للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} [الحشر: ٥] » الْآيَةَ (فَإِنْ ظُنَّ حُصُولُهُ لَنَا كُرِهَ) إتْلَافُهُ هُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِنَدْبِ تَرْكِهِ حِفْظًا لِحَقِّ الْغَانِمِينَ، وَلَا يَحْرُمُ لِمَا مَرَّ.

(وَحَرُمَ) إتْلَافٌ (لِحَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ) ؛ لِحُرْمَتِهِ وَلِلنَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلِهِ (إلَّا لِحَاجَةٍ) كَخَيْلٍ يُقَاتِلُونَ عَلَيْهَا فَيَجُوزُ إتْلَافُهَا لِدَفْعِهِمْ أَوْ لِلظَّفَرِ بِهِمْ، كَمَا يَجُوزُ قَتْلُ الذَّرَارِيِّ عِنْدَ التَّتَرُّسِ بِهِمْ بَلْ أَوْلَى وَكَشَيْءٍ غَنِمْنَاهُ وَخِفْنَا رُجُوعَهُ إلَيْهِمْ، وَضَرَرَهُ لَنَا، فَيَجُوزُ إتْلَافُهُ دَفْعًا لِضَرَرِهِ، أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَرَمِ كَالْخِنْزِيرِ، فَيَجُوزُ بَلْ يُسَنُّ إتْلَافُهُ مُطْلَقًا.

[دَرْس] (فَصْلٌ)

فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ (تُرَقُّ ذَرَارِيُّ كُفَّارٍ) وَخَنَاثَاهُمْ (وَعَبِيدُهُمْ) وَلَوْ مُسْلِمِينَ (بِأَسْرٍ) كَمَا يَرِقُّ حَرْبِيٌّ مَقْهُورٌ لِحَرْبِيٍّ بِالْقَهْرِ أَيْ: يَصِيرُونَ بِالْأَسْرِ أَرِقَّاءً لَنَا، وَيَكُونُونَ كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ، الْخُمُسُ لِأَهْلِهِ وَالْبَاقِي لِلْغَانِمِينَ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُقْسِمُ السَّبْيَ كَمَا يُقْسِمُ الْمَالَ» وَالْمُرَادُ بِرِقِّ الْعَبِيدِ اسْتِمْرَارُهُ لَا تَجَدُّدُهُ، وَمِثْلُهُمْ فِيمَا ذُكِرَ الْمُبَعَّضُونَ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ وَدَخَلَ فِي الذَّرَارِيِّ زَوْجَةُ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ الْحَرْبِيَّةُ، وَالْعَتِيقُ الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ الذِّمِّيُّ فَيَرِقُّونَ بِالْأَسْرِ كَمَا فِي زَوْجَةِ مَنْ أَسْلَمَ وَالْمُرَادُ بِزَوْجَةِ الذِّمِّيِّ زَوْجَتُهُ الَّتِي لَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ قُدْرَتِنَا حِينَ عَقْدِ الذِّمَّةِ لَهُ وَمَا ذَكَرْتُهُ فِي زَوْجَةِ الْمُسْلِمِ، هُوَ مُقْتَضَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَ الْأَصْلُ فَصَحَّحَ عَدَمَ جَوَازِ أَسْرِهَا مَعَ تَصْحِيحِهِ جَوَازَهُ فِي زَوْجَةِ مَنْ أَسْلَمَ.

(وَيَفْعَلُ الْإِمَامُ فِي) أَسِيرٍ (كَامِلٍ) بِبُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَذُكُورَةٍ وَحُرِّيَّةٍ (وَلَوْ عَتِيقَ ذِمِّيٍّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَفْعَلُونَ فِعْلًا. قَوْلُهُ: {مِنْ لِينَةٍ} [الحشر: ٥] أَيْ: نَخْلَةٍ ع ش (قَوْلُهُ: فَإِنْ ظَنَّ حُصُولَهُ لَنَا كُرِهَ) هَذَا إذَا دَخَلْنَا بِلَادَهُمْ وَلَمْ يُمْكِنَّا الْإِقَامَةُ بِهَا فَإِنْ فَتَحْنَاهَا قَهْرًا أَوْ صُلْحًا عَلَى أَنَّهَا لَنَا أَوْ لَهُمْ حَرُمَ ذَلِكَ اهـ ز ي. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِتْلَافَ خِلَافُ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) وَهُوَ قَوْلُهُ: مُغَايَظَةً لَهُمْ.

. (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ مَأْكَلِهِ) مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنَى الْأَكْلِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَخِفْنَا رُجُوعَهُ إلَيْهِمْ وَضَرَرَهُ) أَمَّا إذَا خِفْنَا رُجُوعَهُ فَقَطْ فَلَا يَجُوزُ إتْلَافُهُ بَلْ يُذْبَحُ لِلْأَكْلِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ حَصَلَ مِنْهُ ضَرَرٌ أَوْ لَا ع ش.

[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ]

(دَرْسٌ) (فَصْلٌ: فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ) أَيْ: وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلِلْغَانِمِينَ تَبَسُّطٌ وَقَوْلُهُ: فِي حُكْمِ الْأَسْرِ أَيْ: فِي حُكْمِ مَا يَثْبُتُ لِلْأَسِيرِ بَعْدَ الْأَسْرِ ع ش، أَوْ الْمُرَادُ بِالْأَسْرِ الْأَسْرَى فَلَوْ قَالَ: فِيمَا يُفْعَلُ بِالْأَسْرَى لَكَانَ أَوْلَى بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: تَرِقُّ ذَرَارِيُّ كُفَّارٍ) وَلَوْ كَانَتْ النِّسَاءُ حَامِلَاتٍ بِمُسْلِمٍ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَخَنَاثَاهُمْ) أَيْ: الْبَالِغُونَ وَأَمَّا الصِّغَارُ فَدَاخِلُونَ فِي الذَّرَارِيِّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُسْلِمِينَ) بِأَنْ أَسْلَمُوا فِي يَدِهِمْ ع ش وَهَذَا غَايَةٌ فِي الْعَبِيدِ (قَوْلُهُ: بِأَسْرٍ) وَضَابِطُهُ مَا يَمْلِكُ بِهِ الصَّيْدَ كَضَبْطٍ بِالْيَدِ أَوْ إلْجَائِهِمْ بِبَيْتٍ وَإِغْلَاقِ الْبَابِ عَلَيْهِمْ بِالضَّبَّةِ، وَكَذَا يَرِقُّونَ بِإِبْطَالِ الْمَنَعَةِ أَيْ: الْقُوَّةِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ.

(قَوْلُهُ: بِالْقَهْرِ) أَيْ: مَعَ قَصْدِ التَّمَلُّكِ أَيْ: لِأَنَّ الدَّارَ دَارُ إبَاحَةٍ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ بِالْقَهْرِ أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْقَاهِرُ عَبْدَ الْمَقْهُورِ فَيَرْتَفِعُ الرِّقُّ عَنْ الْقَاهِرِ، أَوْ كَانَ الْقَاهِرُ بَعْضَ الْمَقْهُورِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ بَيْعُهُ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الرَّوْضِ وَغَيْرُهُ زَادَ فِي ع ب وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ لِمُقَارَنَةِ سَبَبِ الْعِتْقِ لَهُ أَيْ: لِلْعِتْقِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: أَوْ لَا أَيْ: يَصِيرُونَ إلَخْ فَلَوْ عَبَّرَ بِالْفَاءِ كَانَ أَوْلَى وَقَدْ يُقَالُ آثَرَ الْوَاوَ وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ صَيْرُورَتِهِمْ أَرِقَّاءَ لَنَا دَوَامُ الرِّقِّ لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يَزُولُ عَنْهُمْ الرِّقُّ الَّذِي كَانَ بِهِمْ، وَيَخْلُفُهُ رِقٌّ آخَرُ لَنَا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فِيمَا ذَكَرَ) أَيْ: فِي اسْتِمْرَارِ الرِّقِّ.

(قَوْلُهُ: الْمُبَعَّضُونَ) كَذَا أَطْلَقُوهُ وَمَحَلُّهُ، كَمَا هُوَ وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِهِ الْقِنُّ أَمَّا بَعْضُهُ الْحُرُّ فَيُتَّجَهُ فِيهِ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الرِّقِّ، وَالْفِدَاءِ، وَالْمَنِّ م ر ع ش (قَوْلُهُ: زَوْجَةُ الْمُسْلِمِ، وَالذِّمِّيِّ الْحَرْبِيَّةُ) بِأَنْ تَزَوَّجَهَا كُلٌّ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ بِدَارِنَا، وَالْتَحَقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِزَوْجَةِ الذِّمِّيِّ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى دَفْعِ مَا يُقَالُ: إنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ هُنَا يُخَالِفُ كَلَامَهُمْ فِي أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا بَذَلَ الْجِزْيَةَ عَصَمَ نَفْسَهُ وَزَوْجَتَهُ مِنْ الِاسْتِرْقَاقِ وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ ثَمَّ، الزَّوْجَةُ الْمَوْجُودَةُ حِينَ الْعَقْدِ فَيَتَنَاوَلُهَا الْعَقْدُ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِيَّةِ، وَالْمُرَادُ هُنَا الزَّوْجَةُ الْمُتَجَدِّدَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ ز ي وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ عَقْدَ الْجِزْيَةِ لَهُ إنَّمَا يَعْصِمُ زَوْجَتَهُ إذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ عَقْدِ الْجِزْيَةِ وَكَانَتْ تَحْتَ قَبْضَتِنَا حِينَئِذٍ، وَإِلَّا فَلَا يَعْصِمُهَا رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: لَمْ تَدْخُلْ إلَخْ) بِأَنْ حَدَثَتْ بَعْدَهُ أَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً حِينَئِذٍ لَكِنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ طَاعَتِنَا حَجّ (قَوْلُهُ: مَعَ تَصْحِيحِهِ إلَخْ) فَكَأَنَّ الشَّارِحَ يَقُولُ لِلْأَصْلِ: لَا فَرْقَ بَيْنَ زَوْجَةِ الْمُسْلِمِ وَزَوْجَةِ مَنْ أَسْلَمَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا وَهُوَ أَنَّ زَوْجَةَ مَنْ أَسْلَمَ تُنْسَبُ لِتَقْصِيرٍ بِتَخَلُّفِهَا عَنْهُ بِخِلَافِ زَوْجَةِ الْمُسْلِمِ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وَعِبَارَةُ س ل وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْإِسْلَامَ الْأَصْلِيَّ أَقْوَى مِنْ الطَّارِئِ.

(قَوْلُهُ: وَيَفْعَلُ الْإِمَامُ) أَيْ: وُجُوبًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَتِيقَ ذِمِّيٍّ) أَيْ: عَتِيقًا كَافِرًا وَهَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ فِي بَعْضِ الْخِصَالِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ، وَهُوَ ضَرْبُ الرِّقِّ وَمُحَصِّلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ، لَا يَجُوزُ ضَرْبُهُ عَلَى عَتِيقِ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ يُبْطِلُ حَقَّهُ مِنْ الْوَلَاءِ شَرْحُ م ر فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ تَأْخِيرُ هَذِهِ الْغَايَةِ وَضَمُّهَا لِقَوْلِهِ: وَلَوْ لِوَثَنِيٍّ أَوْ عَرَبِيٍّ فَيَقُولُ: أَوْ عَتِيقَ ذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّهَا أَيْضًا لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ ضَرْبُ الرِّقِّ عَلَى الْوَثَنِيِّ، كَمَا لَا يُقِرُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>