للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَ) عَدَمُ (أَصَالَةٍ) فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَذَفَ غَيْرَهُ وَهُوَ حَرْبِيٌّ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ جَاهِلٌ بِالتَّحْرِيمِ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بَعُدَ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ مُكْرَهٌ أَوْ بِإِذْنِهِ أَوْ أَصْلٌ لَهُ كَمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ (وَ) لَكِنْ (يُعَزَّرُ مُمَيِّزٌ) مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لَهُمَا نَوْعُ تَمْيِيزٍ لِلزَّجْرِ وَالتَّأْدِيبِ (وَأَصْلٌ) لِلْإِيذَاءِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِي

(وَحَدُّ حُرٍّ ثَمَانُونَ) جَلْدَةً لِآيَةِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤] فَإِنَّهَا فِي الْحُرِّ لِقَوْلِهِ فِيهَا {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: ٤] إذْ غَيْرُهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُقْذَفْ وَلِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ (وَ) حَدُّ (غَيْرِهِ) مِمَّنْ بِهِ رِقٌّ وَلَوْ مُبَعَّضًا فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَالرَّقِيقُ (أَرْبَعُونَ) عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ وَالنَّظَرُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ إلَى حَالَةِ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّهَا وَقْتُ الْوُجُوبِ فَلَا تَتَغَيَّرُ بِالِانْتِقَالِ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ.

فَلَوْ قَذَفَ وَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ حُدَّ ثَمَانِينَ أَوْ وَهُوَ رَقِيقٌ ثُمَّ عَتَقَ حُدَّ أَرْبَعِينَ وَلَوْ قَذَفَ غَيْرَهُ فِي خَلْوَةٍ لَمْ يَسْمَعْهُ إلَّا اللَّهُ وَالْحَفَظَةُ فَلَيْسَ بِكَبِيرَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْحَدِّ لِخُلُوِّهِ عَنْ مَفْسَدَةِ الْإِيذَاءِ وَلَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ إلَّا عِقَابَ مَنْ كَذَبَ كَذِبًا لَا ضَرَرَ فِيهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ

(وَ) شُرِطَ لَهُ (فِي الْمَقْذُوفِ إحْصَانٌ وَتَقَدَّمَ فِي) كِتَابِ (اللِّعَانِ) بِقَوْلِي وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ زِنًا وَوَطْءِ مَحْرَمٍ مَمْلُوكَةٍ وَدُبُرِ حَلِيلَةٍ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ ثَمَّ (وَلَوْ شَهِدَ بِزِنًا دُونَ أَرْبَعَةٍ) مِنْ الرِّجَالِ (أَوْ) شَهِدَ بِهِ (نِسَاءٌ أَوْ عَبِيدٌ أَوْ أَهْلُ ذِمَّةٍ) هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِكَفَرَةٍ (حُدُّوا) ؛ لِأَنَّهُمْ فِي غَيْرِ الْأُولَى لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَحَذَرًا فِي الْأُولَى مِنْ الْوُقُوعِ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ، وَخَرَجَ بِالزِّنَا الشَّهَادَةُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ فَلَا حَدَّ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى قَذْفًا.

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَذَفَ غَيْرَهُ) وَهُوَ أَيْ الْقَاذِفُ حَرْبِيٌّ لَمْ يَقُلْ فَلَا حَدَّ عَلَى حَرْبِيٍّ إلَخْ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرَ لِأَجْلِ بَيَانِ مَرْجِعِ الضَّمِيرِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ أَوْ أَصْلٍ لَهُ إلَخْ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ لِلْغَيْرِ؛ وَلِأَنَّهُ يُوهِمُ نَفْيَ الْحَدِّ عَنْ الْحَرْبِيِّ وَإِنْ قَذَفَ فِي حَالِ ذِمَّتِهِ وَعَنْ الْمَجْنُونِ وَإِنْ قَذَفَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْتَفِي عَنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالَةِ الْقَذْفِ فَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَنَا بِأَمَانٍ أَوْ أَسَرْنَاهُ وَقَذَفَ اسْتَوْفَيْنَاهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُكْرَهٌ) لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ مَعَ عَدَمِ التَّعْبِيرِ وَبِهِ فَارَقَ قَتْلَهُ إذَا قَتَلَ لِوُجُودِ الْجِنَايَةِ مِنْهُ حَقِيقَةً، وَكَذَا مُكْرِهُهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا وَفَارَقَ مُكْرِهَ الْقَاتِلِ بِأَنَّهُ آلَتُهُ إذْ يُمْكِنُهُ أَخْذُ يَدِهِ فَيَقْتَلُ بِهَا دُونَ لِسَانِهِ فَيَقْذِفَ بِهِ شَرْحُ م ر وَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْإِكْرَاهَ إنْ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ بِإِذْنِهِ) ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي الْقَذْفِ حَيْثُ ذَكَرَ التَّعْزِيرَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُمَيِّزِ وَالْأَصْلِ وَسَكَتَ عَنْ تَعْزِيرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ ز ي أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ؛ لِأَنَّ الْعِرْضَ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ وَارْتَضَاهُ س ل.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَصْلٌ لَهُ) وَلَا يُحَدُّ الْأَصْلُ بِقَذْفِ وَرَثَةِ الْفَرْعِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يُقْتَلُ بِهِ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُهُ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ حَرْبِيٌّ إلَخْ وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي غَيْرِ الْمُكْرَهِ أَمَّا هُوَ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ كَالْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ كَذَا قِيلَ وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِلْأَخِيرِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يُعَزَّرُ إلَخْ) فَلَوْ لَمْ يُعَزَّرْ حَتَّى بَلَغَ الْمُمَيِّزُ وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ سَقَطَ تَعْزِيرُهَا ح ل وز ي

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَذَفَ غَيْرَهُ فِي خَلْوَةٍ إلَخْ) هُوَ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَحُدَّ حُرٍّ إلَخْ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْقَاذِفُ فِي خَلْوَةٍ إلَخْ فَلَا يُحَدُّ كَذَا قِيلَ وَقَدْ يُقَالُ الْقَذْفُ هُوَ الرَّمْيُ بِالزِّنَا فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ، وَهَذَا لَا تَعْيِيرَ فِيهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا قَذْفٌ صُورِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِكَبِيرَةٍ إلَخْ) أَيْ بَلْ هُوَ صَغِيرَةٌ؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ إنَّمَا يَكُونُ كَبِيرَةً إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّعْبِيرِ كَأَنْ كَانَ بِحَضْرَةِ النَّاسِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ النَّفْيُ لِلْقَيْدِ وَالْمُقَيَّدِ مَعًا وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ إلَّا عِقَابَ إلَخْ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: إلَّا عِقَابَ مَنْ كَذَبَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا قَذَفَهُ بِهِ لَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ أَصْلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ ع ش عَلَى م ر

[شُرُوط الْمَقْذُوفِ]

(قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ) أَيْ تَقَدَّمَ تَعْرِيفُهُ فِي ضِمْنِ تَعْرِيفِ الْمُحْصَنِ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْهُ فَيُعْلَمُ مِنْ تَفْسِيرِ الْمُحْصَنِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْإِحْصَانَ هُوَ الِاتِّصَافُ بِالتَّكْلِيفِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَالْعِفَّةِ عَمَّا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ إلَخْ) نَعَمْ لَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الْبَحْثُ عَنْ إحْصَانِ الْمَقْذُوفِ بَلْ يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ لِظَاهِرِ الْإِحْصَانِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِعِصْيَانِهِ بِالْقَذْفِ؛ وَلِأَنَّ الْبَحْثَ عَنْهُ يُؤَدِّي إلَى إظْهَارِ الْفَاحِشَةِ الْمَأْمُورِ بِسَتْرِهَا بِخِلَافِ الْبَحْثِ عَنْ عَدَالَةِ الشُّهُودِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ لِيَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمْ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَيَيْنِ فِيهِ كَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ شَرْحُ م ر وَقَوْلُ م ر بَلْ يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ. أَيْ حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُ إحْصَانِ الْمَقْذُوفِ بَعْدَ حَدِّ الْقَاذِفِ لَا شَيْءَ عَلَى الْمَقْذُوفِ وَإِنْ كَانَ سَبَبًا فِي الْحَدِّ. بَلْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْقَاذِفُ بِالْحَدِّ لَا شَيْءَ عَلَى الْمَقْذُوفِ وَلَا عَلَى الْقَاضِي فَلْيُرَاجَعْ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الظَّاهِرِ ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَيَيْنِ وَجْهُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْنَى الثَّانِي أَنَّ الْفَاحِشَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّاهِدِ إذَا طُلِبَتْ تَزْكِيَتُهُ لَيْسَ مَأْمُورًا بِسَتْرِهَا بَلْ مَأْمُورٌ بِذِكْرِهَا وَأَيْضًا قَدْ لَا يُؤَدِّي الْبَحْثُ إلَى إظْهَارِ الْفَاحِشَةِ.

(قَوْلُهُ: دُونَ أَرْبَعَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ فَاعِلُ شَهِدَ وَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ وَالْكُوفِيِّينَ مِنْ أَنَّ دُونَ ظَرْفٌ يَتَصَرَّفُ: أَمَّا عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ وَالْبَصْرِيِّينَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فَالْفَاعِلُ مُقَدَّرٌ مَعْلُومٌ مِنْ الْمَقَامِ وَدُونَ صِفَةٌ لَهُ تَقْدِيرُهُ رِجَالٌ دُونَ أَرْبَعَةٍ وَهَذَا الْمُقَدَّرُ ذَكَرَهُ م ر وحج [فَرْعٌ]

قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ لَمْ يُحَدَّ وَاحِدٌ إنْ رُدُّوا بِفِسْقٍ أَوْ عَدَاوَةٍ وَيُحَدُّ قَاذِفٌ اهـ. سم وَقَالَ ز ي وَحَيْثُ وَجَبَ حَدُّ الشُّهُودِ لِنَقْصِ

<<  <  ج: ص:  >  >>