جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقِيلَ عَاطِفَةٌ أَيْ: وَبِحَمْدِك سَبَّحْتُك فَذَلِكَ جُمْلَتَانِ.
وَسُنَّ أَنْ يَأْتِيَ بِالذِّكْرِ الْمَذْكُورِ مُتَوَجِّهَ الْقِبْلَةِ كَمَا فِي حَالَةِ الْوُضُوءِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ.
(بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ مَسْحُ الْخُفِّ. (يَجُوزُ) الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا لَا عَلَى خُفِّ رِجْلٍ مَعَ غَسْلِ الْأُخْرَى. (فِي الْوُضُوءِ) بَدَلًا عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَتَعْبِيرُهُمْ بِيَجُوزُ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَلَا يُسَنُّ وَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ لَكِنَّ الْغَسْلَ أَفْضَلُ نَعَمْ إنْ أَحْدَثَ لَابِسُهُ وَمَعَهُ مَاءٌ يَكْفِي الْمَسْحَ فَقَطْ وَجَبَ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ أَوْ تَرَكَ الْمَسْحَ رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ، أَوْ شَكًّا فِي جَوَازِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَالَهُ لَا يَرْتَدُّ وَإِنَّهُ يَمُوتُ عَلَى الْإِيمَانِ ح ف. (قَوْلُهُ: جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ) فَالْمَعْنَى سَبَّحْتُك يَا أَللَّهُ مُصَاحِبًا لِحَمْدِك شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ أَنْ يَأْتِيَ إلَخْ) وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ رَافِعًا يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ وَكَذَا بَصَرُهُ وَلَوْ أَعْمَى ح ل. .
[بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ]
(بَابُ مَسْحِ الْخُفَّيْنِ) هُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ ع ش وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ يَنْحَصِرُ فِي خَمْسَةِ أَطْرَافٍ: الْأَوَّلُ فِي أَحْكَامِهِ الثَّانِي فِي مُدَّتِهِ الثَّالِثُ فِي كَيْفِيَّتِهِ الرَّابِعُ فِي شُرُوطِهِ الْخَامِسُ فِيمَا يَقْطَعُ الْمُدَّةَ. وَالرُّخَصُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسَّفَرِ ثَمَانِيَةٌ أَرْبَعَةٌ خَاصَّةٌ بِالطَّوِيلِ وَهِيَ مَسْحُ الْخُفِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالْقَصْرُ وَالْجَمْعُ وَفِطْرُ رَمَضَانَ، وَأَرْبَعَةٌ عَامَّةٌ وَهِيَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَالنَّافِلَةُ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَتَرْكُ الْجُمُعَةِ وَإِسْقَاطُ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ بِرْمَاوِيٌّ وَكَوْنُ الْأُولَى وَالرَّابِعَةِ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ لِأَنَّهُمَا يَكُونَانِ فِي الْحَضَرِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: هُوَ أَوْلَى إلَخْ) إذْ رُبَّمَا يُوهِمُ جَوَازَ غَسْلِ رِجْلٍ وَمَسْحِ الْأُخْرَى إلَّا أَنْ يُقَالَ أَلْ فِي الْخُفِّ لِلْجِنْسِ أَوْ لِلْعَهْدِ الشَّرْعِيِّ وَالْمَعْهُودُ شَرْعًا أَنَّهُ اسْمٌ لِلْفَرْدَتَيْنِ وَقَالَ الْقَلْيُوبِيُّ إنَّ الْخُفَّ يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى أَحَدِهِمَا وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ لَا يَشْمَلُ الْخُفَّ الْوَاحِدَ فِيمَا لَوْ فُقِدَتْ إحْدَى رِجْلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ نَظَرَ لِلْغَالِبِ فَعَلَى هَذَا اسْتَوَتْ الْعِبَارَتَانِ بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ التَّوَهُّمُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَكْثَرُ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا وَذَكَرَهُ هُنَا لِتَمَامِ مُنَاسَبَتِهِ لِلْوُضُوءِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ بَلْ ذَكَرَهُ جَمْعٌ فِي خَامِسِ فُرُوضِهِ لِبَيَانِ أَنَّ الْوَاجِبَ الْغُسْلُ، أَوْ الْمَسْحُ وَأَخَّرَهُ جَمْعٌ عَنْ التَّيَمُّمِ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مَسْحًا مُبِيحًا ز ي وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِقِرَاءَةِ الْجَرِّ فِي {أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: ٦٥] وَمَسْحُهُ رَافِعٌ لِلْحَدَثِ لَا مُبِيحٌ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: يَجُوزُ) أَيْ يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ إذَا وَقَعَ لَا يَكُونُ إلَّا وَاجِبًا فَيَكُونُ مِنْ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ لِأَنَّ شَرْطَ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا أَصْلٌ وَالْآخَرُ بَدَلٌ ع ش عَلَى م ر وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا اشْتِبَاهٌ إذْ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَاجِبٌ بَدَلًا وَالثَّانِي أَنَّهُ وَاجِبٌ أَصَالَةً مِنْ قَبِيلِ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ. (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي التَّعْبِيرِ الْمَذْكُورِ فَالْمُرَادُ بِالْجَائِزِ هُنَا مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ مِنْ قِسْمِ الْجَائِزِ شَيْخُنَا وَقَالَ ق ل قَوْلُهُ: يَجُوزُ أَيْ لَا يَحْرُمُ فَيَشْمَلُ الْوَاجِبَ وَغَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ) أَيْ عَيْنًا أَصَالَةً وَإِلَّا فَهُوَ وَاجِبٌ مُخَيَّرٌ وَقَدْ يَجِبُ عَلَيْنَا لِعَارِضٍ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: لَكِنْ الْغُسْلُ أَفْضَلُ) وَجْهِ الِاسْتِدْرَاكِ أَنَّهُ لَمَّا حَكَمَ بِأَنَّهُ جَائِزٌ بِمَعْنَى مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فَفِيهِ اسْتِوَاءُ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ الَّذِي هُوَ بِغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فَدَفَعَهُ بِذَلِكَ وَهُوَ جَلِيٌّ شَوْبَرِيٌّ فَبَيَّنَ بِالِاسْتِدْرَاكِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لَا مُبَاحٌ فَحُكْمُهُ الْأَصْلِيُّ مِنْ حَيْثُ الْعُدُولُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ الْوُجُوبُ كَمَا فِي قَوْلِهِ نَعَمْ إنْ أَحْدَثَ إلَخْ، أَوْ النَّدْبُ كَمَا فِي قَوْلِهِ، أَوْ تَرَكَ الْمَسْحَ إلَخْ، أَوْ الْحُرْمَةُ كَمَا فِي الْمُحْرِمِ إلَخْ، فَتَعْتَرِيهِ أَحْكَامٌ أَرْبَعَةٌ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ) اسْتَدْرَكَ عَلَى الِاسْتِدْرَاكِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَحْدَثَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ م ر وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ وَلِمَا إذَا تَيَقَّنَ حُصُولَ الْمَاءِ آخِرَ الْوَقْتِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ) أَيْ عَمَّا جَاءَتْ بِهِ مِنْ جَوَازِ الْمَسْحِ لِإِيثَارِهِ الْغَسْلَ عَلَيْهِ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ أَفْضَلَ سَوَاءٌ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ كَرَاهِيَةً لِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ النَّظَافَةِ أَمْ لَا فَعُلِمَ أَنَّ الرَّغْبَةَ أَعَمُّ مِنْ الْكَرَاهَةِ بِرْمَاوِيٌّ وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ: رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ أَيْ الطَّرِيقَةِ وَهِيَ مَسْحُ الْخُفَّيْنِ أَيْ؛ بِأَنْ أَعْرَضَ عَنْ السُّنَّةِ لِمُجَرَّدِ أَنَّ فِي الْغُسْلِ تَنْظِيفًا لَا لِمُلَاحَظَةِ أَنَّهُ أَفْضَلُ، فَلَا يُقَالُ الرَّغْبَةُ عَنْ السُّنَّةِ قَدْ تُؤَدِّي إلَى الْكُفْرِ لِأَنَّ مَحَلَّهُ إنْ كَرِهَهَا مِنْ حَيْثُ نِسْبَتُهَا لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (قَوْلُهُ: أَوْ شَكًّا فِي جَوَازِهِ) أَيْ دَلِيلِ جَوَازِهِ أَيْ لِنَحْوِ مُعَارِضٍ لِدَلِيلِهِ حَجّ وم ر وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا قِيلَ إذَا شَكَّ فِي الْجَوَازِ فَكَيْفَ يُقَالُ الْأَفْضَلُ الْمَسْحُ ع ش مَعَ أَنَّ الشَّاكَّ فِي الْجَوَازِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ جَوَازِهِ الْعِلْمُ بِهِ وَقَوْلُهُ: أَيْ لِنَحْوِ مُعَارِضٍ وَهُوَ الدَّلِيلُ الدَّالُّ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ كَآيَةِ الْوُضُوءِ فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى جَوَازِ الْمَسْحِ مُعَارَضَةٌ فَشَكَّ هَلْ دَلِيلُ الْمَسْحِ مُتَقَدِّمٌ فَيَكُونُ مَنْسُوخًا بِدَلِيلِ الْغَسْلِ، أَوْ لَا وَهَلْ أَحَدُهُمَا أَرْجَحُ مِنْ الْآخَرِ وَالتَّعَارُضُ الْمَذْكُورُ لَا يَظْهَرُ إلَّا فِي حَقِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute