للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِنْهُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ. (وَتُعْتَبَرُ رُؤْيَةٌ) لِغَيْرِ مَا مَرَّ (تَلِيقُ) بِهِ فَيُعْتَبَرُ فِي الدَّارِ رُؤْيَةُ الْبُيُوتِ وَالسُّقُوفِ وَالسُّطُوحِ وَالْجُدَرَانِ وَالْمُسْتَحَمِّ وَالْبَالُوعَةِ،، وَفِي الْبُسْتَانِ رُؤْيَةُ الْأَشْجَارِ وَالْجُدَرَانِ وَمَسَايِلِ الْمَاءِ، وَفِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ رُؤْيَةُ مَا عَدَا الْعَوْرَةَ، وَفِي الدَّابَّةِ رُؤْيَةُ كُلِّهَا لَا رُؤْيَةُ لِسَانِهِمْ وَلَا أَسْنَانِهِمْ، وَفِي الثَّوْبِ نَشْرُهُ لِيَرَى الْجَمِيعَ، وَرُؤْيَةُ وَجْهَيْ مَا يَخْتَلِفُ مِنْهُ كَدِيبَاجٍ مُنَقَّشٍ، وَبِسَاطٍ بِخِلَافِ مَا لَا يَخْتَلِفُ كَكِرْبَاسَ فَيَكْفِي رُؤْيَةُ أَحَدِهِمَا، وَفِي الْكُتُبِ وَالْوَرَقِ الْبَيَاضُ، وَالْمُصْحَفِ رُؤْيَةُ جَمِيعِ الْأَوْرَاقِ.

(وَصَحَّ سَلَمُ أَعْمَى) وَإِنْ عَمِيَ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ أَيْ: أَنْ يُسْلِمَ، أَوْ يُسْلَمَ إلَيْهِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي: (بِعِوَضٍ فِي ذِمَّتِهِ) يُعَيَّنُ فِي الْمَجْلِسِ، وَيُوَكِّلُ مَنْ يَقْبِضُ عَنْهُ، أَوْ يَقْبِضُ لَهُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ وَالْمُسْلِمَ فِيهِ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ يَعْتَمِدُ الْوَصْفَ لَا الرُّؤْيَةَ أَمَّا غَيْرُهُ مِمَّا يَعْتَمِدُ الرُّؤْيَةَ كَبَيْعٍ، وَإِجَارَةٍ، وَرَهْنٍ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ وَسَبِيلُهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ، وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ وَيُؤَجِّرَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُهَا، وَلَوْ كَانَ رَأَى قَبْلَ الْعَمَى شَيْئًا مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ قَبْلَ عَقْدِهِ صَحَّ عَقْدُهُ عَلَيْهِ كَالْبَصِيرِ.

(بَابُ الرِّبَا)

بِالْقَصْرِ وَأَلِفُهُ بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

ع ش ثُمَّ قَالَ ع ش: وَذَلِكَ الزَّبِيبُ يُسَمَّى بِالْفُقَّاعِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِنْهُ) فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ. (قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ رُؤْيَةٌ تَلِيقُ) كَانَ الظَّاهِرُ جَعْلَ قَوْلِهِ: وَرُؤْيَةُ بَعْضِ مَبِيعٍ مِنْ أَفْرَادِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِغَيْرِ مَا مَرَّ احْتِرَازًا عَنْ هَذَا خَوْفًا مِنْ التَّكْرَارِ وَإِلَّا فَالرُّؤْيَةُ فِي هَذَا تَلِيقُ بِهِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَمَسَايِلِ الْمَاءِ) وَفِي السَّفِينَةِ رُؤْيَةُ جَمِيعِهَا حَتَّى مَا فِي الْمَاءِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا فِيهِ لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى فَتُبَاعُ السَّفِينَةُ، وَبَعْضُهَا مَسْتُورٌ بِالْمَاءِ ز ي.

(قَوْلُهُ: رُؤْيَةُ مَا عَدَا الْعَوْرَةَ) أَفْتَى الشِّهَابُ م ر بِعَدَمِ رُؤْيَةِ قَدَمَيْهَا وَقَالَ وَلَدُهُ: إنَّ الدَّابَّةَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ الْغَرَضُ، وَقَوْلُهُ: رُؤْيَةُ كُلِّهَا أَيْ: حَتَّى شَعْرَهَا فَيَجِبُ رَفْعُ السَّرْجِ، وَالْإِكَافِ، وَالْجُلِّ شَرْحُ الرَّوْضِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَا رُؤْيَةُ لِسَانِهِمْ) عَبَّرَ بِضَمِيرِ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ تَغْلِيبًا لِلْعَاقِلِ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَبِسَاطٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ. (قَوْلُهُ: كَكِرْبَاسٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا لَا يَخْتَلِفُ وَجْهَاهُ وَلَوْ كَانَتْ أَقْمِشَةً رَقِيقَةً. (قَوْلُهُ: وَالْوَرَقِ الْبَيَاضِ) أَيْ: ذِي الْبَيَاضِ فَهُوَ صِفَةٌ لِلْوَرَقِ، وَالْمُرَادُ بِالْبَيَاضِ الَّذِي لَمْ يُكْتَبْ فِيهِ فَيَشْمَلُ الْأَصْفَرَ وَغَيْرَهُ، وَقَوْلُهُ: وَالْمُصْحَفِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَفِي الْكُتُبِ

. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ سَلَمُ أَعْمَى) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ، وَالْمَفْعُولِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ: أَنْ يُسَلِّمَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَمِيَ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ) وَهَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقِيلَ: إنْ عَمِيَ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ، أَوْ خُلِقَ أَعْمَى فَلَا يَصِحُّ سَلَمُهُ. انْتَهَى. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمْيِيزِ هُنَا غَيْرُ التَّمْيِيزِ الشَّرْعِيِّ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِعِوَضٍ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ: فِي ذِمَّتِهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَفِي ذِمَّةِ الْمُسْلِمِ إنْ كَانَ الْأَعْمَى مُسْلَمًا إلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ السَّلَمِ مَعَهُ بِعِوَضٍ مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمُسْلِمُ، أَوْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: يُعَيَّنُ فِي الْمَجْلِسِ) هَلْ يَكْفِي أَنْ يُعَيِّنَهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ لَا بُدَّ أَنْ يُوَكِّلَ؟ صَنِيعَهُ يَقْتَضِي الْأَوَّلَ حَيْثُ صَرَّحَ بِاشْتِرَاطِ التَّوْكِيلِ فِي الْقَبْضِ، وَالْإِقْبَاضِ، وَسَكَتَ عَنْ التَّعْيِينِ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَيُوَكِّلُ مَنْ يَقْبِضُ عَنْهُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ) أَيْ: إذَا كَانَ مُسْلِمًا بِكَسْرِ اللَّامِ،

وَقَوْلُهُ: أَوْ يَقْبِضُ لَهُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ أَيْ: إذَا كَانَ مُسْلَمًا إلَيْهِ فَقَوْلُهُ: رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُ: وَالْمُسْلَمَ فِيهِ أَيْ: يُوَكِّلُ مَنْ يَقْبِضُ عَنْهُ الْمُسْلَمَ فِيهِ إنْ كَانَ هُوَ مُسْلَمًا إلَيْهِ، وَمَنْ يَقْبِضُ لَهُ الْمُسْلَمَ فِيهِ إذَا كَانَ هُوَ مُسْلَمًا. فَفِي هَذِهِ أَيْ: قَوْلِهِ وَالْمُسْلَمَ فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ بِالنَّظَرِ لِمَا قَبْلَهُ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مِمَّا يَعْتَمِدُ الرُّؤْيَةَ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ، وَشِرَاءُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَيْ: يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهِ مِنْ أَصْلٍ، أَوْ فَرْعٍ أَوْ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ، أَوْ شَهِدَ بِهَا وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ فَيَصِحُّ مِنْهُ ذَلِكَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ كَمَا فِي الزَّرْكَشِيّ ع ش.

(قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ) ، وَكَذَا إقَالَةٌ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ) أَيْ: الْغَيْرُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ تُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ بِخِلَافِ الْأَعْمَى فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَرَى شَيْخَنَا. (قَوْلُهُ: وَسَبِيلُهُ) أَيْ: وَطَرِيقُ صِحَّةِ غَيْرِ السَّلَمِ مِنْ الْأَعْمَى كَالْبَيْعِ، وَغَيْرِهِ مِمَّا يَعْتَمِدُ الرُّؤْيَةَ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ إلَخْ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ) أَيْ: وَلَوْ لِغَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْ الْغَيْرِ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. (قَوْلُهُ: كَالْبَصِيرِ) تَشْبِيهُهُ بِالْبَصِيرِ يُفِيدُ اعْتِبَارَ تَذَكُّرِ الْأَوْصَافِ حَالَةَ الْعَقْدِ ق ل.

[بَابُ الرِّبَا]

بِالْقَصْرِ مَعَ كَسْرِ الرَّاءِ، أَمَّا مَعَ فَتْحِهَا فَبِالْمَدِّ، وَتُبْدَلُ الْبَاءُ مِيمًا مَعَ فَتْحِ الرَّاءِ، وَكَسْرِهَا، وَمَعَ الْقَصْرِ وَالْمُدِّ فَفِيهِ سِتُّ لُغَاتٍ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ شَيْخُنَا ح ف وَقِيلَ فِيهِ ثَمَانُ لُغَاتٍ: كَسْرُ الرَّاءِ وَفَتْحُهَا مَعَ الْقَصْرِ، وَالْمَدِّ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا مَعَ الْبَاءِ، أَوْ الْمِيمِ أَيْ: بَابُ بَيَانِ حُكْمِ الرِّبَا، وَحُكْمِ بَيْعِ الرِّبَوِيِّ مَعَ بَعْضِهِ قَالَ ح ل: وَظَاهِرُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَخْبَارِ رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّ الرِّبَا أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ الزِّنَا، وَالسَّرِقَةِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ لَكِنْ أَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا بِخِلَافِهِ قَالَ شَيْخُنَا: وَتَحْرِيمُهُ تَعَبُّدِيٌّ وَمَا أَبْدَى لَهُ إنَّمَا يَصْلُحُ حِكْمَةً لَا عِلَّةً وَفِيهِ أَنَّ عِلْمَ الْحِكْمَةِ رُبَّمَا يُخْرِجُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>