للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَنْفَذَتْ مَعَهُ عَبْدَهَا مَيْسَرَةَ» ، وَالْقِرَاضُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي تَوْكِيلُ مَالِكٍ بِجَعْلِ مَالِهِ بِيَدِ آخَرَ لِيَتَّجِرَ فِيهِ وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ الْقِرَاضُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالًا إلَى آخِرِهِ.

(أَرْكَانُهُ) سِتَّةٌ (مَالِكٌ وَعَامِلٌ وَعَمَلٌ وَرِبْحٌ وَصِيغَةٌ وَمَالٌ وَشُرِطَ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَالِ (كَوْنُهُ نَقْدًا) دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ (خَالِصًا مَعْلُومًا) جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً (مُعَيَّنًا بِيَدِ عَامِلٍ فَلَا يَصِحُّ عَلَى عَرَضٍ) وَلَوْ فُلُوسًا وَتِبْرًا وَحُلِيًّا وَمَنْفَعَةً؛ لِأَنَّ فِي الْقِرَاضِ أَغْرَارًا إذْ الْعَمَلُ فِيهِ غَيْرُ مَضْبُوطٍ، وَالرِّبْحُ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ وَإِنَّمَا جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ فَاخْتُصَّ بِمَا يُرَوِّجُ بِكُلِّ حَالٍ وَتَسْهُلُ التِّجَارَةُ بِهِ (وَ) لَا عَلَى نَقْدٍ (مَغْشُوشٍ) وَلَوْ رَائِجًا لِانْتِفَاءِ خُلُوصِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ غِشُّهُ مُسْتَهْلَكًا جَازَ قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ (وَلَا) عَلَى (مَجْهُولٍ) جِنْسًا أَوْ قَدْرًا أَوْ صِفَةً وَلَا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَنْ قَارَضَهُ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ نَعَمْ لَوْ قَارَضَهُ عَلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: عَبْدَهَا مَيْسَرَةَ) بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا قَالَ السُّيُوطِيّ: لَمْ أَقِفْ عَلَى رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ أَنَّهُ بَقِيَ إلَى الْبَعْثَةِ اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ أَرَ لَهُ ذِكْرًا فِي الصَّحَابَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْبَعْثَةِ وَلَوْ أَدْرَكَ الْبَعْثَةَ لَأَسْلَمَ وَإِنَّمَا أَرْسَلَتْهُ مَعَهُ لِيَكُونَ مُعَاوِنًا لَهُ وَلِيَحْتَمِلَ عَنْهُ الْمَشَاقَّ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: بِجَعْلِ) أَيْ مَعَ جَعْلٍ أَوْ بِسَبَبِ جَعْلٍ، وَالْأَرْكَانُ الْآتِيَةُ تُؤْخَذُ مِنْ التَّعْرِيفِ فَقَوْلُهُ بِجَعْلِ مَالِهِ إشَارَةٌ إلَى الصِّيغَةِ، وَالْمَالِ وَقَوْلُهُ لِيَتَّجِرَ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَوْلَى) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ مُسَمَّى الْقِرَاضِ دَفْعُ الْمَالِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَلِذَلِكَ حَاوَلَ م ر فِي عِبَارَةِ الْأَصْلِ فَقَالَ الْقِرَاضُ أَيْ مَوْضُوعُهُ الشَّرْعِيُّ هُوَ الْعَقْدُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى تَوْكِيلِ الْمَالِكِ لِآخَرَ وَعَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَعَمَلٌ وَرَبْحٌ) الْمُرَادُ مِنْ كَوْنِ الْعَمَلِ، وَالرِّبْحِ رُكْنَيْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمَا لِتُوجَدَ مَاهِيَّةُ الْقِرَاضِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ الْعَمَلُ، وَالرِّبْحُ إنَّمَا يُوجَدَانِ بَعْدَ عَقْدِ الْقِرَاضِ بَلْ قَدْ يُقَارِضُ وَلَا يُوجَدُ عَمَلٌ مِنْ الْعَامِلِ أَوْ يَعْمَلُ وَلَا يُوجَدُ رِبْحٌ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَصِيغَةٌ) لَعَلَّ حِكْمَةَ تَأْخِيرِهَا أَنَّ مَا عَدَاهَا ذَاتُهُ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهَا مَا عَدَا الْعَمَلَ، وَالرِّبْحَ، وَالْعَمَلُ لَمَّا كَانَ صِفَةً قَائِمَةً بِالْعَامِلِ قَدَّمَهُ، وَالرِّبْحُ لَمَّا كَانَ ذِكْرُهُ مَوْرِدًا لِلصِّيغَةِ كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهَا ع ش (قَوْلُهُ: كَوْنُهُ نَقْدًا) وَإِنْ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ وَلَمْ يَتَعَامَلْ بِهِ أَهْلُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ الرَّوَاجَ فَلَا يُشْكِلُ بِقَوْلِهِ الْآتِي فَاخْتَصَّ بِمَا يَرُوجُ؛ لِأَنَّ مَا أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ قِيمَتُهُ مَضْبُوطَةٌ بِاعْتِبَارِ أَصْلِهَا مَعْلُومَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ فَكَانَ مِنْ شَأْنِهَا الرَّوَاجُ اهـ. وَالنَّقْدُ هُوَ الْمَضْرُوبُ مِنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ فَلِذَلِكَ قَالَ: دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَهَذَا أَحَدُ إطْلَاقَيْنِ لِلنَّقْدِ، وَالْآخَرُ يُطْلَقُ عَلَى مَا قَابَلَ الْعَرْضَ، وَالدَّيْنَ فَيَشْمَلُ غَيْرَ الْمَضْرُوبِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: أَوْ دَنَانِيرَ) أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ بِأَنْ يَكُونَ بَعْضُهُ دَرَاهِمَ وَبَعْضُهُ دَنَانِيرَ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَوْ فُلُوسًا) أَخْذُهُ غَايَةٌ لِلْخِلَافِ فِيهِ ع ش (قَوْلُهُ: وَتِبْرًا) هُوَ الذَّهَبُ، وَالْفِضَّةُ قَبْلَ الضَّرْبِ وَعِنْدَ الْجَوْهَرِيِّ أَنَّهُ غَيْرُ الْمَضْرُوبِ مِنْ الذَّهَبِ خَاصَّةً اهـ. ح ل، وَالْمُرَادُ الْأَعَمُّ كَمَا فِي ق ل (قَوْلُهُ وَمَنْفَعَةً) كَأَنْ يَجْعَلَهَا رَأْسَ مَالِ الْقِرَاضِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ قَارَضْتُك عَلَى مَنْفَعَةِ دَارِي تُؤَجِّرُهَا مُدَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَيَكُونُ الزَّائِدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ بَيْنَنَا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَغْرَارًا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ شَوْبَرِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ رَائِجًا) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ نَعَم إنْ كَانَ غِشُّهُ مُسْتَهْلَكًا) بِفَتْحِ اللَّامِ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ اسْتَهْلَكَهُ وَفِي الْمُخْتَارِ أَهْلَكَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ وَمُرَادُهُ بِهِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ م ر وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ تَحَصَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ النُّحَاسُ مَثَلًا عَنْ الْفِضَّةِ وَعَلَيْهِ فَالدَّرَاهِمُ الْمَوْجُودَةُ بِمِصْرَ الْآنَ لَا يَصِحُّ الْقِرَاضُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْ الْغِشِّ قَدْرٌ يُمَيَّزُ بِالنَّارِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الصِّحَّةُ وَيُرَادُ بِالْمُسْتَهْلَكِ عَدَمُ تَمَيُّزِ النُّحَاسِ عَنْ الْفِضَّةِ مَثَلًا فِي رَأْيِ الْعَيْنِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مَجْهُولٍ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا، وَالشَّرِكَةِ حَيْثُ صَحَّتْ مَعَ الْجَهْلِ بِالْمَالَيْنِ حَيْثُ كَانَ يُمْكِنُ عِلْمُهُمَا بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقِرَاضِ، وَالرِّبْحِ فَاشْتُرِطَ الْعِلْمُ بِقَدْرِ الْمَالِ لِيَعْلَمَ الْعَالِمُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرِّبْحِ بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ فَيَكْفِي الْعِلْمُ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا عِنْدَ الْقِسْمَةِ ع ش عَلَى م ر وَفِيهِ أَيْضًا وَمِنْ ذَلِكَ مَا عَمَّتْ بِهِ مِنْ الْبَلْوَى مِنْ التَّعْلِيلِ بِالْفِضَّةِ الْمَقْصُوصَةِ فَلَا يَصِحُّ الْقِرَاضُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْقَصِّ وَإِنْ عُلِمَتْ إلَّا أَنَّ مِقْدَارَ الْقَصِّ مُخْتَلِفٌ فَلَا يُمْكِنُ ضَبْطُ مِثْلِهِ عِنْدَ التَّفَاضُلِ حَتَّى لَوْ قَارَضَهُ عَلَى قَدْرٍ مِنْهَا مَعْلُومِ الْقَدْرِ وَزْنًا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ حِينَ الرَّدِّ وَإِنْ أَحْضَرَ قَدْرَهُ وَزْنًا لَكِنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِتَفَاوُتِ الْقَصِّ قِلَّةً وَكَثْرَةً (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ) أَيْ عِنْدَ الْمَالِكِ كَأَنْ قَارَضَهُ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ وَلَوْ غَيْرَ ذِمَّةِ الْعَامِلِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ كَأَنْ قَالَ: قَارَضْتُك عَلَى دَيْنِي الَّذِي عَلَى فُلَانٍ أَوْ عَلَيْك فَلَا يَصِحُّ اهـ. ح ل قَالَ حَجّ: وَإِنْ عَيَّنَ فِي الْمَجْلِسِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ بِكَوْنِ الْمَالِكِ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَعْيِينِ مَا فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ وَانْظُرْ عَدَمَ ذِكْرِهِ فِي الْمَتْنِ مُحْتَرَزَ الْمُعَيَّنِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْقُيُودِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ مُحْتَرَزَهَا

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الدَّيْنِ بِأَنْ يَكُونَ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ وَمَعْنَى كَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ غَيْرُ دَيْنٍ أَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ كَأَنْ يُقَارِضَهُ الْمَالِكُ عَلَى أَلْفٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>