للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(هَذَا لِوَارِثِي) مُشِيرًا إلَى الْمُوصَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِوَارِثِهِ إلَّا إذَا انْقَطَعَ تَعَلُّقُ الْمُوصَى لَهُ عَنْهُ (وَ) بِنَحْوِ (بَيْعٍ وَرَهْنٍ وَكِتَابَةٍ) لِمَا وَصَّى بِهِ (وَلَوْ بِلَا قَبُولٍ) لِظُهُورِ صَرْفِهِ بِذَلِكَ عَنْ جِهَةِ الْوَصِيَّةِ وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ إلَى آخِرِهِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَيُوصِيهِ بِذَلِكَ) أَيْ بِنَحْوِ مَا ذَكَرَ (وَتَوْكِيلٍ بِهِ وَعَرْضٍ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا تَوَسُّلٌ إلَى مَا يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ وَذِكْرُ التَّوْكِيلِ وَالْعَرْضِ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ مِنْ زِيَادَتِي (وَخَلْطِهِ) بُرًّا مُعَيَّنًا وَصَّى بِهِ بِبُرٍّ مِثْلِهِ، أَوْ أَجْوَدَ، أَوْ أَرْدَأَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ بِذَلِكَ عَنْ إمْكَانِ التَّسْلِيمِ، وَخَلْطِهِ (صُبْرَةً وَصَّى بِصَاعٍ مِنْهَا بِأَجْوَدَ) مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ زِيَادَةً لَمْ تَتَنَاوَلْهَا الْوَصِيَّةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَلَطَهَا بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا زِيَادَةَ، أَوْ بِأَرْدَأَ مِنْهَا لِأَنَّهُ كَالتَّعَيُّبِ (وَطَحْنِهِ بُرًّا) وَصَّى بِهِ (وَبَذْرِهِ) لَهُ (وَعَجْنِهِ دَقِيقًا) وَصَّى بِهِ (وَغَزْلِهِ قُطْنًا) وَصَّى بِهِ (وَنَسْجِهِ غَزْلًا) وَصَّى بِهِ (وَقَطْعِهِ ثَوْبًا) وَصَّى بِهِ (قَمِيصًا وَبِنَائِهِ وَغَرْسِهِ) بِأَرْضٍ وَصَّى بِهَا لِظُهُورِ كُلٍّ مِنْهَا فِي الصَّرْفِ عَنْ جِهَةِ الْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ زَرْعِهِ بِهَا وَخَرَجَ بِإِضَافَتِي مَا ذَكَرَ إلَى ضَمِيرِ الْمُوصِي مَا لَوْ حَصَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَيْسَ رُجُوعًا

(فُرُوعٌ)

إنْكَارُ الْمُوصِي الْوَصِيَّةَ لَيْسَ رُجُوعًا إنْ كَانَ لِغَرَضٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقِهِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ أَنَّهُ لَيْسَ رُجُوعًا وَلَوْ وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ، ثُمَّ تَصَرَّفَ فِي جَمِيعِهِ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثُلُثُ مَالِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ وَلَوْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِمُعَيَّنٍ، ثُمَّ وَصَّى بِهِ لِعَمْرٍو فَلَيْسَ رُجُوعًا بَلْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَوْ وَصَّى بِهِ لِثَالِثٍ كَانَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَهَكَذَا

(فَصْلٌ: فِي الْإِيصَاءِ) وَهُوَ إثْبَاتُ تَصَرُّفٍ مُضَافٍ إلَى مَا بَعْدَ يُقَالُ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِكَذَا وَأَوْصَيْت إلَيْهِ وَوَصَّيْته إذَا جَعَلْته وَصِيًّا

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمُوصَى لَهُ يَصْرِفُهُ فِي مَكْرُوهٍ كُرِهَتْ، أَوْ فِي مُحَرَّمٍ حَرُمَتْ فَيُقَالُ هُنَا بَعْدَ حُصُولِ الْوَصِيَّةِ إذَا عَرَضَ لِلْمُوصَى لَهُ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصْرِفُهَا فِي مُحَرَّمٍ وَجَبَ الرُّجُوعُ، أَوْ فِي مَكْرُوهٍ نُدِبَ الرُّجُوعُ، أَوْ فِي طَاعَةٍ كُرِهَ الرُّجُوعُ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: هَذَا لِوَارِثِي) وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَيَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمُعَيَّنٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِعَمْرٍو حَيْثُ يَكُونُ شَرِيكًا؛ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ الْوَصِيَّةَ الْأُولَى مَعَ إتْيَانِ ذَلِكَ هُنَا بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ الثَّانِي، ثُمَّ صَارَ لِلْأَوَّلِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الطَّارِئِ فَلَمْ يَكُنْ ضَمُّهُ إلَيْهِ صَرِيحًا فِي رَفْعِهِ فَأَثَّرَ فِيهِ احْتِمَالُ النِّسْيَانِ وَشِرْكِنَا بَيْنَهُمَا إذْ لَا مُرَجِّحَ بِخِلَافِ الْوَارِثِ فَإِنَّهُ مُغَايِرٌ لَهُ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ أَصْلِيٌّ فَكَانَ ضَمُّهُ إلَيْهِ صَرِيحًا فِي رَفْعِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ احْتِمَالُ النِّسْيَانِ لِقُوَّتِهِ ح ل وَز ي (قَوْلُهُ: وَبِنَحْوِ بَيْعٍ) كَالْهِبَةِ وَلَوْ فَاسِدَةً م ر

وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَهُ فَسْخٌ وَلَوْ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا قَبُولٍ) رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بِذَلِكَ إلَّا إذَا وُجِدَ الْقَبُولُ. وَيُجَابُ بِأَنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى الْفَاسِدِ أَيْضًا فَهِيَ تُسَمَّى عُقُودًا فَاسِدَةً بِدُونِ ذَلِكَ م ر (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ مَا ذُكِرَ) أَيْ الْبَيْعِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَعَرْضٍ عَلَيْهِ) ، أَيْ عَلَى نَحْوِ مَا ذُكِرَ وَالتَّوْكِيلِ (قَوْلُهُ: وَخَلْطُهُ بُرًّا) أَيْ خَلْطًا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ التَّمْيِيزُ م ر (قَوْلُهُ: بِأَجْوَدَ) ظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّ هَذَا قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ مَعَ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الثَّمَانِيَةِ فَقَطْ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ الْعَامِلَ فِي الثَّانِيَةِ لِيُفِيدَ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: لَمْ تَتَنَاوَلْهَا الْوَصِيَّةُ) ، أَيْ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّسْلِيمُ بِدُونِهَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ خَلَطَهَا بِمِثْلِهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ بِهِ غَرَضٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَالتَّعْيِيبِ) ، أَيْ وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ (قَوْلُهُ: وَطَحْنُهُ بُرًّا) هُوَ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِجَرْشِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا زَالَ بِهِ الْمِلْكُ، أَوْ زَالَ بِهِ الِاسْمُ وَكَانَ بِفِعْلِهِ، أَوْ أَشْعَرَ بِالْإِعْرَاضِ إشْعَارًا قَوِيًّا يَكُونُ رُجُوعًا وَإِلَّا فَلَا ق ل عَلَى خَطٍّ (قَوْلُهُ: لِظُهُورِ كُلٍّ مِنْهَا فِي الصَّرْفِ إلَخْ) وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ يُرَادُ لِلدَّوَامِ بِخِلَافِ زَرْعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلدَّوَامِ فَأَشْبَهَ لُبْسَ الثَّوْبِ ز ي (قَوْلُهُ: مَا لَوْ حَصَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ) شَمِلَ مَا لَوْ أَوْصَى بِحِنْطَةٍ وَطَحَنَهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَكُونُ رُجُوعًا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر. وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَاصِلَ أَنَّ مَا أَشْعَرَ بِالْإِعْرَاضِ إشْعَارًا قَوِيًّا يَكُونُ رُجُوعًا وَإِنْ لَمْ يَزُلْ بِهِ الِاسْمُ حَيْثُ كَانَ مِنْهُ، أَيْ مِنْ الْمُوصِي، أَوْ مِنْ مَأْذُونِهِ وَمَا يَزُولُ بِهِ الِاسْمُ يَحْصُلُ مَعَهُ الرُّجُوعُ وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا عِلَّتَانِ مُسْتَقِلَّتَانِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ رُجُوعًا) مَا لَمْ يَزُلْ بِهِ الِاسْمُ

[فُرُوعٌ إنْكَارُ الْمُوصِي الْوَصِيَّةَ]

(قَوْلُهُ: فُرُوعٌ) أَيْ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ: إنْكَارُ الْمُوصِي) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِنْكَارُ جَوَابَ سُؤَالٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ. لِأَنَّ الْمُوصِي قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي إنْكَارِهَا مُطْلَقًا وَلَكِنْ قَيَّدَهُ م ر وحج فِي شَرْحَيْهِمَا بِذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرَا مَفْهُومَهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: يَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ) إلَّا إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْوَصِيَّةِ الْأُولَى، أَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِمَا أَوْصَيْت بِهِ لِعَمْرٍو فَيَكُونُ رُجُوعًا ع ن وَقَوْلُهُ: نِصْفَيْنِ فَإِذَا رَدَّ أَحَدُهُمَا أَخَذَ الْآخَرُ الْجَمِيعَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِهِ لَهُمَا ابْتِدَاءً وَرَدَّ أَحَدُهُمَا فَإِنَّ نِصْفَهُ لِلْوَارِثِ لَا لِلْآخَرِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوصِ لَهُ إلَّا بِالنِّصْفِ اهـ ح ف.

[فَصْلٌ فِي الْإِيصَاءِ]

[دَرْسٌ] (فَصْلٌ: فِي الْإِيصَاءِ) ، أَيْ وَمَا يَتَّبِعُ ذَلِكَ كَتَصْدِيقِ الْوَلِيِّ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ) ، أَيْ شَرْعًا وَمَعْنَاهُ لُغَةً يَرْجِعُ لِمَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ كَمَا قَالَهُ م ر لِأَنَّ مَعْنَاهُمَا لُغَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ الْإِيصَالُ (قَوْلُهُ: مُضَافٌ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ) ، أَيْ وَلَوْ تَقْدِيرًا كَأَنْ قَالَ: جَعَلْت فُلَانًا وَصِيًّا عَلَى أَوْلَادِي تَقْدِيرُهُ جَعَلْته كَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِي ع ن (قَوْلُهُ: وَأَوْصَيْت إلَيْهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ يَتَعَدَّى بِاللَّامِ وَبِإِلَى وَيَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ أَيْضًا كَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>