للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَحَظَّ) لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ (مِنْ) أَرْبَعِ خِصَالٍ (قَتْلٍ) بِضَرْبِ الرَّقَبَةِ (وَمَنٍّ) بِتَخْلِيَةِ سَبِيلِهِ (وَفِدَاءٍ بِأَسْرَى) مِنَّا وَكَذَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ، فَمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: مِنَّا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (أَوْ بِمَالٍ وَإِرْقَاقٍ) وَلَوْ لِوَثَنِيٍّ أَوْ عَرَبِيٍّ أَوْ بَعْضِ شَخْصٍ لِلِاتِّبَاعِ وَيَكُونُ مَالُ الْفِدَاءِ، وَرِقَابُهُمْ إذَا رَقُّوا كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ، وَيَجُوزُ فِدَاءُ مُشْرِكٍ بِمُسْلِمٍ أَوْ أَكْثَرَ وَمُشْرِكِينَ بِمُسْلِمٍ (فَإِنْ خَفِيَ) عَلَيْهِ الْأَحَظُّ فِي الْحَالِ (حَبَسَهُ حَتَّى يَظْهَرَ) لَهُ الْأَحَظُّ فَيَفْعَلَهُ.

(وَإِسْلَامِ كَافِرٍ بَعْدَ أَسْرِهِ يَعْصِمُ دَمَهُ) مِنْ الْقَتْلِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا» (وَالْخِيَارُ) بَاقٍ (فِي الْبَاقِي) ، كَمَا أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْإِعْتَاقِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ يَبْقَى خِيَارُهُ فِي الْبَاقِي، فَإِنْ كَانَ إسْلَامُهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْإِمَامِ خَصْلَةً غَيْرَ الْقَتْلِ تَعَيَّنَتْ. (لَكِنْ إنَّمَا يُفْدَى مَنْ لَهُ) فِي قَوْمِهِ (عِزٌّ) وَلَوْ بِعَشِيرَةٍ (يَسْلَمُ بِهِ) دِينًا وَنَفْسًا، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَقَبْلَهُ) أَيْ: وَإِسْلَامُهُ قَبْلَ أَسْرِهِ (يَعْصِمُ دَمَهُ وَمَالَهُ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ. (وَفَرْعُهُ الْحُرُّ الصَّغِيرُ أَوْ الْمَجْنُونُ) عَنْ الصَّبِيِّ وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ (تَبَعًا لَهُ) وَالتَّقْيِيدُ بِالْحُرِّ مَعَ ذِكْرِ الْمَجْنُونِ مِنْ زِيَادَتِي، وَخَرَجَ بِالْحُرِّ الْمَذْكُورِ ضِدُّهُ، فَلَا يَعْصِمُهُ إسْلَامُ أَبِيهِ مِنْ السَّبْيِ (لَا زَوْجَتُهُ) فَلَا يَعْصِمُهَا مِنْ السَّبْيِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِالْجِزْيَةِ، وَلَا عَلَى الْعَرَبِيِّ لِخَبَرٍ فِيهِ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: الْأَحَظُّ لِلْإِسْلَامِ، وَالْمُسْلِمِينَ) حَظُّ الْمُسْلِمِينَ مَا يَعُودُ إلَيْهِمْ مِنْ الْغَنَائِمِ وَحِفْظِ مُهْجَتِهِمْ فَفِي الِاسْتِرْقَاقِ، وَالْفِدَاءِ حَظٌّ لِلْمُسْلِمِينَ وَفِي الْمَنِّ حَظُّ لِلْإِسْلَامِ شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ ع ش يُرِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نَظَرِهِ لِلْأَمْرَيْنِ وَلَك أَنْ تَقُولَ: أَحَدُهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ. أَيْ:؛ لِأَنَّهُمَا يَنْفَرِدَانِ، كَمَا «وَقَعَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمَّا فَدَى الْمُشْرِكِينَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ عُوتِبَ» ؛ لِأَنَّهُ كَانَ الْأَحَظُّ لِلْإِسْلَامِ قَتَلَهُمْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ فَكَانَ يَتَقَوَّى بِقَتْلِهِمْ، وَالْأَحَظُّ لِلْمُسْلِمِينَ فِدَاؤُهُمْ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ إعَانَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ شَيْخُنَا وَقَدْ يُقَالُ: الْقَتْلُ أَيْضًا فِيهِ حَظٌّ لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُمْ يَحْصُلُ لَهُمْ بِهِ هَيْبَةٌ (قَوْلُهُ: بِضَرْبِ الرَّقَبَةِ) أَيْ: لَا بِغَيْرِهِ مِنْ نَحْوِ تَغْرِيقٍ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَع ش.

(قَوْلُهُ: بِتَخْلِيَةِ سَبِيلِهِ) أَيْ: بِلَا مُقَابِلٍ (قَوْلُهُ: أَوْ عَرَبِيٍّ) ، كَمَا فِي سَبْيِ هَوَازِنَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ كَبَنِي الْمُصْطَلِقِ ز ي.

(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضِ شَخْصٍ) هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ فَإِذَا ضُرِبَ الرِّقُّ عَلَى بَعْضِهِ رَقَّ كُلُّهُ، كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَهَذِهِ صُورَةٌ يَسْرِي فِيهَا الرِّقُّ، وَلَا نَظِيرَ لَهَا ز ي وَشَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: حَبَسَهُ) اُنْظُرْ نَفَقَتَهُ مُدَّةَ الْحَبْسِ هَلْ هِيَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ التَّوَقُّفِ أَنَّهَا مِنْ الْغَنِيمَةِ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى يَظْهَرَ لَهُ الْأَحَظُّ) أَيْ: بِأَمَارَاتٍ تَعَيَّنَ لَهُ مَا فِيهِ

الْمَصْلَحَةُ

وَلَوْ بِالسُّؤَالِ مِنْ الْغَيْرِ ع ش عَلَى م ر

(قَوْلُهُ: يَعْصِمُ دَمَهُ) لَمْ يَذْكُرْ هُنَا مَالَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْصِمُهُ إذَا اخْتَارَ الْإِمَامُ رِقَّهُ، وَيَعْصِمُهُ إذَا اخْتَارَ غَيْرَ الرِّقِّ، وَلَا صِغَارُ أَوْلَادِهِ لِلْعِلْمِ بِإِسْلَامِهِمْ تَبَعٌ لَهُ وَلَوْ كَانُوا بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ أَرِقَّاءَ وَأَمَّا قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ» ، فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْأَسْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: إلَّا بِحَقِّهَا وَمِنْ حَقِّهَا أَنَّ مَالَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَسْرِ غَنِيمَةٌ شَرْحُ م ر قَالَ الرَّشِيدِيُّ: قَوْلُهُ: إذَا اخْتَارَ الْإِمَامُ رِقَّهُ قَضِيَّةُ هَذَا الْقَيْدِ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ غَيْرَ الرِّقِّ يَعْصِمُ مَالَهُ، وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي: وَمِنْ حَقِّهَا أَنَّ مَالَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَسْرِ غَنِيمَةٌ، وَلَمْ أَرَ هَذَا الْقَيْدَ فِي غَيْرِ كَلَامِهِ وَكَلَامِ التُّحْفَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) أَيْ: مَعَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَوْ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ صَارَ عَلَمًا عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ ز ي.

(قَوْلُهُ: وَأَمْوَالَهُمْ) فِيهِ أَنَّ الْأَمْوَالَ لَا تُعْصَمُ بِإِسْلَامِهِ بَعْدَ الْأَسْرِ، فَمَحَلُّ الِاسْتِدْلَالِ قَوْلُهُ: دِمَاءَهُمْ وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَ هَذَا الْخَبَرِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: يَعْصِمُ دَمَهُ وَمَالَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا بِحَقِّهَا) أَيْ: وَحَقُّهَا الْأَحْكَامُ النَّاشِئَةُ عَنْهَا شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: إلَّا بِحَقِّهَا أَيْ: بِحَقِّ الدِّمَاءِ، وَالْأَمْوَالِ الَّذِي يَقْتَضِي جَوَازَ قَتْلِهِمْ وَأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ.

(قَوْلُهُ: تَعَيَّنَتْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْخَصْلَةُ إرْقَاقًا وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ، وَعِبَارَتُهُ أَوْ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الْمَنَّ أَوْ الْفِدَاءَ أَوْ الرِّقَّ تَعَيَّنَ لَكِنَّ عِبَارَةَ م ر نَعَمْ إنْ كَانَ اخْتَارَ قَبْلَ إسْلَامِهِ الْمَنَّ أَوْ الْفِدَاءَ تَعَيَّنَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا يُفْدَى) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِالْفِدَاءِ وَأَنَّ الْمَنَّ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِزٌّ، ثُمَّ رَأَيْت ع ش قَالَ: يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ الْمَنُّ بِالْأُولَى مَعَ إرَادَةِ الْإِقَامَةِ بِدَارِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: مَنْ لَهُ عِزٌّ) أَيْ: وَالْكَلَامُ فِيمَنْ غَرَضُهُ الْإِقَامَةُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، م ر (قَوْلُهُ: يَعْصِمُ دَمَهُ) أَيْ: نَفْسَهُ عَنْ كُلِّ مَا مَرَّ مِنْ الْخِصَالِ م ر أَيْ: فَلَيْسَ الْمُرَادُ امْتِنَاعَ الْقَتْلِ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالدَّمِ هُنَا غَيْرُ الْمُتَقَدِّمِ فِيمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْأَسْرِ تَأَمَّلْ طب أَيْ: فَيَدْخُلُ فِيهِ الْقَتْلُ، وَالرِّقُّ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ هُنَا: وَالْخِيَارُ فِي الْبَاقِي.

(قَوْلُهُ: وَمَالَهُ) أَيْ: جَمِيعَهُ بِدَارِنَا وَبِدَارِهِمْ وَيُوَجَّهُ مَعَ عَدَمِ دُخُولِ مَا فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي الْأَمَانِ، كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ الْإِسْلَامَ أَقْوَى مِنْ الْأَمَانِ وِفَاقًا لمر إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ سم ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَفَرْعُهُ الْحُرُّ الصَّغِيرُ) أَيْ: وَإِنْ سَفَلَ وَكَانَ الْأَقْرَبُ حَيًّا كَافِرًا شَرْحُ م ر وَذِكْرُهُ هُنَا دُونَ مَا إذَا أَسْلَمَ بَعْدَ أَسْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَعْصِمُ هُنَاكَ مَعَ أَنَّهُ يَعْصِمُ أَيْضًا لِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَبِيهِ، كَمَا قَالَهُ م ر فِي شَرْحِهِ.

(قَوْلُهُ: لَا زَوْجَتُهُ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ عِصْمَةِ زَوْجَتِهِ فِيمَا لَوْ بَذَلَ الْجِزْيَةَ وَعَدَمِهَا فِيمَا لَوْ أَسْلَمَ أَنَّ مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْإِنْسَانُ كَالْإِسْلَامِ لَا يُجْعَلُ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>