فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِخْبَارٌ
(فَصْلٌ)
فِي أَنْوَاعٍ مِنْ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ لَوْ (عَلَّقَهُ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ أَوْ رَغِيفٍ) كَأَنْ قَالَ: إنْ أَكَلَتْ هَذِهِ الرُّمَّانَةَ، أَوْ هَذَا الرَّغِيفَ أَوْ رُمَّانَةً أَوْ رَغِيفًا فَأَنْت طَالِقٌ (فَبَقِيَ) مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ أَكْلِهَا لَهُ (حَبَّةٌ أَوْ لُبَابَةٌ) لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ أَنَّهَا لَمْ تَأْكُلْ الرُّمَّانَةَ، أَوْ الرَّغِيفَ نَعَمْ قَالَ الْإِمَامُ إنْ بَقِيَ فُتَاتٌ يَدِقُّ مُدْرَكَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَوْقِعٌ فَلَا أَثَرَ لَهُ فِي بِرٍّ وَلَا حِنْثٍ نَظَرًا لِلْعُرْفِ
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِبَلْعِهَا ثَمَرَةً بِفِيهَا وَبِرَمْيِهَا ثُمَّ بِإِمْسَاكِهَا) كَأَنْ قَالَ: إنْ بَلَعْتهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ رَمَيْتهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ أَمْسَكْتهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَبَادَرَتْ) مَعَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّعَالِيقِ (بِأَكْلِ بَعْضٍ) مِنْهَا (أَوْ رَمْيِهِ) لَمْ يَقَعْ اتِّبَاعًا لِلَّفْظِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَدَّمَتْ يَمِينُ الْإِمْسَاكِ، أَوْ تَوَسَّطَتْ، أَوْ أَخَّرَتْ الزَّوْجَةُ أَكْلَ الْبَعْضِ، أَوْ رَمْيَهُ فَلَا يَخْلُصُ بِذَلِكَ لِحُصُولِ الْإِمْسَاكِ، وَقَوْلِي: وَبِرَمْيِهَا مَعَ قَوْلِي: أَوْ رَمْيِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: ثُمَّ بِرَمْيِهَا مَعَ قَوْلِهِ: وَرَمْيِ بَعْضٍ إذْ لَا يُشْتَرَطُ تَأْخِيرُ التَّعْلِيقِ بِرَمْيِهَا عَنْ التَّعْلِيقِ بِابْتِلَاعِهَا وَلَا الْجَمْعُ بَيْنَ أَكْلِ بَعْضِهَا وَرَمْيِ بَعْضِهَا
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِعَدَمِ تَمْيِيزٍ نَوَاهُ عَنْ نَوَاهَا) الْمُخْتَلَطَيْنِ كَأَنْ قَالَ: إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَايَ عَنْ نَوَاك فَأَنْت طَالِقٌ (فَفَرَّقَتْهُ) بِأَنْ جَعَلْت كُلَّ نَوَاةٍ وَحْدَهَا (أَوْ) بِعَدَمِ (صَدَّقَهَا فِي تُهْمَةِ سَرِقَةٍ) كَأَنْ قَالَ: وَقَدْ اتَّهَمَهَا بِهَا إنْ لَمْ تُصَدِّقِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَقَالَتْ: سَرَقْت مَا سَرَقْت أَوْ) بِعَدَمِ (إخْبَارِهَا بِعَدَدِ حَبٍّ) كَأَنْ قَالَ: إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِعَدَدِ حَبِّ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ فَأَنْت طَالِقٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَيْسَتْ مِنْ صَرَائِحِ الطَّلَاقِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِخْبَارٌ) مُعْتَمَدٌ أَيْ: فَيُحْمَلُ عَلَى الْإِقْرَارِ دُونَ الْإِنْشَاءِ ع ش فَلَوْ اخْتَلَفَا فَالْعِبْرَةُ بِقَصْدِ السَّائِلِ ح ل.
[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ]
(قَوْلُهُ: بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ) أَيْ: مُعَيَّنَةٍ أَوْ مُبْهَمَةٍ أَخْذًا مِنْ تَمْثِيلِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ بَقِيَ فُتَاتٌ) وَبَعْضُ الْحَبَّةِ فِي الرُّمَّانَةِ كَالْفُتَاتِ كَمَا فِي ق ل وَشَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: يَدُقُّ مُدْرِكُهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ: يَخْفَى إدْرَاكُهُ أَيْ: الْإِحْسَاسُ بِهِ وَفِي الْمِصْبَاحِ، وَالْمُدْرِكُ بِالضَّمِّ يَكُونُ مَصْدَرًا، وَاسْمَ زَمَانٍ وَمَكَانٍ تَقُولُ: أَدْرَكْته مُطْلَقًا أَيْ: إدْرَاكًا وَهَذَا مُدْرِكُهُ أَيْ: مَوْضِعُ إدْرَاكِهِ، أَوْ زَمَنُ إدْرَاكِهِ، وَمَدَارِكُ الشَّرْعِ مَوَاضِعُ طَلَبِ الْأَحْكَامِ، وَهِيَ حَيْثُ يُسْتَدَلُّ بِالنُّصُوصِ، وَالِاجْتِهَادِ مِنْ مَدَارِكِ الشَّرْعِ، وَالْفُقَهَاءُ يَقُولُونَ فِي الْوَاحِدِ: مَدْرَكٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ. وَلَيْسَ لِتَخْرِيجِهِ وَجْهٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَوْقِعٌ) بِأَنْ لَا يُسَمِّيَ قِطَعَ خُبْزٍ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. قَالَ ق ل: وَلَوْ كَانَ الْفُتَاتُ لَوْ جُمِعَ صَارَ كَثِيرًا اُعْتُبِرَ قَالَهُ خ ط، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا كَوَالِدِ شَيْخِنَا م ر.
(قَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ لَهُ فِي بِرٍّ) كَأَنْ قَالَ: إنْ أَكَلْتِ هَذَا الرَّغِيفَ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَكَلَتْهُ، وَبَقِيَ الْفُتَاتُ الْمَذْكُورُ، فَيَحْنَثُ وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي الْبِرِّ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا حِنْثَ كَأَنْ قَالَ: إنْ لَمْ تَأْكُلِي هَذَا الرَّغِيفَ فَأَنْت طَالِقٌ، فَأَكَلَتْهُ، وَبَقِيَ الْفُتَاتُ الْمَذْكُورُ لَمْ يَحْنَثْ تَدَبَّرْ، وَالْمُرَادُ بِالرَّغِيفِ الْمُتَعَارَفُ بَيْنَ النَّاسِ لَا مَا يُجْعَلُ صَغِيرًا لِلْأَوْلِيَاءِ تَبَرُّكًا بِهِمْ كَنَحْوِ خُبْزِ سَيِّدِي أَحْمَدَ الْبَدْوِيِّ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهُك أَحْسَنَ مِنْ الْقَمَرِ فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ كَانَتْ زِنْجِيَّةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: ٤] نَعَمْ إنْ أَرَادَ بِالْحُسْنِ الْجَمَالَ، وَكَانَتْ قَبِيحَةَ الشَّكْلِ حَنِثَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَكُونِي أَضْوَأَ مِنْ الْقَمَرِ فَأَنْت طَالِقٌ حَنِثَ. اهـ شَرْحُ م ر وَشَيْخُنَا وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِخُرُوجِهَا إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ، فَقَالَ لَهَا: إنْ خَرَجْت إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ فَأَنْت طَالِقٌ، فَخَرَجَتْ إلَى الْحَمَّامِ، ثُمَّ عَدَلَتْ لِغَيْرِهِ لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ خَرَجَتْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى، ثُمَّ دَخَلَتْ الْحَمَّامَ طَلُقَتْ، وَلَوْ خَرَجَتْ لَهُمَا مَعًا طَلُقَتْ هَكَذَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: لَا تَطْلُقُ، وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِهِ، وَالتَّصْوِيرُ مُخْتَلِفٌ فَمَا هُنَا بِإِلَى وَهِيَ لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ، وَمَا هُنَاكَ بِاللَّامِ وَهِيَ لِلتَّعْلِيلِ هَذَا مَا جَمَعَ بِهِ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ بَيْنَ مَا هُنَا. وَمَا فِي الْأَيْمَانِ زي
. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِإِمْسَاكِهَا) أَفَادَ بِثُمَّ تَأْخِيرَ يَمِينِ الْإِمْسَاكِ عَنْ مَجْمُوعِ اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا، وَأَمَّا هُمَا فَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِأَكْلِ بَعْضٍ مِنْهَا) أَوْ بِبَلْعِهِ كَمَا عَلَّقَ وَفِي عُدُولِهِ إلَى الْأَكْلِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ اشْتِغَالَهَا بِالْمَضْغِ الْمُعْتَبَرِ فِي مُسَمَّى الْأَكْلِ لَا يَضُرُّ بَلْ لَوْ أَكَلَتْهَا كُلَّهَا بِمَضْغٍ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ غَيْرُ الْبَلْعِ فِي الطَّلَاقِ بِخِلَافِهِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِي الْيَمِينِ. اهـ ق ل أَيْ: وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَمَبْنِيٌّ عَلَى اللُّغَةِ، وَالْأَكْلُ لَا يُسَمَّى بَلْعًا فِيهَا هَذَا وَقَدْ قَالَ زي بِالْحِنْثِ، وَكَذَا شَرْحُ م ر؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْأَكْلِ الْبَلْعُ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ هُنَا مَضْغٌ مَعَ بَلْعٍ لِلْمَمْضُوغِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: إنْ أَكَلْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ فَبَلَعَتْهَا مِنْ غَيْرِ مَضْغٍ فَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْبَلْعَ لَا يُسَمَّى أَكْلًا فِي اللُّغَةِ، وَيَحْنَثُ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا يُقَالُ: فُلَانٌ يَأْكُلُ الْحَشِيشَ وَالْبَرَشَ، وَهُوَ إنَّمَا يَبْلَعُهُمَا زي مُلَخَّصًا وَشَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَدَّمَتْ إلَخْ) مَفْهُومُ ثُمَّ، وَقَوْلُهُ: أَوْ أَخَّرَتْ الزَّوْجَةُ إلَخْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ: فَبَادَرَتْ
. (قَوْلُهُ: فَفَرَّقَتْهُ) الْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّ الْفَوْرِيَّةَ لَيْسَتْ شَرْطًا، وَكَذَا قَوْلُهُ: بَعْدَهُ فَقَالَتْ: سَرَقَتْ إلَخْ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ أَتَى بِالْفَاءِ فِيهِمَا لِمُنَاسِبَةِ مَا قَبْلَهُمَا.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَصْدُقِينِي) بِفَتْحِ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ الْمُثَنَّاةِ، وَضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِ الْقَافِ مُخَفَّفَةً أَيْ: إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِالصِّدْقِ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: هَذِهِ لِرُمَّانَةٍ) أَيْ: قَبْلَ كَسْرِهَا حَجّ ع ش أَيْ:؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ كَسْرِهَا يُمْكِنُ الْإِخْبَارُ بِعَدَدِ حَبِّهَا