أَيْ مِنْ التَّوْكِيلِ، وَالْإِشْهَادِ (أَوْ أَخَّرَ لِتَكْذِيبِهِ ثِقَةً) وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً (أَخْبَرَهُ بِالْبَيْعِ) مَثَلًا (أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ وَلَوْ جَاهِلًا بِالشُّفْعَةِ أَوْ) بَاعَ (بَعْضَهَا عَالِمًا) بِالشُّفْعَةِ (بَطَلَ حَقُّهُ) لِتَقْصِيرِهِ فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ، وَالرَّابِعَةِ وَلِزَوَالِ سَبَبِ الشُّفْعَةِ فِي الثَّالِثَةِ وَخَرَجَ بِالثِّقَةِ فِي الثَّانِيَةِ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ خَبَرَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَبِالْعَالِمِ فِي الرَّابِعَةِ وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِي. الْجَاهِلُ لِعُذْرِهِ وَكَالثِّقَةِ عَدَدُ التَّوَاتُرِ وَلَوْ مِنْ فَسَقَةٍ أَوْ كُفَّارٍ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَكُلُّ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا يَقَعُ فِي نَفْسِهِ مِنْ صِدْقٍ وَضِدِّهِ وَلَوْ مِنْ فَاسِقٍ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَكَذَا) يَبْطُلُ حَقُّهُ (لَوْ أَخْبَرَهُ بِالْبَيْعِ بِقَدْرٍ فَتَرَكَ فَبَان بِأَكْثَرَ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ بِالْأَقَلِّ فَبِالْأَكْثَرِ أَوْلَى (لَا) إنْ بَانَ (بِدُونِهِ أَوْ لَقِيَ الْمُشْتَرِي فَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَوْ بَارَكَ لَهُ فِي صَفْقَتِهِ) فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ لِخَبَرٍ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ بِالزِّيَادَةِ فِي الْأُولَى، وَالسَّلَامُ سُنَّةٌ قَبْلَ الْكَلَامِ فِي الثَّانِيَةِ وَقَدْ يَدْعُو بِالْبَرَكَةِ لِيَأْخُذَ صَفْقَتَهُ مُبَارَكَةً فِي الثَّالِثَةِ وَتَعْبِيرِي بِقَدْرٍ وَبِدُونِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَلْفٍ وَبِخَمْسِمِائَةٍ.
(كِتَابُ الْقِرَاضِ)
مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَرْضِ وَهُوَ الْقَطْعُ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ قَطَعَ لِلْعَامِلِ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا وَقِطْعَةً مِنْ الرِّبْحِ، وَيُسَمَّى أَيْضًا مُضَارَبَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَمُقَارَضَةً، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْإِجْمَاعُ
، وَالْحَاجَةُ
وَاحْتَجَّ لَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٩٨] «وَبِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَارَبَ لِخَدِيجَةَ بِمَالِهَا إلَى الشَّامِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
تَوْكِيلٌ فَإِشْهَادٌ وَقَوْلُهُ أَوْ أَخَّرَ لِتَكْذِيبِهِ ثِقَةً أَخْبَرَهُ بِالْبَيْعِ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَطَلَبُهَا كَرَدٍّ بِعَيْبٍ (قَوْلُهُ: أَخْبَرَهُ بِالْبَيْعِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ كَذَّبَهُ فِي تَعْيِينِ الْمُشْتَرِي أَوْ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ حُلُولِهِ أَوْ فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ) أَوْ وَهَبَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَلْ الْإِيصَاءُ بِحِصَّتِهِ أَوْ بِبَعْضِهَا كَالْهِبَةِ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا م ر شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِتَقْصِيرِهِ فِي الْأُولَيَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَكَ مَقْدُورَهُ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ أَوْ أَخَّرَ لِتَكْذِيبِهِ ثِقَةً، وَالثَّالِثَةُ هِيَ قَوْلُهُ: مَا لَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ وَلَوْ جَاهِلًا، وَالرَّابِعَةُ هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ بَعْضَهَا عَالِمًا بِالشُّفْعَةِ ع ش (قَوْلُهُ الْجَاهِلُ لِعُذْرِهِ) سَوَاءٌ كَانَ جَهْلُهُ بِالْبَيْعِ أَوْ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِالثَّانِيَةِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَسَلَّمَ عَلَيْهِ) أَيْ وَكَانَ مِمَّنْ يَشْرَعُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَإِلَّا كَفَاسِقٍ بَطَلَ حَقُّهُ إنْ عَلِمَ بِحَالِهِ نَعَمْ لَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِيَ يَقْضِي حَاجَتَهُ أَوْ يُجَامِعُ فَلَهُ تَأْخِيرُ الطَّلَبِ إلَى فَرَاغِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر ق ل (قَوْلُهُ: أَوْ بَارَكَ لَهُ فِي صَفْقَتِهِ) أَوْ سَأَلَهُ عَنْ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ أَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَبَارَكَ لَهُ وَسَأَلَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ بِأَوْ شَوْبَرِيٌّ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ أَوْ فِي كَلَامِهِ مَانِعَةَ خُلُوٍّ فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ فَتَشْمَلُ مَا ذَكَرَ ثُمَّ رَأَيْت ق ل عَلَى الْجَلَالِ صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .
[كِتَابُ الْقِرَاضِ]
[دَرْسٌ] (كِتَابُ الْقِرَاضِ) (قَوْلُهُ: سُمِّيَ بِذَلِكَ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ الْآتِي فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَهُ ثُمَّ يَقُولُ سُمِّيَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَيُسَمَّى أَيْضًا مُضَارَبَةً) لِاشْتِمَالِهِ غَالِبًا عَلَى الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ الَّذِي هُوَ السَّفَرُ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [النساء: ١٠١] أَيْ سَافَرْتُمْ ح ل وَهَذِهِ لُغَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَالْأُولَى لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ (قَوْلُهُ، وَالْحَاجَةُ) أَيْ مِنْ الْمَالِكِ، وَالْعَامِلِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ قَدْ لَا يَمْلِكُ مَالًا، وَالْمَالِكُ قَدْ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فَيَحْتَاجُ الْأَوَّلُ إلَى مَالٍ، وَالثَّانِي إلَى عَامِلٍ وَعِبَارَةُ حَجّ وَهُوَ قِيَاسُ الْمُسَاقَاةِ بِجَامِعِ أَنَّ فِي كُلٍّ الْعَمَلَ فِي شَيْءٍ بِبَعْضِ نَمَائِهِ مَعَ جَهَالَةِ الْعِوَضِ وَلِذَا اتَّحَدَا فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ وَكَانَ قَضِيَّةُ ذَلِكَ تَقْدِيمَهَا عَلَيْهِ وَكَأَنَّ عَكْسَهُمْ لِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ وَأَشْهَرُ وَأَيْضًا فَهِيَ تُشْبِهُ الْإِجَارَةَ فِي اللُّزُومِ، وَالتَّأْقِيتِ فَتَوَسَّطَتْ بَيْنَهُمَا إشْعَارًا بِمَا فِيهَا مِنْ الشَّبَهَيْنِ اهـ. قَالَ سم عَلَيْهِ وَيُوَجَّهُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْمُسَاقَاةِ بِأَنَّهَا كَالدَّلِيلِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَقِيسٌ عَلَيْهَا، وَالدَّلِيلُ يُذْكَرُ بَعْدَ الْمَدْلُولِ فَذِكْرُهَا بَعْدَهُ كَإِقَامَةِ الدَّلِيلِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَدْلُولِ (قَوْلُهُ: وَاحْتَجَّ لَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِقَوْلِهِ إلَخْ) أَسْنَدَ الِاحْتِجَاجَ إلَى الْمَاوَرْدِيِّ لِمَا فِي الْآيَةِ مِنْ الْخَفَاءِ لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْمُدَّعَى وَغَيْرَهُ فَلَيْسَتْ نَصًّا فِي الْقِرَاضِ ع ش لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَضْلِ الرِّزْقُ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ مُقَارِضًا؛ لِأَنَّ خَدِيجَةَ لَمْ تَدْفَعْ لَهُ مَالًا يَشْتَرِي بِهِ وَإِنَّمَا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّصَرُّفِ عَنْهَا بِبَيْعِ أَمْتِعَتِهَا فَهُوَ كَالْوَكِيلِ بِجُعْلٍ ق ل. قَوْلُهُ: {أَنْ تَبْتَغُوا} [البقرة: ١٩٨] أَيْ تَطْلُبُوا فَضْلًا أَيْ رِزْقًا مِنْ رَبِّكُمْ وَقَالَ شَيْخُنَا الْمَدَابِغِيُّ: أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَالِكُمْ أَوْ مَالِ غَيْرِكُمْ وَهِيَ لِرِبْحٍ فَصَحَّ الِاحْتِجَاجُ بِالْآيَةِ مِنْ حَيْثُ عُمُومُهَا فَإِنَّ الرِّبْحَ فَضْلٌ اهـ
(قَوْلُهُ: ضَارَبَ لِخَدِيجَةَ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِنَحْوِ شَهْرَيْنِ وَسَنَةٍ إذْ ذَاكَ نَحْوُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَتَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَتُوُفِّيَتْ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ عَلَى الْأَصَحِّ وَهِيَ بِنْتُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
وَهُوَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ فَكَأَنَّ وَجْهَ الدَّلِيلِ فِيهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكَاهُ مُقَرِّرًا لَهُ بَعْدَهَا ز ي وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا قَالُوهُ فِي السِّيَرِ مِنْ أَنَّهَا اسْتَأْجَرَتْهُ بِقَلُوصَيْنِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِتَعَدُّدِ الْوَاقِعَةِ أَوْ أَنَّ مَنْ عَبَّرَ بِالِاسْتِئْجَارِ تَسَمَّحَ بِهِ فَعَبَّرَ بِهِ عَنْ الْهِبَةِ اهـ. ع ش عَلَى م ر