للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَرْسٌ] (وَلَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ) أَيْ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا يُجْزِيهِ (نَقْلُهُ زَكَاةً) مِنْ بَلَدِ وُجُوبِهَا مَعَ وُجُودِ الْمُسْتَحِقِّينَ فِيهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فِيهِ الْمُسْتَحِقُّونَ؛ لِيَصْرِفَهَا إلَيْهِمْ؛ لِمَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» . نَعَمْ لَوْ وَقَعَ تَشْقِيصٌ كَعِشْرِينَ شَاةً بِبَلَدٍ وَعِشْرِينَ بِآخَرَ فَلَهُ إخْرَاجُ شَاةٍ بِأَحَدِهِمَا مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَلَوْ حَالَ الْحَوْلُ، وَالْمَالُ بِبَادِيَةٍ فُرِّقَتْ الزَّكَاةُ بِأَقْرَبَ الْبِلَادِ إلَيْهِ (فَإِنْ عُدِمَتْ) فِي بَلَدِ وُجُوبِهَا (الْأَصْنَافُ، أَوْ فَضَلَ عَنْهُمْ شَيْءٌ وَجَبَ نَقْلٌ) لَهَا، أَوْ لِلْفَاضِلِ إلَى مِثْلِهِمْ بِأَقْرَبَ بَلَدٍ إلَيْهِ (وَإِنْ عُدِمَ بَعْضُهُمْ، أَوْ فَضَلَ عَنْهُ شَيْءٌ) بِأَنْ وُجِدُوا كُلُّهُمْ وَفَضَلَ عَنْ كِفَايَةِ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، وَكَذَا إنْ وُجِدَ بَعْضُهُمْ وَفَضَلَ عَنْ كِفَايَةِ بَعْضِهِ شَيْءٌ (رُدَّ نَصِيبُ الْبَعْضِ) ، أَوْ الْفَاضِلِ عَنْهُ، أَوْ عَنْ بَعْضِهِ (عَلَى الْبَاقِينَ، إنْ نَقَصَ نَصِيبُهُمْ) عَنْ كِفَايَتِهِمْ فَلَا يُنْقَلُ إلَى غَيْرِهِمْ لِانْحِصَارِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ نَصِيبُهُمْ نُقِلَ ذَلِكَ إلَى ذَلِكَ الصِّنْفِ بِأَقْرَبَ بَلَدٍ. وَمَسْأَلَتَا الْفَضْلِ مَعَ تَقْيِيدِ الْبَاقِينَ بِنَقْصِ نَصِيبِهِمْ مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي لِلْمَالِكِ الْإِمَامُ فَلَهُ، وَلَوْ بِنَائِبِهِ نَقْلُهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

جَزَمَ الْأَصْلُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ

[نَقْلُ الزَّكَاة مِنْ بَلَد إلَى بَلَدٍ آخَرَ]

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ نَقْلُ زَكَاةٍ) خَرَجَ بِالزَّكَاةِ غَيْرُهَا كَالْكَفَّارَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالنَّذْرِ انْتَهَى ح ل وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَالْأَظْهَرُ مَنْعُ نَقْلِ الزَّكَاةِ وَالثَّانِي الْجَوَازُ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ وَنُقِلَ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ انْتَهَى. وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِمَ ر: وَيَجُوزُ لِلشَّخْصِ الْعَمَلُ بِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَكَذَا يَجُوزُ الْعَمَلُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ بِقَوْلِ مَنْ يُوثَقُ بِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَالْأَذْرَعِيِّ وَالسُّبْكِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ الْمُسْتَحَقِّينَ فِيهِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِفَقِيرِ الْبَلَدِ الَّذِي تُصْرَفُ إلَيْهِ الزَّكَاةُ مَنْ كَانَ بِبَلَدِ الْمَالِ عِنْدَ الْوُجُوبِ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ سم عَلَى حَجّ عَنْ السُّيُوطِيّ وَقَالَ ع ن: فَلَوْ حَضَرَ الْفُقَرَاءُ إلَى بَلَدِ الزَّكَاةِ أُعْطَوْا إنْ لَمْ يَنْحَصِرْ فُقَرَاءُ الْبَلَدِ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهَا بِحَوَلَانِ الْحَوْلِ فَلَا تُدْفَعُ لِغَيْرِهِمْ.

(قَوْلُهُ: إلَى بَلَدٍ آخَرَ) أَيْ: إلَى مَحَلٍّ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَلَيْسَ الْبَلَدُ الْآخَرُ بِقَيْدٍ فَإِذَا خَرَجَ مِصْرِيٌّ إلَى خَارِجِ بَابِ السُّورِ كَبَابِ النَّصْرِ لِحَاجَةٍ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَغَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ هُنَاكَ، ثُمَّ دَخَلَ وَجَبَ إخْرَاجُ فِطْرَتِهِ لِفُقَرَاءَ خَارِجِ بَابِ النَّصْرِ ح ل. (قَوْلُهُ: لِمَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ) لَمْ يَقُلْ لِخَبَرِ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بِمَفْهُومِهِ وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الضَّمِيرَ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ ثَمَّ اسْتَدَلَّ بِهِ بَقِيَّةُ الْأَئِمَّةِ عَلَى جَوَازِ النَّقْلِ لَكِنَّ الشَّارِحَ نَظَرًا لِكَوْنِ الْإِضَافَةِ فِي فُقَرَائِهِمْ لِلْعَهْدِ فَيَكُونُ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلْأَغْنِيَاءِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: فُقَرَاءِ بَلَدِهِمْ بِقَرِينَةٍ أَنَّهُ خَاطَبَ بِذَلِكَ مُعَاذًا حِينَ بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وَمِثْلُهُ ع ن وَأَخَذَ ع ش عَلَى م ر مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَدَمَ إجْزَاءِ دَفْعِهَا لِلْجِنِّ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِي لِفُقَرَائِهِمْ لِلْعَهْدِ وَالْمَعْهُودُ فُقَرَاءُ الْآدَمِيِّينَ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَلِامْتِدَادِ أَطْمَاعِ أَصْنَافِ كُلِّ بَلْدَةٍ إلَى زَكَاةِ مَا فِيهَا مِنْ الْمَالِ، وَالنَّقْلُ يُوحِشُهُمْ وَبِهِ فَارَقَتْ الزَّكَاةُ الْكَفَّارَةَ وَالنَّذْرَ وَالْوَصِيَّةَ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ إذَا لَمْ يَنُصَّ الْمُوصِي وَنَحْوُهُ عَلَى نَقْلٍ، أَوْ غَيْرِهِ انْتَهَى.

وَلَوْ كَانَ الْمَالُ دَيْنًا فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِبَلَدِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، أَوْ لَا؟ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ قِيلَ: تُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا حَقِيقَةً فَهُوَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْمَالِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأَمَاكِنِ كُلِّهَا ز ي؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُوصَفُ بِأَنَّ لَهُ مَحَلًّا مَخْصُوصًا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ لَا حِسِّيٌّ فَاسْتَوَتْ الْأَمَاكِنُ كُلُّهَا إلَيْهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: مَعَ الْكَرَاهَةِ) وَالْمُخَلِّصُ لَهُ مِنْهَا أَنْ يَدْفَعَهَا لِلْإِمَامِ، أَوْ السَّاعِي، أَوْ يُخْرِجَ شَاتَيْنِ فِي الْبَلَدَيْنِ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِالزِّيَادَةِ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي بَعِيرِ الزَّكَاةِ أَنْ يَقَعَ الْجَمِيعُ وَاجِبًا لِعَدَمِ تَأَتِّي التَّجْزِئَةِ ع ش وَيَجُوزُ إخْرَاجُ شَاةٍ لِمُسْتَحِقِّ الْبَلَدَيْنِ لِكُلٍّ نِصْفُهَا مَشَاعًا اهـ. شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَالَ الْحَوْلُ) مَعْطُوفٌ عَلَى لَوْ وَقَعَ فَهُوَ اسْتِدْرَاكٌ أَيْضًا لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ مَعَ وُجُودِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْبَادِيَةَ لَيْسَ فِيهَا مُسْتَحِقٌّ فَالْأَوْلَى جَعْلُهُ اسْتِئْنَافًا. (قَوْلُهُ: وَالْمَالُ بِبَادِيَةٍ) وَكَالْبَادِيَةِ الْبَحْرُ لِمُسَافِرٍ فِيهِ فَتُصْرَفُ الزَّكَاةُ لِأَقْرَبِ بَلَدٍ إلَى مَحَلِّ حَوَلَانِ الْحَوْلِ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ لِلتِّجَارَةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ فِي الْبَحْرِ، أَوْ قِيمَةٌ قَلِيلَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْبَحْرِ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ أَقْرَبِ مَحَلٍّ مِنْ الْبَرِّ يَرْغَبُ فِيهِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي السَّفِينَةِ مَنْ يَصْرِفُ لَهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى الْمَالِ فَفِيهِ نَقْلُ الزَّكَاةِ قَالَ م ر وَإِذَا جَازَ النَّقْلُ فَمُؤْنَتُهُ عَلَى الْمَالِكِ قَبْلَ قَبْضِ السَّاعِي وَبَعْدَهُ فِي الزَّكَاةِ فَيُبَاعُ مِنْهَا مَا يَفِي بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ فَضَلَ عَنْهُمْ شَيْءٌ) أَيْ: أَوْ لَمْ يُعْدَمُوا بِأَنْ وُجِدُوا كُلُّهُمْ وَفَضَلَ إلَخْ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ فَضَلَ عَنْهُ أَيْ: أَوْ لَمْ يُعْدَمْ بَعْضُهُمْ بِأَنْ وُجِدُوا كُلُّهُمْ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَيْ: فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: بِأَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِ) فَإِنْ جَاوَزَهُ حَرُمَ وَامْتَنَعَ كَالنَّقْلِ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا وَجَبَ حِفْظُ دَمِ الْحَرَمِ إلَى وُجُودِ مَسَاكِينِهِ وَامْتَنَعَ نَقْلُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ لَهُمْ بِالنَّصِّ فَهُوَ كَمَنْ نَذَرَ تَصَدُّقًا عَلَى فُقَرَاءِ بَلَدِ كَذَا فَفُقِدُوا حَيْثُ تُحْفَظُ إلَى وُجُودِهِمْ وَالزَّكَاةُ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ صَرِيحٌ بِتَخْصِيصِهَا بِالْبَلَدِ شَرْحُ م ر بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ وُجِدَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) فَالصُّوَرُ خَمْسٌ: اثْنَانِ فِيهِمَا نَقْلٌ، وَثَلَاثَةٌ فِيهَا رَدٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>