِهِمْ) أَيْ بِالْأَصْنَافِ الْعَشَرَةِ ح ل (قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يَبْقَ فِي الْأَوَّلِ مَنْ يُدْلِي بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ جَمِيعَ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ قَالَ: ثُمَّ وَإِنْ عَلَيَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ يَنْزِلَ) أَيْ فِي كَوْنِهِ يَأْخُذُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ لَا فِي الْحَجْبِ فَلَوْ خَلَف زَوْجَةً وَبِنْتَ بِنْتٍ كَانَ لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْجُبُهَا مِنْ الرُّبُعِ إلَى الثُّمُنِ إلَّا الْفَرْعُ الْوَارِثَ بِالْقَرَابَةِ الْخَاصَّةِ كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ: لَا فِي الْحَجْبِ أَيْ حَجْبِ الْوَارِثِ الْخَاصِّ وَإِلَّا فَيَحْجُبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا كَبِنْتِ أَخٍ شَقِيقٍ وَبِنْتِ أَخٍ لِأَبٍ فَتَحْجُبُ الْأُولَى الثَّانِيَةَ كَمَا يَحْجُبُ أَبُوهَا أَبَاهَا. (قَوْلُهُ: مَنْزِلَةَ مَنْ يُدْلِي بِهِ) أَيْ إلَى الْمَيِّتِ فَيُجْعَلُ وَلَدُ الْبِنْتِ وَالْأُخْتِ كَأُمِّهِمَا وَبِنْتَا الْأَخِ وَالْعَمِّ كَأَبِيهِمَا وَالْخَالُ وَالْخَالَةُ كَالْأُمِّ وَالْعَمُّ لِلْأُمِّ وَالْعَمَّةُ كَالْأَبِ وَإِذَا نَزَّلْنَا كُلًّا كَمَا ذُكِرَ قُدِّمَ الْأَسْبَقُ لِلْوَارِثِ لَا لِلْمَيِّتِ فَإِنْ اسْتَوَوْا قَدْرًا كَأَنَّ الْمَيِّتَ خَلَفَ مَنْ يُدْلُونَ بِهِ، ثُمَّ يَجْعَلُ نَصِيبَ كُلٍّ لِمَنْ أَدْلَى بِهِ عَلَى حَسَبِ إرْثِهِ مِنْهُ لَوْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتُ إلَّا أَوْلَادَ الْأُمِّ وَالْأَخْوَالَ وَالْخَالَاتِ مِنْهَا فَبِالسَّوِيَّةِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَرْبَاعًا) أَيْ فَرْضًا وَرَدًّا ز ي وَوَجْهُهُ أَنَّ بِنْتَ الْبِنْتِ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْبِنْتِ فَلَهَا النِّصْفُ، وَبِنْتَ بِنْتِ الِابْنِ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ بِنْتِ الِابْنِ فَلَهَا السُّدُسُ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ يَبْقَى بَعْدَ فَرْضَيْهِمَا اثْنَانِ يُرَدَّانِ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ نَصِيبِهِمَا أَرْبَاعًا لِبِنْتِ بِنْتِ الِابْنِ رُبُعُهُمَا وَهُوَ نِصْفٌ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ نَصِيبِهَا وَهُوَ وَاحِدٌ لِلْأَرْبَعَةِ رُبُعٌ، وَلِبِنْتِ الْبِنْتِ وَاحِدٌ وَنِصْفٌ فَحَصَلَ الْكَسْرُ عَلَى مَخْرَجِ النِّصْفِ فَيُضْرَبُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ سِتَّةٌ يَحْصُلُ اثْنَا عَشَرَ لِبِنْتِ الْبِنْتِ تِسْعَةٌ فَرْضًا وَرَدًّا وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ وَلِلْأُخْرَى ثَلَاثَةٌ فَرْضًا وَرَدًّا وَهِيَ رُبُعٌ وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى أَرْبَعَةٍ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَصَرَفَهُ فِيهَا) قَالَ سم: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ مَا يَحْتَاجُهُ وَهَلْ يَأْخُذُ مِقْدَارَ حَاجَتِهِ سِتَّةً أَوْ أَقَلَّ أَوْ الْعُمُرَ الْغَالِبَ؟ لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ فَلْيُرَاجَعْ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ مَا يَكْفِيهِ بَقِيَّةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ يَدْفَعُهُ لَهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ ع ش عَلَى م ر. .
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْفُرُوضِ وَذَوِيهَا]
(فَصْلٌ: فِي الْفُرُوضِ وَذَوِيهَا)
(قَوْلُهُ: وَذَوِيهَا) إضَافَةُ ذَوِي لِلضَّمِيرِ شَاذَّةٌ كَقَوْلِهِ: إنَّمَا يَعْرِفُ الْفَضْلَ ذَوُوهُ، وَكَذَا جَمْعُهُ جَمْعُ مُذَكَّرٍ سَالِمٍ شَاذٌّ؛ لِأَنَّ مُفْرَدَهُ لَيْسَ بِعَلَمٍ وَلَا صِفَةٍ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْأَنْصِبَاءِ) أَيْ لَا بِمَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ الْمُقَدَّرَةِ فَائِدَةٌ وَلَا بِالْمَعْنَى الْأُصُولِيِّ، وَهُوَ مَا طَلَبَ طَلَبًا جَازِمًا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: لِزَوْجٍ) بَدَءُوا بِهِ تَسْهِيلًا عَلَى الْمُتَعَلِّمِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا قَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ يَكُونُ أَرْسَخَ فِي الذِّهْنِ، وَهُوَ عَلَى الزَّوْجَيْنِ أَقَلُّ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِمَا شَرْحُ م ر وَإِنَّمَا بَدَأَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْأَوْلَادِ لِكَوْنِهِمْ أَهَمَّ عِنْدَ الْآدَمِيِّينَ اهـ سم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute